دائرة التنمية الاقتصادية في أبو ظبي

رفض مستثمرون ورجال أعمال، توسع مراكز تجارية في إقرار نظام تأجير يسمح للمولات بمشاركة أصحاب المحال التجارية في الأرباح، عبر إقرار قيمة إيجارية ثابتة للوحدة، وفي الوقت ذاته تحديد نسبة محددة من المبيعات، وتحصيل "أيهما أعلى"، حيث ترتفع في بعض الأحيان إلى 3 أضعاف، وقال هؤلاء الكثير من المراكز التجارية باتت تصر على تحديد نسبة من المبيعات تتراوح بين 5 و15%، وفي الوقت ذاته تحديد قيمة للإيجار، ليتم اقتطاع هذه النسبة في حالة زيادة المبيعات على قيمة الإيجار، بينما في حالة تراجع المبيعات يلتزم المول بقيمة الإيجار المحددة، ما يضمن تحقيق المراكز التجارية لمكاسب مالية في جميع الأحوال.

وأكد بلال مصطفى الخالد المدير العام لمجموعة شركات كبرى في أبو ظبي، تضرر المجموعة، التي تمتلك عددًا كبيرًا من المحال التجارية بعدة مراكز تجارية، من إصرار بعض المولات على توقيع عقود "إذعان"، بهدف الحصول على نسبة تتراوح بين 5 و15% من إجمالي الدخل، بل تصل أحيانًا إلى 18%، وأضاف أن المجموعة فوجئت مؤخرا عند انتهاء عقد إيجار أحد المحال، والذي تُقدّر قيمة تأجيره بنحو 500 ألف درهم سنويًا، بإصرار إدارة المول على إضافة بند يسمح لها بالحصول على نسبة من الدخل تصل إلى 10%، مع تحديد قيمة الإيجار الجديدة بـ525 ألف درهم، بزيادة 5% سنويًا، وتحصيل "أيهما أعلى".

وشدّد الخالد أن مثل هذا التوجه يزيد من خسائر المجموعة في ظل سداد نسبة كبيرة من الدخل لأصحاب المولات "من دون وجه حق"، موضحًا أن المجموعة تسدد ما لا يقل عن 150 ألف درهم، أعلى من سعر الإيجار بعقد كل محل، نتيجة تطبيق نظام "أيهما أعلى". وقال الخالد "أصحاب المحال والمستثمرين يتحملون الكثير من التكاليف، سواء في تجهيز الديكورات ودفع الرواتب، وسداد الرسوم المتنوعة للعديد من الجهات، وتكاليف النقل، والدعاية والتسويق، ليأتي بعد ذلك المول ليطالب بنسبة من إجمالي المبيعات والدخل، وهو ما قد يلتهم نسبة كبيرة من الأرباح، بل قد يلتهم جميع الأرباح ببعض المحال".

وأضاف أن جميع المولات في أبو ظبي باتت تفرض هذا الأسلوب، باستثناء عدد قليل من المولات القديمة، موضحًا أن المولات تشترط إضافة هذا البند عند تجديد العقود، ما يشكل ضغطًا على المستثمرين، في ظل ارتباط بعض المحال بموقع محدد، وارتباط الزبائن به، فضلًا عن تحمله تكاليف التجهيز والديكورات بالمحل، كما أشار إلى أن ما تقوم به المولات لا يساعد المستثمرين، لافتًا إلى قيامه مؤخرًا بتقديم شكوى رسمية بهذا الشأن لغرفة تجارة وصناعة أبو ظبي، ودائرة التنمية الاقتصادية في أبو ظبي، ولفت إلى "تضرر التجار من عدم وجود نظام لحمايتهم من مثل هذه الإجراءات"، التي تتخذها المولات، تحت ذريعة "العرض والطلب".

آليات تنظيمية

ومن جانبه، أكد رجل الأعمال عبد الواحد أحمد المرزوقي أهمية إعادة النظر في الإيجارات التجارية، لاسيما في ظل انخفاض إيجارات الوحدات السكنية، مطالبًا بضرورة إيجاد آليات للحد من الزيادات المبالغ فيها من قبل بعض الملاك. وأشار المرزوقي إلى تضرر المستثمرين من اشتراط بعض المراكز الحصول على نسبة من المبيعات تتراوح غالبا بين 7 و10%، بدلًا من القيمة الإيجارية الثابتة والمحددة بالعقد، من خلال إضافة بند "أيهما أكثر"، ما يضمن استفادة المول من مبيعات المحال.

إلى ذلك، أكد الدكتور خالد علي الحضرمي مستشار قانوني ومحكم معتمد أن المعاملات التجارية تكون باتفاق الطرفين، ومن ثم فإن اتفاق الطرفين على اشتراطات محددة لتحصيل قيمة الإيجار سواء بقيمة ثابتة أو نسبة من المبيعات، يعد صحيحًا بالتراضي بينهما، أما في حالة توجه المركز التجاري لإجبار المستأجرين على اشتراطات محددة، فإنه يمكنه اللجوء بشكاوى رسمية للجهات المختصة مثل دائرة التنمية الاقتصادية، أو اللجوء للقضاء.

استثمارات ضخمة

بيد أن محمد الحاج الرئيس التنفيذي لشركة مبارك وإخوانه للاستثمارات، والتي تولت تطوير مركز "ديرفيلدز تاون سكوير" للتسوق في أبو ظبي، يؤكد أنه لا يمكن النظر لإيجارات المحال التجارية بمراكز التسوق من جانب واحد، حيث إن هذه المراكز شهدت استثمارات ضخمة، تقدر بمليارات الدراهم. وقال الحاج، إن طرح بعض العقود لقيمة إيجار أو نسبة مبيعات، مع اشتراط تحصيل "أيهما أعلى" يطبق فقط على المحال الكبيرة، والتي قد تزيد مساحتها على 500 متر مربع، ولكن لا يمكن إقرار هذا النظام على المحال الصغيرة.

وأشار إلى وجود أكثر من طريقة لتأجير المساحات التجارية بمراكز التسوق، هي التأجير التقليدي عبر سداد قيمة الإيجار، أو سداد نسبة من المبيعات فقط، وكذلك الجمع بين القيمة الإيجارية ونسبة المبيعات، وأخيرًا تحديد قيمة إيجارية ونسبة مبيعات مع تحصيل أيهما أعلى، وهو ما يساعد العميل على اختيار الطريقة المناسبة له، بناء على متغيرات عديدة، منها المساحة ومدة التأجير ومكانة العلامة التجارية بالسوق، وأوضح أن المحال الصغيرة ربما يناسبها أكثر نظام سداد نسبة من المبيعات فقط، لاسيما أن بعض صغار المستثمرين يتخوفون أحيانا من بدء أعمالهم، وعدم نجاح المشروع، بينما توفر لهم هذه الطريقة الأمان، وعدم الخوف من سداد قيمة إيجارية ثابتة، ثم فشل المشروع في تحقيق مبيعات.

العقارات التجارية

بدوره، أكد حمد العوضي عضو مجلس إدارة غرفة تجارية وصناعة أبو ظبي أن منظومة العقار التجاري تختلف عن السكني من عدة جوانب، تتعلق بالإخلاء، أو الأسعار والرسوم، موضحًا أن المشروع التجاري الناجح في منطقة ما، قد لا ينجح في حالة إخلاء المستثمر للمحل والانتقال بنشاطه لمنطقة أخرى، وأشار إلى ضرورة وجود تشريعات قانونية خاصة بالعقار التجاري، لاسيما أن تبعات الانتقال من موقع تجاري لأخر، قد تؤدي لانهيار المشروع بالكامل، في ظل ارتباط بعض الأنشطة بمواقع محددة، فضلا عن تحمل المستثمر تكاليف ديكورات وتجهيزات بالمحل.

وأشار إلى مشاركة المولات في أرباح المحال التجارية، غير مناسب خلال هذا التوقيت، موضحًا أن كثير من أصحاب المولات يعتقدون أن المحال الكبرى والمتخصصة في السلع الفاخرة، تحقق أرباحًا خيالية، نتيجة زيادة قيمة المنتجات، دون النظر للتكاليف التشغيلية العالية لها، مضيفا : على سبيل المثال قد يوجد محل صغير تكلفته التشغيلية لا تزيد على 25 ألف درهم، ولكن يحقق أرباحًا بقيمة 50 ألفًا، أي بنسبة 200%، بينما لا يحقق محل آخر كبير أرباحًا تتجاوز 10%.

شراكة عند الانتعاش .. فراق عند الانخفاض

وقال عبدالواحد المرزوقي، إنه في حالة استئجار محل تجاري بنصف مليون درهم سنويًا، فإن المركز التجاري قد يضيف بندًا للحصول على نسبة 10% من المبيعات، بديلا عن الإيجار، مع إضافة عبارة "أيهما أكثر"، ومن ثم فإنه في حالة تحقيق المحل لمبيعات بقيمة 10 ملايين درهم، فإن المول يحصل على مليون درهم للإيجار، ولكن في حالة انخفاض المبيعات إلى 4 ملايين درهم أو أقل من ذلك، فإن الإيجار الذي سيحصل عليه المول لن ينخفض عن 500 ألف درهم كحد أدنى، ما يعني تحقيق المول مكاسب مالية مرتفعة ومضمونة في جميع الأحوال، فهو يستفيد بشكل أكبر مع ارتفاع مبيعات المحل، بينما لا يتم التعامل بنفس المبدأ في حال تراجع المبيعات.

الإيجار 450 ألف درهم والمحل يدفع 1.27 مليون درهم

وقال بلال الخالد، إن المجموعة التجارية التي يعمل بها على سبيل المثال، تستأجر محلًا تجاريًا في مول تجاري في أبو ظبي بقيمة 450 ألف درهم سنويًا، بينما يحقق المحل، المتخصص في الساعات الفاخرة، مبيعات تصل إلى 35 ألف درهم يوميًا، أي ما يعادل 12.77 مليون درهم سنويا، فيما اشترط المول مؤخرًا الحصول على 10% من قيمة مبيعات المحل، بدلًا من الإيجار تحت ذريعة "أيهما أعلى"، ما يعني سداد نحو 1.27 مليون درهم قيمة إيجارية للمول، ما يعادل نحو 3 أضعاف قيمة الإيجار.