طرابلس ـ فاطمة السعداوي
اعتبر المستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي، أن المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني، "خط أحمر"، بينما قال خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، إنه لا يعترف بحفتر، ولا بمنصبه ولم يصافحه، وذلك في مؤشر مبكر على بداية "تعثر" "اتفاق باريس"، الذي رعاه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بين الفرقاء الليبين. وقال رئيس البرلمان، الموجود في مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي، إن المشير حفتر والجيش الوطني أنقذ تحت قيادته الليبيين، وحتى بعض الدول المجاورة من خطر الإرهاب. ولفت إلى أنه "إذا خلصت النوايا، فالموعد المحدد لإجراء الانتخابات في العاشر من ديسمبر/كانون الأول المقبل، ممكن ومقبول، قبل أن يضيف موضحًا "نحن جاهزون لدعم المجتمع الدولي في حفظ الأمن، وإخراج الميليشيات المسلحة من العاصمة".
لكن صالح رأى في المقابل أن تمرير الدستور الجديد للبلاد يحتاج إلى موافقة 120 عضوًا من إجمالي عدد أعضاء البرلمان، البالغ عددهم 200 عضو، وقال في هذا السياق: "إنه لأمر صعب توفير هذا العدد الذي يتطلبه النصاب القانوني لتمرير الدستور"، موضحًا أنه سيعرضه مجدداً على البرلمان عقب عيد الفطر لمناقشته. وإذا حصل على الموافقة سيذهب للشعب للاستفتاء عليه، وفي المقابل لدينا تعديل دستوري جاهز، يحدد كل ما يتعلق بانتخابات الرئاسة المقبلة، وإذا لم يتم تمرير الدستور سنعمل بالإعلان الدستوري.
ولم يتأخر رد فعل خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، الذي يتخذ من العاصمة الليبية طرابلس مقراً له، حيث قال للقناة الفرنسية نفسها، في تصريحات بثتها، إنه لا يعترف بحفتر كقائد عام للجيش، ووصفه بأنه "قوة أمر واقع، وليس قوة شرعية"، مبرزًا أنه أبلغ هذا الكلام لمبعوث الرئيس الفرنسي ماكرون، عندما تلقى دعوة لاجتماع باريس. وأضاف المشري موضحًا "أعترف بقائد أعلى للجيش الليبي اسمه فائز السراج (رئيس حكومة الوفاق الوطني)، ورئيس أركان موجود في طرابلس هو عبد الرحمن الطويل".
ونفى المشري في تصريحات نشرها مكتبه الإعلامي على صفحته عبر "فيسبوك" قيامه بمصافحة حفتر، أو التحدث معه خلال اجتماع باريس، وقال إن حفتر مسؤول عن مأساة 130 ألف ليبي نازح من درنة، بسبب الحرب التي يشنها هناك، قبل أن يدعو لوقف إطلاق النار وفتح ممرات آمنة كرسائل إيجابية قبل الحوار. ورأى المشري، الذي قال إنه لا يمثل الإخوان المسلمين في رئاسة مجلس الدولة، أن ما يفعله حفتر في درنة هو تصفية خصوم سياسيين، وليس حرباً على الإرهاب. ودخل السراج على الخط، حيث اعتبر أن الخطوط الحمراء التي لا يمكن التفريط فيها هي وحدة ليبيا وسلامتها، ومصلحة المواطن وحقه في تقرير مصيره عبر السبل الديمقراطية، ومن خلال صناديق الاقتراع. ودعا السراج الجميع إلى تقديم تنازلات، لتعبر ليبيا إلى بر الأمان، مؤكداً أنه يقف على مسافة متساوية من كل الأطراف، والتزامه بما تمخضت عنه قمة باريس.
وبحث السراج، في طرابلس مع قائد القوات الأميركية في أفريقيا أفريكوم توماس والدهاوسر والسفيرة ستيفاني ويليامز، القائمة بأعمال السفارة الأميركية لدى ليبيا، المسار السياسي والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب. واعتبر أن تنفيذ بنود إعلان باريس، الذي تم الاتفاق عليه ليس سهلاً، فهناك تحديات تحتاج إلى جهد وصدق جميع الأطراف، وموقف دولي موحد يدعمها.
وأكد الجنرال والدهاوسر أن عمليات مطاردة فلول الإرهاب مستمرة، وأن قواته تقوم برصد ومتابعة تجمعاتهم، واستهدافها بالتعاون والتنسيق الكامل مع حكومة السراج. ورحبت ويليامز بلقاء باريس، ودعمها لكل جهد يصب في صالح استقرار وأمن ليبيا، مع تأكيدها على أهمية الإعداد الجيد، وتوفير أرضية صلبة لإنجاح كافة الاستحقاقات بتنسيق مباشر مع الأمم المتحدة. وبيّن جوزيبى بيروني، سفير إيطاليا لدى ليبيا، أمس، على أن الالتزامات التي أكدها الليبيون الحاضرون في لقاء باريس لا يجب أن تبقى مجرد كلمات من دون محتوى، واعتبر في تصريحات لوسائل إعلام ليبية وإيطالية، أعاد بثها بتغريدة عبر موقع "تويتر"، أن أي قرار يخص تحديد تاريخ الانتخابات هو أمر يخص الليبيين فقط. وقال بهذا الخصوص: "إن المجتمع الدولي لا يمكنه أن يستبدل الدور الليبي، ولا نحتاج لالتزامات جديدة"، معتبرًا أن هناك أطرافًا متعددة في ليبيا يجب أن تشارك في مسار الحل.