واشنطن -عادل سلامة
أكد وزير الخارجية الأميركي المعين، مايك بومبيو، الخميس، أنه يريد "تحسين" الاتفاق النووي الإيراني، من دون أن يتحدث بوضوح عن انسحاب واشنطن منه كما يهدد الرئيس دونالد ترامب، في الوقت ذاته، تجري الدول الأوروبية مشاورات في ما بينها تُخيم عليها خلافات في شأن فرض عقوبات إضافية ضد طهران، على خلفية مواصلتها برنامج تطوير الصواريخ الباليستية وتدخلاتها في أزمات المنطقة، وبما يقنع ترامب بعدم الانسحاب من الاتفاق النووي. بموازاة ذلك، أعلن الاتحاد الأوروبي التمديد عام إضافي للعقوبات المفروضة على إيران في شأن انتهاكات حقوق الإنسان، مشيرًا إلى أن الوضع لم يشهد أي تحسن مثلما دلَّ عليه سلوك قوات الأمن الإيرانية إزاء المتظاهرين مطلع العام.
وأكد بومبيو في جلسة استماع أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ التي ستثبت تعيينه في منصبه خلفًا لريكس تيلرسون الذي أُقيل الشهر الماضي "أريد تحسين الاتفاق. هذا هو هدف" الرئيس الأميركي. وكان بومبيو انتقد هذا الاتفاق الذي اعتبره متساهلًا مع إيران، لكنه رفض أمام أعضاء مجلس الشيوخ الإفصاح إن كان سيدعو إلى انسحاب أميركي منه في حال فشل المفاوضات مع الأوروبيين، وقال "لا يمكننا الرد بنعم أو لا. لم نصل بعد إلى هنا". وأضاف "إذا تبيّن أن لا مجال لتحسينه، سأوصي الرئيس ببذل المستطاع مع حلفائنا للتوصل إلى أفضل نتيجة وأفضل اتفاق. حتى بعد 12 أيار/ مايو، هناك كثير من الجهود الديبلوماسية التي يجب أن تبذل".
وفي بروكسل، يخوض الاتحاد الأوروبي نقاشات داخلية في شأن وسائل ردع سلوك إيران في مجال تطوير الصواريخ الباليستية وتدخلاتها في أزمات المنطقة، خصوصًا في اليمن وسورية ولبنان، وذلك في مسعى إلى حماية الاتفاق النووي الذي وافقت طهران بمقتضاه على الحد من طموحاتها النووية لمدة لا تقل عن عشرة أعوام. لكن أعضاء الاتحاد مختلفون حول كيفية تحقيق ذلك. وتمهد النقاشات الأوروبية إلى المحادثات التي سيجريها وزراء خارجية دول الاتحاد الإثنين المقبل في لوكسمبورغ حول اقتراح العقوبات وأزمة الاتفاق النووي الذي ثمة إجماع أوروبي على التمسك به.
ولم تتوصل المحادثات التمهيدية إلى إجماع على الإجراءات العقابية، بل اعترض كلٌ من إيطاليا وإسبانيا والنمسا، على اقتراحات قدمتها فرنسا وبريطانيا وألمانيا من أجل فرض العقوبات لتقييد برنامج الصواريخ الإيراني. والعقوبات المعنية في اقتراحات الدول الثلاث تهدف إلى تعزيز الموقف الغربي إزاء تطوير إيران صواريخ باليستية تراها دول المنطقة تهديدًا مباشرًا للاستقرار الإقليمي.
على صلة، أجمع أعضاء لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي، الخميس، على وجوب تمسك الدول الأوروبية بالاتفاق النووي المبرم بين مجموعة "5 زائد واحد" وإيران، رغم تهديد ترامب بالانسحاب منه في 12 أيار المقبل. وأوضح عضو لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي، آرني ليتز، أن "الاتحاد الأوروبي ملتزم تنفيذ الاتفاق لأنه اتفاق دولي حظي بمصادقة الدول الأعضاء في مجلس الأمن، بينها الصين وروسيا". ورأى أن التزام الاتفاق النووي المبرم مع إيران "يشكِّلُ حافزًا إيجابيًا بالنسبة إلى المحادثات المزمعة حول برنامج كوريا الشمالية النووي".
وتعتبر الممثلة السامية في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، الاتفاق النووي "مصلحة إستراتيجية بالنسبة إلى أمن الاتحاد الأوروبي". ونصح الباحث في معهد "كارنيجي" في الاجتماع مع النواب الأوروبيين دول الاتحاد بـ "الدفاع بحزم عن الاتفاق" أمام محاولات ترامب تفكيكه و"التزام حماية مصالح المؤسسات الأوروبية" إذا تعرضت للعقوبات الثانوية التي قد تفرضها الإدارة الأميركية على المؤسسات غير الأميركية التي تتعاون مع إيران.
واقترح الباحث على الأوروبيين "السعي إلى تشكيل جبهة واسعة تضم الاتحاد الأوروبي والصين وروسيا، رغم الظروف الصعبة التي تجتازها العلاقات بين عواصم الاتحاد وموسكو". وذكر بأن القوى الاقتصادية في آسيا مهتمة بالسوق الإيرانية، ويمكن "ضم كل من اليابان وكوريا الجنوبية والهند إلى جبهة الدفاع عن الاتفاق النووي".