هيئة الطرق والمواصلات

انتبه أيها السائق.. لن يمكنك النوم أمام مقود المركبة بعد اليوم، تعابير وجهك وانفعالاتك مرصودة، فهي خاضعة للتحليل الذي سيكشف عن شرود ذهنك أو غلق عينيك، سيصلك نداء خلال ثوانٍ، ليوقظ ضميرك قبل جسدك، ويمنعك من اقتراف جريمة بحق أبرياء، ربما كانوا سيقضون نتيجة انحرافك عن المسار أو اقتحامك للمركبة التي أمامك.
النداء سيوجهه المراقب في مركز التحكم، التابع لمؤسسة المواصلات العامة في هيئة الطرق والمواصلات في دبي، إلى السائقين العاملين في نقل الركاب في الحافلات العامة ومركبات الأجرة، الذي سيتدخل عند اللزوم لمنع السائق من ارتكاب أخطاء في القيادة، بعضها ممكن أن يكون مميتًا، سيناديهم لأنه يراهم، ليس فقط عبر كاميرا تنقل ما يحصل في مقصورة القيادة، بل أيضًا عبر نظام يقرأ أفعال السائق، من خلال تحليل انفعالات وجهه وإيماءاته.
ويعتبر الانشغال عن الطريق أمرًا لا يقل أهمية عن الاجهاد والتعب الذي بدوره يسلب السائق وعيه، ويحوله إلى مصدر خطر في الشارع، ومن الأمثلة التي تذكر عن أبشع وأسوأ الحوادث التي وقعت، خلال السنوات الماضية، نتيجة فقدان السائق تركيزه وسيطرته على المركبة، وفقًا لتقارير الجهات المختصة، كان في عام 2013 في مدينة العين، إذ أودى بحياة 20 عاملًا إثر اصطدام "باص" كان يقلّهم بشاحنة رجحت التقارير أن سائقها كان نائمًا.
أحد العملاء المستخدمين لمركبات الأجرة بشكل منتظم نتيجة ظروف صحية تمنعه من القيادة، أكد لـ"الإمارات اليوم" أنه يعيش تجربة صعبة أثناء استخدام التاكسي تتكرر مرة كل شهر على الأقل، وذلك نتيجة عدم تركيز السائق ومغالبته للنعاس، الأمر الذي قد يكون بمثابة مؤشر إلى وجود نسبة ليست ضئيلة من السائقين في النقل العام ممن يحتاجون فعلًا إلى وجود نظام متطور يرصد أداءهم بشكل فوري.
عن أهمية النظام وأهدافه ومراحل تطبيقه تحدث المدير التنفيذي لمؤسسة المواصلات العامة في هيئة الطرق والمواصلات في دبي، عبدالله يوسف آل علي، الذي كشف عن أن المرحلة التجريبية التي استغرقت أربعة أشهر بين يناير وأبريل من العام الجاري، رصدت ما يقارب 20 ألف حالة انحراف عن المسار قامت بها 50 حافلة مواصلات عامة استخدمت كعيّنة للتجربة بغرض فحص جدوى تطبيق النظام.
وقال آل علي إن نظام تحليل وجه السائق يقع ضمن آلية رقابية حديثة استخدمتها مؤسسة المواصلات العامة لرصد ومتابعة الحالة السلوكية والصحية لسائقي الحافلات العامة ومركبات الأجرة، لافتًا إلى أن المؤسسة ستعمل على تطبيق النظام على مراحل تنجز مع نهاية العام الجاري، فيما تغطي المرحلة الاولى منه نحو 100 حافلة.
والنظام المعروف باسم "Fatigue System" يبث تفاصيل عن أداء وسلوك السائق عبر نقلٍ حي ومباشر إلى مركز التحكم التابع للمؤسسة، ما يسمح للمراقب في المركز بالتدخل وإعطاء تنبيهات للسائق لتصحيح أي خطأ.
ووفقًا لمعلومات النظام، سيبعث المراقب تحذيرًا فوريًا بمجرد رصد أي وضع يشكل خطورة أثناء القيادة، مثل حالات الإرهاق أو عدم التركيز نتيجة الوقوع في النوم، على سبيل المثال، وكذلك الانشغال بغير الطريق سواء باستخدام الهاتف أو بأي أمر آخر، وسيعمل أيضًا على رصد حالات التصادم المحتمل والانحراف عن المسار بما يسمح بالتدخل الفوري من قبل المراقب، وفق آل علي الذي أشار إلى أن النظام سيتمكن أيضًا من رصد السلوكيات السلبية في قيادة السائق، مثل استخدام المكابح بتهور، والالتفاف المفاجئ، والتجاوز الخاطئ، كما أنه سيعمل على مراقبة الكفاءة التشغيلية للحافلات أثناء سيرها على الطريق.
وتظهر البيانات الإحصائية المتعلقة بتصنيف حوادث الحافلات العامة لشهر أبريل الماضي، التي اطلعت "الإمارات اليوم" على نسخة منها، أن عدد الحوادث المتسببة فيها حافلات المواصلات العامة وصل إلى 124 حادثًا، مقابل 34 حادثًا كانت فيها الطرف المتضرر. وتبيّن الإحصائية أن حافلات المواصلات العامة التي تسيّرها الهيئة لنقل الركاب بين المدن تسببت في الفترة نفسها بنحو 37 حادثًا، فيما كانت الطرف المتضرر في ثلاثة حوادث فقط.
وعرض آل علي نتائج المرحلة التجريبية من تطبيق النظام: وقوع 20 ألف حالة انحراف عن المسار نتجت عن أسباب مختلفة، إلا أن النسبة تدنت مسجلة نسبة تحسن بلغت 40% نتيجة التوعية والنصائح التي وجهت إلى السائقين، فيما وصل عدد حالات الإرهاق إلى 983 حالة تضاءلت أيضًا بفعل التوعية تدريجيًا لتصبح مع نهاية الفترة التجريبية 85 حالة، بينما تم رصد 658 حالة انشغال بالهاتف، والتي انخفضت إلى 112 حالة.