بغداد -حازم السامرائي
وصل الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الأربعاء، إلى العراق في أول زيارة خارجية رسمية له. ويوجد في العراق عدة أحزاب وفصائل مسلحة متحالفة مع إيران، وتعمل طهران على زيادة نفوذها في العراق منذ أن أطاح الغزو الذي قادته الولايات المتحدة بعدوها صدام حسين في عام 2003.
وجدّد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الأربعاء في مؤتمر صحافي مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في بغداد رفضه "توسعة الصراع" المستمر منذ أكثر من 11 شهرا في قطاع غزة.
وقال السوداني "مواقفنا المشتركة إزاء هذا العدوان واضحة وصلبة وأكدنا في أكثر من مناسبة على رفض توسعة الصراع وأننا ضد خرق سيادة الدول"، داعيا المجتمع الدولي إلى "أن يطلع بمهامه القانونية والأخلاقية".
كما قال السوداني، الأربعاء، إن بلاده ترفض استخدام أراضيها لتوجيه أي تهديد إلى إيران. وقال السوداني: "نرفض استخدام أراضينا لمصلحة أي تهديد عابر للحدود ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية".
ومنذ أواخر يوليو/ تموز الماضي، تتصاعد التهديدات الأمنية في الإقليم، بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في إيران، فيما تترقب إسرائيل هجوما عسكريا من طهران ردا على ذلك، ورفعت حالة التأهب إلى الدرجة القصوى.
بدوره، قال بزشكيان إن حرب إسرائيل على قطاع غزة كشفت الدول الأوروبية والغربية على حقيقتها. وأكد بزشكيان أن طهران "بحاجة إلى تفعيل الاتفاقيات الأمنية مع العراق لمحاربة الإرهاب والتهريب، وجاهزون لذلك".
ووصل الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان صباح الأربعاء إلى بغداد في أول زيارة له إلى الخارج منذ انتخابه في يوليو، يسعى خلالها إلى تعزيز العلاقات الثنائية.
وجاء في بيان لمكتب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إن هذا الأخير "استقبل رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية السيد مسعود بزشكيان"، مرفقا بيانه بصورة يتصافح فيها الرجلان على مدرج المطار.
وتعهد بزشكيان بإعطاء "الأولوية" لتعزيز العلاقات مع الدول المجاورة في إطار سعيه إلى تخفيف عزلة إيران الدولية وتخفيف تأثير العقوبات الغربية على اقتصاد الجمهورية الإسلامية.
وقال بزشكيان، وهو معتدل نسبيا، قبل زيارته وفقا لوسائل الإعلام الرسمية الإيرانية: "نخطط لتوقيع عدد من الاتفاقيات. سنلتقي مع مسؤولين عراقيين كبار في بغداد".
وفي السياق، قال المكتب الإعلامي لمكتب السوداني، في بيان نقلته وكالة الأنباء العراقية "واع"، إن الجانبين وقعا 14 مذكرة تفاهم في عدة مجالات، بينها الثقافة والإعلام والتربية والاتصالات.
كما شملت مذكرات التفاهم مجالات السياحة الدينية والزراعة والبريد والتدريب المهني والتجارة، وغيرها.
وفي وقت سابق الأربعاء، بحث السوداني مع الرئيس الإيراني تعزيز التعاون والشراكة بين البلدين، وفق بيان صادر عن المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء.
وتأتي الزيارة التي يقوم بها الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بزشكيان، إلى العراق في فترة تشهد العلاقات بين البلدين كثيرا من التعقيدات. كما أنها تتزامن مع توترات إقليمية عديدة.
وشهدت علاقات العراق وإيران بعد 2003 تقلبات كبيرة، إذ تأثرت بالتغيرات السياسية والأمنية في العراق بعد سقوط نظام صدام حسين، وتفاقمت هذه التحديات بعدما أصبح العراق ساحة للتدخلات الإقليمية، والنزاعات الطائفية، والتوترات بشأن النفوذ السياسي والاقتصادي، إلى جانب التحديات الأمنية المتصلة بالجماعات المسلحة والصراعات في المنطقة.
وقال بزشكيان، وهو معتدل نسبيا، قبل زيارته وفقا لوسائل الإعلام الرسمية الإيرانية: "نخطط لتوقيع عدد من الاتفاقيات. سنلتقي مع مسؤولين عراقيين كبار في بغداد".
اتخذت إيران في البداية موقفا رافضا للغزو الأمريكي للعراق، على عكس بعض حلفائها من القوى السياسية العراقية الذين كانوا داعمين لإسقاط نظام حزب البعث.
موقف إيران ذاك كان لخشية طهران من الوجود الأمريكي ونفوذه على حدودها الغربية حسبما يرى مراقبون، ولذلك دعمت إيران ما تسمى فصائل المقاومة العراقية "المناهضة للوجود الأمريكي سواء كان بالتدريب أو التسليح".
من جانب آخر، عملت إيران على دعم أصحاب "المشروع السياسي العراقي المناهض للاحتلال الأمريكي"، سواء كانوا من السياسيين الشيعة أو السنة، ووقفت إلى جانبهم في عملية سياسية شهدت صعودا مطردا للكتل السياسية التي ينتمي لها أولئك الساسة.
في عام 2011 انسحبت القوات الأمريكية من العراق بناء على اتفاقية وقعها الجانبان في عام 2008 والتي تنص كذلك من بين ما تنص عليه أن تساعد واشنطن بغداد عسكريا إذا تعرضت لتهديد كبير على أن يكون ذلك بطلب من الأخيرة.
وبعد الانسحاب الأمريكي أصبحت إيران الرقم الأكبر في العراق. وتتطورت العلاقة بين البلدين الجارين واتسعت لتشمل الأمور الاقتصادية والتجارية وحتى الأمنية والعسكرية، فقد ظلت إيران تدعم الفصائل المسلحة التي كانت تقاتل القوات الأمريكية، خصوصا بعد أن أصبح لتلك الفصائل أجنحة سياسية وسجلت حضورا في البرلمان العراقي، بل وفي الحكومة أيضا.
في عام 2014، وبعد أن اجتاحت عناصر تنظيم الدولة الإسلامية ثلاث محافظات عراقية، طلبت الحكومة العراقية مساعدة الجانب الأمريكي الذي أرسل مئات الجنود، وهو إجراء أثار حفيظة إيران والفصائل العراقية المسلحة التي وإن كانت تقاتل عناصر التنظيم المتشدد فإنها لم تقاتل جنبا إلى جنب مع القوات الأمريكية، على عكس الجيش العراقي وجهاز مكافحة الإرهاب اللذين كانا يحظيان بدعم لوجستي ومعلوماتي أمريكي.
وبعد دحر تنظيم الدولة الإسلامية في العراق بقيت القوات الأمريكية هناك على أساس أن خطر التنظيم لا يزال ماثلا، الأمر الذي أبقى التوتر حاضرا بين إيران والفصائل العراقية المسلحة من جهة، والجانب الأمريكي من جهة ثانية.
ودأبت تلك الفصائل على استهداف القواعد التي يوجد فيها الجنود الأمريكيون لإجبارهم على مغادرة العراق.
على صعيد آخر، كادت الأوضاع بين العراق وإيران في مطلع يناير/ كانون الثاني الماضي أن تتدهور بعد هجمات بالصواريخ البالستية على مدينة أربيل، ما تسبب في سقوط مدنيين بين قتيل وجريح.
أعلن الحرس الثوري مسؤوليته عن الضربات التي استهدفت أربيل، وقال في بيان، إنها جاءت رداً على إسرائيل التي اتهمتها إيران بقتل عدد من قادة الحرس الثوري. وأضاف البيان أن هجوم الصواريخ استهدف ما سماه مقرا تجسسيا رئيسيا للموساد في إقليم كردستان العراق.
لكن العراق وعلى لسان مستشار الأمن القومي، قاسم الأعرجي، أكد أن ادعاءات إيران باستهداف مقر للموساد في محافظة أربيل، لا أساس لها من الصحة، حسب وصفه.
ومن جانبه، عدّ مجلس أمن إقليم كردستان القصف الصاروخي الذي شنّه الحرس الثوري الإيراني والذي استهدف به مناطق مدنية في مدينة أربيل "انتهاكا صارخاً لسيادة الإقليم والعراق كافة".
من كل ما سبق يمكن القول إن العلاقة بين العراق وإيران في الفترة التي تلت عام 2003 شهدت شدا وجذبا، وفي الوقت الذي كان هناك تعاون كبير بين البلدين في شتى المجالات، كانت هناك توترات شابت تلك العلاقة أيضا.
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :