ابوظبي - صوت الامارات
استضافت الاتحاد في مقرها الرئيسي في أبوظبي، الثلاثاء الماضي، حلقة نقاشية بعنوان "قطر والإسلام السياسي..تحالف مصالح أم أيديولوجيا؟"، وسلط المشاركون على مدار ثلاث جلسات الضوء على محور مهم في الأزمة القطرية، وهو علاقة الدوحة بتنظيمات الإسلام السياسي، وجذور هذه العلاقة وأبعادها وانتهازيتها، وعواقب الاستثمار فيها، وتوصل المشاركون إلى استنتاجات مهمة وتفسيرات لنهج النظام القطري، الذي ثبت أنه قد بات مختطفًا من التنظيمات المتطرفة ويأتمر بأمرها، وينفذ مخططاتها.
لم يعد نظام الحمدين يسعى لتحقيق مصالح وطنية منطقية لبلاده، بل بات ينفذ أجندة التنظيمات المتطرفة، يغوص في مستنقع من لاعقلانية حيّرت علماء السياسة وأعيت المحللين السياسيين، الاتحاد فتحت نافذة عبر هذه الحلقة النقاشية تسعى من خلالها لتشريح وتفسير نهج نظام الحمدين، وتبصير الرأي العام بخطورته، وكشف تحركاته الرامية لشق الصف الخليجي وبث الفوضى في العالم العربي.
في البداية رحب الأستاذ محمد الحمادي، رئيس تحرير "الاتحاد"، بضيوف الحلقة النقاشية، ونقل إليهم تحيات رئيس مجلس إدارة أبوظبي للإعلام معالي نورة الكعبي، وأيضًا تحيات الدكتور علي بن تميم مدير عام أبوظبي للإعلام، موضحًا أننا نناقش موضوعًا مهمًا استمر الحديث عنه طوال الشهور الثلاث الماضية، إنها قضية مؤثرة على الصعد الأمنية والسياسية والاقتصادية. وقال الحمادي: نحاول اليوم التركيز على محور أساسي يتمثل في دعم قطر للإسلام السياسي، المتمثل في وجود "الإخوان" في الدوحة، وتأثير هذه المجموعة على القرار القطري
لاحظنا كلمة الشيخ سلطان بن سحيم الذي تطرق إلى وجود جماعات مؤثرة، وكأن الدولة هناك مستعمرة وهناك غرباء يؤثرون على القرار السياسي في قطر، أمور مهمة ينبغي تناولها في هذه الأزمة، فثمة جماعات تؤثر على صناعة القرار في قطر، وأضاف الحمادي:نحن في مؤسسة وطنية دورنا لا يقتصر على الصحافة والكتابة ونشر المقالات والأخبار فقط، بل أيضًا يمتد للحوار والنقاش والحديث حول القضايا الراهنة، من خلال التساؤلات وأيضًا آليات العصف الذهني، ثم افتتح الحمادي الجلسة الأولى التي أدارها بعنوان "جذور العلاقة بين قطر والإسلام السياسي"، واستهل الدكتور محمد بن هويدن، أستاذ العلاقات الدولية ورئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الإمارات أوراق الجلسة، بالعمل على تفسير دوافع النظام القطري التي جعلته يرتبط بالتيارات المتطرفة في المنطقة، وما يعكسه ذلك من تعويض لنقص في سيكولوجية ساسة قطر.
لا عقلانية النظام القطري
وأثنى ابن هويدن على "الاتحاد"، واصفًا إياها بالمؤسسة الوطنية الرائدة، وحسب د.ابن هويدن، فإن علم السياسة دائمًا يجعلنا ندرك أن الدول تتحرك في سياساتها الخارجية والداخلية وفق عاملين أساسيين: الأول والأهم هو عامل المصلحة الوطنية، والعامل الثاني هو إيمان الدول بمبادئ إنسانية مثل حقوق الإنسان والديمقراطية، وقال: عندما نحاول تطبيق هذا على الحالة القطرية، نجد- للأسف- أن قطر لا تتحرك وفق مصلحة وطنية، ولا وفق مبادئ إنسانية وعالمية؛ أي أن قطر لا عقلانية في سياساتها، بل هذه دولة تقتل نفسها بنفسها.
ويرى ابن هويدن أن القطريين ظنوا أن علاقتهم مع الجماعات المتطرفة في البداية تمثل مصلحة وطنية، لكن ثبت أن هذا غير صحيح.. فالمصلحة الوطنية تتمثل في الحفاظ على كينونة الدولة وهويتها السياسية، وعندما يتم ضرب كينونة الدولة وهويتها السياسية، فإن ذلك يعني ضرب مصلحتها الوطنية في مقتل.
وتساءل ابن هويدن: ما الذي يجعل قطر تفكر بهذا المنطق؟ وما الذي جعلها تتحالف مع الجماعات المتطرفة؟ هناك نظرتان لتفسير هذا السلوك، الأولى مفادها أن قطر تستغل هذه الجماعات، ونظرة أخرى تقول إن قطر تقوم بدور ما وهذه الجماعات تنفذ هذا الدور. أي أننا نفسر ذلك على أساس الاستغلال القطري لهذه الجماعات منذ عام 1995 إلى الآن
. الدوحة لديها أهداف، وتريد تحقيقها، لكنها أدركت أنها لن تستطيع نتيجة وجود صعوبات، ولديها عقدة كونها دولة صغيرة وضعيفة عسكريًا وليس لها أيديولوجيات وتريد اللجوء إلى جهات تساعدها لتحقيق هذا الهدف.
سراب الهيمنة القطرية
وأكد "ابن هويدن" أن الدوحة تريد خلق نظام إقليمي بهيمنة قطرية، نظام تكون لديها فيه اليد العليا. واستمرار قطر في نهجها، دليل على أن لديها هدفًا هو خلق نظام إقليمي جديد تهيمن هي فيه، لكنها دولة ضعيفة وصغيرة ولا تستطيع منافسة السعودية، فلجأت إلى الجماعات الإسلامية.
النظام القطري، من وجهة نظر د. ابن هويدن، تقارب مع هذه الجماعات المتطرفة معتقدًا أنها تستطيع إضعاف السعودية، الدولة المحورية في النظام الإقليمي، وكذلك مصر التي يريد النظام القطري أن ينافسها.. هذه الجماعات - من المنظور القطري- تستطيع إضعاف مصر والسعودية والعراق والسودان
. وهو يرى أن النظام القطري نجح في إضعاف بعض الدول من خلال هذه الجماعات، أملًا في إمكانية خلق نظام تكون قطر فيه دولة مهيمنة، ولجأت إلى هذه الجماعات التي هي خصوم لخصوم لقطر " في السياسة منطق عدو عدوي صديقي"، خصوم مصر والعراق وسورية والإمارات هي الجماعات المتطرفة التي تريد أن تستخدمها الدوحة لضرب هؤلاء الأعداء. كما أن النظام القطري يحاول أن يبرز أمام الولايات المتحدة بأنه الطرف القادر على تحقيق مصالح واشنطن؛ لأنه تستطيع التأثير على تلك الجماعات.
سياسة تعويض النقص
ويرى د.ابن هويدن أن النظام القطري إذا أراد خلق نظام مهيمن، فإن لديه مشكلة تتمثل في أن لديه المال، لكن ليس لديه القوة العسكرية، هو لجأ للأميركيين لتعوض هذا النقص..
قطر ليس لديها فكر يعزز هذه الهيمنة، وليس لديها منطق أيديولوجي أو عقائدي، فمن يستطيع منافسة الوهابية في السعودية؟ قطر لجأت إلى "الإخوان"، ورأت فيهم أنهم أصحاب أيديولوجية، وأكثر جماعة متوغلة في المنطقة، ومنذ 1995 وقطر تدعم "الإخوان" في كل مكان، في مصر والسودان وليبيا وسورية والخليج واليمن وفلسطين وتركيا. كما أن قطر - حسب د. ابن هويدن- تحاول أن تبعد نفسها عن خطر هذه الجماعات، "الإخوان" و"داعش" و"طالبان" وتقاربت معها على أمل أن تصبح محصنة من خطرها.
النظام القطري اعتقد أن هذه الجماعات لن تنجح في تحقيق أهدافها، كتدشين دول إسلامية، أو دولة خلافة، ولا تستطيع السيطرة على الدوحة، التي تريد استغلال هذه الجماعات لصالحها، والقيادة القطرية تعتقد بأن تلك الأطراف لا يمكن أن تنجح في تحقيق مشروعها الكبير، وبالتالي يمكن استغلالها لتحقيق أهداف للدوحة أهمها إضعاف السعودية ومصر، أي إضعاف دول محورية في النظام الإقليمي لصالح دور قطري، وإضعاف العراق وسورية وليبيا وحتى إضعاف إيران "في سورية والعراق" والسودان، وللأسف انقلب السحر على الساحر، وباتت هذه الجماعات تسيطر على القرار القطري.
تنفيذ الأدوار
ومن وجهة نظر "ابن هويدن"، فإن التحليل الثاني، الذي من خلاله يمكن تفسير دعم الدوحة للتيارات المتطرفة، يتمثل في مهمة تنفيذ الأدوار، فهذه الجماعات قلبت السحر على الساحر، الجماعات المتطرفة استولت على قطر وبدت الدوحة مختطفة، والدليل على ذلك أن قطر إلى اليوم لا تتراجع وتكابر، على سبيل المثال، أمير الكويت يقول إن قطر قبلت بالـ 13 مطلبًا التي طرحتها الدول الأربعة، والدوحة تنكر وتكابر.
. ويقول ابن هويدن: إن القرار السياسي في قطر ما عاد في يد القيادة القطرية، الخلاصة أنه طالما أن الدوحة تتحالف مع هذه الجماعات والأخيرة تريد تحقيق مصالحها، فإن قطر باتت بعيدة عن المنطق السياسي السليم.. هي تحقق مصالح وأطماع جهات أخرى وليس مصلحة قطر الوطنية، وربما الأمر يتعلق بوعد "الإخوان" المتمثل في جعل حمد بن خليفة "خليفة للمسلمين"؟!
وحسب ابن هويدن، فإن قطر ليست إلا منفذة لأدوار مطلوبة منها، وبالتالي فهي دولة مختطفة من: الطرف الأميركي - الإسرائيلي، فأميركا أول من اعترف بنظام حمد بن خليفة. ولدى الدوحة علاقات مع "حماس" و"حزب الله" و"طالبان"، وتستخدم هذه العلاقات للحصول على مكاسب كالتفاوض لإطلاق سراح مختطفين.
مصلحة وطنية غائبة
كلتا النظرتين خطيرتين؛ لأنهما لا يعكسان مصلحة وطنية قطرية حقيقية - فهما سيؤديان إلى تهديد كينونة الدول الخليجية بما فيها قطر. ويقول ابن هويدن إنه يميل إلى فكرة مفادها قطر أرادت أن تستغل تلك الجماعات لتحقيق مصالح إلا أن توغل تلك الجماعات في قطر، ولاسيما في منظومة الحكم، جعل الدوحة رهينة تحت سيطرة تلك الجماعات، فهي اليوم مختطفة، والدليل: الاستماتة القطرية في الإصرار على موقفها الرافض للعودة إلى الفكر الخليجي. والتمادي القطري في التشدد تجاه دول الخليج. وتصعيد التحالف مع القوى المعادية للفكر الخليجي مثل تركيا وإيران. قطر اليوم لا تمثل مصلحتها، بل مصلحة الغير، وحتى أنها ترفض مد يد العون لها، أمير الكويت في واشنطن والمكالمة الهاتفية بين أمير قطر وولي العهد السعودي.
وانتقلت الكلمة للأكاديمي الإماراتي دكتور سلطان النعيمي، واستهلها بالقول إن الأزمة القطرية مركبة، فالقيادة القطرية ليس لديها رؤية لفهم أمن الخليج، ناهيك عن مسببات الأزمة في حد ذاتها والدعم القطري للتطرف ويتساءل النعيمي: كيف تأتي قطر وتفكر في هدم النظام السعودي؟ ألا تدرك أن تحقيق ذلك سيطال كيانات أخرى، ومن الواضح أنه لا وجود لرؤية استراتيجية عند القيادة القطرية، والغريب جدًا هو ما تقوله قطر عن إيران، حيث وصف مندوب الدوحة في الجامعة العربية إيران بـ"الدولة الشريفة"، في حين وصف رئيس لجنة الشؤون الأمنية في البرلمان الإيراني قطر بـ"الدولة الحقيرة".
"كعبة المضيوم"
ويشير النعيمي إلى أن العلاقة بين النظام القطري وتيارات الإسلام السياسي ليست من منظور أيديولوجي، والدليل على ذلك وجود علاقة بين قطر و"الإخوان"، وفي الوقت ذاته توفر الدعم لـ"حزب الله" و"الحوثيين"، وضمن هذا الإطار، تعتبر الدوحة "حزب الله" حزبًا مقاومًا، وتكشفت في الآونة الأخيرة علاقتها مع "الحوثيين"، ويقول د.النعيمي إن فكرة "كعبة المضيوم" الهدف منها الادعاء بأن سياسة قطر تأتي وفق مبادئ وقيم، لكن في حقيقة الأمر يُفترض أن السعودية هي "كعبة المضيوم"، السعودية وغيرها من دول الخليج استقبلت خلال الستينات تيارات كانت
مرفوضة داخل مجتمعاتها مثل "الإخوان"، لكن لاحقًا وعندما تكشفت الأمور، وأدركت دول الخليج خطر هذه القيادات بخاصة "الإخوان"، غيرت موقفها منهم، ومع ذلك استمرت قطر في احتضان "الإخوان"، واستغلت فكرة "كعبة المضيوم" لتقول إنها لا تزال تدافع عن "الإخوان" بعدما تم استبعادهم من دول الخليج، وبدأ الإعلام القطري يستغل هذه العبارة وحتى "الإخوان" بدؤوا يرددونها.
ولدى النعيمي قناعة بأن التيار الإسلامي والقيادة القطرية لديهما مصالح مشتركة، فالإسلاميون يتبنون أيديولوجية واضحة، لكن القيادة القطرية لا تمتلك نظرة واعية، بل لديها رؤية قاصرة. وحسب النعيمي، فإن القيادة القطرية في حالة انكماش الآن، لدينا إعلام يُعري القيادة القطرية التي تعاني من أزمة غياب الرؤية الاستراتيجية، وهذا يجعل من الصعب الوصول لحل لهذه الأزمة.
الحل الجذري والتكتيكي
ويواصل ابن هويدن الإجابة، قائلًا: ما يفعلونه هو طبق الأصل ما تريده الجماعات الإسلامية التي طلبت من قطر الذهاب إلى تركيا لتدشين قاعدة تركية لـ"الإخوان"، وهم لا ينطلقون من فلسفة المصلحة أو المبادئ، بل هم مختطفون وينفذون أجندة أطراف أخرى. الحل أن يكون التغيير جذريًا وليس تكتيكيًا، حل جذري يتمثل في شق تكتيكي هو تغيير فكر القيادة القطرية إلى مرحلة ما قبل 1995 أو الشق الاستراتيجي المتمثل في تغيير هذا النظام.
ويميل "ابن هويدن" إلى التغيير التكتيكي مع الجذري، وهو يقول: يمكن حفظ ماء وجه النظام بتغيير فكره، لكن للأسف لن يكون هذا مقبولًا من طرفه.
ويضيف د. سلطان النعيمي: إن الإصرار القطري قد لا يعكس مجرد تبنيه فكر"الإخوان"، فتركيا مثلًا لديها أكثر من وجه، وجه مع أوروبا ووجه مع إسرائيل وآخر مع الشرق، كما أن إيران تتعاون مع "الإخوان" وقيادات هذا التنظيم تتواصل مع إيران، الأمر يتعلق من وجهة نظر د. سلطان بالعناد، أي بعناد حمد بن خليفة.
حمد و"وعد الخلافة"
وقدم د. عبدالله جمعة الحاج مداخلة أشار فيها إلى أن هناك حديثًا عن وعد "الإخوان" بجعل أمير قطر السابق "حمد بن خليفة" خليفة للمسلمين، لكن "الإخوان" يبدو أنهم أكثر براعة من قطر، فهل هذا الوعد من السهل تحقيقه؟ اللا عقلانية التي سقط فيها النظام القطري، حسب د. الحاج، تأتي من خلال الخديعة بهذا الوعد، "الإخوان" - على حد قوله- لا يسعون إلى قيام الدولة الإسلامية في تركيا، بل في العالم العربي.
"الدولة الدور"
وتطرقت د. ابتسام الكتبي، رئيس مركز "الإمارات للسياسات"، بأن هناك الولايات المتحدة كمؤثر في الحالة القطرية، وهناك نموذج "الدولة الدور"، هناك علاقة سرية بين قطر وواشنطن خلال إدارات متتابعة مع الـC.I.A والبنتاغون، ونحن نتكلم عن أوراق أوكلت إلى قطر لتلعب بها، ما لدى قطر من تناقضات يأتي انعكاسًا للسياسة الأميركية القائمة على عدة متناقضات، النظام القطري رأى مصلحته في أوراق يلعب بها لصالح واشنطن. وهنا يتساءل الحمادي: هل طلبت واشنطن من قطر استخدام "الإخوان"، أم أن الدوحة هي التي تقدمت وطلبت هذا الدور؟
"الشرق الأوسط الجديد"
وتقول د.ابتسام إن استخدام "الإخوان" جاء مع مشروع "الشرق الأوسط الجديد"، ومراكز البحوث الأميركية نشرت مقالات عن الإسلام المعتدل والإسلام الراديكالي، وفي 2004 عقد مؤتمر في الدوحة وحضره إسلاميون. ولدى الكتبي قناعة بأن الدوحة لا تخطط ولكنها تنفذ، هي "منفذ شاطر ولديه أموال"، وتضيف بأن لدى قطر مؤسسات استشارية يهودية وإيرانية.
انقـلاب السحـر علـى السـاحـر
سؤال من أ. الحمادي إلى د. هويدن: هل قطر تستغل الإسلام السياسي أكثر من استغلال هذه التيارات لها؟ وهناك رؤية تقول إن الإسلام السياسي هو الذي يستغل قطر، فكيف نوصل الرسالة الصحيحة للجمهور في هذه المسألة؟
ويطرح الحمادي سؤالًا آخر على د.النعيمي، مؤداه: أن هناك تناقضًا بين دعم قطر للتنظيمات الشيعية وهي تدعي أنها من أحفاد عبدالوهاب؟
ويجيب ابن هويدن مؤكدًا أن قطر حاولت استثمار التيارات المتطرفة، سنية كانت أو شيعية، ولكن انقلب السحر على الساحر، وأصبحت قطر هي التي تنفذ أجندة التيارات المتطرفة، حيث أصبح القرار السياسي في قطر لا ينفذ مصلحتها بقدر ما ينفذ مصالح أطراف أخرى، ويقول إن قطر بدأت بنظرة استغلال لهذه الجماعات بكل أطيافها لتحقيق هدف الدوحة المتمثل في إضعاف القوى الإقليمية، لكن انقلب السحر على الساحر وأصبح النظام القطري هو الذي ينفذ أجندة التيارات الإسلامية.
ويضرب "ابن هويدن" مثالًا بالرئيس الكوري الشمالي الذي يتهمه الناس بأنه مجنون، لكنه من الناحية السياسية "عاقل"، فهو يحقق مصلحة سياسية تكمن في الحفاظ على النظام السياسي في كوريا الشمالية، أما قطر فلا تريد تحقيق مصلحتها الوطنية، لكنها تحاول هدم الدول الأخرى، ما يعكس أنها لا تحكّم منطق المصلحة الوطنية، فهناك أطراف أخرى كالجماعات المتطرفة اليوم هي التي تحرك قطر.
ويجيب د. سلطان النعيمي على سؤال الحمادي، قائلًا: إن محاولة قطر رفع راية السلفية هو مجرد رفع لشعار من أجل ضرب السعودية، وجعل الآخرين ينظرون إلى المملكة على أنها "الوجه المتشدد للسلفية"، ومكمن التناقض في الخطاب الإعلامي القطري أنه وصف "داعش" و"النصرة" بأنها تيارات تتبنى فكرًا سلفيًا تكفيريًا وهابيًا، ثم قالوا "الوهابي التكفيري"
قطر تسعى للإضرار بالسعودية بأي طريقة كانت، ويرى النعيمي أن تعاون قطر مع تيارات شيعية متطرفة كـ"حزب الله" و"الحوثيين" ليس مغايرًا لتفكير "الإخوان"، فهذا التنظيم السُني يتعاون مع إيران الشيعية، ويرى أنه ليس هناك إسلامًا سياسيًا شيعيًا، كل ما تفعله قطر هو التعامل مع هذا الطرف أو ذاك لإلحاق الضرر بالمملكة العربية السعودية ومحاولة إسقاطها.
الدوحة.. مختطفة
وأشار د. محمد بن هويدن إلى أن أميركا توجّه قطر، فالأميركان أول من اعترف بالنظام القطري، وهذا الأخير يرد الجميل للولايات المتحدة من خلال التماشي مع سياساتها، الدوحة فتحت قنوات اتصال مع "طالبان"، ولديها قناة أيضًا للتأثير على "حماس" و"حزب الله"، لكن ما تنفذه قطر الآن- والكلام لا يزال للدكتور ابن هويدن- هو ليس دورًا أميركيًا، بل دور واضح للتيارات الإسلامية، الدوحة مختطفة من الجماعات الإسلامية وليس من الولايات المتحدة.
حمـد بـن خليفـة..إخواني
ويطرح الإعلامي السعودي د. سليمان الهتلان، تساؤلًا مؤداه: ما هي طبيعة العلاقة بين حمد بن خليفة وجماعة "الإخوان"؟ هل هو "إخواني"، أم أنه يستغل الإخوان لأهداف سياسية؟ الهتلان يستغرب قائلًا: السياسي دائمًا لديه مرونة، أو براجماتية، والعقل السياسي يقول اليوم هذا التنظيم يفيدني وغدًا يضرني وهكذا، لكن الإصرار على تبني أفكار "إخوانية" يجعلنا نتساءل هل الموضوع يعكس أيديولوجية أو إيمانًا بفكر "الإخوان"، وإلا كيف يمكن الاستمرار في دعم جماعة مغايرة لفكرة النظام القطري التقليدي الوراثي، ويجيب بن هويدن بأن حمد بن خليفة، وحمد
بن جاسم هما من طبّقا فكرة استغلال التيارات الإسلامية لمنافسة السعودية في الهيمنة على المنطقة، الإصرار والاستمرار في هذا النهج يعكس أن حمد بن خليفة يتبنى هذا الفكر، مثلًا هو يصر على موقفه تجاه مصر، وقناة "الجزيرة" والقيادة القطرية تهاجم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على طول الخط، وقطر تدعم إثيوبيا ضد مصر وتقوم بإرسال الأسلحة إلى ليبيا وسيناء.