برلين ـ جورج كرم
شهدت ألمانيا عاصفة سياسية، إثر تصريح سياسي بارز في حزب البديل لأجل ألمانيا المعارض للاتحاد الأوروبي والمناهض لعمليات إنقاذ اليورو، والذي انتقد فيه بشدة إحياء ذكرى محرقة اليهود "هولوكوست".
ونشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالًا للكاتبة الصحافية، آماندا توب، والصحافي الأميركي، ماكس فيشر، والذي يسلطان فيه الضوء على تصريحات بورن هوكه رئيس الحزب المعارض في ولاية تورينغن الألمانية، خلال فعالية لشباب الحزب في مدينة دريسدن شرق البلاد، والتي أكد خلالها أن "التاريخ الألماني يتم جعله سيئًا ومضحكًا، وذلك بدلًا من تعريف الجيل الجديد بصناع الرخاء العظماء من الألمان والفلاسفة والموسيقيين المعروفين على مستوى العالم والمكتشفين والمخترعين العباقرة الذين نمتلك منهم كثيرًا- ربما أكثر من أي شعب آخر- وبدلًا من تعريف تلاميذنا في المدارس بهذا التاريخ".
ويستهل الكاتبان المقال بالقول إن الكلمة التي ألقاها هوكه، يوم الثلاثاء الماضي، كشفت عن نذير وطني من خلال تحدي شعور الألمان بالذنب وبالحاجة إلى التعويض بسبب الهولوكوست وجرائم النازي، فقد لاقت تصريحاته انتقادات شديدة لأن هوكه، وهو نجم الحزب الصاعد، وجد نجاحًا كبيرًا لرسائله "القومية المتطرفة"، ويزعم المقال أن مؤيدي هوكه خلال الخطاب تحدوا بصراحة شعور الذنب الوطني من الحرب، وهو الأمر الذي كان بمثابة قيدًا على السياسة الألمانية طيلة ثلاثة أجيال عقب الحرب، مشيرًا إلى أن هوكه استخدم في بعض الأحيان "لغة الرثاء" على هزيمة ألمانيا النازية.
وأوضح هوكه في خطابه أن الشعب الألماني يتعامل بعقلية "الشعب المهزوم"، قائلًا: "إننا الألمان، أي شعبنا، نعد الشعب الوحيد في العالم الذي زرع نصبًا تذكاريًا للعار في قلب عاصمته"، في إشارة إلى النصب التذكاري لذكرى المحرقة الشهيرة ضد اليهود في منطقة بوابة براندنبورغ، في العاصمة الألمانية برلين، والذي يُعد من المناطق التي يتم زيارتها بشكل مستمر كأثرٍ سياحي للذكرى الأليمة للمحرقة اليهودية.
ويؤكد المقال أن تصريحات هوكه عكست الأيديولوجية اليمينية المتطرفة لحزب البديل لأجل ألمانيا، لافتًا إلى أن خطابه واحتفاءً الحشد به يعطي لمحة عن مدى تهديد الحزب الجديد نسبيًا للحياة السياسية الألمانية، واعتبر المقال أن هوكه على الهامش، إلا أن ذلك الهامش يكتسب شعبية واسعة بشكل مضطرد ولديه رغبة في تحدى القيود المعتادة، وانتقد الحزب الاشتراكي الديمقراطي الشريك في الائتلاف الحاكم في ألمانيا وكذلك حزب الخضر الألماني هوكه بشدة بسبب هذه التصريحات، ووصف نائب رئيس الحزب الاشتراكي رالف شتغنر، تصريحات هوكه، بأنها "خطاب تحريض"، فيما رأت زعيمة حزب الخضر زيمونه بيتر، الخطاب بأنه "لا يوصف.
ويتعين على حزب البديل النأي بنفسه عن هذا الخطاب على نحو لا لبس فيه والاعتذار لصديقاتنا وأصدقائنا اليهود، كما ندد المجلس المركزي لليهود في ألمانيا برئاسة جوزيف شوستر، بتصريحات هوكه، معتبرًا إياهًا " غير مقبولة ومسيئة ولا يمكن قبولها إطلاقًا"، فيما قال شوستر إن "هوكه دهس بقدميه ذكرى 6 ملايين يهودي قُتلوا خلال العهد النازي في المحرقة المعروفة والجريمة التي لحقت باليهود كانت أكثر بشاعة، وضد الإنسانية، ولم تتكرر في التاريخ، وهو أمر يدلل على معاداة رئيس الحزب للسامية الإنسانية، ويكشف عن وجهه القبيح الحقيقي المُعادي".