بغداد - صوت الإمارات
قٌتل ما لا يقل عن شخصين، وأصيب 112 آخرون، الاثنين، في العاصمة العراقية بغداد عندما أطلقت قوات الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع، وذلك في رابع يوم من الاحتجاجات المناهضة للحكومة، بحسب ما كشفت مصادر أمنية وطبية، في حين أفادت مفوضية حقوق الإنسان بمقتل 5 متظاهرين.
من جانبها، أكدت وزارة الدفاع أن "المنتسبين العسكريين الذين قاموا بالاعتداء على المتظاهرين بالضرب في حي البنوك ببغداد لا يمثلون أبطال الجيش العراقي الذين ضحوا بدمائهم فداء للوطن. وإذ تستنكر الوزارة هذا التصرف غير المقبول، تهيب بكافة منتسبيها قادة وآمرين وضباطًا ومراتب بالالتزام بحماية أبناء شعبنا عمومًا والمتظاهرين خصوصًا، والمنشآت الحيوية والممتلكات العامة والخاصة، وتؤكد أن واجبنا الأساسي هو الدفاع عن حياض الوطن من أي اعتداء خارجي".
وفي سياق متصل، صوّت البرلمان العراقي، الاثنين، على تشكيل لجنة لتعديل الدستور، كما صوت على إلغاء امتيازات الرئاسات الثلاث (الجمهورية والحكومة والبرلمان) .
وإلى جانب إلغاء جميع امتيازات ومخصصات الرئاسات الثلاث، أقر إلغاء امتيازات أعضاء مجلس النواب وكبار المسؤولين والمستشارين ووكلاء الوزراء والمديرين العامين والهيئات المستقلة والسلطة القضائية وهيئة النزاهة والمحكمة الاتحادية ومجلس القضاء الأعلى والمحافظين ومن هم بدرجتهم ابتداء من تاريخ اليوم.
وأتى تصويت النواب خلال جلسة خاصة لمناقشة مطالب المتظاهرين وقرارات مجلس الوزراء وتنفيذ حزم الإصلاحات، حضرها 222 نائبًا للوقوف على مطالب المتظاهرين وإمكانية تنفيذيها.
إلى ذلك، أفادت وكالة الأنباء العراقية بأن رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، أعلن في وقت سابق، أن جلسات البرلمان مستمرة لحين إجراء الإصلاحات، كما دعا إلى تكثيف الجهود لحماية المتظاهرين وتلبية متطلباتهم بشكل سريع دون انتظار.
يذكر أن مجلس النواب كان قد فشل في عقد جلسة لمناقشة مطالب المتظاهرين يوم السبت الماضي بسبب عدم اكتمال النصاب.
وكان 4 نواب عراقيين، أعلنوا الأحد، استقالتهم من البرلمان رفضًا لقمع الاحتجاجات الشعبية وفشل الحكومة في تلبية احتياجات المتظاهرين الذين خرجوا مطالبين بالخدمات والوظائف، ورافضين لأي هيمنة خارجية لاسيما إيرانية.
فبعد أن أعلن النائب مزاحم التميمي استقالته، السبت، تبعه الأحد كل من النواب هيفاء الأمين ورائد فهمي وطه الدفاعي وحسن العاقولي.
وتعليقًا على الاستقالة، قال النائب عن الحزب الشيوعي رائد فهمي للعربية.نت أن "استقالته جاءت اعتراضا على تعامل السلطات العراقية والقوى الأمنية مع حركة الاحتجاجات والانتفاضة الشبابية منذ بداية هذا الشهر وحتى الآن، لا سيما لجهة استخدام كل الأشكال العنيفة وبشكل متصاعد، ما أدى إلى سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى.
وأوضح أنها "ليست حلًا إنما هي شكل من أشكال الضغط على الحكومة من جهة، وللتأكيد للرأي العام أن التوازنات الحالية في البرلمان والحكومة تعرقل إحداث أو تقديم أي إصلاحات حقيقية لهذا الشعب المنتفض"، كما أضاف أن وسائل القمع والعنف التي مورست ضد المتظاهرين أثبتت عقمها أمام التظاهرات، إلا أن الحكومة والجهات الأمنية لاتزال مستمرة بقمع وقتل المتظاهرين.
إلى ذلك، استدرك قائلًا: "صحيح أن بعض المتظاهرين يلجأون إلى وسائل غير سلمية ويتعدون على الممتلكات العامة، لكن الطابع العام للاحتجاج سلمي".
وتابع: "غالبية المحتجين هم شباب لا يتسلحون سوى بصدورهم العارية، إلا أن الحكومة لم تقدم على أي خطوة سياسية ذات شأن تنهي من خلالها الاحتقان، بل لجأت الى إجراءات ضبابية منها وعود اقتصادية وإجراءات أخرى متأخرة لم تحظ بقبول الناس وقناعتهم"، معتبرًا أنها "وعود غير حقيقية وسبق أن أعطيت لهم في مرحلة ماضية".
ورأى أنه بعد كل هذه الدماء التي سالت "لا بد للحكومة أن تستقيل حتى يتم تشكيل أخرى جديدة تفتح الباب لتحولات خارج المحاصصة، ومع إصلاحات حقيقية"، كما أضاف أن تلك الاحتجاجات الكبيرة تؤشر إلى أن المشهد الاجتماعي تغير قياسا إلى عام 2018 وأنه بات لزاما على المسؤولين الإصغاء، وإجراء إصلاحات تؤدي إلى انتخابات جديدة ليهدأ الشارع الغاضب.
وختم متحدثا عن عجز بنيوي في البرلمان منعه حتى الآن من معالجة الأزمة، ما دفع النواب للاستقالة.
من احتجاجات بغداد الاثنين
وكانت وحدة الإعلام في قيادة عمليات بغداد قد أعلنت في بيان لها فرض حظر التجوال للأشخاص، وسير المركبات، والدراجات النارية والهوائية، والعربات بمختلف أنواعها، اعتبارًا من الساعة الثانية عشرة من مساء الاثنين ولغاية الساعة السادسة صباحًا وحتى إشعار آخر، وذلك لحماية المتظاهرين ومنع المندسين من استهدافهم.
وأضاف البيان أن القيادة تهيب بتعاون جميع المواطنين خدمة للصالح العام.
وأظهرت تسجيلات مصورة نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، قوات الأمن تطلق الغاز المسيل للدموع على طلاب في أحد أحياء بغداد مع انتشار الاحتجاجات إلى جيوب أخرى بالعاصمة. كما أظهرت تسجيلات أخرى مجموعة من الطالبات يركضن ويصرخن.
وانضم الطلاب في خمس محافظات أخرى، معظمها في الجنوب، للاحتجاجات، حيث خرج الطلاب في كل من كربلاء والبصرة رافعين أصواتهم ضد الفساد والحكومة العراقية، وصارخين "بالروح بالدم نفيدك يا عراق".
كذلك، تجمع الآلاف من جميع الكليات والمدارس في محافظة ميسان مقابل مبنى المحافظة.
وكانت قيادة عمليات بغداد، دعت في وقت سابق الاثنين، الهيئات التدريسية وأولياء الأمور لعدم زج الطلاب في ساحات التظاهر، وذلك بعد أن نزل آلاف الطلاب من جامعات ومدارس مختلفة إلى الشوارع للتظاهر لليوم الرابع على التوالي، حيث أفاد مراسل "العربية.نت" بأن قوات مكافحة الشغب في العاصمة طوقت جامعي دجلة والفراهيدي، مستخدمة القنابل الصوتية لتفرقة المحتجين.
وأفادت وكالة الأنباء العراقية بأن قيادة عمليات بغداد دعت إلى عدم زج الطلاب في ساحات التظاهر من أجل سلامتهم من الحوادث، وحتى لا يتم استغلال الطلاب من قبل المندسين الذين يحاولون الإساءة إلى التظاهر السلمي، وكذلك الإساءة إلى القوات الأمنية المكلفة بحماية المتظاهرين السلميين، بحسب تعبيرها.
نقابة المعلمين تتضامن
من جهتها، أعلنت نقابة المعلمين العراقية الإضراب العام لـ 4 أيام في مختلف المناطق، باستثناء إقليم كردستان، تضامنا مع مطالب المحتجين.
وبالتزامن، أعلن محافظ كربلاء، الاثنين، إعادة فرض حظر التجوال في المحافظة ابتداء من مساء اليوم وحتى صباح الثلاثاء.
وكان حظر التجوال، رفع فجر الاثنين، في معظم المحافظات العراقية التي كانت السلطات أعلنت سابقًا فرضه إثر الاحتجاجات التي خرجت، وتخللتها أعمال عنف وإطلاق نار من قبل الأمن، أدى إلى مقتل عشرات المتظاهرين. وأعلن محافظ الديوانية رفع حظر التجوال بدءًا من الساعة السادسة من صباح الاثنين، كما أعلنت قيادة شرطة ذي قار رفع حظر التجوال أيضًا في المحافظة، ورفع حظر التجوال في محافظة البصرة بدءًا من فجر اليوم.
قوة مفرطة
وكانت المفوضية العليا لحقوق الإنسان دعت في وقت سابق الحكومة العراقية إلى تنفيذ مطالب المحتجين وتزويدها بالإحصائيات الرسمية التي ستصدرها حول توثيقها للتظاهرات، بعد رصدها الانتهاكات التي رافقت الاحتجاجات في المحافظات العراقية، والتي أشارت إلى أن القوات الأمنية استخدمت قوة مفرطة في تفريق المتظاهرين.
وأوضحت في بيان مفصل عددًا من الانتهاكات، مشيرة إلى أنه تم استخدام الغازات المسيلة للدموع والمياه الساخنة والقنابل الصوتية والهراوات لتفريق المتظاهرين أثناء المصادمات التي حصلت بين القوات الأمنية في بغداد وعدد من المحافظات أثناء دخول المنطقة الخضراء وأبنية المحافظات.
كما أشارت إلى قيام القوات الأمنية بحملة اعتقالات في محافظات "البصرة، وذي قار، وبابل"، حيث بلغ عدد المعتقلين (158)، أطلق سراح (123) منهم وبقي (35) معتقلا، مضيفة أن سبب الاعتقال أتى على خلفية فض الاعتصامات في محافظة " البصرة وذي قار وبابل.
إلى ذلك، أكدت امتناع وزارة الصحة والمستشفيات ودوائر الصحة في بغداد وعدد من المحافظات عن تزويدها بالإحصاءات الرسمية لعدد الإصابات والقتلى، في مخالفة لقانون المفوضية بالرقم (53) لسنة (2008) المعدل.
يذكر أن 74 عراقيًا على الأقل قتلوا، وأصيب المئات منذ يوم الجمعة، بحسب ما أكدت المفوضية، مشيرة إلى أن معظم الإصابات كانت بطلق ناري نتيجة الصدامات بين المحتجين وعناصر حماية المقرات الحزبية.
قد يهمك أيضًا :
كربلاء العراقية تعيش ليلة دامية والشرطة تنفي استعمال العنف لقتل 18 شخصًا