ابوظبي - صوت الامارات
شهدت الأيام الماضية، “حالة من الارتباك”، من قبل العديد من الأسر بسبب ما تم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي بشأن مواعيد امتحانات نهاية العام الدراسي الجاري، وسارعت بعض العائلات إلى تغيير برامج حجوزات السفر والإجازات، بناء على ما تم تداوله من معلومات “غير دقيقة” عن تغيير مواعيد الامتحانات، في حين جدًدت وزارة التربية والتعليم تأكيدها أن مواعيد انتهاء العام الدراسي للطلبة والهيئات الإدارية والتعليمية في 5 و12 يوليو/تموز، مشيرة إلى أنها مواعيد مُحددة، ومُعتمدة من قبل مجلس الوزراء قبل ثلاث سنوات، وأصدرت الوزارة الثلاثاء الماضي جداول مواعيد امتحانات نهاية الفصل الثالث للصفوف من الأول إلى الثاني عشر، لتوقف بذلك “حالة الإرباك”.
ورحّب الميدان التعليمي بالشكل الجديد للامتحانات، وتقسيمها إلى فترتين. إذ سيمتحن الطلبة في 6 مواد، بالإضافة إلى جميع المواد التطبيقية، خلال الأيام الدراسية الاعتيادية قبل إجازة عيد الفطر، من 20 مايو/أيار إلى 12 يونيو/حزيران، على أن يؤدوا بقية المواد عقب الإجازة، في أيام امتحانية مخصصة كما اعتاد عليها الطلبة، من 20 إلى 27 يونيو، إلا أن بعض مديري المدارس عبّروا عن حيرتهم من كيفية ضبط الطلبة بعد انتهاء الاختبار، وخصوصًا في المرحلة الثانوية، وإقناعهم بإكمال اليوم الدراسي، داعين إلى تخصيص آخر حصتين لأداء الامتحان، في حين اعتبر آخرون أن هذا الأمر من شأنه تعويد الطلبة والميدان بشكل عام على اعتبار الاختبارات جزءًا لا يتجزأ من اليوم الدراسي الاعتيادي، وبالتالي التخفيف من حدّة التوتر التي ترافق الطلبة في تلك الفترة. وأشاد الميدان بالتوازن الموجود في المواعيد التي تمّ إعلانها، خصوصًا ترحيل المواد العلمية التي تتطلب وقتًا وجهدًا أطول للاستعداد، إلى بعد إجازة الفطر، لافتين إلى أن ذلك يمنح الطلبة وقتًا كافيًا لتمضية أيام العيد مع العائلة والاستمتاع بالفعاليات المصاحبة، وتخصيص الوقت المتبقي للتركيز على الدراسة ومراجعة المعلومات.
وأوضح معلمون، أن عملهم مرتبط بمنهج دراسي، لإكساب الطلبة المهارات اللازمة للانتقال لمرحلة دراسية أعلى، وبالتالي فإن ما تقرره الوزارة لا بدّ من الالتزام به من مختلف أطراف الميدان التربوي، كما أكدوا أن الجدولة الزمنية للامتحانات وضعها الخبراء المختصون في الوزارة، “وهم الأعلم في ذلك”، لذلك ليس من المنطقي “التنظير” عليهم في كيفية تقسيم وتحديد مواعيد الامتحانات، وأكدوا أن الهيئات التعليمية وعائلاتهم من غير المواطنين أنهوا بالفعل حجوزات السفر في إجازة الصيف، والتي تتوافق تمامًا مع تاريخ نهاية العام الدراسي المحدد مسبقًا بـ 12 تموز.
أما الطلبة، فقد اعترض بعضهم على قرار أن تشمل امتحانات نهاية العام مقررات الفصلين الثاني والثالث، معتبرين أن ذلك سيشكّل ضغطًا كبيرًا عليهم، كما اعتبر بعض طلبة الثاني عشر أن تأدية امتحانات نهاية العام مع بقية المراحل التعليمية لا يناسبهم ولا يترك لهم مجالًا كافيًا للراحة، نظرًا لارتباطهم بالخدمة الوطنية، واختبارات اللغة الإنجليزية للجامعات، وغيرها.
وأشار محمد العبيدلي مدير مدرسة، أنه من الصعب التحكم في الطلبة خصوصًا في المرحلة الثانوية، بعد أن يؤدوا امتحاناتهم خلال اليوم الدراسي، داعيًا القطاع المعني بالامتحانات إلى تخصيص وقت الامتحان في الحصتين الأخيرتين من الجدول المدرسي، تفاديًا لأي إرباك، وأشار أن الوزارة من خلال تقسيم الامتحانات إلى فترتين قبل وبعد العيد، تمكنت من إكمال عدد أيام التمدرس وفقًا للمعدلات العالمية، كما قلّصت من عدد الأيام الامتحانية بعد العيد.
وقال المعلم مروان العلي: إن مواعيد الامتحانات مناسبة جدًا للطلبة، وتفسح لهم المجال لمراجعة المواد الدراسية من دون الضغوط التي قد تترافق مع شهر رمضان، لكنه أكد أنه على الطلبة والأسر الاعتياد على فكرة الدراسة والعمل خلال شهر رمضان، خصوصًا أن السنوات المقبلة سيصادف رمضان في منتصف العام الدراسي، فيما اعتبر سالم البريكي، أن مواعيد الامتحانات التي حددتها الوزارة تصبّ في مصلحة الطالب والعملية التعليمية بشكل عام، مستغربًا بعض الأصوات التي علت على مواقع التواصل الاجتماعي لتنتقد مواعيد الوزارة، مضيفا أنها غير منطقية، خصوصًا أن تواريخ نهاية العام معتمدة من قبل مجلس الوزراء قبل سنوات، وقال إن الوزارة تسير بخطى واثقة نحو رفع اسم المدرسة الإماراتية عاليًا، وإعداد الطلبة للمراحل المقبلة وتحديات العمل وإثبات الذات.
وأكد أحمد درويش الخوري بقوله: نثق في قرارات المسؤولين في الدولة التي تحقق رؤية القيادات الرشيدة، لافتًا إلى أن الجميع يسعى لتحقيق الأفضل، وبخصوص تحديد الامتحانات للطلبة بعد العيد، فقد اقترح تأجيل موعد الامتحانات لأيام عدة بعد العيد لإعطاء الطلبة مدة زمنية كافية للمراجعة، وإن كان ذلك سيؤدي إلى تأخير موعد نهاية العام الدراسي، لافتًا إلى أن الطلبة وأولياء الأمور سيكونون مشغولين خلال شهر رمضان وإجازة العيد، وأيّد وليد السويدي قرار الوزارة بترحيل الامتحانات لما بعد إجازة عيد الفطر، مما يراعي البعد الاجتماعي والروحي في شهر رمضان للمواطنين من الطلبة والأسر،
وقال جمعة الهاجري: من الطبيعي أن يفضل أولياء الأمور الانتهاء من الامتحانات قبل رمضان، لكن بما أن المنهج الدراسي يتطلب المزيد من أيام التمدرس، فإن مصلحة الأبناء الدارسين أَولى من أي أمور أخرى، ولا نعتقد أن الوزارة تتخذ قرارًا ارتجاليًا في هذا الشأن، وعلى الطلبة والأسر الاعتياد على الإيقاع السريع للعملية التعليمية أسوة ببقية القطاعات، وأضاف، أن القيادة الرشيدة تولي التعليم أهمية قصوى، وهي تدرك حاجة الأبناء من المواطنين للتسلّح بالمهارات والعلوم من أجل مستقبل أفضل، مؤيدًا توجهات الوزارة، سواء عدلت في الجداول أو أبقتها كما هي، وتابع: أن الأسر لا بدّ أن تعتاد على فكرة تأدية الامتحانات خلال شهر رمضان، والالتزام بالدوام المدرسي من دون تذمّر.
واعتبر محمد نصر اختصاصي الصحة النفسية، أن أمر التقويم المدرسي ومواعيد الامتحانات متروك للجهات المعنية، لافتًا إلى أن المهارات التي يجب أن يمتلكها الطالب وهي مهارات القرن الواحد والعشرين ليواجه بها تحديات المستقبل، تركز على الكيف أكثر من الكم، كما أشار إلى أن عدد ساعات التعلّم أو أيام التمدرس لا تعدّ دومًا معيارًا لاكتساب المهارات، فالأهم هو التركيز على ماهية الأنشطة التي يمارسها الطالب خلال اليوم الدراسي وتمكّنه منها، واكتساب المهارات من الأسلوب غير التقليدي في التعليم، واعتبر أن التحصيل الدراسي عملية شاقة للمتعلم، وهي تحتاج منه التركيز والصبر والمثابرة والتفكير العميق والهدوء النفسي والاجتهاد، وأشار أنه من الطبيعي أن يقل تركيز الطالب ويتأثر تعلمه خلال شهر رمضان وبسبب درجة الحرارة المرتفعة والرطوبة. ووجّه نصيحة للطلبة أن يدرسوا في الفترة التي تقع ما بين صلاة الفجر والساعة الثامنة صباحًا.
أما بالنسبة لمواعيد الامتحانات والتقويم، فلابد من تحديدها من بداية العام لما تحققه من استقرار نفسي للطالب وولي الأمر والمعلم، وبناءً عليها تتحدد مدة الدراسة ومواعيد المذاكرة والتهيئة النفسية للامتحانات فيعرف الطالب متى ستبدأ الدراسة ومتى تنتهي، فيعمل على تنظيم وقته ليحصل على الدرجات التي يتمناها.
وأضاف نصر أن ارتباك الميدان غير المبرر بسبب مواعيد الامتحانات ونهاية العام، يؤثر سلبًا على الاستعداد النفسي للطالب، لافتًا إلى ضرورة أن يتمتع الجميع بالمسؤولية المجتمعية والتفكير بمصلحة الطالب أولًا قبل نشر جداول غير معتمدة، وبعدها إطلاق الحملات العشوائية على مواقع التواصل الاجتماعي، كما اقترح أن يكون هناك مدة محددة للدراسة لمدة شهرين أو ثلاثة يكون فيها التركيز على المعارف الأكاديمية، وتخصيص باقي شهور السنة للأنشطة التطبيقية، على أن يتم التقييم المشروع وفق معايير تحدد بمهارات يمتلكها الطلاب، لافتًا إلى أن التعليم هو أكثر القطاعات التي يجب أن تفعّل فيه الأنشطة الابتكارية.
من جانبها، قالت مريم محمد طالبة في صف الحادي عشر متقدم: إن موعد الامتحان مناسب للطلبة، ولاسيما أن بعض المواد العلمية تتكون هذا الفصل من أربع وحدات، بما يجعل من الصعب الانتهاء من مراجعتها ودراستها قبل عيد الفطر، ولفتت أن جميع الطلبة ينتابهم القلق قبل إعلان موعد الامتحانات، خصوصًا امتحان الفصل الثالث الذي يجمع رمضان والصيف الحار، وأضافت المعلمة سهاد السيد: من الجيد أنه تم تحديد الامتحانات بعد عيد الفطر، لإفساح المجال للطالب أن يجتهد في دراسته بعيدًا عن تعب الصوم. كما أنه أفضل لأولياء الأمور ليتسنى لهم التركيز على متابعة أبنائهم في الدراسة.
من جهتها، ترى "أم سلطان"، ولية أمر لثلاثة طلاب أحدهم في صفوف العاشر، والخامس والسابع أن قرار وزارة التربية والتعليم هذه السنة كان أفضل من السنوات السابقة، لأنه في يصب في مصلحة الطالب الذي لن يقوى على تحمل تعب الصيام وصعوبة المواد، وتحديدًا أن تركيز الطالب في رمضان سيقل تدريجيًا بسبب قصر الوقت والتعب والحر، والأمهات بشكل عام سينشغلن في الأجواء الروحانية والعبادة ومتطلبات العائلية والتحضيرات في رمضان.
وترى المعلمة سلوى الكعبي، أن معظم أولياء الأمور من المعلمين لديهم أبناء في مراحل سنية مختلفة، وهم من يقومون بتوصيل أبنائهم إلى المدرسة، لذا سيكون عليهم تحمّل أجواء الصيف والصيام، ومتابع استعدادات الأولاد للامتحانات. فيما طالبت أم يوسف ولية أمر، الجهات المعنية مراعاة طلبة الحلقة الأولى، وهم من الفئة السنية الأصغر، وتأثرهم بالحر وتوتر الامتحانات والصوم يكون أكثر من غيرهم. وأضاف خالد عبدالله أن أولياء الأمور ينتابهم القلق والخوف من المواد الدراسية العلمية أو المقررات الكبيرة، لأن ضيق الوقت قد لا يساعد الطلاب على الاستيعاب، خصوصًا أن بعض المعلمين قد يستعجلون في شرح المادة. وطالب الوزارة أن تعمل لاحقًا على تخفيف مقررات المنهج، أو حذف أجزاء منه لمختلف المراحل الدراسية.
وفي السياق نفسه، يؤكد علياء محمد ولي أمر أن موعد الامتحانات الذي وضعته وزارة التربية والتعليم منطقي، لأن معظم الطلاب كانوا قلقين من الموعد السابق الذي كان متداولًا والذي يصادف في شهر رمضان المبارك ، لأن المنهج كبير والوقت ضيق. إلا أنه بعد القرار الأخير ارتاح الطلبة الذين اعتبروا كل يوم إضافي بمثابة هدية تمكّنهم من تحسين أدائهم في الامتحان، كما شدّد راشد الشامسي على أن المذاكرة والمراجعة للامتحانات تحتاج إلى طاقة وفكر صاف، وفي رمضان يصعب ذلك على الطالب بسبب العطش والجوع، وأيضًا بسبب ضيق الوقت للمذاكرة بعد الإفطار، لذلك اعتبر أن المواعيد التي أعلنتها الوزارة مثالية في هذا التوقيت من العام.
181 يومًا دراسيًا
وتؤكد وزارة التربية والتعليم أن الثقافة التقليدية للاختبارات “قد ولّت”، فلم تعد مقياسًا للنجاح والفشل أو الترفيع والرسوب، وإنما وسيلة لعكس مستويات أداء الطالب وتطويرها، وفقًا لمتطلبات ومهارات كل مرحلة دراسية، ويؤكد قطاع المناهج والتقييم، أنه في العام الدراسي الجاري تمّ الحفاظ على عدد أيام التمدرس والبالغ 181 يومًا، والمحدد في التقويم الأكاديمي المعتمد من مجلس الوزراء، أما بالنسبة لفلسفة الاختبارات ومستويات التحصيل والأداء، فتؤكد الوزارة أنها عملية معقدة ودقيقة، وبالتالي، فإن أهل الاختصاص من التربويين أدرى بتحديدها ورسم أطرها.
التقييم لتحقيق نواتج التعلّم
وطوّرت وزارة التربية والتعليم سياسة التقييم للعام الدراسي الجاري، بما يتماشى مع السياسات التطويرية للمدرسة الإماراتية لإعداد طلبة لمجتمع المعرفة مزودين بمهارات القرن الواحد والعشرين، وبما يتسق مع توجهات القيادة الرشيدة ومحددات النهوض بمستوى التعليم في الدولة وفق أفضل الممارسات، واعتبرت أن التقييم يعدّ وسيلة مهمة يُحكم بها على مدى النجاح الذي تحقق في العملية التعليمية سواء من ناحية المنهج ومحتواه وأهدافه، أو الطرق والأساليب التي اختارها المعلم لتنفيذ مفردات المنهج، أو الطالب ومدى ما حقق من معارف ومهارات واتجاهات نتيجة مروره بالمواقف التعليمية.
ويشمل التقييم أطراف العملية التعليمية جميعها، ويعكس الآثار الإيجابية والسلبية للظروف والأحوال التي تحدث فيها عملية التعلّم، وبذلك يزوّد هذه الأطراف بالأدوات اللازمة للنجاح، ليصار بعدها إلى إعادة النظر في تلك مسيرة لتحقيق النواتج المنشودة من العملية التعليمية، وتصب سياسة التقييم والامتحانات في تحقيق الأهداف الاستراتيجية لسياسة وزارة التربية والتعليم، ومنها ضمان تعليم متكافئ، وضمان جودة وكفاءة وحوكمة الأداء التعليمي والمؤسسي، وضمان بيئات تعليمية آمنة وداعمة ومحفزة للتعلم، واستقطاب وتأهيل الطلبة للالتحاق بمؤسسات التعليم العالي داخل الدولة وخارجها بما يتناسب مع احتياجات سوق العمل.
مواد المجموعة (ب)
وحددت وزارة التربية والتعليم 5 أيام للتقييم الختامي لمواد المجموعة (ب) من 27 إلى 31 أيار لجميع الصفوف. وتشمل هذه المجموعة المواد التالية: التربية الأخلاقية، الفنون البصرية والموسيقية، التربية البدنية والصحية، والتصميم والتكنولوجيا، وعلوم الكمبيوتر، وإدارة الأعمال، ومهارات الحياة، والتصميم الإبداعي والابتكار.
إرضاء الميدان
في العام الدراسي الماضي، حددت وزارة التربية والتعليم الجدولة الزمنية للامتحانات خلال شهر رمضان المبارك، حينها تفاعل الميدان على شبكات التواصل الاجتماعي، طالبين الرحمة من حرّ الصيف وتعب الصيام وضغط الدراسة. وفي نهاية 2017-2018، ارتأت وزارة التربية والتعليم تنظيم مواعيد امتحانات بعض المواد الدراسية في الفصل الثالث والأخير، بعد إجازة عيد الفطر، وعلى الرغم من ذلك، علت أصوات الميدان التربوي لأن الامتحانات ستُفسد الاستمتاع بإجازة العيد. لا شك أن أهمية امتحانات نهاية العام بالنسبة للطلبة والأسر، واختلاف الأمزجة والآراء، وتباين المصالح، تجعل من المستحيل إرضاء جميع أطراف الميدان التربوي. إلا أن المقياس بالنسبة لوزارة التربية والتعليم يبقى الخطة المطوّرة وتحقيق أهداف الأجندة الوطنية، بما يلبي طموحات القيادات الرشيدة.