جامعة "كويمبرا" في البرتغال تكرّم حاكم الشارقة بدكتوراه فخرية

منحت جامعة "كويمبرا" في البرتغال -إحدى أعرق الجامعات في أوروبا والعالم-، الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، شهادة دكتوراه فخرية تقديرًا وتكريمًا لاسهاماته الثقافية والأدبية ودوره في دعم ورعاية الإنتاج الثقافي والأدبي والتاريخي على المستويين المحلي والعالمي، وتحويل الشارقة إلى منصة تجتمع فيها ثقافات العالم على أرضية إنسانية واحدة تحترم الاختلاف وتراعي التباين والخصوصية.

 
ووصفت الجامعة حاكم الشارقة بـ"الرجل الذي تلتقي عنده جميع الثقافات" من خلال جهوده وانجازاته الثقافية في مجالات التاريخ والأدب وبحوثه التي يكشف فيها حقائق تاريخية هامة عن علاقات الشعوب وتطورها، واعتبرت أن التكريم هو تكريم لرموز الثقافة الإنسانية الذين أحدثوا أثرًا كبيرًا في نسيج العلاقات الثقافية بين الشعوب.

 
وتعتبر جامعة "كويمبرا" إحدى أقدم الجامعات في أوروبا والعالم وأقدم جامعة في البرتغال، تأسست في العام 1290 وحتى القرن الثالث عشر كانت الجامعة واحدة من بين أول 15 جامعة في أوروبا، كما تعتبر من أكبر مؤسسات التعليم والبحث العالي في البلاد، وقد أضيفت في العام 2013 إلى مواقع التراث العالمي في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو).

 
وبحسب قانون الجامعة فإن شهادة الدكتوراه الفخرية لديها تعتبر أعلى درجة علمية وفخرية تكرم بها عمادة الجامعة الشخصيات التي قدمت خدمات مهمة وبصمات استثنائية في إحدى المجالات العلمية أو الأدبية أو التراثية، وعلى مدار تاريخ الجامعة العريق منحت هذه الشهادة لـ 190 شخصية وعالم من البرتغال والعالم، كان من بينها أنطونيو غوتيرس الأمين العام الحالي للأمم المتحدة، ولرئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر.


 
حضر مراسم التكريم الذي أقيم في مقر جامعة كويمبرا موسى عبد الواحد الخاجه، سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى البرتغال، وباولو بورتاش نائب رئيس الوزراء السابق، البروفيسور جو جابريل سيلفا، رئيس جامعة كويمبرا، والبروفيسور جوزي بيدرو بافيا، مدير جامعة كويمبرا، والدكتور عمرو عبد الحميد مدير أكاديمية الشارقة للبحوث، وأعضاء المجلسين العلمي والإداري، وحشد من خريجي الجامعة القدامى والمسؤولين من العاصمة لشبونة، ومدينتي كويمبرا وبورتو.
 
وأكد حاكم الشارقة خلال لقائه عدد من أعضاء المجلس الإداري والعلمي خلال جولة في الجامعة أن علم وثقافة الأمم هي قوتها الوحيدة الباقية والمستمرة مهما تبدلت أحوالها السياسية والاقتصادية، وأن قوة الثقافة دائمًا أعلى من ثقافة القوة في التأثير بوجدان الأمم وذاكرتها، لأن الذاكرة الإنسانية بطبعها، تلفظ السوء وتحتفظ بالجمال، واعتبر أن العلماء والأدباء والفلاسفة والمؤرخين والفنانين، هم ملهموا المستقبل والصورة الجميلة المستدامة لأي حضارة.

 
وخلال كلمة ألقاها خلال مراسم حفل التكريم، ثمّن القاسمي جهود رئيس وإدارة جامعة "كويمبرا" في دعم مسيرة الثقافة الإنسانية وتعزيز الحوار والشراكة بين الشعوب كافة، وقال " يُسعدني تواجدي معكم في "جامعة كويمبرا" التاريخية، ويسرّني الالتقاء بنخبة من الأكاديميين والباحثين، ويُشرّفني قبول هذه الدكتوراه الفخريّة من جامعة كويمبر الرائدة والعريقة".


 
وتابع "قبل بضعة أعوام، زرت "مكتبة بلدية بورتو"، لدراسة مذكّرات المستكشف البرتغالي فاسكو دا غاما، التي تناولت رحلته البحرية الأولى إلى الهند، تلتها زيارة أخرى قبل خمسة أعوام، حين كرّمتني "أكاديمية لشبونة للعلوم" ومنحتني وسامها وعضويتها، ومع تكريم "جامعة كويمبرا" الذي تشرّفت به اليوم، تتوطّد علاقتي بالبرتغال وتتعزّز مكانتها في قلبي".
 
وأضاف " شكّلت الدراسات المتعمقة للمواد التاريخية من مصادرها المختلفة نواة لرسالات الدكتوراه المتتالية التي بحثتها في "جامعة إكسيتر"، و"جامعة درهام" في المملكة المتحدة، ودفعني شغفي بالتاريخ وعلاقتي المتينة به لمواصلة تأليف كتبي عن الشعوب، والشخصيات، والأحداث التي لعبت دورًا بارزًا بتشكيل المشهد الاجتماعي والاقتصادي والسياسي لمنطقتنا، ومن المؤكد أنّ المؤرّخين منكم يدركون جيدًا أن العلاقة بين التاريخ وطلبته المخلصين تدوم مدى الحياة، وأنا أعتبر نفسي واحدًا منهم".
 
وأشار إلى متغيرات المرحلة وما أفرزته من ضرورة العمل على توفير شروط للنهضة والتنمية تستجيب للتحديات التي أفرزتها، وقال "يتغيّر العالم من حولنا باستمرار، وفي هذا الإطار، شهدت منطقتنا بشكل خاص تطورًا سريعًا ومتناميًا خلال العقود الأخيرة، وشملت مسيرة التنمية عددًا من القطاعات، أبرزها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتقنية"، كما ختم "ولضمان نجاح جهودنا التنموية وتعزيزها، كان لا بد من بناء مؤسسات تعليمية نوعية للتعليم العالي، ما دفعنا للتعاون مع أبرز الجامعات العالمية في أوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا، وأثمر هذا التعاون تأسيس جامعتين نوعيتين وفق أعلى المعايير العالمية، خلال زمن قياسي، توفران برامج البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في عدد من التخصصات، كما يُجري باحثو جامعاتنا ومؤسساتنا البحثية حاليًا عددًا من البحوث التطبيقية في المجالات المتصلة بتعزيز تنمية مجتمعاتنا وتطويرها".
 
ونوّهت الجامعة خلال الحفل، بدور حاكم الشارقة في استنهاض الثقافة ودعم المثقفين ورعاية المسرح والفنون في العالم العربي، إلى جانب اهتمامه بالإرث الإنساني الحضاري خارج دولة الإمارات العربية المتحدة ورعايته بغض النظر عن موقعه أو دلالاته الفكرية والعقائدية، كما أشارت إلى أن الشارقة أصبحت بتوجيهاته حاضنة لأهم الفعاليات الإنسانية والثقافية على مستوى العالم، وثمّنت الجامعة الإنتاج الأدبي والثقافي والتاريخي لسموه معتبرةً إياه إضافةً قيمة للإنتاج العربي والعالمي.
 
وبهذه المناسبة رفعت جامعة كويمبرا علم دولة الإمارات العربية المتحدة على مبنى الجامعة الرئيسي وعزفت الفرقة الموسيقية هناك النشيد الوطني الإماراتي احتفاءً بحاكم الشارقة، وتجول سموه عقب مراسم تسليم شهادة الدكتوراه الفخرية في كليات وقاعات الجامعة واستمع من المسؤولين عن ما تقدمه الجامعة من تخصصات ومسارات، كما زار مكتبة "بيبليوتيكا جوانينا" في الجامعة والتي تم بنائها في عهد الملك "جواو الخامس" وتعتبر واحدة من أكثر المكتبات فخامة في العالم، وتضم مجموعة كبيرة من الكتب القديمة والمخطوطات الأصلية.
إنتاج غزير ومكانة رفيعة
ولصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي مجموعة من المؤلفات الأدبية والثقافية والتاريخية، مثل سيرة مدينة، وتحت راية الاحتلال، وسرد الذات، وإني أدين، وحديث الذاكرة، ورحلة بالغة الأهمية، وصراع القوى والتجارة في الخليج، واقتصاد إمارات الساحل العربي في القرن التاسع عشر، والقواسم والعدوان البريطاني، وفرائد البيان، وكلمات في المسرح، ونشيج الوداع، ورسالة إلى أهل المسرح، إلى جانب عدد من المسرحيات من ضمنها، داعش والغبراء، وعلياء وعصام، والحجر الأسود، وطورغوت، والإسكندر الأكبر وغيرها من المؤلفات الأخرى.
 
ويضاف التكريم الأخير إلى سجل سموه الحافل بالأوسمة والشهادات الفخرية التي قدمتها له أهم المراكز العلمية والثقافية في العالم من ضمنها 16 شهادة دكتوراه فخرية، من جامعات مثل جامعة باريس ديدرو في فرنسا، وجامعة كانازاوا في اليابان، والقاهرة في مصر، وجامعة شيفيلد في المملكة المتحدة، والجامعة الأردنية، وجامعة ماك ماستر في كندا، وساوث بانك وجامعة أدنبرا في بريطانيا، والجامعة الإسلامية العالمية في كوالالمبور ماليزيا، وأكاديمية العلوم الروسية، وجامعة الخرطوم في السودان.. وغيرها.
 
ويتولى القاسمي عددًا من المناصب الفخرية مثل: الرئيس الأعلى للجامعة الأميركية في إمارة الشارقة منذ عام 1997، والرئيس الأعلى لجامعـة الشارقـة منذ عام 1997، و أستاذ زائر في جامعة اكسيتر منذ عام 1998، والعضو المؤسس في مجلس الداعمين بجامعة كامبردج منذ 21 يونيو /حزيران 2004م، والعضو المؤسس في مجلس الداعمين بجامعة اكسيتر، منذ 15 مايو/أيار  2007، و عضو أكاديمية العلوم، لشبونة، منذ أكتوبر/تشرين الأول 2013م.