الرئيس التركي رجب طيب إردوغان

تعيش تركيا الآن على وقع أحداث متوالية شديدة الحساسية، بداية من عدوانها على شمال سورية وتهديدات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بعملية عسكرية جديدة ضد الأكراد وتوسيع المنطقة الآمنة شمال سورية، إلى توتر علاقاتها مع أميركا حيث استدعت تركيا، الأربعاء، سفير الولايات المتحدة في أنقرة للاحتجاج على اعتراف مجلس النواب الأميركي بالإبادة الجماعية للأرمن، هذا إلى جانب فرض عقوبات أميركية جديدة ضد صهر أردوغان لتورُّطه مع داعش وتهريب نفط.

تهديدات إردغان بعملية جديدة ضد سورية

هدد الرئيس التركي  رجب طيب أردوغان، بتوسيع المنطقة الآمنة في سورية باتفاق مع واشنطن، إذا تطلبت الضرورة ذلك، مؤكدًا استعداد تركيا لإطلاق عملية عسكرية جديدة ضد الأكراد.

وقال أردوغان، في كلمة ألقاها، الأربعاء، أمام كتلة "حزب العدالة والتنمية" في البرلمان التركي، "إن بلاده ستوسع ما تصفه بالمنطقة الآمنة التي أقامتها شمال شرقي سورية بعمق 30 كيلومترًا حال تطلبت الضرورة ذلك باتفاق مع الولايات المتحدة".

وأشار أردوغان إلى أن المعلومات المتوفرة لدى تركيا تفيد بأن مسلحي "وحدات حماية الشعب" الكردية، التي تعتبرها أنقرة إرهابية، لم تنسحب بشكل كامل من المنطقة، خلافاً لما تم الاتفاق عليه مع روسيا في مذكرة التفاهم التي توصل إليها مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين.

وشدد على أن تركيا تحتفظ بحق استئناف عمليتها العسكرية "إذا تبين عدم إبعاد الإرهابيين إلى عمق 30 كيلومتراً أو إذا استمرت الهجمات من أي مكان كان".

وأضاف أن القوات التركية قامت بتطهير 558 منطقة سكنية على مساحة 4219 كيلومتراً في منطقة عملية "نبع السلام" بتحييد أكثر من 900 إرهابي، معتبراً أنه يجب "تطهير عين العرب كوباني من الإرهابيين بأقرب وقت ممكن".

وأعلن أردوغان أن تركيا وروسيا ستطلقان الدوريات المشتركة شمال شرقي سوريا يوم الجمعة المقبل، مبيناً أنها ستجري مبدئيا على أراضٍ عمقها 7 كيلومترات عن منطقة عملية "نبع السلام".

قتل أي مقاتل كردي

وقال وزير خارجية تركيا مولود تشاويش أوغلو، الثلاثاء، "إن قوات بلاده لن تتردد بقتل أي مقاتل كردي تراه في المنطقة الآمنة بسوريا.

وأعلنت وزارة الدفاع التركية، أن روسيا أبلغت تركيا بانسحاب القوات الكردية مع أسلحتهم الثقيلة إلى ما بعد 30 كيلومتراً من الحدود التركية.

وجاء ذلك، بعد تضارب الأنباء حول انسحاب القوات الكردية، حيث أعلنت وزارة الدفاع الروسية، اكتمال سحب القوات الكردية من المنطقة الآمنة شمال شرقي سوريا تم قبل الموعد المقرر، ونفى ذلك وزير الدفاع، خلوصي أكار، بقوله إن وحدات حماية الشعب الكردية لم تنسحب بالكامل بعد من تلك المنطقة، أعلن مسؤول تركي الثلاثاء أن دوريات مشتركة تركية-روسية ستتحقق من انسحاب المقاتلين الأكراد من مناطق في شمال شرقي سورية.

وقال فخر الدين التون مدير الاتصال لدى الرئيس رجب طيب أردوغان في تغريدة على تويتر، "سنقوم بالتحقق عبر دوريات مشتركة "روسية-تركية" فيما إذا كان الإرهابيون قد انسحبوا بالفعل"، وهو التعبير الذي تستخدمه السلطات الكردية في كلامها عن المقاتلين الأكراد في شمال سورية.

إخراج جميع القوات الكردية

يذكر أنه من المفترض أن تعمل قوات حرس الحدود التابعة للنظام السوري والشرطة العسكرية الروسية على إخراج جميع أفراد وحدات حماية الشعب وأسلحتهم من منطقة بعمق 30 كيلومترا جنوبي الحدود التركية السورية بحلول الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي (1500 بتوقيت غرينتش) يوم الثلاثاء، وذلك بموجب اتفاق أُبرم قبل أسبوع بين الرئيسين التركي والروسي.

كما ستبدأ بعد هذا الموعد القوات الروسية والتركية بتسيير دوريات مشتركة في منطقة أضيق بعمق 10 كيلومترات على الجانب السوري من الحدود.

 

1000 مقاتل كردي بمنبج ومثلهم في تل رفعت

وقال أكار في مقابلة مع صحيفة صباح "يبدو أن منظمة وحدات حماية الشعب الإرهابية ما زالت في منطقة عملية نبع السلام، "محاربة الإرهاب" هذه لم تنته. ندرك أنها لن تنتهي".

وتابع "سيتم تحديد قواعد الاشتباك المتعلقة بأي المركبات يتعين استخدامها والسلطات والتوجيهات".

كما أعلن أكار أن نحو 1000من مقاتلي وحدات حماية الشعب ما زالوا في مدينة منبج الحدودية، وهناك ألف مقاتل آخرون في تل رفعت القريبة.

وهاتان المنطقتان تقعان إلى الغرب من القطاع الذي تتحدث تركيا عن تحويله إلى "منطقة آمنة"، لكن من المفترض أن تخرج قوات النظام السوري والقوات الروسية وحدات حماية الشعب منهما.

وفي السياق نفسه، زار وفد روسي تركيا اليوم لإجراء محادثات بشأن الدوريات الحدودية والوضع الأمني الأشمل في شمال شرق سوريا.

ويذكر أن تركيا بدأت هجومها في شمال شرق سورية بعدما سحب الرئيس الأميركي دونالد ترمب ألف جندي أميركي من المنطقة.

 

تركيا تستدعي السفير الأميركي

واستدعت تركيا، الأربعاء، سفير الولايات المتحدة في أنقرة للاحتجاج على اعتراف مجلس النواب الأميركي بالإبادة الجماعية للأرمن، وفق مسؤولين أتراك.

وقال هؤلاء المسؤولون، "إن السفير ديفيد ساترفيلد، استدعي إلى وزارة الخارجية لأمر يتعلق "بالقرار الذي لا أساس قانونيًا له واتخذه مجلس النواب"، وفق تعبيرهم.

ويذكر أن مجلس النواب الأميركي كان قد أقر، الثلاثاء، قرارًا بالاعتراف رسميًا بـ"الإبادة الجماعية للأرمن".

كما علا التصفيق والهتاف عندما أقر المجلس بأكثرية 405 أصوات، مقابل 11 القرار الذي يؤكد اعتراف الولايات المتحدة بالإبادة الأرمنية، وهي المرة الأولى التي يصل فيها مثل هذاالقرار للتصويت في الكونغرس، بعد عدة محاولات سابقة.

أكبر الفظائع

وقالت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، إنها تشرفت بالانضمام إلى زملائها في "إحياء ذكرى إحدى أكبر الفظائع في القرن العشرين: القتل المنهجي لأكثر من مليون ونصف المليون من الرجال والنساء والأطفال الأرمن على يد الإمبراطورية العثمانية".

إلى ذلك أكد رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس النواب، آدم شيف: "لن نكون طرفاً في إنكار الإبادة الجماعية للأرمن"، لافتاً: "حاربنا 19 عاماً من أجل التصويت على هذا القرار".

وتابع شيف، "لن نكون صامتين ولن ننسى الإبادة الجماعية للأرمن".

خطوة ضرورية

وقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب إليوت إنجل، "إن الإقرار بإبادة الأرمن خطوة ضرورية"، ورحب نائب الرئيس الأميركي السابق، جو بايدن، بقرار مجلس النواب، قائلاً: "اعترافنا بإبادة الأرمن يعيد الاعتبار للضحايا".

ويعتبر الأرمن أن القتل الجماعي لشعبهم بين عامي 1915 و1917 يرقى إلى مصافّ الإبادة، وهو ادعاء تعترف به نحو 30 دولة وتنفيه تركيا.

عقوبات أميركا ضد صهر أردوغان وتورُّطه مع "داعش"استهدف مشروع قانون العقوبات، الذي صوَّت عليه مجلس النواب الأميركي بالإجماع ضد تركيا وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان ووزير المالية التركي، بيرات البيرق.

صهر إردوغان

ويُعتبر بيرات البيرق، رجل الأعمال ووزير المال وعضو مجلس الشورى العسكري الأعلى، وعضو حزب العدالة والتنمية وصهر الرئيس رجب طيب أردوغان، والخليفة المحتمل، صاحب القرار والمؤثر الأول على أردوغان، وفق صحف تركية.

ويقول عنه موقع "أحوال" التركي، "لم يكن كثير من الشعب التركي يعلم عن اسم أو دور ذلك الشاب اليافع من مواليد 1978 قبل أن يظهر فجأة تحت الأضواء. وإذا به أحد مراكز القوى في مؤسسة الحكم التي يقودها أردوغان ويمارس فيها بعض من أفراد عائلته أدواراً غامضة، خاصة في قطاع النفط، وهو ما أثبتته تسريبات نشرت عام 2013 عن موقع ويكيليكس، ذكرت أن البيرق متهم بتغذية تنظيم داعش من خلال تسهيل تجارة النفط التي تمول عملياته على الساحتين العراقية والسورية. وعند تلك النقطة فقط ظهر اسم صهر الرئيس إلى الواجهة".

تعليمه

وقد أهله تحصيله الجامعي في دراسة الأعمال، كي يعمل في شركة شاليك القابضة عام 1999، ليشغل موقع مديرها المالي في مكتب نيويورك أثناء دراسته للماجستير في الولايات المتحدة عام 2002. واصل عمله في هذه المؤسسة حتى أصبح مديراً لها في تركيا عام 2007، ثم أصبح الرئيس التنفيذي لشركة شاليك – البيرق القابضة حتى عام 2013، لينتقل بعدها إلى عالم السياسة ويصبح عضواً في البرلمان عن حزب العدالة والتنمية عام 2013، ثم وزيراً للبترول والثروات الطبيعية في حكومة أحمد داود أوغلو عام 2015، وبعدها وزير الخزانة والمالية.

الصعود الصاروخي والمفاجئ لهذا الشاب كانت تسنده العلاقة العائلية. فهو الصهر المقرب للرئيس الذي تزوج من ابنته إسراء عام 2004 وله منها ثلاثة أطفال.

 

وزارة البترول و"داعش"

عندما أصبح وزيراً للبترول، بدأت الشبهات تحوم حول الأدوار المشبوهة التي تقوم بها أسرة أردوغان وصهره البيرق والابن الأكبر للرئيس، بلال، خاصة في تجارة النفط مع "داعش".

تلك الإشاعات التي كان يجري الحديث عنها سراً سرعان ما تفجرت إلى العلن من خلال 57.934 وثيقة هي رسائل البريد الإلكتروني الخاصة لصهر أردوغان، والتي تعود لعام 2012 ونشرها موقع ويكيليكس ثم تداولتها الصحف التركية بشكل فضيحة أشعلت غضب الرئيس، فألقى بالسجن العديد من الصحافيين الذين أعادوا نشر أخبار تلك المراسلات، وفقاً لوسائل إعلام تركية.

 

قضايا فساد

ويتورط البيرق في قضايا فساد كبرى. ففي عام 2017، كشفت محاكمة جرت في إيران لرجال أعمال تورطوا في ملف فساد نفطي وربما لها علاقة بقضية بنك خلق وشارك فيها أيضاً رجل أعمال تركي يدعى رضا ضراب، ومسؤولين أتراك، أحداثاً مثيرة، حيث اتهمت الشركة الوطنية الإيرانية للنفط "استيلاء صهر أردوغان على أموال النفط الإيرانية".

وخلال إحدى جلسات المحاكمة في تموز/يوليو 2017، اتهم الممثل عن الشركة صهر أردوغان بالاستيلاء عن أموال النفط الإيرانية، بدلاً من إعادتها إلى خزانة الدولة، قائلاً إن "أموال النفط الإيرانية تم إنفاقها فى شراء مصنع للألمنيوم باسم سيدة، وشراء شركة نقل لصهر أردوغان".

 

النفوذ الواسع والتواصل الاجتماعي

الوثائق التي تمتد من نيسان/أبريل 2000 إلى 23 أيلول/سبتمبر 2016، والتي هي عبارة عن مراسلات بين البيرق والنخبة التركية الحاكمة من سياسيين ورجال أعمال وأفراد في الأسرة، أظهرت النفوذ الكبير لصهر أردوغان بالحياة السياسية في البلاد.

ومن بين ما كشف عنه موقع ويكيليكس محاولات السيطرة على الإعلام التركي ووسائل التواصل الاجتماعي لصالح حزب العدالة والتنمية الحاكم.

وفي هذا السياق، أظهرت الرسائل أنه منذ تظاهرات متنزه جيزي عام 2013 عمل حزب العدالة والتنمية على السيطرة على مواقع التواصل، بما في ذلك توظيف أشخاص للعمل على تويتر من أجل التأثير على مستخدمي هذه المنصة.

 

العلاقة مع "داعش" مجدداً

كما أظهرت عشرات الآلاف من الرسائل الإلكترونية، التي نشرها الموقع، أن صهر أردوغان دخل في علاقة مع "داعش" عن طريق وسطاء من شركة "باور ترانس"، التي تورطت في تهريب نفط التنظيم الإرهابي إلى تركيا.

وبالرغم من إصدار الحكومة التركية قراراً يحظر استيراد النفط أو تصديره عام 2011، إلا أن "باور ترانس" لم يسر عليها القرار، بحسب ويكيليكس، وظلت غير مشمولة به.

من جانبها، سلطت مجلة "فورين بوليسي" الضوء على أن البيرق كانت له علاقات غير مباشرة مع تجارة "داعش" للنفط، وهي التجارة التي تمول عمليات التنظيم الإرهابي عن طريق شركة اسمها "بورترانس".

وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2011، منعت الحكومة التركية نقل النفط من وإلى البلاد عن طريق السكك الحديد والطرق، إلا أنها أعطت استثناءات لـ"بورترانس"، وهي شركة الوقود التي أعطيت السيطرة على نقل النفط من المنطقة المغلقة في كردستان العراق إلى تركيا.

 

الصراع مع الصحافة

ووفقاً لمعارضين، فإن النفوذ الواسع للبيرق جعل انتقاده من جانب وسائل الإعلام التركية أمراً يعرّض صاحبه للسجن، كحال الصحافي الألماني، دينيس يوسيل، الذي يعمل مراسلاً لصحيفة "دي فيلت" الألمانية في تركيا، والذي اتهمته أنقرة بأن له صلات بتنظيم إرهابي بعد أن نشر تقريراً إخبارياً عن نفوذ صهر أردوغان.

إلى ذلك، كشفت الصحافة التركية في عامي 2014 و2015 أن شركة "بورترانس" خلطت بين النفط الذي ينتجه "داعش" والشحنات التي كانت توردها إلى تركيا، وهو ما سلطت عليه الضوء صحيفة "إندبندنت" البريطانية، تزامناً مع ادعاءات حكومة أردوغان افتقار تلك التقارير إلى أدلة دامغة.

وفي كانون الأول/ديسمبر 2015، اتهم المعارض التركي، أرين أردم، عائلة أردوغان، بارتباطها بعمليات "داعش" لتهريب النفط، قائلاً: "هناك احتمال كبير أن البيرق متصل بعمليات النفط للإرهابيين". وبسبب هذه التلميحات، تمت محاكمة أردم بتهمة الخيانة.

الصحافيون الأتراك الذين مسّوا صهر الرئيس ونشروا رسائل ويكيليكس ما زالوا يقبعون في السجون منذ سنين. كما مثل ستة منهم مؤخراً أمام المحكمة بتهمة بنشر دعاية لجماعات إرهابية، وبجرائم أخرى مرتبطة بالإرهاب.

وقالت دريا أوكاتان، مديرة تحرير وكالة إيتكين للأنباء، وهي أحد المتهمين، أنها وزملاؤها تصرفوا في المصلحة العامة، متهمة الحكومة التركية بمحاولة إخفاء ممارسات "غير شرعية وغير قانونية وتتعارض مع مصالح الشعب"، وفق موقع "أحوال".

 

أول من علم بمحاولة الانقلاب المزعوم

ومن آخر فصول أدوار صهر الرئيس هو إسباغ صفة أول من علم بمحاولة الانقلاب المزعوم في الخامس عشر من تموز/يوليو 2016، وأنه هو من أبلغ أردوغان. بل قيل إن له الفضل في إنقاذ حياة الرئيس، ولهذا ظل الرأي العام التركي يتابع باستغراب أخبار محاولة الانقلاب، وهو يشاهد صهر الرئيس ملازماً له ويدلي بتصريحات تظهر مدى درايته بالمؤامرة المزعومة.

ولا يبدو أن دور البيرق سوف يتوقف عند هذا الحد، بل هنالك ما يخطط له الرئيس من أجل صهره، إذ يتوقع أن يكون له أدوار أكبر في نظام الحكم الأردوغاني. لكن انهيار الاقتصاد التركي وغياب الأفق لدى النظام في البلاد، دفعه للابتعاد عن الأضواء في الفترة الأخيرة، فبات يغيب عن الاجتماعات وتوقف عن التصريحات، نظراً لتأثيرها السلبي على الاقتصاد.

قد يهمك أيضًا :

محللون يجيبون على تساؤلات من سيخلف أبو بكر بغدادي في زعامة تنظيم داعش