الملك سلمان بن عبد العزيز

استعدت موسكو لاستقبال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الأربعاء، وتعد الزيارة الأولى لعاهل سعودي إلى روسيا منذ إقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين قبل نحو قرن. وينتظر أن يلتقي الملك سلمان الرئيس فلاديمير بوتين الخميس. وأعلن الكرملين أن موسكو "مستعدة لحوار مفتوح وبناء علاقات ثنائية، وبحث ملفات إقليمية ودولية.

وانشغلت الأوساط السياسية والاقتصادية الروسية خلال الأسابيع الأخيرة، بالتحضير للزيارة وإعداد رزمة واسعة من الاتفاقات السياسية والثقافية وبروتوكولات التعاون في مجالات مختلفة، والعقود الاقتصادية والاستثمارية. وشدد الكرملين على الأهمية الخاصة التي توليها موسكو للزيارة، خصوصًا في هذا التوقيت، بعدما شهدت الفترة الأخيرة تقارباً واسعاً في عدد من الملفات، أسفر عن اتفاق ضبط انتاج النفط منتصف العام على المستوى الاقتصادي المهم للبلدين، وانعكس سياسياً في الملف السوري، من خلال التأييد القوي الذي اعربت عنه موسكو لجهود المملكة في مساعي توحيد وفد المعارضة السياسية السورية، وعبر تأكيد وزير الخارجية سيرغي لافروف الذي زار المملكة الشهر الماضي، أن الرياض "بينت دعمها مسار آستانة لتثبيت وقف النار في سورية واعادة الاستقرار، ومواقف البلدين متطابقة في ضرورة التوصل الى حل سياسي يعيد الاستقرار والأمن الى سورية".

وكان بوتين دعا خادم الحرمين لزيارة موسكو منتصف العام الماضي، وأكد أن بلاده ترحب بزيارة الملك سلمان في اي توقيت يناسبه. وشدد الناطق الرئاسي الروسي ديمتري بيسكوف ليل الجمعة، على امل روسيا بأن الزيارة التي وصفتها اوساط سياسية روسية بانها «تاريخية» ستمنح «زخماً جديداً لتطوير العلاقات وقدراتنا للتعاون لكبر بكثير من مستوى التعاون الحالي».

وبين أن «المملكة العربية السعودية تلعب دوراً مهماً للغاية في الشؤون الاقليمية وهي من الدول الرائدة، ولذلك تهتم روسيا بالحفاظ على الحوار معها، بما في ذلك في إطار مناقشة الوضع في منطقة الشرق الأوسط وسورية خصوصاً». بالاضافة الى التعويل على تعاون سياسي مهم في الملفات الاقليمية، تركز المحادثات خلال الزيارة على البعد الاقتصادي واهميته بالنسبة الى البلدين.

وأعلنت شركات روسية عملاقة بينها السكك الحديد، وصناعة الطيران المدني والمروحيات وشركات تعمل في مجال الطاقة، عن تقديم لائحة واسعة من العروض لتنشيط تعاون مشترك يلبي مصالح البلدين. علماً بان بعض المشاريع التي ستكون مطروحة للبحث كانت نوقشت سابقاً خلال زيارة ولي العهد الامير محمد بن سلمان روسيا منتصف العام، وهي مشاريع في مجال الطاقة والتصنيع المشترك لبعض الاليات، اضافة الى البنى التحتية والانشاءات والسكك الحديد.

وكانت موسكو والرياض وقعتا قبل عامين عدداً من الاتفاقات ومذكرات التعاون، في المجالات الدفاعية والعسكرية، والاقتصاد، والاستخدام السلمي للطاقة الذرية، والإسكان، والاستثمار، والتعاون العلمي في المجالات الفنية والتقنية. وينتظر بعضها ان يدخل حيز التنفيذ بعد زيارة الملك سلمان. ولم تخف اوساط روسية تطلعها الى تفعيل مناقشات سابقة حول مشاركة روسيا في مفاعلات نووية للاستخدام السلمي في المملكة.

ولفتت أوساط في وزارة التعاون الاقتصادي الى اعداد رزمة من مذكرات التعاون والعقود في مجالات مختلفة. كما تعول روسيا على دفعة كبيرة سيتلقاها قطاع الاستثمار خلال الزيارة، واعلن رئيس صندوق الاستثمار المباشر الروسي كيريل دميترييف عن منصة استثمارية جديدة مشتركة في مجال الطاقة. وأضاف أن «صندوق الاستثمار المباشر الروسي اقترب في الايام الاخيرة من استكمال المباحثات مع الشركاء السعوديين حول تنفيذ مشاريع روسية كبرى في السعودية».

وأشارت إلى أن البلدين حققا نتائج ملموسة في مجال التعاون الاستثماري، عبر صندوق مشترك تبلغ قيمته 10 بلايين دولار، يشكل المنصة المشتركة للصندوق الروسي وصندوق الاستثمارات العامة السعودي. وزاد ان المستثمرين السعوديين في روسيا نفذوا عددا من المشروعات ذات المنفعة العالية في مجالات مثل البتروكيماويات والبنية التحتية واللوجستية والطاقة الكهرمائية».

وكان المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط، نائب وزير الخارجية، ميخائيل بوغدانوف، قد أعلن في وقت سابق أن العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود سيقوم بزيارة لروسيا في بداية أكتوبر/ تشرين الأول المقبل. ومن المقرر أن يلتقي الملك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهناك حزمة من الوثائق يتم تحضيرها للتوقيع عليها، لا سيما وأن وزارة التنمية الاقتصادية الروسية أرسلت للجانب السعودي «خارطة طريق» لتعزيز التعاون بين البلدين.