المخابرات الأميركية

نشر تقرير للمخابرات الأميركية، الإثنين، بين أن مخاطر نشوب صراعات ستزداد خلال الأعوام الخمسة المقبلة، وستصل إلى مستويات لم يسبق لها مثيل منذ الحرب الباردة، نتيجة تآكل نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية، والنزعات القومية الناجمة عن معاداة العولمة.

وذكر في تقرير "التوجهات العالمية: متناقضات التقدم"، وهو السادس في سلسلة دراسات يجريها مجلس المخابرات الوطنية الأميركية كل أربعة أعوام: "ستتقارب هذه الاتجاهات بوتيرة لم يسبق لها مثيل، تجعل الحكم والتعاون أصعب وستغير طبيعة القوة، مما سيغير بشكل جذري المشهد العالمي".

ولخصت نتائج التقرير الذي يصدر قبل أسبوعين من تسلم الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، مقاليد السلطة في 20 يناير/ كانون الثاني، عوامل وصفتها بأنها ستشكل "مستقبلًا قريبًا قاتمًا وصعبًا"، إذ سيشهد زيادة جرأة روسيا والصين وصراعات إقليمية وإرهابا وتباينات متزايدة في الدخول، وتغيرًا مناخيًا ونموًا اقتصاديًا ضعيفًا.

فيما تتعمد تقارير "التوجهات العالمية" تجنب تحليل السياسات أو الخيارات الأميركية، بينما ركزت الدراسة الأخيرة على الصعاب التي ينبغي للرئيس الأميركي الجديد معالجتها، وذلك من أجل إنجاز تعهداته بتحسين العلاقات مع روسيا، وتسوية ساحة المنافسة الاقتصادية مع الصين، وإعادة الوظائف إلى الولايات المتحدة وهزيمة الإرهاب.

ويذكر أن مجلس المخابرات الوطنية يضم محللين أميركيين كبارًا، ويشرف على صياغة تقييمات المخابرات، إذ تحتوي على أعمال كل وكالات المخابرات، وعددها 17، وهي أشمل المنتجات التحليلية في المخابرات الأميركية.

كما درس التقرير الذي شمل مقابلات مع خبراء أكاديميين ومتخصصين ماليين وسياسيين من أنحاء العالم، التوجهات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية، التي يرى المؤلفون أنها ستشكل ملامح العالم من الآن وحتى عام 2035، وأيضًا تأثيراتها المحتملة.

غرب ينظر إلى الداخل

فيما ذكرت الدراسة أن الإرهاب سيزداد في العقود المقبلة، مع امتلاك الجماعات الصغيرة والأفراد تكنولوجيا وأفكارًا وعلاقات جديدة.

كما أوضحت أن الغموض بشأن الولايات المتحدة، و"الغرب الذي ينظر إلى الداخل"، وضعف حقوق الإنسان الدولية، ومعايير منع الصراعات، ستشجع الصين وروسيا على تحدي النفوذ الأمريكي.

وأضافت الدراسة أيضًا أن التحديات: "ستظل أقل من مستوى الحرب الملتهبة، لكنها ستحمل في طياتها مخاطر تقديرات خاطئة عميقة"، محذرة من: "أن الإفراط في الثقة بأن القوة المادية قادرة على ضبط التصعيد، ستزيد من مخاطر الصراعات بين الدول إلى مستويات لم تحدث منذ الحرب الباردة".

وقالت الدراسة إنه مع إمكانية تفادي "حرب ملتهبة" تقود الخلافات في القيم والاهتمامات بين الدول، ومساعي الهيمنة الإقليمية "إلى عالم موزع على مناطق نفوذ".

وفي سياق متصل، أوضح التقرير، الذي يعد موضوع مؤتمر في واشنطن، أن الموقف يقدم في نفس الوقت فرصًا للحكومات والمجتمعات والجماعات والأفراد لاتخاذ خيارات قد تفضي إلى مستقبل أكثر أملًا وأمانًا.

وأضاف: "كما تشير متناقضات التقدم فإن نفس الاتجاهات التي تولد مخاطر على المدى القريب، قد تنتج أيضًا فرصًا لنتائج أفضل على المدى القصير."

الجبهة الداخلية

ذكر التقرير أيضًا أن العولمة والتقدم التكنولوجي أسهموا في "إثراء الأكثر ثراء"، وانتشال مئات الملايين من براثن الفقر، كما أدت إلى تآكل الطبقات المتوسطة في الغرب، وألهبت ردود الفعل ضد العولمة.

كما تفاقمت هذه الاتجاهات مع أكبر تدفق للمهاجرين في 7 عقود، ومن التوجهات التي تشكل المستقبل انكماش عدد السكان في الفئات العمرية الصالحة للعمل بالدول الغنية، ونموها في الدول الفقيرة خاصة في أفريقيا وجنوب آسيا، ما يزيد من فرص العمل ونمو المناطق الحضرية.

وقالت الدراسة إن العالم سيستمر في تسجيل نمو ضعيف على المدى القصير في ظل معاناة الحكومات والمؤسسات والشركات للتغلب على آثار الأزمة المالية العالمية.

وأوضحت: "الاقتصادات الكبيرة ستواجه انكماشًا في القوة العاملة، وتقلصا في الإنتاج، خلال تعافيها من الأزمة المالية 2008-2009، بديون كبيرة وطلب ضعيف وشكوك بشأن العولمة.