قصف عراقي استهدف تجمعات داعش

يشنّ الطيران العراقي، منذ ليل أمس، قصفا جويا مكثفا غير مسبوق على بلدة تلعفر، غربي الموصل، تمهيدا لاقتحامها من قبل ما يسمى "الحشد الشعبي"، في حين أعلن قائد التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش أن الهجوم على التنظيم في الموصل يستغرق شهرين آخرين وإنه حتى في حال هزيمته فسيظل مصدر تهديد للعراق والغرب.

وقال مصدر في قيادة القوات العراقية المشتركة، اليوم، إن أحياء وقرى تلعفر تتعرض لقصفٍ مكثف من قبل الطيران العراقي المرافق ما يسمى "الحشد الشعبي"، مؤكدا أن القصف الذي أوقع عددا كبيرا من القتلى والجرحى، يمثل تمهيدا لعملية قد تكون قريبة لاقتحام تلعفر.

إلى ذلك، ذكرت خلية الإعلام الحربي العراقية التابعة إلى القوات المشتركة، أن الطيران العراقي وجه ضربات جوية استهدفت تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، في المحور الغربي للموصل، مؤكدة، في بيان، أن القصف أسفر عن مقتل أكثر من 40 عنصرا من التنظيم.

كما أكدت، في بيان منفصل، مقتل 22 عنصرا من "داعش" بقصف جوي عراقي استهدف تجمعات التنظيم في محيط مطار تلعفر، الذي تسيطر عليه "الحشد"، مشيرة أيضا إلى قتل 14 عنصرا من "داعش" بقصف للقوة الجوية العراقية "استهدف أوكارا لمسلحي التنظيم في منطقة تل عبطة قرب تلعفر".

وفي سياق متصل، أوضحت "الحشد الشعبي"، أمس، أنها مستمرة في عملية عزل القرى والمناطق الواقعة جنوب بلدة تلعفر. مبرزة، في بيان لها، أنها تصدت لسيارة مفخخة أرسلها "داعش" لاستهداف تجمعاتها في منطقة تل عبطة.

ولفتت إلى تقديم الطيران العراقي الإسناد الجوي لها، مبينة أن فصائل "الحشد الشعبي" تقدمت نحو قرية تل فارس، التي تمثل آخر المناطق التي يسيطر عليها "داعش" في منطقة تل عبطة.

وكانت الولايات المتحدة الأميركية، التي تقود التحالف الدولي ضد داعش، عرضت بعد 6 أسابيع من الحرب إيقاف التقدم في شرق الموصل لحين إخلاء المدنيين.

وتشير التدابير العسكرية الجديدة إلى تراجع القيادة العراقية عن خطة تطويق المدينة، إذ لا يزال هناك "منفذ بري" يؤدي إلى غرب الموصل، لا يشهد إجراءات مشددة، حسب مسؤولين محليين.

وتواجه القوات العراقية في الساحل الأيسر صعوبة في تحييد أكثر من نصف مليون شخص وإبعادهم عن نيران المعارك، واستخدامهم كدروع بشرية من قبل داعش.
كان مسؤولون أكدوا ان القيادة العسكرية تدرس الزج بقطعات الشرطة الاتحادية مع "مكافحة الإرهاب" في الساحل الأيسر.

في المقابل تراجع رئيس الوزراء حيدر العبادي هو أيضا عن تمسكه بالسقف الزمني لتحرير المدينة. وقال العبادي، خلال مؤتمر صحافي مساء الثلاثاء، إن "معركة الموصل تسير بشكل سليم في ما يتعلق بحماية المدنيين، ولا ننتظر نتائج سريعة منها"، مؤكدا أن "تحرير الموصل مسألة وقت".

وكان العبادي أكد مرارا أن عمليات تحرير الموصل ستنتهي قبل نهاية 2016. لكن قائد عمليات نينوى كشف، مؤخرا، أن تقديرات الخطة العسكرية وضعت فترة 6 أشهر لاستعادة المدينة.

كما أظهرت الأحداث وتصريحات المسؤولين في المدينة تباطؤ العمليات في الجانب الشرقي نظرا للكثافة السكانية التي تركزت في المناطق المحاذية لنهر دجلة.

بدوره وصف قائم مقام الموصل حسين حاجم ما حدث في الموصل، خلال الـ48 ساعة الماضية، بأنه "مباغتة" من قطعات الجيش في شرق الموصل بعد تباطؤ العمليات.

وكشف حاجم، أن "قطعات الفرقة الـ9 من الجيش العراقي، التي بدأت تشارك الآن بشكل اوسع في قاطع جهاز مكافحة الإرهاب، قامت بحركة سريعة بالسيطرة على مستشفى السلام في وسط الساحل الأيسر".

ويؤكد قائم مقام الموصل أن التطور الأخير "جزء من التكتيك العسكري الجديد"، لافتا إلى عدم تضرر المستشفى وإنه قيد الخدمة.
كانت أطراف في الموصل حذرت، مؤخرا، من حدوث "مجاعة" إذا ما تأخرت العمليات، لا سيما مع استمرار انقطاع المياه عن السكان، وسيطرة داعش على المصادر الثلاثة للماء في عموم المدينة.

ورأت الأطراف المحلية أن إطالة أمد المعارك سيكون "مكلفا" على المدنيين وكذلك على القوات الأمنية.

وعقد مجلس محافظة نينوى، مؤخرا، جلسات مع القيادات العسكرية، لبحث طريقة إخراج المدنيين من الموصل وتجنب استخدام داعش للهاونات والقناصة ضد السكان.

ويقول قائم مقام الموصل إن "السكان بحاجة إلى مئات الشاحنات الحوضية لسد النقص في الماء".

ورفض مجلس نينوى، قبل أيام، حسب مسؤولين، مقترحا أميركيا لإيقاف العمليات لحين إيجاد طريقة لإخراج السكان من الموصل، وطالبوا عوضا عن ذلك باستخدام "الآباتشي".

ويكشف المسؤول المحلي عن "تقدم القوات نحو منطقة الصناعة الأيسر"، لافتا إلى أن المنطقة تعد خطيرة ومليئة بالمفخخات.
وقال بيان للقيادة العسكرية إن الفرقة المدرعة التاسعة واللواء الثالث/ الفرقة الأولى، تمكنت من التوغل إلى عمق حيي السلام والميثاق، والسيطرة على مستشفى السلام التعليمي.

وحرّرت القوات الموجودة في المحور ذاته، أحياء الانتصار، وجديدة المفتي، والسلام، ويونس السبعاوي، وفلسطين.

بالمقابل حررت قوات مكافحة الإرهاب، في الساحل الأيسر للموصل، حيي الشهداء والبريد، وبلغ عدد الأحياء المطهرة في ذلك القاطع (24حيّا).

إلى ذلك رجح عبدالرحمن الوكاع، عضو مجلس محافظة نينوى، أن تقوم القوات العراقية بـ"فك الخناق" قليلا عن المسلحين داخل الموصل، لسحبهم إلى معارك في الصحراء.

ويعتقد الوكاع، بأن "القوات اختارت تلعفر لتكون تلك المدينة التي ستشهد المعركة الحاسمة".

ويرى عضو مجلس نينوى أن "داعش لن يتخلى بسهولة عن تلعفر"، لافتا إلى وجود منفذ مفتوح من الموصل نحو تلعفر.

وكانت قطعات الحشد في غرب الموصل قالت، قبل أسبوعين، إنها استكملت عمليات عزل الموصل عن تلعفر. وقال نائب عن الموصل، قبل أيام، إن الحشد والفرقة 15، تخوضان معارك صعبة للسيطرة على طريق ستراتيجي طوله 15 كم يصل الموصل بـ"تلعفر" أيضا.

في هذه الأثناء تنتظر قطعات الجيش في المحور الجنوبي "ساعة الصفر" للتقدم باتجاه مطار الموصل، تمهيدا لدخول الساحل الأيمن.

ويؤكد الوكاع أن منطقة تلال البوسيف، هي آخر منطقة تفصل القوات عن المطار الذي يعتبر ضمن رقعة الجانب الغربي، مؤكدا أن "الاستعدادات وصلت إلى مراحل متقدمة".

ووجهت طائرات التحالف الدولي، خلال الأيام الماضية، ضربات عدة في الساحل الأيمن استهدفت تجمعات لـ"داعش"، اعتبرت بأنها ضربات تمهيدية لإعلان قرب دخول المنطقة.

وفي الشأن ذاته، قال قائد التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش إن الهجوم على التنظيم في الموصل قد يستغرق شهرين آخرين وإنه حتى في حال هزيمته فسيظل مصدر تهديد للعراق والغرب.

وقال الجنرال الأميركي ستيفن تاونسند إن القوات العراقية حققت تقدما كبيرا منذ اجتياح التنظيم شمال البلاد في 2014 وأعلن ما سماه دولة الخلافة التي شملت أيضا مناطق من سوريا.

وأضاف تاونسند في مقابلة مع رويترز على متن حاملة الطائرات الفرنسية شارل ديغول خلال زيارة مع قادة عسكريين كبار "أعتقد أنهم سيعملون على (معركة) الموصل لعدة أسابيع إضافية.. ربما لشهرين إضافيين".

وبدأ تحالف عملية "العزم الصلب" الذي تشارك فيه قوات من عدد من البلدان الغربية والعربية ضرب أهداف لتنظيم داعش في سوريا والعراق منذ 2014.

ويقدم التحالف حاليا دعما جويا وبعض المساندة البرية للهجوم العراقي على الموصل ويعمل مع مقاتلين أكراد وعرب تمكنوا من تحقيق تقدم ضد داعش في سوريا.

وتشارك في عملية الموصل قوات برية تضم 100 ألف فرد منهم قوات حكومية عراقية وقوات البيشمركة الكردية وفصائل الحشد الشعبي. والعملية هي أكبر معركة في العراق منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة له عام 2003.

واستعادت القوات الموالية للحكومة حوالي ثلث المدينة حتى الآن لكن وجود حوالي مليون مدني فيها يبطئ تقدمها.

وقال تاونسند إن النصر في الموصل لن يقضي على تنظيم داعش. وأضاف "لا أعتقد أن مهمتنا ستنتهي عندما تنتهي عملية الموصل. لم نفرغ بعد من عملنا في العراق. ما زال أمامنا تطهير حوالي ثلث وادي نهر الفرات حتى الحدود السورية".

"يتعين على شركائنا أن يتجهوا من الموصل إلى الحدود السورية غربا ويستعيدوا السيطرة على حدودهم. ما زال أمامنا قتال صعب حتى بعد الموصل."
وتوقع تاونسند أنّه على الرغم من أن مقاتلي تنظيم داعش سيدركون عاجلا أم آجلا أنهم "سيخسرون خلافتهم الفعلية" فسوف يغيرون تكتيكاتهم ويبقون تهديدا حتى بعد استعادة كل الأراضي منهم.

وأضاف "سوف يضطرون لتغيير ما يفعلونه ويصبحون مجرد خلافة افتراضية على ما أعتقد. سيتحولون إلى حركة تمرد مع مرور الوقت في العراق وسوريا."

"سيواصلون بالتأكيد التآمر والتخطيط ويحاولون تنفيذ هجمات على الغرب ماداموا موجودين. من وجهة نظري إن الطريقة الفضلى لتقليص تهديد الهجمات في الخارج على فرنسا أو الولايات المتحدة أو الغرب هي بطردهم من الموصل ومن الرقة ومطاردتهم في الصحراء."

وعبر الأميرال الفرنسي أوليفييه ليباس وهو أحد المسؤولين الذين التقى معهم على حاملة الطائرات عن وجهة نظر مشابهة.

وقال ليباس لرويترز "من المهم حقا أن نبقى بقدر ما يلزم للتأكد من استئصال تنظيم داعش. إنها مرحلة مهمة جدا."

وقال تاونسند إن عملية استعادة معقل تنظيم داعش في سوريا مدينة الرقة ستكون أكثر تعقيدا من عملية الموصل وسوف تستغرق وقتا أطول لأسباب منها أن التحالف يعتمد على قوة محلية من الأكراد والعرب السوريين أصغر مقارنة مع الجيش العراقي الكبير.
وأضاف أن المقاتلين الأكراد والعرب في سوريا يسعون حاليا لعزل الرقة وحصارها ثم الهجوم عليها.

وقال تاونسند "الموصل صعبة. إنها مدينة كبيرة ومعقدة. أتيح للعدو عامان للتحصن وتجهيز دفاعاته. الموصل ستشكل تحديا للجيش الفرنسي وتشكل تحديا لجيش الولايات المتحدة. إنها صعبة حقا."

وأضاف "لكن هناك حكومة في العراق وهناك جيش يقاتل لاستعادة الموصل. في سوريا نحن نحاول محاربة داعش مع شركاء محليين بجوار حرب أهلية مع كل أنواع المؤثرات الخارجية."