دبي ـ جمال أبو سمرا
أكدت الإمارات العربية المتحدة، السبت، أن قطر تقوم بتنفيذ جدول أعمال يقوض أمن منظومة دول الخليج، ووصفت تسريبها مطالب الدول الأربع "المملكة العربية السعودية والإمارات ومملكة البحرين ومصر"، بعد ساعتين من تسلمها بدلاً من مناقشتها بأنه خطوة متهورة، تظهر تصرفاً طفولياً ومراهقة سياسية بعدم الجدية، وتقويضاً لجهود الوساطة الكويتية، يعيد الأزمة إلى نقطة البداية، وشدّد وزير الدولة للشؤون الخارجية الدكتور أنور بن محمد قرقاش، خلال مؤتمر صحافي في مقر وزارة الخارجية والتعاون الدولي في دبي، على أن الدبلوماسية تمثل أولوية لحل الأزمة، وأن البديل لعدم قبول قطر المطالب ليس التصعيد، ولكن الفراق.
وانتقد قرقاش بشدة تسريب قطر وثيقة المطالب للإعلام، قائلاً إنه كان يفترض أن تتم جهود الوساطة بعيداً عن الكاميرات، وهذه ضربة لكل جهود الوسيط، وأضاف "الثقة في قطر منعدمة، بسبب سياساتها في دعم التطرف والإرهاب، وبعد هذا التسريب اهتزت الثقة مرة أخرى، في بحثها الحقيقي عن حلول"، وقال رداً على أثر تسريب الجانب القطري للمطالب على جهود حل الأزمة "إن الدبلوماسية هي أولوية لحل الأزمة مع قطر، إلا أن الأمر يتطلب منها (قطر) أن تغير سلوكها واتجاهها القائم على دعم الإرهاب والتطرف"، متوجهاً بالشكر والتقدير إلى دولة الكويت الشقيقة، على جهود الوساطة التي تقوم بها.
وأضاف "إن البديل في حال عدم تعاطي قطر، مع المطالب التي قدمها لها الوسيط الكويتي، لن يكون التصعيد، وإنما الفراق، وإننا لا نتحدث عن تغيير النظام في قطر ولكن تغيير السلوك، وإن هناك قواعد عدة، ننطلق منها للتعامل مع الأزمة مع قطر، ومن هذه القواعد الحل الدبلوماسي الذي يتطلب من قطر تغيير نهجها القائم على دعم التطرف والإرهاب".
وتابع قائلاً "هناك قاعدة أخرى تتعلق بعدم تحقيق قائمة المطالب، ففي هذه الحالة سيكون الخيار هو الفراق مع قطر"، مؤكداً أن خلاف الدول الخليجية ومصر مع قطر ليس مسائل سيادية وإنما يتعلق بدعم الإرهاب، وأضاف "إننا نأمل أن تدرك قطر تبعات سياستها ضد دول الجوار، وأن تسود الحكمة في الدوحة، مشدداً على أن الثقة الحقيقية لا تكون باستعداء الجيران".
وأكد قرقاش أن ما يحدث هو محاولة لوقف قطر عن دعمها للإرهاب والتطرف، لافتاً إلى أنه لا توجد دولة خليجية عملت على تقويض الأمن والاستقرار كما فعلت قطر، وقال "إذا تمكنت الحكمة من الحكومة القطرية واستمعت لصوت العقل وبدأ العمل على تنفيذ اتفاقات بين الجانبين، نرى ضرورة وجود ضمانات ونظام مراقبة لهذه الاتفاقات". وأضاف "لمسنا اهتماماً أوروبياً وأميركياً بهذا الأمر، خاصة أن هذه الدول أيضاً تتأثر بالإرهاب والتطرف وتبعاته"، مشيراً إلى أن الأوروبيين لديهم اطلاع على إنفاق قطر الضخم، على الجماعات المتطرفة.
وقال قرقاش "إنه لا نية لدى دول المقاطعة للجوء للتصعيد العسكري، وليس من مصلحة الخليج العربي التصعيد، وأن القضية ليست قضية نزاع وإنما وقف دعم الإرهاب الذي له عواقب وخيمة على المنطقة، مشدداً في الوقت نفسه على حق دول المقاطعة في حماية أنفسها إذا لم تغير قطر نهجها في دعم الإرهاب"، وأشار إلى أن مجلس التعاون الخليجي في حالة عجز بسبب خروج قطر عن رسالته الموحدة، مشدداً على أنه يجب ألا تؤذي سياسة قطر المستقلة، العمل الجماعي لدول الخليج، وقال "مجلس التعاون في أزمة لأن أحد الأعضاء يريد أن يلعب بقوانينه الخاصة، وأن يسجل أهدافاً في مرمى فريقه".
ولفت إلى عدم التزام قطر في السابق بالاتفاقيات، وضرورة وجود ضمانات ونظام مراقبة، وقال رداً على سؤال "لا نريد وساطة أوروبية، واعتقد أن الأوروبيين لا يريدون لعب دور الوسيط، دورهم يجب أن يكون الضغط على قطر، ونحن نرى أن أحد الأفكار المطروحة أن الضمانات تكون بنوع الرقابة الأوروبية الأميركية، ولا بد أن يكون لدينا نظام ضمانات ونظام مراقبة وهناك اهتمام أوروبي أميركي كبير جداً بهذه الفكرة".
وكشف قرقاش "إنه منذ سنوات كان هناك اتفاق مع قطر يتضمن عدداً من البنود، لم تنفذ منها قطر سوى بند واحد فقط، وهو إغلاق قناة الجزيرة مباشر مصر، وإن قناة الجزيرة تمثل منصة لترويج أجندات الجماعات المتطرفة في المنطقة، وكانت منبراً لعدد من الإرهابيين مثل زعيمي القاعدة أسامة بن لادن وأبو مصعب الزرقاوي"، كما أشار إلى إيواء قطر أشخاصاً خاضعين لعقوبات الأمم المتحدة، مثل خليفة السبيعي الذي يعيش منذ سنوات في الدوحة.
ودعا تركيا إلى اتباع مصالح الدولة التركية، بعيداً عن الأيديولوجيا الحزبية، وقال "إن الأتراك انسحبوا من قطر في 1916 وبعد 101 سنة رجعوا إليها من جديد، لتركيا مصالح كبيرة جداً في المنطقة، ونتمنى من تركيا أن تتعامل مع الوضع بتعقل، وإن وجود الجنود الأتراك في قطر، تصعيد ليس له معنى، ففي نهاية المطاف وجود ألف أو ألفين أو ثلاثة آلاف جندي تركي، هو شعور بعدم الثقة لدى الحكومة القطرية وعدم الاستقرار والتوازن، والاستقرار الحقيقي هو الانسجام مع المحيط وليس استعداءه".
واجتمع سفير الإمارات لدى أنقرة خليفة شاهين المرر، والقائم بأعمال سفارة المملكة العربية السعودية عبدالله الغامدي، والقائم بأعمال سفارة مملكة البحرين كميل عبدالله الرمضان، مع المدير العام لإدارة الشرق الأوسط بوزارة الخارجية التركية السفير كريم كيراتلي، حيث أكدت الدول الثلاث مواقف قطع العلاقات مع قطر نتيجة دعمها للإرهاب وعملها على زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة. وأكد المجتمعون بأن ما يجري في الخليج هو مقاطعة الدول الثلاث لدولة قطر وليس فرض حصار عليها، وذلك رغبة في مواجهة الإرهاب وحفظ الأمن القومي. كما أكد المجتمعون أن الدول الثلاث تراعي الأوضاع الإنسانية للشعب القطري الشقيق، خصوصاً فيما يتعلق بالعائلات المشتركة الموجودة في دولهم ودولة قطر.
في المقابل، أصرت قطر على موقفها بتجاهل المطالب الأساسية المتعلقة بوقف دعمها وتمويلها للإرهاب والهروب من الإجابة بتوجيه الأنظار إلى قضايا أخرى، حيث قال مدير مكتب الاتصال الحكومي بقطر سيف بن أحمد في بيان "إن المطالب ليست لمحاربة الإرهاب بل للحد من سيادة قطر والتدخل في سياستها الخارجية".
وأضاف "إن هذه المطالب لا تتسق مع المعايير التي طالبت بها كل من الخارجية الأميركية والخارجية البريطانية بأن تكون منطقية وقابلة للتنفيذ وواقعية ومتوازنة"، فيما اعتبر السفير القطري في الولايات المتحدة مشعل حمد آل ثاني، أن اللائحة هدفها معاقبة قطر على استقلالها.
وأكد وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة احترام بلاده سيادة قطر، لكن مع تشديده في الوقت نفسه على أن دعم الإرهاب ليس سيادة، وقال في تغريدة على حسابه الرسمي في "تويتر"، ردًا على تصريحات مسؤولين قطريين، بأن المطالب الخليجية تشكل تدخلاً بالشؤون الداخلية لقطر :"نحترم سيادة قطر على أرضها وشعبها وحدودها وما يخصها ولا نريد انتقاصها، في حين لن نسمح لأي محاولة لجعل التدخل ودعم الإرهاب من أمور السيادة".
من جهتها، أعربت جمعية الأصالة الإسلامية عن تأييدها لقرار البحرين والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، وتفهمها أسباب غلق الحدود والمنافذ الجوية والبحرية والبرية، بعد سنوات طويلة من السياسات الإعلامية التي تهدد أمن واستقرار ومجلس التعاون، وعدم التزام قطر الاتفاق الذي وقعت عليه عام 2014، وحذرت من الخطورة الشديدة للتقارب العسكري بين قطر وإيران، وطالبت الدوحة بأن تستجيب لأشقائها، وأن يتفهم أعضاء مجلس التعاون أن سلامهم وأمنهم يكمن في الوحدة والتقارب واحترام بعضهم البعض.