أبوظبي ـ سعيد المهيري
تأسست دبلوماسية الإمارات منذ المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، على إقامة علاقات الصداقة مع جميع الدول على أساس الاحترام المتبادل، لتبني على ذلك الدولة بقيادة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، استراتيجية الدولة القائمة على صداقات ومساعدات لتصل ذراع الخير الإماراتية إلى كل شعوب الأرض.
وحققت العلاقات الإماراتية الصينية على مدار الـ35 عاماً الماضية من إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، قفزات نوعية متصاعدة في جميع المجالات ومزيداً من تطوير علاقات الصداقة والتعاون الاستراتيجي الشامل، وتعزيز الشراكة في جميع المجالات والقطاعات.
وتوطدت العلاقات التجارية بين الإمارات والصين من خلال التجارة والاستثمار على مدى السنين، لتكون أبوظبي عاصمة واحة الكرامة تبني لبناتها نحو سور الصين العظيم وتوجت زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى الإمارات عام 2018، مسيرة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين،.
وبدأت مرحلة جديدة في علاقات التعاون بينهما، إذ يمثل العام الجاري 2019 مرور 35 عاماً على قيام العلاقات بين دولة الإمارات العربية المتحدة، وجمهورية الصين الشعبية.
علاقات متينة
وتؤسس الزيارة المرتقبة للشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة إلى جمهورية الصين، لمزيد من تطور التعاون الاستراتيجي الشامل بين البلدين في مختلف المجالات والقطاعات، وكذلك تعميق الصداقة، انطلاقاً من أهمية دور الإمارات المحوري على المستويين الإقليمي والعالمي.
زيارة مرتقبة
كما تشكل الزيارة المرتقبة للشيخ محمد بن زايد آل نهيان، تعزيزاً للشراكة الشاملة مع جمهورية الصين الشعبية الصديقة والتي بفضل سياسة الدولة وحنكة قيادتها جعلتها الأقرب إلى العالم العربي ولتصبح مبادرة الحزام والطريق أساس التعامل، حيث تعود العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الإمارات والصين إلى عهود قديمة تمتد لقرون.
حيث كان طريق الحرير التجاري يربط بين الصين والعالم العربي مروراً من آسيا إلى أفريقيا وأوروبا، فيما تعتبر الإمارات من أهم محطات مبادرة حزام واحد طريق واحد، أو الحزام والطريق التي أطلقتها الصين عام 2013 من أجل تعزيز العلاقات التجارية بين بلدان يبلغ عدد سكانها 63% من سكان العالم.
وكان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، حضر مؤتمر حزام واحد طريق واحد في بكين في وقت سابق العام الجاري.
استثناء مهم
وأكد معالي أنور محمد قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية، في تدوينة لمعاليه على حسابه في مواقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، أن «زيارة الدولة»، والتي تخصص للرؤساء عرفاً تحتفي عبرها الصين بصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، استثناء مهم، تقديراً لسموه وموقعه ودوره، وسبق ذلك دعوته في سابقة ليوم الجمهورية في الهند والذي يخصص للرؤساء عرفاً، نعم الرجل بخصاله ودوره ومصداقيته يحدد مكانه ويصنع موقعه.
خطوة مهمة
من جانبه، قال معالي الدكتور أحمد بالهول الفلاسي وزير الدولة لشؤون التعليم العالي والمهارات المتقدمة: «تمثل زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة إلى جمهورية الصين الشعبية خطوة مهمة في سبيل تعزيز التعاون المشترك وفتح آفاق التنمية في الدولتين في مختلف المجالات.
ويمثل التعليم العالي والبحث العلمي إحدى الركائز الاستراتيجية للبلدين من أجل إحداث نقلة نوعية في مختلف القطاعات الحيوية، حيث يمثل التعليم العالي والبحث العلمي أهمية كبرى من أجل إعداد أجيال مزودة بعلوم ومهارات المستقبل وتأهيلهم على النحو الأمثل لخلق فرص جديدة لتعزيز التنافسية ومواكبة مختلف المتغيرات العالمية وإحداث تنمية شاملة محورها الإنسان».
وأضاف معاليه: «تحظى الجامعات الصينية بسمعة دولية مرموقة كانت نتاج رؤية القيادة الصينية الحكيمة بضرورة تطوير هذا القطاع الحيوي، حيث أصبحت الصين أكبر مستثمر في العالم في أبحاث وعلوم وتكنولوجيا المستقبل مثل الطاقة المتجددة والذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الاتصال».
تبادل الخبرات
وتابع: «تتميز علاقات الإمارات والصين في مجال التعليم العالي، حيث توجت تلك العلاقات بتوقيع مذكرة تفاهم بين الوزارة ووزارة التربية والتعليم الصينية بهدف تعزيز جهود البحث العلمي وجودة التعليم في كلا البلدين، بالإضافة إلى تبادل المنح الدراسية الجامعية، ومشاركة الخطط والمعلومات المتعلقة بتطوير التعليم العالي.
وكذلك تبادل الخبرات ذات الصلة من خلال الاجتماعات المستمرة بين الطرفين من أجل العمل كفريق واحد للارتقاء بالتعليم العالي والوصول إلى أفضل الممارسات في مختلف التخصصات العلمية التي تمثل مستقبل العالم».
وأكد أن زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ستمهد الطريق الفترة المقبلة نحو المزيد من التعاون بين البلدين في كل المجالات، وسيكون التعليم العالي والبحث العلمي ثمرة جهود الدولتين للارتقاء برأس المال البشري وتحقيق الأهداف المشتركة واستشراف مستقبل مزدهر لشعب البلدين الصديقين.
الثقة المتبادلة
وترتكز العلاقات الإماراتية الصينية على أسس من الاحترام والثقة المتبادلة، حيث انطلقت ببدء مرحلة جديدة للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين عام 1984، وفي ظلّ التغيرات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والبيئية التي يشهدها العالم حالياً، يجمع البلدين هدف مشترك، يتمثل في تحقيق التنمية المستدامة والنمو والازدهار والاستقرار لشعبيهما.
كما تقوم علاقات البلدين على مبادئ وركائز أساسية مبنية على السلم والسلام والتسامح والحوار، وترسيخ الاستقرار، ومد جسور التعاون والتواصل مع المجتمع الدولي.
كما أن علاقات البلدين مرشحة لمزيد من التقدم، بفعل القوى التي يمتلكها البلدان، ودورهما المتنامي على الساحتين الإقليمية والعالمية، والناجمة عن القوة الاقتصادية التي تتمتع بها دولة الإمارات، وموقعها الإقليمي والعالمي الذي اكتسبته، ليس بفعل العامل الجغرافي لوحده، وإنما بفعل قيادتها الحكيمة، والإنجازات التي حققتها، حتى باتت تحتل الكثير من المواقع الأولى على الصعيدين الإقليمي والعالمي في المؤشرات الاقتصادية والتنافسية على الصعيد العالمي.
يشترك الشعبان الإماراتي والصيني في حب المغامرة والسياحة والسفر والتنقل، ويرتفع عدد الجالية الصينية في الإمارات بسرعة كبيرة، حيث يجد الطلاب الصينيون فرصاً للدراسة في دولة الإمارات، وتبني الإمارات المدينة الصينية، من أجل استيعاب هذه الأعداد المتزايدة، وهي أكبر مدينة صينية في الشرق الأوسط وأفريقيا.
وكان أكبر نمو في العلاقات والتعاملات بين الشعبين، في مجال السياحة، حيث أصبحت الصين خامس أكبر مصدر للسياحة إلى الإمارات، وفي عام 2017 ارتفع عدد السائحين الصينيين إلى الإمارات بنسبة 19.4% مقارنة بالعام السابق له، وارتفعت السياحة الصينية إلى دبي بنسبة 145% منذ عام 2014 إلى 2018.
ويستمر البلدان في تبادل الأفكار والثقافات، حيث يمثل البلدان حضارتين من أعظم الحضارات في العالم، ولكل منهما تاريخه المذهل وثقافته متعددة الأوجه، وتتميز الصداقة بين البلدين بالحوار الثقافي بينهما، حيث يتعلم الجانبان كل منهما من الآخر، ويسهم في هذا التبادل الثقافي مؤسسات مثل مركز الشيخ زايد للغة العربية والدراسات الإسلامية، ومعهد كونفشيوس لتعزيز التواصل والعلاقات العربية الصينية.
كما يعزز التبادل الثقافي بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية الصين الشعبية، الأسبوع الإماراتي الصيني وبرنامج السفراء الشباب، التي تعد قنوات فكرية مهمة بين البلدين، وتلعب دوراً مهماً في تشكيل مستقبل العلاقات الثنائية.
تستثمر الصين 3.4 مليارات دولار في منطقة جبل علي الحرة، بينما تستثمر شركة موانئ دبي العالمية 1.9 مليار دولار في موانئ الصين. وتستثمر شركات صينية 300 مليون دولار في مدينة خليفة الصناعية الحرة ( كيزاد ) في أبوظبي.
كما وقع البلدان اتفاقيات للتعاون في مجالات عديدة تشمل الزراعة والصناعة والطاقة الشمسية والتقليدية، وأشباه الموصلات والتقنية الحديثة بما فيها الجيل الخامس للاتصالات، وبلغت الاستثمارات الصينية في العقارات في الإمارات 728 مليون دولار عام 2018، وكانت تعهدت الإمارات بأن تستثمر 1.2 مليار دولار في مجالات التنمية في دول آسيوية، وهي من أكبر المساهمين في البنك الآسيوي للبنية التحتية والاستثمار.
قد يهمك أيضا