الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم

أكد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أن الإنسان هو العنصر الأكثر تأثيرًا في معادلة التنمية وأن الاهتمام بتوفير البيئة الداعمة له، والمعينة على استقطاب أفضل الكفاءات والعقول نحو آفاق جديدة لعملية التطوير، من أهم المتطلبات التي تضعها الحكومة في مقدمة أولوياتها؛ إذ تواصل العمل على تحديث الأطر القانونية والتنظيمية التي تسهم في ترسيخ أسس تلك البيئة نحو مستقبل يشارك فيه الجميع في مسيرة البناء لتحقيق أهداف واضحة ومحددة بروح الفريق الواحد والتي طالما مثلت أحد أهم ركائز نجاح تلك المسيرة المباركة.

وجاء ذلك بمناسبة اعتماد محمد بن راشد قانون الموارد البشرية الجديد لحكومة دبي والذي رُوعي فيه الشمولية لتأكيد مقومات الاستقرار الوظيفي لجميع العاملين في حكومة دبي، وضمان الارتقاء بالأداء العام لمنظومة العمل الحكومي، وإرساء الأسس التي تمثل إطارها العام نحو مزيد من تشجيع الأفراد وتحفيزهم على الإبداع ومواصلة العمل بفكر يقوم على إفساح الفرص للمتميزين وتطوير قدرات ومهارات الكوادر الحكومية في شتى القطاعات تأكيدًا على النموذج المتطور الذي تقدمه حكومة دبي كحكومة سباقة ورائدة ومبدعة.

وقال محمد بن راشد "حرصنا ومنذ سنوات على إيجاد بيئة عمل داعمة لجميع العاملين في القطاع الحكومي الذي يتحمل الجانب الأكبر من المسؤولية في مسيرة التطوير... هدفنا واضح وهو تحقيق مقومات النجاح والاستقرار لجميع موظفي حكومة دبي على المستويين الوظيفي والاجتماعي... ووجهنا بتوفير كافة الفرص التي تعينهم، بتنوع مواقعهم ومسؤولياتهم، على النجاح والتطور ومساعدتهم على النهوض بقدراتهم وإطلاق طاقاتهم المبدعة... القانون الجديد يترجم رؤيتنا نحو مستقبل أفضل لموظفي حكومة دبي لتحقيق السعادة لهم ولأسرهم ".

من جانبه، أكد الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، أن قانون الموارد البشرية الجديد لحكومة دبي يأتي مشيرًا إلى مجموعة من الأسس المهمة لمستقبل العمل الحكومي ومنها ترسيخ قيم روح الفريق الواحد والعمل الجماعي فضلًا عن تبادل الخبرات والمعارف ومواءمة الجهود لتعزيز التكامل والمساهمة بفعالية في دفع مسيرة الريادة والتميز في العمل الحكومي في إمارة دبي.

وقال حمدان، إن دبي تسخّر كافة إمكاناتها لتأهيل الكوادر المتميزة وإعداد النخب الوطنية المؤهلة لمواكبة التحول المتسارع في مضمار العمل الحكومي، انطلاقًا من رؤية القيادة الرشيدة التي تولي العنصر البشري اهتمامًا كبيرًا، وتحرص على تحفيزه وفتح المجال أمامه للإبداع والابتكار، وتهيئ له كافة مقومات الدعم، ليقوم الجميع بواجباتهم ومهامهم الوظيفية على أفضل وجه ممكن في أجواء تكفل لهم الراحة والسعادة.

وأشار حمدان بن محمد، إلى أن احتفاظ حكومة دبي بموقعها كنموذج متميز للعمل الحكومي، في الوقت الذي تتسابق فيه الدول والحكومات على جذب واستقطاب أفضل الكفاءات، يظل مرهونًا بقدرتنا على تطوير وتأهيل وتدريب كوادرنا البشرية والتي تعد السبب الأول في تحقيق غاياتنا، موضّحًا أن القانون الجديد يكفل للجهات الحكومية المرونة اللازمة لتكييف أنظمتها وممارساتها وفق مقتضيات واحتياجات العمل وبما يتوافق مع السياسات والأطر العامة في إدارة الموارد البشرية.

وأضاف ولي عهد دبي "تضع دبي عملية تطوير أداء العمل الحكومي، لتعزيز مكانتها كحكومة سباقة ورائدة، في صدارة أولوياتها، وتسخّر كافة مواردها وإمكاناتها لتقديم الدعم المباشر للاستثمار في الإنسان، لبناء القيادات القادرة على مواصلة مسيرة الريادة وابتكار الحلول الخلاقة لمستقبل أكثر إشراقًا للإمارة، واستدامة رفاه وسعادة أهلها، إذ لا ندخر جهدًا في النهوض بمواردنا البشرية لتكون الأقدر والأكفأ دائمًا وأن تكون حكومة دبي الأفضل عالميًا بما لذلك من انعكاسات إيجابية على المجتمع".

وكان الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، قد وجّه خلال زيارته في أبريل الماضي دائرة الموارد البشرية بالانتهاء من تحديثات قانون الموارد البشرية لحكومة دبي، وأن يضاهي أفضل النظم العالمية في استقطاب الكفاءات والقدرات ويراعي دعم المرأة العاملة والأسرة الإماراتية، ووضع الأطر التي تضمن الارتقاء بالموارد البشرية الحكومية، لمواكبة التحول المتسارع في طبيعة العمل الحكومي، انطلاقًا من أهمية رفع كفاءة الموارد البشرية الحكومية التي تشكل أهم ركائز استكمال الخطط التنموية المستدامة وتحقيق غايات خطة دبي 2021. كما وجه الجهات الحكومية بضرورة العمل بروح الفريق الواحد والعمل الجماعي لوضع القانون الجديد في حيز التنفيذ مع بداية عام 2019.

قانون شامل
وقد راعى القانون الأبعاد المجتمعية، وأخذ بعين الاعتبار متطلبات موظفي حكومة دبي، ومساعدتهم على توفير مقومات العيش الكريم، وتحقيق أفضل مستويات الرفاهية لهم، كما تميز القانون بمراعاة تحقيق التماسك الأسري من خلال دعم المرأة العاملة ومعاونتها على تلبية متطلباتها الأسرية، حيث توسع في شمولية استحقاق عائلة الموظف لتذاكر السفر السنوية، دون تحديد عدد معين من الأبناء للموظف المواطن، فضلًا عن زيادة أيام الإجازات الدورية وإجازات الحداد، مع توسيع نطاق الأقارب، وبما يوازن بين المصلحة الخاصة للموظف والمصلحة العامة، ويمنحه المجال لتحقيق الاستقرار الأسري، وفي إطار الحرص على توفير أقصى درجات الكفاءة والفعالية للموظف العام في بيئة عمل مستقرة ومحفزة قوامها الانتماء والإبداع والالتزام، كما أولى القانون أهمية كبرى لبرامج التطوير والتدريب والتعلم في الجهات الحكومية، فضلًا عن تعزيز قدرات هذه الجهات في استقطاب الكوادر البشرية المؤهلة والكفاءات المتميزة القادرة على تنفيذ وإنجاز الخطط التنموية لإمارة دبي.

من ناحيته، شدد عبدالله علي بن زايد الفلاسي، مدير عام دائرة الموارد البشرية لحكومة دبي، أن القيادة الرشيدة تؤمن بقيمة العنصر البشري في تحقيق التطور في جميع المجالات، منوهًا بدعمها المتواصل لقطاع الموارد البشرية لضمان إسعاد المواطنين والمقيمين وتوفير كافة سبل العيش الكريم للجميع، وهو ما يتضح في تقديم حكومة دبي قانونًا مميزًا للموارد البشرية يلبي التطلعات والآمال المرجوة لهذا القطاع.  

ودعا الفلاسي، كافة الجهات الحكومية والعاملين فيها إلى ضرورة بذل مزيدٍ من الجهد وعدم الإبطاء في تطبيق القانون، بما يسهم في تقدم الإمارة وتحقيق مستوى عالٍ من المهنية والاحترافية وتقديم الخدمات للمتعاملين على أساس رفيع من التميز، موضحًا أن اللوائح التنظيمية للقانون في قيد الإعداد بما يسمح للجهات الحكومية من توفيق أوضاعها والعمل بروح القانون الجديد مع بداية العام 2019 وفق توجيهات القيادة الرشيدة.   

المشاركة الفعالة
ووضعت دائرة الموارد البشرية لحكومة دبي نصب أعينها توجيهات ولي عهد دبي، بضرورة تحديث قانون يراعي أفضل الممارسات العالمية الجديدة في مجال الموارد البشرية، والمقارنات المعيارية مع التشريعات الاتحادية والمحلية، وتشريعات عدد من الدول المتقدمة في هذا المجال، فضلًا عن الاطلاع على حاجة ومتطلبات سوق العمل، وملاحظات وآراء الجهات الحكومية المحلية، إلى جانب أهم الاستفسارات والأسئلة بشأن مواد القانون السابق والواردة إلى دائرة الموارد البشرية، ودراسة تقارير لجنة التظلمات المركزية لموظفي حكومة دبي، والفتاوى والآراء القانونية الصادرة عن الأمانة العامة للجنة العليا للتشريعات والمتعلقة بالموارد البشرية، حيث تم تشكيل فريق عمل مكون من ممثلي جهات حكومية مركزية في دبي هي: الأمانة العامة للمجلس التنفيذي، دائرة المالية، دائرة الموارد البشرية لحكومة دبي والأمانة العامة للجنة العليا للتشريعات، والتي عملت جميعها للخروج بقانون متكامل الأركان يحقق الأهداف الإستراتيجية المأمولة من ورائه.  

مظلة قانونية عامة
ويمتاز القانون الجديد للموارد البشرية لحكومة دبي بالمرونة فيما يتعلق بتطبيقه من قبل الجهات الحكومية، إذ يمنحها الصلاحيات لإصدار اللوائح والقرارات ذات الصلة بطبيعة عملها، ويعالج القانون بعض المواضيع دون التعمق في التفصيلات، والإحالة بتفاصيلها إلى قرارات تصدر عن رئيس المجلس التنفيذي لتكون المعالجة من خلال تلك القرارات تفصيلية وشاملة، ومنها على سبيل المثال التعلم والتطوير ونظام إدارة الأداء، وكذلك مبادئ السلوك الوظيفي للموظف والتظلمات والشكاوى.

وأُعيد ترتيب بعض فصول القانون الجديد، وتنظيمها بشكل متسلسل ومتتابع حسب عمليات الموارد البشرية، كما تم تقليص عدد مواد القانون لتصبح 141 مادة بدلًا من 231 مادة في القانون السابق، واستحداث فصول جديدة، مثل التوطين والابتعاث والتعلّم والتطوير، إذ أُضيفت بعض الأحكام التي تعزز قدرة الجهات على التوطين وإعطاء الموظفين مميزات عدة تمكنهم من التدريب وتطوير مهاراتهم ورفع أدائهم عبر البعثات والمنح الدراسية وتنظيم إجراءاتها، كما منح القانون الجديد المواطنين الباحثين عن عمل والمتدربين، ميزة الاستفادة من خبرات الجهات الحكومية من خلال استقطابهم وتدريبيهم لغايات الدخول في سوق العمل مستقبلًا.

المزيد من المرونة
وراعى القانون تطبيق المزيد من المرونة في فصوله حيث أحال بعض فصوله إلى قرارات تصدر باعتماد من رئيس المجلس التنفيذي بحيث يتم مراجعتها كلما دعت الحاجة، وإجراء أي تعديل بشأنها إذا اقتضت الضرورة ذلك دون الحاجة إلى تعديل القانون نفسه، كما تم إعادة صياغة وتوضيح بعض المواد التي كانت تسبب إشكالًا عند التطبيق بسبب عدم وضوح النص سواءً لدى الموظف أو الجهة الحكومية.

ويوضح القانون الجديد الحقوق والالتزامات لكلا الطرفين "الموظف والدائرة" بشكل يحقق التوازن في العلاقة بينهما مع الأخذ بعين الاعتبار تقديم المصلحة العامة على المصلحة الشخصية، فعلى سبيل المثال لا الحصر تم تحديد مدة تقادم المطالبة بالحقوق لكل من الموظف تجاه الدائرة وكذلك حقوق الدائرة تجاه الموظف بمضي عامين من تاريخ نشوء الحق في المطالبة.

مميزات لعائلة الموظف
ويتضمن القانون الجديد العديد من المميزات حيث يشمل استحقاق بدل تذاكر السفر السنوية عائلة الموظف دون سن الواحد والعشرين عامًا بدلًا من تحديد السن بثمانية عشرة عامًا، ودون تحديد عدد الأبناء للموظف المواطن بدلًا من اقتصار الاستحقاق على ثلاثة أبناء.  

واستحدث القانون أساليب جديدة للتعيين مثل "العمل عن بُعد"، كما أولى الموظفين من أصحاب الهمم أهمية خاصة، إذ نص على إمكانية تقليص عدد ساعات العمل بالنسبة لهم بعد الحصول على قرار من اللجنة الطبية في دبي في حال اقتضت الحاجة ذلك، وتلزم الدائرة بقرار اللجنة الصادر في هذا الشأن، بالإضافة إلى منحهم إجازة خاصة مدفوعة الراتب لمدة خمسة أيام عمل في العام مراعاة لاحتياجاتهم الطبية الخاصة.

الترشّح الداخلي
ويتيح قانون الموارد البشرية الجديد لحكومة دبي الفرصة للموظفين للترشح داخليًا لأي وظيفة شاغرة، ونقل الموظف إليها دون الحاجة لتوفر شروط الترقية متى كان جديرًا بذلك، وكذلك حق الموظف في الحصول على بدل العمل الإضافي مباشرة بموافقة رئيسه المباشر شريطة أن يكون التكليف مكتوبًا وذلك عن أي ساعة عمل يقوم بها بعد ساعات العمل الرسمية دون اشتراط بلوغه الأربعين ساعة أسبوعيًا لكي يحصل على ذلك البدل، وكذلك استحقاق الموظف للعلاوة الدورية وإضافتها إلى راتبه الإجمالي بشكل سنوي بناءً على قرار يصدره رئيس المجلس التنفيذي يحدد ضوابط الصرف.

وتم كذلك توسيع نطاق الترقية من حيث نتيجة تقييم الأداء، إذ أصبح بالإمكان ترقية الموظف الذي تكون نتيجة تقييم أدائه يفي بالتوقعات وكان هناك ما يستدعي من إنجازات وخبرات الأمر الذي يعطي المزيد من المرونة في تطبيق المسارات الوظيفية، وسوف يصدر نظام جديد بشأن إدارة الأداء لموظفي حكومة دبي، يتضمن تعديلات على النظام المطبق حاليًا.

أيام الإجازات

ومن المميزات التي تضمنها قانون الموارد البشرية الجديد لحكومة دبي زيادة عدد أيام الإجازة الدورية لموظفي الدرجة الثامنة وحتى الحادية عشر لتصبح 25 يوم عمل في السنة بدلًا من 22 يومًا، ولموظفي الدرجة السابعة فما دون لتصبح 18 يوم عمل في العام بدلًا من 15 يومًا، وكذلك زيادة عدد أيام إجازة الحِداد لوفاة أحد الأقارب من الدرجة الثانية لتصبح 5 أيام عمل بدلًا من 3 أيام، وشمول أقارب الموظف حتى الدرجة الثانية بإجازة مرافق مريض داخل الدولة وخارج الدولة حتى الدرجة الثالثة.

التشجيع على التعلم
وللمساهمة في تشجيع الموظف على الحصول على مؤهلات علمية جديدة، فقد منحه القانون الجديد إجازة براتب شامل لمدة خمسة أيام لإعداد أبحاث ومشاريع ورسائل التخرج، وحثّ القانون على تعزيز التعاون بين الجهات الحكومية والعمل بروح الفريق وتبادل الخبرات ونقل المعرفة بين الجهات الحكومية عبر الندب الخارجي بين الجهات الحكومية وبما يمكن تلك الجهات من تبادل الخبرات ونقل المعرفة دون الحاجة إلى النقل أو الإعارة.