الأمير محمد بن سلمان

توعدت المملكة العربية السعودية بالرد على أيه إجراءات أو عقوبات ستُفرض عليها، ردًا على اختفاء الصحافي والكاتب جمال خاشقجي، بعد دخوله للقنصلية السعودية في إسطنبول، وتسبب التهديد في تكبد سوق الأسهم بالرياض، أكبر خسارة لها منذ سنوات، وقد نأت العديد من الشركات نفسها عن الدولة الخليجية منذ إخفاء خاشقجي مطلع أكتوبر/تشرين الأول الجاري.

 وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد هدّد حليفته المملكة العربية السعودية، السبت، بـ "عقوبة شديدة" إذا ثبت أن خاشقجي قُتل في القنصلية السعودية في تركيا، علما أن الصحافي يُعرف بانتقاده الشديد للمملكة والأمير محمد بن سلمان ولي العهد.

 ونقلت وكالة الأنباء السعودية الرسمية عن مصدر مسؤول قوله "تؤكد المملكة رفضها التام لأي تهديدات ومحاولات للنيل منها سواء عبر التهديد بفرض عقوبات اقتصادية أو استخدام الضغوط السياسية"، وأضاف المصدر أن الرياض تؤكد أنها سترد على أي إجراء بإجراء أكبر، مشيرًا إلى أن اقتصاد المملكة دور مؤثر وحيوي في الاقتصاد العالمي".

 ومع شعور المستثمرين بالخوف، تراجعت الأسهم السعودية، الأحد، بنحو سبعة في المائة، مُحطمة المكاسب التي حققتها في عام 2018، فيما انسحبت شركات غربية عدة من عقود الشراكة مع السعودية، بما في ذلك الملياردير البريطاني ريتشارد برانسون والرئيس التنفيذي لشركة "أوبر"، دارا خسروشاهي، كما انسحبت وسائل إعلامية عدة مثل وكالة "بلومبرغ" وشبكة "سي إن إن"، من اتفاق رعاية مؤتمر "مبادرة مستقبل الاستثمار" في الرياض، والذي يُطلق عليه "دافوس الصحراء".

 وكان خاشقجي، أحد المساهمين في صحيفة "واشنطن بوست"، قد اختفى بعد دخوله القنصلية في 2 تشرين الثاني للحصول على وثائق رسمية لزواجه المرتقب، وقد صعّدت تركيا، = السبت، من ضغوطها على السعودية، متهمة المملكة بعدم التعاون في التحقيق بشأن اختفاء الصحافي السعودي.

 وقال مسؤولون أتراك، إنهم يمتلكون دليلا بأن خاشقجي تعرض لتعذيب شديد داخل القنصلية السعودية، ثم تم قتله وتقطيع جثته لأجزاء، لكن المملكة تصر على أن الصحافي قد ترك المبنى بأمان، نافية الاتهامات الموجهة بأن السلطات أمرت بقتله من قبل فريق خاص، قائلة إن هذه أكاذيب وإدعاءات لا أساس لها من الصحة".

 وفقد مؤشر سوق الأسهم السعودي (TASI) أكثر من 500 نقطة في أول ساعتين من اليوم الأحد، بعد استئناف التداول بعد عطلة نهاية الأسبوع، في حالة ذعر تشبه إلى حد كبير الأيام التي تلت الأزمة المالية العالمية في عام 2008، وعوّضت بعض الخسائر في منتصف الجلسة لكنها كنت لا تزال منخفضة بنسبة 5.0 في المئة، وهو أسوأ انخفاض في يوم واحد منذ حوالي ثلاث سنوات، لتتراجع إلى أدنى مستوى له في 10 أشهر عند 7.167 نقطة.

 وتراجع المؤشر الرئيسي للأسهم السعودية 3.9 %، الخميس الماضي، مسجلا أكبر انخفاض ليوم واحد منذ يناير/كانون الثاني 2016، في أعقاب انخفاض الأسهم العالمية مع مخاوف بشأن أسعار الفائدة المرتفعة وهجوم الرئيس الأميركي دونالد ترامب على مجلس الاحتياطي الاتحادي.

 ومن جانبه قال محمد زيدان، محلل سوق في "ثينك ماركتس" في دبي، إن تدهور الأسهم السعودية جاء نتيجة هلع البيع بسبب العديد من العوامل السياسية والاقتصادية.

 وأضاف زيدان لوكالة "فرانس برس" "هناك نوع من عدم اليقين يحيط باختفاء خاشقجي مما تسبب في انهيار السوق"، لافتًا إلى أن انسحاب كبار الراعين من مؤتمر الرياض للاستثمار قد أثر سلبا أيضا على معنويات المتداولين".

 وألقى الانسحاب بظلاله على القمة السنوية التي أهدى فيها الأمير محمد بن سلمان، المستثمرين العام الماضي روبوتات حديثة ومخططات لمدينة ضخمة مستقبلية، فذكر دارا خسروشاهي الرئيس التنفيذي لشركة أوبر تكنولوجيز في بيان إنه لن يحضر مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار في الرياض، الذي يعد مساهم كبير في "أوبر" إذا يستثمر بقيمة 3.5 مليار دولار في الشركة، فيما قال الملياردير البريطاني ريتشارد برانسون، الذي علّق محادثات شركته مع صندوق الاستثمارات العامة السعودي بشأن مشاريع سياحية سعودية حول البحر الأحمر، "إذا ثبتت صحة ما ورد بشأن اختفاء خاشقجي، فسيغير ذلك بوضوح قدرة أي منا في الغرب على القيام بأعمال مع الحكومة السعودية".

 ويرى مايكل ستيفنز، خبير الشرق الأوسط في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، أن الشركات العالمية المتعددة الجنسيات ترى قوة التعاون مع سوق نامي مثل المملكة العربية السعودية، لكن بالنسبة للكثيرين فإن مخاطر السمعة تتغلب على المكاسب المحتملة من التعاون مع الاقتصاد السعودي.

 وأنهت مجموعة "هاربر غروب"، وهي شركة في واشنطن، أمس الخميس، عقدا مع المملكة بلغ قيمته 80 ألف دولار في الشهر. وقال عضوها المنتدب ريتشارد مينتز "لقد أنهينا العلاقة"، وأكدت المجموعة الاستشارية، التي تختص بمجال المخاطر الاستشارية "أوراسيا" إن القيادة السعودية تواجه "أزمة علاقات عامة حادة" بسبب اختفاء خاشقجي، وأضافت أنه يتعين على القيادة الآن أن تعالج هذا التهديد الأكثر خطورة لإستراتيجيتها الخاصة بالتحرير الاقتصادي، وإذا لم تعبر ذلك فستجد صعوبة في احتواء الأزمة الناشئة.