باريس ـ مارينا منصف محمد خالد
توّج المنتخب البرتغالي بلقب النسخة الـ 15 لكأس أمم أوروبا لكرة القدم 2016 بعد تفوقه في المباراة النهائية التي جمعته مع نظيره الفرنسي بهدف واحد دون رد في ملعب فرنسا الدولي في العاصمة الفرنسية باريس.
وشهد الملعب حفل اختتام البطولة الذي تخللته لوحات فنية متنوعة، مع تقديم الكأس الذي سيتوّج به الفريق الفائز، من عميد المنتخب الإسباني المتوج بلقب نسخة 2012، تشافي هيرنانديز ، في ظل حضور جماهيري كبير، حيث امتلأت المدرجات بمشجعي المنتخبين الحاملين لأعلامهما .
وشهدت بداية المباراة شهدت توترا كبيرًا من جانب المنتخب البرتغالي الذي ارتكب لاعبوه أخطاء كثيرة منحت أفضلية لأصحاب الأرض، في وقت بدا فيه المنتخب الفرنسي مركزا في المواجهة منذ انطلاقتها، وكاد اللاعب ناني أن يمنح البرتغال هدف السبق، لو أحسن استغلال تمريرة طويلة من زميله سيدريك، إلا أن تسديدته ذهبت بعيدا فوق المرمى في الدقيقة 4، في حين واصل المنتخب الفرنسي ضغطه الكبير على مرمى المنتخب البرتغالي وسط شرود لاعبي هذا الأخير، من خلال اختراق سريع لموسى سيسوكو في الدقيقة 6 قبل أن تصل الكرة إلى غريزمان الذي سدد جانبا، وفي الدقيقة 9 جاءت أول محاولة خطيرة للمنتخب الفرنسي، من خلال تمريرة طويلة من باييت لزميله غريزمان الذي سدد كرة رأسية مميزة، أنقذها الحارس لوي باتريسيو ببراعة.
واهتزت قلوب المشجعين البرتغاليين بعد تلقي رونالدو لإصابة متوسّطة عقب احتكاكه مع لاعب فرنسا باييت، حيث سقط أرضا وهو يذرف الدموع في الدقيقة 15، لكنه رفض الخروج وطلب تضميد إصابته وعاد إلى أرضية الميدان، وحدث ما لم يكن يتمناه أي مشجع برتغالي، بعد أن اضطر رونالدو إلى الخروج من الملعب محمولا بسبب الإصابة وهو يذرف الدموع تحت تصفيقات كل الحاضرين في ملعب فرنسا، في الدقيقة 24، حيث تم تغييره باللاعب كواريزما، واستغل المنتخب الفرنسي المعنويات المهزوزة للاعبي البرتغال بعد خروج رونالدو وحاولوا الضغط من أجل خطف هدف أول، لكن دون أن تتاح لهم فرص حقيقية، هذا وأتيحت ثاني أخطر فرصة للمنتخب الفرنسي عن طريق اللاعب موسى سيسوكو الذي تخطى مدافع البرتغال سيدريك بحركة فنية مميزة في الدقيقة 33، قبل أن يسدد في يد الحارس لوي باتريسيو، وشهدت نفس الدقيقة أول بطاقة صفراء في المباراة، تلقاها مدافع المنتخب البرتغالي سيدريك بعد تدخل عنيف في حق اللاعب باييت، ومن هجمة مضادة سريعة قادها الشاب ريناتو سانشيز وأكملها ناني تحصل منها المنتخب البرتغالي على أول زاوية في الدقيقة 37 لم تقدم أي جديد، وبدأ المنتخب البرتغالي يخرج تدريجيا من نصف ملعبه، ونظّم هجمات سريعة أقلقت الدفاع الفرنسي، قبل أن ينتهي الشوط الأول متعادلا بدون أهداف.
وانطلق الشوط الثاني بإيقاع هادئ من المنتخبين الذين حاولا فرض السيطرة على الملعب، لكن دون محاولات خطيرة في الخمس دقائق الأولى، قبل ان يتحصل المنتخب الفرنسي على ركنية في الدقيقة 51، قطعها الحارس البرتغالي لوي باتريسيو، وشهدت الدقيقة 55 هجمة سريعة للبرتغال قادها لاعب الوسط جواو ماريو الذي مرر تمرية عرضية قوية قطعها مدافع منتخب "الديكة" أومتيتي في آخر لحظة، وأمام عجز المنتخب الفرنسي عن تشكيل الخطوة على الدفاع البرتغالي، لعب ديدي ديشان ورقة كومان، الذي دخل مكان ديميتري باييت في الدقيقة 58، على أمل منح حيوية أكبر للخط الأمامي الذي بدا خلال الدقائق السابقة غير خطير، وكان المنتخب الفرنسي قريبا جدا من افتتاح التسجيل في الدقيقة 65 من ضربة رأسية مميزة لغريزمان بعد تمريرة عرضية متقنة من البديل كومان، لكن كرة هداف اليورو علت العارضة بقليل.
ولجأ مدرب المنتخب البرتغالي إلى إجراء تبديل ثان بإدخال جواو موتينيو في الدقيقة 66، مكان أدريان سيلفا بهدف منح دفعة جديدة لوسط الميدان البرتغالي الذي بدا متجاوزا وغير قادر على تحمل ضغط الفرنسيين، ومع مرور الدقائق حاول المنتخب الفرنسي رفع الإيقاع والضغط على مرمى المنتخب البرتغالي بحثا عن هدف التقدم في وقت كان فيه البرتغاليون يكتفون بتهدئة اللعب، لكن أوليفي جيرو كان قريبا من أن ينهي حالة "البياض" من خلال هجمة سريعة في الدقيقة 75، إلا أن تسديدته وجدت الحارس المتألق لوي باتريسيو بالمرصاد، وفي الدقيقة 78 أجرى مدربا المنتخبين تبديلين، حيث أدخل ديشان، المهاجم جينياك مكان جيرو، بينما عوض إيدير لاعب الوسط ريناتو سانشيز في الجانب البرتغالي الذي أنهى بهذا التغيير، تبديلاته الثلاث، وكان المنتخب البرتغالي قريبا من مفاجأة أصحاب الأرض في الدقيقة 79، من خلال تسديدة لناني ردها الحارس لوريس، قبل أن يعيدها كوريزما بضربة مقص وجدت الحارس الفرنسي في المكان المناسب، وعاد حارس مرمى البرتغال، لوي باتريسيو للعب دور البطولة في الدقيقة 82 من خلال تصديه لتسديدة قوية للاعب موسى سيسوكو، كما أنقذ القائم الأيمن منتخب البرتغال من هدف قاتل في الوقت بذل الضائع من هجمة خطيرة قادها المهاجم جينياك، حيث أسقط بيبي والحارس وسدد الكرة لكنها أبت الدخول، لينتهي الوقت الأصلي بالتعادل بدون أهداف، ويتحول المنتخبان إلى الأشواط الإضافية، وقبل انطلاق الشوط الإضافي الأول، شوهد رونالدو وهو يقدم الدعم لزملائه، ويحفزهم على مواصلة الصمود بحثا عن اللقب الأوروبي، حيث بدا نجم ريال مدريد متأثرا بالإصابة، ومنزعجا من الخروج المبكر من النهائي.
وبدا جليا مع بداية الوقت الإضافي أن المنتخب البرتغالي سيحاول جر منافسه لضربات الترجيح، من خلال تحصين دفاعه واعتماد الهجمات المرتدة وتدوير الكرة لاستهلاك الوقت، وكاد المنتخب البرتغالي أن يفتتح حصة التسجيل في الدقيقة الثانية من الشوط الإضافي الأول من ضربة رأسية لبيبي، قبل أن يتضح أن مدافع ريال مدريد كان في حالة شرود، ومع تقدم الدقائق وظهور العياء على اللاعبين كثرت التدخلات القوية من الجانبين، ما أدى إلى تلقي كل من الفرنسي ماتويدي والبرتغالي كارفاليو للبطاقة الصفراء، وأرعب المنتخب البرتغالي المشجعين الفرنسيين بضربة رأسية محكمة في الدقيقة 104 من طرف اللاعب إيدير تصدى لها لوريس بنجاح، ليحرم البرتغاليين من هدف محقق، ووجه المنتخب البرتغالي انذارا شديد اللهجة للمنتخب الفرنسي من ضربة خطأ سددها اللاعب غيريرو في الدقيقة 108، لكنها ارتطمت بالعارضة، قبل أن يفاجئ أشبال المدرب سانتوس الجميع بافتتاح حصة التسجيل عن طريق اللاعب إيدير في الدقيقة 109 من تسديدة قوية لم تترك أي حظ للحارس الفرنسي، واندفع المنتخب الفرنسي من أجل إدراك التعادل وترك وراءه مساحات كبيرة كاد المنتخب البرتغالي أن يستغلها لتعزيز التقدم في أكثر من مناسبة، لتنتهي المباراة بتتويج تاريخي للبرتغال، وسط فرحة هيستيرية للاعبي برازيل أوروبا في مقدمتهم كريستيانو رونالدو.