صنعاء ـ خالد عبدالواحد
يحتفل اليمنيون الثلاثاء، 22 من شهر مايو/ أيار، بمناسبة الذكرى 28، للوحدة اليمنية، التي تحققت في عام 1990، ويتزامن احتفال اليمنيين، بالذكرى الثامنة والعشرين، لاتحاد شطري اليمن الشمالي والجنوبي، مع مساع جنوبيه، يقودها المجلس الانتقالي الجنوبي، لفك الارتباط، وشماليه، بقيادة مسلحي جماعة الحوثيين ..فهل ستنجح هذه المساعي لفك الوحدة اليمنية ، وسط حرب تشهدها البلاد منذ ثلاثة أعوام؟
وما مصير هذه الوحدة بعد 28 عامًا من توقيع اتفاقية الوحدة؟
) نشوء جبهات معارضة للوحدة(
في ظل الفساد الذي يسود في البلاد، منذ تحقيق الوحدة اليمنية، وانتهاك حقوق الجنوبيين، من قبل السلطة اليمنية، بقيادة الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح ، الذي وقع اتفاقية الوحدة، باسم الشطر الشمالي، مع الرئيس علي سالم البيض عن الشطر الجنوبي؛ اعتبر جنوبيون يوم تحقيق الوحدة يومًا شؤمًا على الجنوب اليمني، فيما اعتبر جنوبيون آخرون، من الذين وافقوا على توقيع اتفاقية الوحدة ، أن انحراف النظام عن شروط الوحدة وأهدافها ، ومعاملة الجنوب كدولة محتلة، ونهب أراضيها ومواردها أساء للوحدة ، ويطالب الآلاف من الجنوبيين، بفك الارتباط عن الوحدة اليمنية، وبناء دولة جديدة تحت اسم الجنوب العربي. وتتعدد جبهات الجنوب المطالبة بالانفصال، منها الحراك الجنوبي، والمجلس الانتقالي الجنوبي، والجبهة الشعبية الجنوبية وغيرها من الأحزاب والتجمعات الجنوبية، بسبب إقصاء الجنوب من موارده المالية، بالإضافة إلى إقصاء أبناء الجنوب من الوظائف في المراكز الحكومية، وإدارة الجنوب بموظفين شماليين.
وتمكن الرئيس اليمني السابق من القضاء على الثورات الشعبية الجنوبية المسلحة، وثورات الحراك الجنوبي السلمي، والقبض على القيادات الحراكية وقتل الكثير منها، فيما غادر الرئيس علي سالم البيض الجنوب عقب استحواذ الرئيس علي عبدالله صالح، على السلطة، والقضاء على كل الثورات الجنوبية، ومنذ انقلاب الحوثيين ، مطلع العام 2015 على الحكومة الشرعية، وشنه حربًا عسكرية ، على كافة المحافظات اليمنية ، عدا المهرة وحضرموت ، تمكنت المقاومة الجنوبية، بدعم من التحالف العربي ، من تحرير الجنوب، وتمكنت الجهات السياسية المناهضة للوحدة اليمنية، من امتلاك قوة عسكرية ، وصدى واسع، إلا أنها لم تتمكن حتى الآن من فك الوحدة اليمنية ، بسبب رفض أغلب القبائل والفصائل الجنوبية، هذه المبادرة، بسبب الممارسات للحزب الشيوعي في الجنوب ما قبل الوحدة، والخوف من القادم .
وفي الوقت الراهن يتبنى المجلس الانتقالي الجنوبي، بقيادة عيدروس الزبيدي محافظ عدن السابق، عملية الانفصال، وبناء دولة الجنوب العربي، بدعم شعبي واسع. وبسبب الانشقاقات السياسية التي يشهدها الحراك الجنوبي بسبب مناهضة بعض القيادات ومكونات المجتمع في الجنوب للانفصال، بالإضافة إلى أن الحكومة الشرعية، بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي أغلب مكوناتها من المحافظات الجنوبية، بعد انقلاب الحوثيين، على الحكومة، ونقل، السلطات الحكومية إلى العاصمة المؤقتة عدن جنوب البلاد.
وقاد المجلس الانتقالي ثورة شعبية قبل أشهر على الحكومة، بعد اتهامها بالفساد، لكنها فشلت بعد اشتباكات عنيفة بين الطرفين، وتدخل التحالف العربي، لحل الأزمة بينهما، ومع إعلان غدًا إجازة رسمية بمناسبة عيد الوحدة اليمنية، إلا أن الحكومة لن تستطيع إحياء أي فعالية خلالها بمدينة عدن، خوفًا من نشوب أي اشتباكات مع قوات المجلس الانتقالي الجنوبي. وفي المقابل ، وجهت قيادات كبيرة في جماعة الحوثيين ، دعوات إلى قيادات جنوبية مناهضة لحكومة الرئيس هادي، بالانقلاب على الحكومة ، بمدينة عدن.
وطالبت القيادات الحوثية، من الجنوبيين الجلوس على طاولة الحوار معهم، لدراسة فك الوحدة اليمنية ، مقابل توقف الحرب.
وجاءت هذه التوجيهات من، رئيس اللجنة الثورية العليا، ورئيس المجلس السياسي الأعلى، الحالي، " مهدي المشاط، بالإضافة إلى قيادات أخرى.
وجاءت هذه الدعوات عقب، الخسائر الكبيرة التي منيت بها جماعة الحوثيين خلال الحرب، مع قوات الجيش اليمني، مدعومة بالتحالف العربي الذي تقوده السعودية. المحلل السياسي اليمني والكاتب الصحافي صالح علي قال إن المساعي الرامية لفك الوحدة اليمنية، لن تنجح، وذلك نظرًا لوجود عدة تجارب حصلت على أرض الواقع ولم تنهي الوحدة بدءا بحرب صيف عام 1994 ومرورا بالاحتجاجات المطالبة بالانفصال منذ عام 2007 وانتهاءً بالحرب التي شنها الحوثيون وحلفاؤهم على عدن وبعض المحافظات الجنوبية وأيضًا نشوء المجلس الانتقالي المطالب بالانفصال.
وأضاف لـ" العرب اليوم" أن جميع تلك التجارب لم تحدث فك أو إنهاء للوحدة بالمعنى الصحيح ولكنها تركت تبعات وآثار على روح الوحدة ومضمونها الأصيل، وأكد صالح علي أن الارتباط بين الشمال والجنوب ليس من السهولة فكه خلال الوضع الراهن" مؤكدًا أن فك الارتباط يتطلب وجود أرضية صلبة لقيام دولة في الجنوب وهذا الأمر لم يتوفر على الرغم من تهيؤ الظروف للجنوبيين خلال الثلاثة أعوام الأخيرة"
وقال إن المحافظات الجنوبية أصبحت بمعزل عن المركز في الشمال ومنحت الفرصة لتحكم ذاتها وتثبت بسيطرتها ونجاحها أنها أفضل حالًا من المحافظات الشمالية خلال الأعوام الأخيرة " وتابع " لكن الواقع عكس ذلك تمامًا" وعن مطالبة الحوثيين بالانفصال ، قال صالح علي، أن الانفصال ليس في مصلحتهم لعدة أسباب استراتيجية ، مؤكداً أن الانفصال سيجعل الحوثي منحسرًا في دائرة ضيقة مع القوى المناهضة له في الشمال، إضافة إلى طبيعة الوضع في الشمال مشيرًا إلى أن المحافظات الشمالية لن تتعايش مع الحوثيين ،وفي حال وجد الانفصال ستجد المحافظات الشمالية نفسها تصارع الحوثي لوحدها. وقال إن" القوى النافذة في الشمال تعتبر الجنوب "كعكه" لابد من اقتسامها وأخذ نصيب الأسد منها " حد تعبيره
واختتم كلامه بأن مصير الوحدة حتى وإن كان مجهولًا في ظل ظروف الحرب والتناقضات التي تحصل في المشهد اليمني بين الحين والآخر مؤكدًا أن الوحدة ستبقى وإن تشظت بفعل العوامل السياسية وصراع المصالح " وقال " إن وجدت الحكمة اليمنية فسيعود اليمنيين إلى الأقاليم التي نص عليها مؤتمر الحوار الوطني كتجربة جديدة تتناسب والوضع المعقد في اليمن .
(الوحدة تعرضت للاغتيال(
الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في كلمة له بمناسبة الوحدة اليمنية ، أكد أن الوحدة اليمنية تبقى منجزًا شعبيًا بامتياز، مضيفًا أن الانحرافات التي اعترت مسار الوحدة والممارسات الخاطئة والسلوكيات المسيئة، لا تقلل من شأن الحدث التاريخي بقدر ما تعبر عن سوء من ارتكبها في حق الوحدة والشعب على السواء. وقال إن الأخطاء التي حدثت ليست في منجز الوحدة بل في من سعوا لتحويلها إلى غنيمة شخصية، ومن أساءوا لليمن شمالا وجنوبًا، مؤكدًا أن الوحدة تعرضت للاغتيال المعنوي مرات متعددة، مرة بمن حادوا عن طريق الشعب وجعلوها طريقا للغنيمة والإثراء والتملك والمجد الشخصي ، ومرة أخرى بمن أرادوا العودة إلى الماضي والتنكر للنضالات الطويلة لشعبنا ، ومرة ثالثة بمن تنكروا للإجماع الوطني الذي أنجزناه جميعا في مؤتمر الحوار الوطني، وأردف أن هناك شخصيات اغتالت الوحدة ، وراحت تمارس أساليب الإقصاء والتهميش والإساءة الى كل معنى نبيل للوحدة اليمنية، مؤكدًا أن انقلاب الحوثيين في جوهره كان ضد مشروع الوحدة بالأساس.
(فشل سياسي(
سياسة التجويع وقمع الحريات ونشر العادات الطائفية والسياسية القائمة على " أمثال (فرق تسد) ، و ( وجوع كلبك يتبعك) استخدمها النظام اليمني السابق مع الجنوب، فظل يدعم جهات وقبائل ضد أخرى، ويقضي على الثورات بقوات السلاح، وأحيانًا في تفرقة التحالفات الجنوبية، استطاع القضاء على الثورات الشعبية ، والحفاظ على الوحدة حتى ثورات الربيع العربي ، والتي أطاحت به في العام 2012.
ومن خلال سياسته التي لا تتعاطى مع المشكلات وكيفية حلها، ظلت المكونات الحراكية الجنوبية، تمارس عملها، ومازالت حتّى الآن .
بعض فصائل المقاومة الجنوبية، لا تطالب بالانفصال، بل تطالب بتحقيق أهداف الوحدة، والكف عن الممارسات السيئة بحق الجنوب اليمني.
نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية عبد الملك المخلافي قال "بمناسبة العيد الوطني لبلادنا نجدد العهد لشعبنا العظيم وللشهداء للرئيس هادي أن نحافظ على الجمهورية والوحدة " وأكد في تغريدة له على تويتر" مواصلة الحكومة الشرعية والقوات اليمنية سعيها لاستعادة الدولة والحفاظ على راية اليمن مرفوعة "جمهورية حرة مستقلة موحدة) وأن نحفظ كل ذرة من أراضيها وأن نخدم شعبها ونبني الدولة الاتحادية العادلة"
)وحدة البرقيات(
اعتبر الكاتب الصحافي عباس الضالعي بمناسبة ذكرى الوحدة أنه لم يبق من الوحدة اليمنية والجمهورية اليمنية في الذكرى الثامنة والعشرين إلا اسمها والتهاني والبرقيات وأكد أن اليمن تعرض لعملية تمزيق كبيرة بدعم وتمويل دول الجوار" حد تعبيره.
وقال " لا يمكن المغالطة والقفز فوق الحقائق " مؤكدًا أن اليمن أصبح مجموعات متناثرة تحكمها سلطات ومليشيات وبغياب كامل للدولة إلا في الإعلام .
وتلقى الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي العديد من البرقيات من أشقائه من أمراء وزعماء الدول العربية، بالإضافة إلى نائبه، ورئيس حكومته، ومسؤولين آخرين في حكومته، ورغم احتفال اليمنيين، على مواقع التواصل الاجتماعي بالذكرى 28 للوحدة الوطنية ، إلا أن مظاهر الحزن، لا تختفي في كتابتهم، بسبب ما آلت إليه الأوضاع في البلاد. وأضحت اليمن، بين سندان الصراع بين، الوحدويين، ودعاة الانفصال من جهة، ومطرقة ، الحرب بين الحكومة الشرعية، ومسلحي جماعة الحوثيين الانقلابية من جهة أخرى .