دمشق ـ نور خوام
أكد غفور، معلم اللغة العربية، الذي حاول الهرب من الغوطة الشرقية ولكنه فشل، أن القوات الحكومية والمتمردين السوريين يمنعون العائلات من الهرب، قائلًا "أعيش في دوما في شمال الغوطة الشرقية، ولدي ثلاثة أطفال دون سن 15، حاولت تهريبهم إلى خارج المدينة مع عائلتي ولكن المقاتلين المعارضين يمنعون جميع العائلات من المغادرة، حتى أن المهربين لا يتمكنوا من مساعدة الراغبين في الهرب لأنهم يعلمون أن الحركات المتمرد تسيطرة على الغوطة الشرقية".
وأضاف غفور "حاولت ولكن دون جدوى"، ووصف كيف أن أحد قادة المتمردين، ربما من جيش الإسلام الذي يسيطر على هذا الجزء من المنطقة المحاصرة، ألقى القبض عليه وعائلته يوم الخميس الماضي، عندما كانوا يحاولون الانتقال من دوما إلى منطقة أخرى محتلة للمعارضة غربًا تدعى حرستان، موضحًا "صرخ في وجهي وقال: يجب أن تبقى هنا وتدعم معركتنا ضد النظام، ويجب حتى أن لا تهرب زوجتك وأطفالك بعيدًا، إذا هربنا عائلاتنا، فإن معنوياتنا ستنخفض وسنخسر".
وعاد غفور إلى منزله مع عائلته ويقول إنهم يتوقعون أن يقتلوا في أي لحظة، ومع ذلك، فهو متعاطف مع المتمردين الذين منعوه من الهرب، موضحًا "أنا لا أقاتل، لكني أذهب وأرى المقاتلين في مكان قريب، وأقدم المساعدة في حال احتاجوا إليها"، ويخشى من الانتقام الحكومي، قائلًا إنه من الخطر حتى استخدام الهاتف المحمول لأن النظام يسجل المكالمات، مضيفًا "تم القبض على صديق لي الشهر الماضي بسبب بعض المكالمات التي أجراها في دوما قبل أن ينتقل من هناك إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام".
وأضاف غفوؤ إنه أصبح من المستحيل الآن العبور من حرستا أو دوما إلى الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة، كما كان ممكنًا من قبل، لأن النظام لن يسمح لهم بالذهاب إلى مناطقه، ونتيجة لذلك، لا يزال هو وأسرته في منزلهم، مرعبين ومربكين حول ما سيحدث بعد أسبوع من القصف المستمر، موضحًا "لقد فقدت صديقي في شفونيا أمس في غارة جوية".
وكان غفور يتحدث في الوقت الذي وافق فيه مجلس الأمن الدولي على قرار يطالب بوقف إطلاق النار لمدة 30 يومًا في سورية ما نتج عنه تخفيف القصف الذي أسفر عن مقتل 500 شخص في الغوطة الشرقية خلال الأسبوع الماضي، وكان هذا أيضًا قبل مزاعم بأن القوات الحكومية السورية كانت تستخدم غاز الكلور، وما يبرز هو أن جماعات المعارضة المسلحة في الغوطة الشرقية والحكومة تمنع مغادرة الناس، وهذا ما أكده تقرير مدعوم من الأمم المتحدة يسمى ريتش، والذي يقول "إن النساء من جميع الأعمار، والأطفال، ما زالوا ممنوعين من قبل الجماعات المسلحة المحلية من مغادرة المنطقة لأسباب أمنية".
وكان هذا هو الحال في جميع المناطق المحاصرة في سورية، حيث لا تريد الجماعات المتمردة أن تصبح المناطق التي يسيطرون عليها مهجورة، لأنها ترغب في الاحتفاظ بأكبر قدر ممكن من السكان المدنيين لاستخدامهم كدروع بشرية، ولكن غفور على حق في التفكير بأنه وعائلته سيتعرضون للخطر حتى لو تمكنوا من شق طريقهم إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، ومن المرجح أن يكون الرجال في سن الجيش، على وجه الخصوص، محتجزين لأنهم يشتبه بهم أنهم مقاتلون متمردون أو لأنهم عرضة للتجنيد في الجيش السوري، وقد يكون الاحتجاز فورًا أو يحدث في وقت لاحق في أي من آلاف من نقاط التفتيش الحكومية.
ومن جانبها، أوضحت رانيا، 22 عامًا، وهي طالبة في العام الرابع، تدرس الأدب الإنجليزي في جامعة دمشق، ما حدث في منطقتها ورد الفعل، وهي تعيش في حي الدويلعة، منطقة تسيطر عليها الحكومة، ولكنها تقع بين منطقتين تسيطر عليهما المعارضة، عين ترما في الشمال ومخيم اليرموك في الجنوب " كان يقصف حينا مرة أو مرتين في الأسبوع من قبل مقاتلي المعارضة منذ العام الماضي، ولكن منذ الأسبوع الماضي قصف الحي يحدث كل يوم "، وتجلس هي وأصدقائها في المنزل منذ أسبوع، ولا يمكنهم حتى الخروج لشراء الطعام، ولكن الجيش، والشبان يعرضون نفسهم للخطر ويقومون بتزويدهم بالطعام، وتابعت "الناس يقتلون كل يوم في حينا، أمس، أصابت قذيفة شرفة منزل جارنا وقتلت ابنته التي كانت طالبة جامعية".
وهناك حوادث مماثلة كل يوم، حيث أصيب أحد المنازل بالقرب من رانيا بصاروخ، وقتل أم وطفلها البالغ من العمر ثلاثة أعوام، ونتيجة لذلك، تقول رانيا إن الناس في منطقتها يتحدثون عن ما يحدث في الغوطة بطريقة سلبية جدًا، وهذا يعني أنهم جميعًا يؤيدون استخدام القوة القصوى هناك، موضحة "أن صاحب متجر في منطقتنا فقد ابنه في الغوطة، كان يعمل في الجيش السوري، وبينما كان هو ووحدته يحاولان اقتحام الغوطة الشرقية، قتل مع العديد من الجنود الآخرين، ويقول صاحب المتجر والعديد من الذين فقدوا أبنائهم إنه حتى أطفال الغوطة يجب قتلهم لأنهم إذا كبروا، فإنهم سيكونون أيضًا إرهابيين".