القنصلية الإيرانية في النجف

غضب المحتجين العراقيين ضد التدخلات الإيرانية في العراق، عبر إضرام النار للمرة الثالثة خلال أسبوع أمام القنصلية الإيرانية في النجف، فجر الأربعاء، ما أدى إلى احتراق مدخلها.

وأكدت مصادر قناتي "العربية" و"الحدث" أن "حرق إطارات أمام القنصلية الإيرانية أدى لاشتعال النار في بوابتها الرئيسية"، أما في بغداد، فوقعت مناوشات مساء الثلاثاء في ساحة الوثبة بين المحتجين وقوات الأمن، وكانت اشتباكات قد وقعت مساء الاثنين بين الأمن والمتظاهرين في النجف، مما أدى لوقوع إصابات وحالات اختناق.

وتعاملت فرق الإطفاء الأحد، مع حريق جديد أشعله المحتجون في مقر القنصلية الإيرانية في النجف. وبحسب المصادر، فقد أقدم مجهولون على إضرام النيران في القنصلية دون تسجيل خسائر بشرية. ولاذ المجهولون بالفرار قبل وصول قوات الأمن، وكانت هذه ثاني مرة يتم فيها إضرام النيران بالقنصلية في غضون 4 أيام، حيث أضرم متظاهرون النيران فيها ليل الأربعاء، ما أدى إلى احتراق أجزاء واسعة منها.

وفي أعقاب ذلك، شهدت محافظتا النجف وذي قار موجة عنف دامية هي الأكبر منذ بدء الاحتجاجات في العراق مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حيث قُتل 70 متظاهرًا في غضون يومين على يد قوات الأمن ومسلحي الميليشيات.

 

مهلة 15 يومًا

وشهدت العاصمة العراقية بموازاة ذلك، حراكًا سياسيًا لتسمية بديل عن رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي من أجل تشكيل حكومة جديدة، وطالب رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي، مساء الثلاثاء، رئيس الجمهورية برهم صالح بتكليف مرشح لرئاسة الوزراء خلال 15 يوما.

وقال في وثيقة صادرة عن رئيس المجلس، إنه تم قبول استقالة رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي. وأضاف "استنادا إلى المادة "76" من الدستور أطالب بتكليف مرشح لرئاسة مجلس الوزراء خلال 15 يوما".

وتداولت أوساط سياسية في العراق اسم وزير النفط الأسبق، إبراهيم محمد بحر العلوم، لتولي مسؤولية تشكيل الحكومة الجديدة خلفًا لعادل عبدالمهدي.

وكان بحر العلوم وزيرًا للنفط العراقي، واستقال في مطلع 2006، كما انتخب عضوًا في الجمعية الوطنية العراقية عام 2005.

وسبق للمتظاهرين أن اشترطوا أن لا يكون رئيس الحكومة الجديد قد اشترك في العملية السياسية، وأن لا يكون منتميًا إلى أي من الأحزاب.

 

مطالب أميركية بالاستجابة لمطالب الشعب

وحضت ممثلة الأمم المتحدة في العراق، جانين هينيس-بلاشيرت، الثلاثاء، السلطات العراقية على الاستجابة لتطلعات الشعب العراقي، مؤكدة مجددًا أن استخدام القوة ضد العراقيين أمر "لا يمكن التسامح معه".

وفي وقت تجري مشاورات لتعيين رئيس حكومة جديد، قالت المسؤولة الأممية في مداخلة عبر الفيديو أمام مجلس الأمن الدولي: "على القادة السياسيين ألا يضيعوا مزيدا من الوقت وأن يرتقوا إلى مستوى الأحداث".

وشددت على أن الأزمة الحالية "لا يمكن حلها بالتراخي واعتماد إجراءات تجميلية أو عقابية" لن يكون من شأنها سوى "زيادة غضب السكان وريبتهم"، وبعدما أشارت إلى "مقتل أكثر من 400 شخص منذ بداية تشرين الأول/أكتوبر وإصابة أكثر من 19 ألفا بجروح"، عبرت المسؤولة الأممية عن الأسف لعدم توقف استخدام الأسلحة الفتاكة ضد المتظاهرين.

وأضافت أن الأسلحة غير المميتة "يستمر سوء استخدامها ما يتسبب بجروح رهيبة ووفيات" منددة بـ"عمليات التوقيف التعسفية وعمليات الخطف والتهديدات والترهيب".

وأكدت أن كل ذلك يحدث رغم أن "غالبية المتظاهرين سلميون"، مضيفة "أنه لا يمكن التسامح مع كافة أشكال العنف ويجب عدم حرف الانتباه عن مطالب الإصلاح المشروعة".

 

حزب الله يدخل على خط الأزمة

وذكرت وكالة "فرانس برس" أن حزب الله اللبناني على خط تأليف وتشكيل الحكومة الجديدة والبحث عن بدلاء لعبد المهدي، دخل حزب الله اللبناني، إذ نقلت عن مصدر عراقي مقرب من دوائر القرار في بغداد، قوله إن قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، ومسؤول ملف العراق في حزب الله محمد كوثراني، يحاولان تمرير مرشح لخلافة رئيس الوزراء المستقيل.

وأضاف المصدر أن سليماني "موجود في بغداد للدفع باتجاه ترشيح إحدى الشخصيات لخلافة عبد المهدي"، وأن "كوثراني يلعب أيضًا دورًا كبيرًا في مسألة إقناع القوى السياسية من شيعة وسنة في هذا الاتجاه".

استمرار التظاهرات

ويأتي هذا في وقت تواصلت التظاهرات خلال اليومين الماضيين، في بغداد ومدن جنوبية عدة ضد السلطات التي يعتبرون أن لإيران النفوذ الأكبر عليها، خصوصًا مع تواجد قائد فيلق القدس في البلاد حاليًا، بحسب ما أوضحت الوكالة الفرنسية، ويخيم التوتر على محافظتي النجف وكربلاء بالتزامن مع بدء وفد من لجنة الأمن والدفاع بالبرلمان العراقي تحقيقاته بشأن الأحداث التي عاشتها النجف خلال الأيام الماضية.

وذكرت مصادر لـ"سكاي نيوز عربية" أن القوات الأمنية استخدمت القنابل المسيلة للدموع والقنابل الصوتية لتفريق المتظاهرين، الذين حاولوا اقتحام مبنى الحكومة المحلية في حي البلدية وسط مدينة كربلاء، وأضافت أن 18 جريحا سقطوا خلال مواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن بعد محاولة المحتجين اقتحام مبنى الحكومة المحلية.

وأضافت المصادر أن المحتجين طالبوا بإغلاق القنصلية الإيرانية في المدينة، وقتلت القوات العراقية أكثر من 400 شخص معظمهم من المحتجين الشبان العزل منذ تفجرت الاحتجاجات المناهضة للحكومة في الأول من أكتوبر، ولقي أيضا أكثر من 12 من قوات الأمن مصرعهم في الاشتباكات.

وأصيب مساء الاثنين، عدد من المحتجين برصاص مجهولين في ساحة ثورة العشرين وسط مدينة النجف العراقية، فيما تجددت المواجهات بين المتظاهرين وقوات مكافحة الشغب أمام مجلس محافظة كربلاء.

وذكرت المصادر أن الاشتباكات جرت قرب مرقد الحكيم في النجف وتم تسجيل العديد من حالات الاختناق بالغاز المسيل للدموع، مضيفة أن المتظاهرين أصيبوا برصاص مجهولين في ساحة ثورة العشرين، فيما اختنق عدد من المسعفين نتيجة سقوط قنابل دخانية بين عجلات الإسعاف، مما أدى لنقلهم إلى مستشفى الشهداء العام في النجف.

مطالب المتظاهرين

ويذكر أنه في الوقت الذي تسعى فيه القوى السياسية في العراق لإيجاد بديل عن رئيس الوزراء المستقيل، تحاول الكتل البرلمانية دراسة قانون انتخابي جديد يفترض أن يؤدي إلى مجلس نواب أقل عددًا وأوسع تمثيلًا، لكن ذلك ليس كافيًا بالنسبة إلى المتظاهرين الذين يريدون إنهاء نظام المحاصصة الطائفية في توزيع المناصب، حتى إن البعض يطالب بإنهاء النظام البرلماني.

وبعدما كانت مقتصرة على الدعوة إلى توفير فرص عمل وخدمات عامة، تصاعدت مطالب المحتجين الذين ما زالوا يسيطرون على ساحات التظاهر، لتشمل إصلاح كامل المنظومة السياسية التي أسستها الولايات المتحدة بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003.

وأصبح تغيير الطبقة السياسية المتهمة بالفساد وتبخر ما يعادل ضعف الناتج المحلي للعراق الذي يعد بين أغنى دول العالم بالنفط، مطلبًا أساسيا للمحتجين.

وفور إعلان عبد المهدي استقالته، الجمعة، حتى عبر المحتجون عن فرحهم بهذه الخطوة التي تأتي في إطار مطالبهم بـ"إسقاط الحكومة" وتغيير القادة السياسيين، وأعلن عبد المهدي، الجمعة، عزمه تقديم طلب "استقالته" إلى مجلس النواب وذلك بعد ساعات على دعوة المرجعية الشيعية العليا في البلاد إلى سحب الثقة من الحكومة.

 

ويشهد العراق منذ بداية أكتوبر/تشرين الأول الماضي احتجاجات مناهضة للحكومة في مدن مختلفة، تعاملت معها قوات الأمن العراقية والميليشيات بقوة، مما أدى لمقتل حوالي 400 متظاهر وجرح الآلاف. كما تم اعتقال العديد من المحتجين.

وطالب المحتجون في البداية بتأمين فرص عمل وتحسين الخدمات ومحاربة الفساد، قبل أن تتوسع الاحتجاجات بصورة غير مسبوقة، وتشمل المطالب رحيل الحكومة والنخبة السياسية المتهمة بالفساد، واستخدمت قوات الأمن الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع لصد المتظاهرين، مما تسبب في هذه الخسائر الفادحة.

قد يهمك ايضا

انتقادات حادة لماكرون من تركيا بعد حديث أردوغان عن موته الدماغي

تركيا تعلن استمرار عملياتها العسكرية في سورية وأردوغان يتحدث عن المنطقة الآمنة