الشارقة - رامي الخطيب
افتتح الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، صباح السبت، بحضور الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي، ولي عهد ونائب حاكم الشارقة، رئيس المجلس التنفيذي لإمارة الشارقة، المرحلة الأولى من طريق خورفكان، والبالغ طوله 89 كيلو مترًا، بتكلفة إجمالية بلغت 5 مليارات و500 مليون درهم.
ويعد طريق خورفكان من أضخم المشاريع الحيوية والتنموية التي تبنتها إمارة الشارقة، وسيخدم شريحة كبيرة من أفراد المجتمع، وسيربط مدينة خورفكان بمدينة الشارقة بصورة مباشرة، ما ينعكس بصورة إيجابية على سهولة التنقل والنمو الاقتصادي، بالإضافة إلى إسهامه بقفزة عالية في تطوير المناطق المجاورة الواقعة على امتداد هذا الطريق.
وأكد حاكم الشارقة، أن المواطن وأمنه وسلامته في مقدمة أولوياته، فمن أجله سخرت الإمارة إمكانياتها كافة في إنشاء الطرق وإقامة المشاريع الحيوية، ومنها طريق خورفكان الجديد، حيث كان أهالي شيص في حاجة ملحة لطريق يخدمهم، ورغم التكلفة الكبيرة للمشروع وصعوبة العمل فيه لكونه في منطقة جبلية شاهقة ووعرة، لكن وضعنا هدفًا أساسيًا هو خدمة المواطن والمقيم.
وبارك لأهالي المنطقة وزوارها والسياح من إمارة الشارقة وخارجها، افتتاح المرحلة الأولى من طريق خورفكان، وتحدث عن بدايات التأسيس لمرحلة إنشاء هذا الطريق، قائلًا" منذ ما يقارب من 14 سنة، كنتُ هنا في شيص، وكانت المعاناة كبيرة لأهل شيص، لأنهم كانوا ينقلون مرضاهم، ولا يستطيعون الوصول إلى المدن أو المستشفيات، إلى جانب عدم توافر الخدمات، وكنت أصلُ إلى هذا المكان دائماً، حيث كانت لي زيارة مرةً في كل سنة، وكان والي منطقة شيص خميس النقبي , معنا دائمًا، وكانت القرية على الجبل، وكنا نتسلق الأحجار الكبيرة المهتزة، فقلت لخميس النقبي: سوف نبني سلالم هنا حتى يسهل عليكم وعلينا الوصول إلى القرية في قمة الجبل، فرحب بالفكرة وقال: لعله خير».
وتابع سموه: المرة المقبلة لن آتيك من الطريق المعروف، بل سآتيك من هذا الجبل، فقال والي شيص: يا شيخ سلطان، لم يمرّ أحدٌ من هنا من قبل، وما وطئت أقدام البشرٌ هذا الجبل من قبل. فقلت: بإذن الله وبقدرته سوف ننجح، ولو شققنا الطرق في الجبال التي تفصل شيص عن بقية المناطق، سنكون قد وصلنا إلى خورفكان، فأجابه والي شيص: ستكون تكلفة عالية، فقلت: مهما كانت التكلفة، والله لو وضعنا كل ميزانية الشارقة».
وتحدث عن الصعوبات التي واجهت فكرة طريق خورفكان الجديد، والتي صاحبها تردد من شركات البناء لتنفيذ المشروع نسبةً لوعورة المنطقة وصعوبة إنشاء أنفاق في وسط الجبال، فكانت إرادة وتحديه الدافع الأكبر لإقامة هذا المشروع، وقال "منذ عامين، ونحن نتردد على هذا المكان، سواء كان من ناحية خورفكان أو من ناحية شيص، والمهندسون يترددون في الإقدام على البدء، ويقولون: هذا المشروع مستحيل، كل شيء ممكن إلا هذا الجبل، فقلت لهم: هذا الجبل أعرفه جيداً، يتحداني من الأرض، ويتحداني من السماء. فخلال زياراتي السابقة مرات عدة، كنت آتي بطائرة مروحية تابعة لوزارة الداخلية، حتى إذا وصلنا إلى هذا الجبل، كان يمنعني من العبور، فتأتي رياحٌ قوية تدفع الطائرة إلى الأعلى، هذا الجبل بيني وبينه تحدٍ».
وأضاف سموه: بعد دراسة لمدة عامين كاملين، جال فيها المهندسون المكان من كل الجهات، من الأرض ومن الجو، استقر الرأي على أن نبدأ في المشروع، وكانت التكلفة عالية، وتوكلنا على الله في ذلك وبدأنا».
وأشار أن طريق خورفكان الجديد وأهميته رغم الصعوبات التي واجهت العاملين والمهندسين في المشروع من حفر وبناء الأنفاق في الجبال الشاهقة، حيث تم بناء أطول نفق جبلي في منطقة الشرق الأوسط والبالغ 2700 متر، لكن في المقابل سيقدم خدمات جليلة لأهالي شيص والمناطق التي حولها ومدينة خورفكان.
وثمن جهود العاملين والشركات القائمة على هذا المشروع الذي يعد باكورة تعاون بين مؤسسات الإمارة والشركات العاملة في المشروع، قائلًا" هذا الطريق الذي بدأناه ليس بهمتنا نحن فقط، أود أن أقول للناس، من يسمعني أو يشاهدني أو هو حاضرٌ هنا الآن، تطورنا وتقدمنا ليس عن طريقنا فقط، بل شاركونا فيها أناسٌ يخدمون ويعملون على المواقع وسط الجبال، بالله عليكم.. من يعمل في هذه الجبال؟ من يعمل في هذه الأنفاق؟ هؤلاء أشخاص سخرهم لنا الله سبحانه وتعالى، يقدمون لنا هذه الخدمات. صحيح هم يعملون للقمة العيش، ولكن نقول لهم: وما جزاء الإحسان إلا الإحسان».
وأعلن مكرمة جديدة للعاملين في حكومة الشارقة من غير المواطنين، حيث أمر بزيادة 10% على مرتباتهم، على أن تبدأ بأثر رجعي من الأول من يناير 2018م.
وكشف عدد من المشاريع التطويرية والحيوية التي تخدم أهالي خورفكان، والتي من المتوقع أن يتم الانتهاء منها مع نهاية السنة، وتتضمن مشاريع الواجهة البحرية، وتطوير كورنيش خورفكان، وشاطئ اللؤلؤية، والزبارة.
وأشار أن الإمارة سخرت الإمكانيات كافة لخدمة المواطنين وإسعادهم، حيث أمر بتكفل حكومة الشارقة بدفع قيمة الإيجار السنوي للمواطنين القاطنين في منازل أو شقق إيجار في منطقة خورفكان، والبالغ عددهم 300، من المستحقين لمنح من حكومة الشارقة، وذلك حتى تسلم منازلهم من الحكومة.
وبين أن الإحصائيات التي وصلته عن أهالي خورفكان تشير إلى أن عدد السكان القاطنين على أرض خورفكان يبلغ 21 ألفاً و500 فرد، وعدد الأسر 3 آلاف و300 شخص، ونسبة الذكور والإناث متساوية 50%، ويبلغ عدد المتعلمين من أهالي خور فكان 1158 خريجاً، حاملين لشهادات الدبلوم والبكالوريوس والماجستير والدكتوراه.
وتطرق إلى رغبته وأمله في حل المشاكل التي تشغل بال أهالي خورفكان، واعدًا بالعمل على حلها ومنها عزوف الشباب والبنات عن الزواج، والتهرب من الدراسة، والصعوبات التي يواجها الأهالي في تربية الأطفال المرضى أو المعاقين، مقدرًا جهودهم الكبيرة في الإسهام في دمجهم في المجتمع، بالإضافة إلى فئات المجتمع من الأيتام التي تحتاج إلى رعاية وعناية خاصة.
وكشف إقامة احتفال كل عام بيوم يسمى "عيد خورفكان" بمناسبة افتتاح هذا الطريق، وافتتاح مؤسسات ومرافق عامة، وهناك مفاجآت لأهل خورفكان سيتم الإعلان عنها نهاية العام بإذن الله.
واستهل حاكم الشارقة جولته بتدشين المرحلة الأولى من المشروع، وكانت البداية في منطقة الطي، حيث كان في استقباله المهندسون والمسؤولون عن المشروع، حيث أزاح سموه الستار إيذانًا بالافتتاح.
ويمتد القسم الأول من طريق خورفكان الجديد لمسافة 65 كيلو متراً، يتخلله مساران مزدوجان وعدد 6 تقاطعات و8 ممرات سفلية، ما يسهل حركة المرور والدوران والعودة بسهولة، ويساهم في ربط المناطق الواقعة على الطريق كافة مع بعضها بعضاً، ويسهل التواصل الاجتماعي والتجاري بينها.
ويتمتع الطريق بكامل التجهيزات اللازمة من الإنارة والإضاءة الأرضية للشارع، وتم رفع مستوى الأمان للطريق من خلال الحواجز المعدنية الوسطية التي تحد من الكثبان الرملية، إلى جانب سياج محكم وفق أعلى درجات السلامة على جانبي الطريق لمنع دخول الجمال السائبة والحيوانات، بالإضافة إلى تشجير جانبي الطريق مما يقلل من نسبة عبور الرمال المتحركة من الصحراء المحيطة إلى الطريق.
لينطلق بعدها موكب حاكم الشارقة على طريق خورفكان الجديد، وتوقف في ميدان وشاح بمدينة الذيد، حيث استُقبل لدى وصوله بفرحة غامرة من الأهالي الذين أعربوا عن سعادتهم بهذا المشروع الضخم، والذي سيكون شريانًا حيويًا يربط بين مدن ومناطق الإمارة.
ثم توجه حاكم الشارقة إلى جسر دفتا، واستُقبل سموه لدى وصوله بالحفاوة والترحيب، وقدموا عدداً من الأهازيج والأغاني الشعبية تعبيراً عن فرحتهم بهذه الزيارة الغالية، متبادلين التهاني والتبريكات بهذا المشروع..
وتوقف في منطقة شيص، حيث التقى أعيان وأهالي المنطقة، واستمع إلى انطباعاتهم حول المشروع، شاكرين حرص سموه على كل ما شأنه خدمة المواطن والحفاظ على سلامته.
ويمتد القسم الثاني لطريق خورفكان الجديد لمسافة 24 كيلو متراً، ويتكون من مسارين مزدوجين مع خمسة أنفاق تبلغ حوالي أكثر من ستة كيلو مترات من إجمالي طول الطريق، ويتكون من خمسة أنفاق مزدوجة بمسارين لكلٍ، وهي: نفق الروع، ويمر عبر جبل الروع ويمتد لمسافة 1300 متر، ونفق الغزيّر ويمر عبر جبل الغزّير ويمتد لمسافة 900 متر، ونفق السدرة بطول 2700 متر، ويمتد بطول 1700 متر، ونفق الساحة ويمتد لمسافة 300 متر، ونفق الشقب ويمتد بطول 1500 متر.
وضغط حاكم الشارقة على زر التفجير للجزء المغلق المتبقي من نفق السدرة، إيذانًا بالتدشين للنفق الذي يعد الأطول في الشرق الأوسط، ليشهد بعدها اللحظة التاريخية التي جمعت أهالي شيص، يتقدمهم خميس محمد النقبي والي شيص، بأهالي خورفكان، ويتقدمهم خلف محمد الوالي والي وادي شي، وتبادلوا التهاني والتبريكات، معربين عن شكرهم وتقديرهم الكبيرله
ويمر طريق خورفكان الجديد وسط مناطق طبيعية متنوعة، يجعل الرحلة فيه فرصة لمطالعة الطبيعة الساحرة على جانبيه، حيث وجّه بالمحافظة على المناطق التاريخية وإعادة إحيائها والاهتمام بها، لتكون جزءً سياحيًا في المناطق التي يمر بها الطريق. وينقسم الطريق إلى قسمين، يمر القسم الأول عبر الصحارى والسهول الحصوية وعبر الجبال، بينما يمتد القسم الثاني بالكامل عبر الجبال.
وافتتح حاكم الشارقة استراحة سد الرفيصة التي تعد أحد المشاريع السياحية والبيئية التي أمر صاحب السمو حاكم الشارقة بإقامتها على طريق خورفكان الجديد.
وتجول والحضور في أروقة ومرافق استراحة سد الرفيصة، واطلع على المرافق وما تضمه من خدمات ومقومات ترفيهية يحتاجها المسافر عبر الطريق، إلى جانب أهل المنطقة.
وتبلغ المساحة الإجمالية للاستراحة 10.684 مترًا مربعاً، بتكلفة بلغت 37 مليون درهم.
وتتضمن الاستراحة عدداً من المنشآت الحكومية ومسجداً، ومظلات الاستراحة، ومطاعم، ومنطقة ألعاب.
وتمثل البحيرة المقامة على ضفافها الاستراحة أحد المميزات السياحية الرائعة لها، وتبلغ مساحتها 82280 متراً مربعاً، ويصل عمق البحيرة الحالي إلى 13 متراً.
وعرج حاكم الشارقة إلى زيارة حصن شيص الذي يعتبر من الحصون التاريخية، ويعود بناؤه إلى أكثر من ثلاثة قرون، بهدف حماية المنطقة ومراقبتها من الغزوات، وكان سموه قد وجه في وقت سابق بترميمه وإضاءته ليكون رمزاً للشجاعة وحب الوطن الذي أبداه أهل المنطقة لمقاومة الغزو البرتغالي في القرن الماضي، ليضاف إلى النصب التذكاري الذي أمر سموه بوضعه في السابق.
وتم إنجاز 280 متراً مسطحاً عبارة عن سلالم وممشى للوصول إلى الحصن بارتفاع 67 متراً عن سطح الأرض، إلى جانب عدد من العناصر الجمالية الأخرى المضافة إلى الممشى والحصن، ما يجعله إحدى النقاط الرئيسة ضمن جولات الزوار والسياح في الاستراحة.
رافق خلال الافتتاح والجولة، الشيخ محمد بن سعود القاسمي، رئيس دائرة المالية المركزية، والشيخ خالد بن عبد الله القاسمي، رئيس دائرة الموانئ البحرية والجمارك، والشيخ سلطان بن أحمد القاسمي، رئيس مجلس الشارقة للإعلام، والشيخ سعيد بن صقر القاسمي، نائب رئيس مكتب الحاكم في مدينة خورفكان، والشيخ هيثم بن صقر القاسمي، نائب رئيس مكتب الحاكم في مدينة كلباء، ومعالي عبدالرحمن محمد العويس، وزير الصحة ووقاية المجتمع، و الدكتور عبدالله بلحيف النعيمي، وزير تطوير البنية التحتية، و الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، وزير التغير المناخي والبيئة، والفريق سيف عبدالله الشعفار، وكيل وزارة الداخلية.
كما رافقه، خولة عبدالرحمن الملا، رئيسة المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة، وسالم علي المهيري، رئيس المجلس البلدي لمدينة الشارقة، واللواء سيف محمد الزري الشامسي، قائد عام شرطة الشارقة، والدكتور طارق سلطان بن خادم، رئيس دائرة الموارد البشرية، وخميس بن سالم السويدي، رئيس دائرة شؤون الضواحي والقرى، والمهندس صلاح بن بطي المهيري، المستشار في دائرة التخطيط والمساحة، والمهندس علي سعيد بن شاهين السويدي، رئيس دائرة الأشغال، والمهندس خليفة مصبح الطنيجي، رئيس دائرة الإسكان، والمهندس خالد بن بطي المهيري، رئيس دائرة التخطيط والمساحة، وهنا سيف السويدي، رئيس هيئة البيئة والمحميات الطبيعية، وعلي بن سالم المدفع، رئيس هيئة مطار الشارقة الدولي، وسالم بن محمد النقبي، رئيس دائرة شؤون البلديات والزراعة والثروة الحيوانية، والمهندس يوسف بن صالح السويجي، رئيس هيئة الطرق والمواصلات، وخالد جاسم المدفع، رئيس هيئة الإنماء التجاري والسياحي، وعبدالعزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث، ومحمد عبيد الزعابي، رئيس دائرة التشريفات والضيافة، وكبار المسؤولين في الدوائر والمؤسسات الاتحادية والمحلية، وكوكبة من ممثلي وسائل الإعلام المحلية.