دبي ـ جمال أبو سمرا
أعربت بعثة الإمارات لدى الأمم المتحدة عن دعمها لموقف المملكة العربية السعودية، المتحفظ على مضمون تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بشأن الأطفال والنزاع المسلح في اليمن، وهو الموقف الذي عبر عنه السفير عبد الله المعلمي، مندوب المملكة الدائم لدى الأمم المتحدة، الجمعة، أثناء مؤتمر صحافي عقده في مقر المنظمة الدولية، في نيويورك. وجاء ذلك في بيان صحفي رسمي أصدرته بعثة الإمارات، أكدت خلاله وقوف الإمارات بوصفها عضوًا في تحالف استعادة الشرعية في اليمن، مع موقف المملكة العربية السعودية وبقية الدول الأعضاء في التحالف، الرافض للمعلومات والإحصاءات غير الدقيقة الواردة في تقرير الأمين العام، وشددت على التزام التحالف بحماية جميع المدنيين أثناء النزاع المسلح، خاصة الأطفال. ونوه البيان بأن التحالف يعتبر خسارة أي طفل أو حتى تعرضه للإصابة خسارة فادحة يجب تجنبها، ومن هذا المنطلق، سيظل التحالف ملتزمًا بواجباته أثناء عملياته وفقًا للقانون الدولي.
كما رحب بيان بعثة الإمارات بالتصريحات التي أدلت بها الممثلة الخاصة للأمين العام للأطفال والنزاعات المسلحة، فيرجينيا غامبا، واعترفت خلالها بالجهود التي يبذلها التحالف والخطوات الإيجابية الثلاثة التي اتخذها، وشملت مراجعة قواعد الاشتباك، وإنشاء وتفعيل الفريق المشترك لتقييم الحوادث "JIAT"، واقتراح الإجراءات التصحيحية اللازمة، بالإضافة إلى إنشاء وحدة لحماية الأطفال، ورحب بتأكيدها على التعاون الوثيق والمشاركة البناءة والحوار المستمر بين مكتبها والتحالف، كما عبّر البيان عن ترحيبه بإقرار غامبا باستجابة التحالف لاستفساراتها، وتوافر حسن النية لديه، على عكس موقف "الحوثيين". وأكد البيان أن الإمارات لا تشكك في نزاهة أهداف حماية الأطفال حول العالم، باعتبارها إحدى القضايا المهمة التي تلتزم بها الدولة، ولكنه في نفس الوقت تساءل عن فاعلية هذه الآلية واعتمادها على مصادر غير موثوقة، مشيرًا إلى قناعة الإمارات بأن الطريق الأمثل لتعزيز حماية الأطفال هو اتباع آلية تضمن المشاركة المستمرة للدول الأعضاء، من أجل تجنب أي معلومات مغلوطة. واختتم البيان مؤكدًا ترحيب بعثة الإمارات بالتعاون والتشاور الذي تقوم به فرجينيا غامبا، وحث على مواصلة التشاور مع الدول الأعضاء.
ويذكر أن المندوب الدائم للمملكة العربية السعودية في الأمم المتحدة، السفير عبد الله المعلمي، أعلن تحفظ بلاده على الأرقام والمعلومات والبيانات غير الموثوق فيها التي تضمنها تقرير الأمين العام، بشأن الأطفال والنزاعات المسلحة، مشيرًا إلى أن وسائل جمع معلومات هذا التقرير كانت قاصره ولم تكن محايدة أو موثوق فيها، مشيرًا إلى أن هذا التقرير، رغم أنه كشف عن الانتهاكات التي ارتكبتها المليشيات الحوثية ومسؤوليتها عن وقوع ضحايا من الأطفال في اليمن، بما ينتهك أحكام القانون الدولي ومبادئ الأمم المتحدة، إلا أنه لم يشر بشكل مباشر إلى المسؤولية المباشرة التي تتحملها هذه المليشيات المسلحة عن تجنيد الأطفال، واستخدامهم كدروع بشرية في ساحات المعارك. ولفت إلى أن الآثار المؤسفة لهذا الصراع في اليمن إنما هي نتيجة مباشرة للأعمال الوحشية التي تقوم بها المليشيات "الحوثية"، والقوات الموالية للرئيس السابق، علي عبد الله صالح، والتي تتعمد اللجوء إلى الأعمال غير الأخلاقية وغير القانونية التي تعرض السكان المدنيين للخطر، بما في ذلك استخدامهم المدارس كمواقع عسكرية.
ونوه بأن تقرير الأمم المتحدة أشاد بالتعاون والإجراءات التي اتخذها التحالف لتقليل الخسائر البشرية، وخفض عدد الضحايا في اليمن، بما في ذلك إنشاء وحدة للتحقيق في الحوادث التي تقع في اليمن. وأكد أن التحالف يمارس أقصى قدر من الرعاية والاحتياط اللازم، لتجنب كل أنواع الضرر المدني في اليمن، كما شدد على رغبة قيادة التحالف في مواصلة مشاوراتها وتعاونها مع الأمم المتحدة لتصحيح الصورة التي بالغ بها التقرير، بما يستند للوقائع والمعلومات على الأرض. وجدد التزام المملكة العربية السعودية والتحالف العربي بكل قواعد العمل الإنساني وأحكام القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، مشيرًا إلى اتخاذ الإجراءات والتدابير والخطوات المهمة لحفظ وضمان حماية الأطفال في اليمن. وكشف عن عزم فريق من الأمم المتحدة زيارة الرياض قريبًا، للتشاور وتعزيز التعاون بين الجانبين فيما يتعلق بقواعد التحقيق. واختتم حديثه مؤكدًا عزم المملكة العربية السعودية والائتلاف على مواصلة اتخاذ التدابير اللازمة لضمان حماية المدنيين خلال جميع العمليات العسكرية الدائرة، لإنهاء معاناة الشعب اليمني وتقليل التكلفة الإنسانية.
وعلى صعيد متصل، هاجم الدكتور أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات، الناشطة اليمنية توكل كرمان، عبر حسابه على "تويتر". وقال قرقاش: "من كولومبيا، هاجمت توكل كرمان التحالف العربي والسعودية والإمارات، دين الإخوان التلوّن، وكرمان خير معبّر عن هذه الانتهازية".
وأصدر التحالف العربي لاستعادة الشرعية، في اليمن، بيانًا ردًا على تقرير الأمم المتحدة، معبرًا عن رفضه التام لما احتواه التقرير من معلومات وبيانات غير صحيحة، وتحفظه بشدة على تلك المعلومات والبيانات، مشيرًا إلى أن ورودها من شأنه التأثير على مصداقية تقارير الأمم المتحدة. كما عبر التحالف عن رفضه الأساليب التي تم من خلالها تزويد مكاتب الأمم المتحدة بمعلومات مضللة وغير صحيحة، هدفها صرف الأنظار عن جرائم "الحوثيين" وأتباع المخلوع صالح. وشدد التحالف على حرصه على الالتزام بالمعايير والقوانين الدولية لحماية المدنيين وسلامتهم، واتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر لتفادي الإضرار بالمدنيين.
وأكد التحالف أن الآثار المؤسفة لهذا النزاع تعود إلى قيام "الحوثيين" وقوات صالح بارتكاب جرائم وأساليب لا أخلاقية وغير شرعية، يستخدمون فيها المدنيين، بمن فيهم الأطفال، دروعا بشرية، ويزجون فيها بالأطفال في ميليشياتهم، في انتهاك صارخ للمعايير الدولية وحقوق الإنسان، ودون اعتبار لحرمة النفس البشرية، وذلك لتحقيق أهدافهم وغاياتهم غير المشروعة. كما أكد التحالف أنه اتخذ إجراءات شاملة ومهمة لحماية المدنيين، وتقليل الأضرار الجانبية وفقًا لقواعد القانون الدولي الإنساني. وذكر البيان أن النزاع في اليمن ما كان لينشأ لولا التدخلات الإيرانية في اليمن، وما قام به "الحوثيون" وقوات صالح من انقلاب على الشرعية، وتهديد الدول المجاورة لليمن والمنطقة بأسرها تهديدًا مباشرًا وخطيرًا، إضافة إلى إطلاق "الحوثيين" العديد من الصواريخ البالستية في اتجاه المملكة العربية السعودية، بما يفوق 76 صاروخًا، وكذلك القذائف، وكلها بدعم من إيران و"حزب الله" اللبناني، ما أوقع العديد من الضحايا والمصابين من المدنيين.
وأشار التحالف إلى حرصه على حماية الشعب اليمني، بما يسهم في المحافظة على أمن واستقرار المنطقة. وطالب بتوضيح ما ورد في التقرير من مغالطات بشأن التحالف، كما طالب الأجهزة المعنية في الأمم المتحدة بالاستمرار في التعاون مع دول التحالف، لتعزيز الإجراءات الكفيلة بحماية وسلامة الأطفال، وتحميل ميليشيات "الحوثيين" وصالح مسؤولية الانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال في اليمن.