طرابلس ـ فاطمة السعداوي
أبدى ممثل الأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، غسان سلامة، قلقه من الأوضاع في ليبيا، مشيرا إلى تسلل مجموعات متطرفة من دولة "النيجر" إلى ليبيا، كاشفاً عن وقوع عمليتين إرهابيتين كبيرتين قام بها القادمون الجدد في الجنوب الليبي.
وكان وزراء خارجية دول الجوار الليبي الذين اجتمعوا بالخرطوم، أمس الخميس، دعوا للحفاظ على وحدة الأراضي الليبية وسلامتها، ووقف التدخلات الخارجية، وإيلاء قضية الجنوب الليبي المضطرب أهمية قصوى في محاربة الإرهاب والتطرف والأنشطة الإجرامية المنظمة التي تدور هناك.
وقال غسان سلامة في الجلسة الافتتاحية لهذا الاجتماع ، إن "الأمم المتحدة تواجه صعوبة في الوصول والتمركز في الأراضي الليبية الشاسعة، مشيرا إلى خطورة الأوضاع هناك".
وشارك في اجتماع الخرطوم وزراء خارجية، السودان، الدرديري محمد أحمد السودان، ومصر، سامح شكري، وليبيا، محمد طاهر سيالة، وتونس، كاتب الدولة للشؤون الخارجية صبري باشطبجي، والجزائر، نعمون عبد المجيد رئيس ديوان وزير الشؤون الخارجية، وتشاد، صالح حامد حقيرة سفير تشاد بالخرطوم، والنيجر، أقادا قارضا القنصل العام بالخرطوم، فضلاً عن مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة غسان سلامة، ومبعوثة مفوضية الاتحاد الأفريقي إلى ليبيا أميرة الفاضل، والممثل الخاص للأمين العام لجامعة الدول العربية صلاح الدين الجمالي.
وطالب المجتمعون في بيانهم الختامي بالحفاظ على سلامة ليبيا ووحدة أراضيها، ووقف التدخلات الخارجية في شؤونها الداخلية، ودعوا للاهتمام بقضية الجنوب الليبي وإيلائها أهمية قصوى، وتكثيف التعاون بين دول الإقليم من أجل محاربة الإرهاب والتطرف والأنشطة الإجرامية المنظمة.
وأعلنوا دعمهم للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني المنبثة من الاتفاق السياسي، وترحيبهم بالمبادرات التي جمعت القيادات الليبية المدنية والعسكرية لتحقيق الوحدة الوطنية وتوحيد المؤسسة العسكرية، من أجل حل للأزمة الليبية، واتفقوا على عقد اجتماع مثيل آخر في مدة أقصاها ستة أشهر، يحدد ميقاته ومكانه بالتشاور بين الدول الأعضاء.
من جهته، قال وزير الخارجية السوداني الدرديري محمد أحمد في تصريحات صحافية عقب المؤتمر إن الاجتماع هدف لجمع محوري دول الجوار الليبي في محور واحد، وأولوية قضايا الإقليم والمنطقة وأهمية احتوائها. وحذر الدرديري مما يجري في الجنوب الليبي، وقال إنه "انتقل من مرحلة السلام والاستقرار إلى مراحل خطيرة تنذر بشر مستطير، ما يستدعي التصدي الفوري لها".
وبحسب الدرديري فإن الاجتماع أكد دعم جهود المبعوث الأممي غسان سلامة، وخاصة قيام مؤتمر حول ليبيا، والتأكد من أن الجهود الأممية تضع في الاعتبار انشغالات دول الإقليم.
وأعلن المسؤول السوداني عن خطط تجري على قدم وساق من كل السودان وتشاد والنيجر وليبيا "مجموعة الأربعة" لإيجاد ذراع أمنية للتصدي للتفلتات في الحدود الليبية. كما أعلن اتفاقاً قضى بتكوين لجنة أمنية للحفاظ على حدود هذه الدول من التفلتات وبلورة موقف قوى لإعادة الأمن الاستقرار في ليبيا، والوضع في الاعتبار الانشغالات الخاصة بجنوب ليبيا لوجود مهددات حقيقية.
وبشأن ما يمكن وصفه بتباين مواقف بين دول الإقليم، ودول غربية على وجه الخصوص فرنسا، وإيطاليا، قال الدرديري إنها تقوم بمبادرات من واقع علاقتها المتوسطية مع ليبيا، وإن الليبيين هم من يقيمون هذه المبادرات والإفادة منها.
أما وزير الخارجية المصري سامح شكري، فشدد في كلمته أمام اجتماع دول جوار ليبيا، على "ضرورة الحفاظ على كيان ووحدة الدولة الليبية ومؤسساتها الوطنية، ويؤكد أهمية ومحورية آلية دول الجوار". واعتبر أن آلية دول الجوار، لا تزال المحفل الأنسب لتلك الدول في إظهار الدعم المطلوب للأشقاء في ليبيا، فضلاً عن تبادل وجهات النظر حول شواغلها حيال استمرار الأزمة الليبية وبحث أفضل السبل لتسويتها، باعتبارها الدول الأقرب والأكثر تأثراً بتداعياتها، ومن ثم الأكثر حرصاً على استعادة أمن واستقرار ليبيا.
وقال شكري إن اجتماع الخرطوم يُتيح الفرصة لتحديد الخطوات القادمة التي يمكن أن تُسهم في التوصل لتسوية شاملة للأزمة، مع التسلح في ذلك بثوابت موقف دول الجوار تجاه ليبيا، وعلى رأسها الالتزام بالحل السياسي كسبيل وحيد لإنهاء الأزمة، وتحقيق المصالحة بين مختلف أطياف الشعب الليبي دون إقصاء أو تهميش، بالإضافة لرفض التدخل الخارجي والخيار العسكري لتسوية الأزمة.
ولفت إلى ضرورة الحفاظ على كيان ووحدة الدولة الليبية ومؤسساتها الوطنية، مبرزاً، أهمية احترام الملكية الوطنية للشعب الليبي، وأن يكون الحل ليبيا - ليبيا، بعد إثبات التجربة أنه لا مستقبل هناك لحلول مفروضة من الخارج. وأضاف شكري في ختام كلمته عدم امتلاك رفاهية الوقت لاختبار مسارات جديدة، أو الخوض في مبادرات فرعية بديلة عن المسار الأممي، وانتهى إلى أن امتداد الأزمة في ليبيا لأكثر من ذلك لا يؤثر على الشعب الليبي وحده، وإنما على جميع شعوب دول الجوار، ويهدد المنطقة كلها بالانفجار.
من جهة ثانية، قالت مصادر لـ"الشرق الأوسط" إن حفتر أجرى مؤخرا زيارة سرية إلى العاصمة الروسية موسكو، استغرقت بضعة أيام، قبل أن يعود إلى العاصمة الأردنية عمان قبل أيام قادما من هناك، علما بأن حفتر الذي يرتبط بعلاقات وطيدة مع السلطات الأردنية، كان قد قام أيضا بزيارة عمان قبل سفره غير المعلن إلى موسكو.
وأضافت مصادر ليبية مطلعة، أن السراج سيزور عمان السبت المقبل، مشيرة إلى أنه سيعقد اجتماعا مبرمجا مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في اليوم التالي. وأوضحت المصادر أن جانبا من زيارة السراج إلى الأردن يتعلق بالديون المستحقة على ليبيا للسلطات الأردنية مقابل علاج الجرحى في مستشفياتها.
وتأتى زيارة السراج إلى الأردن ضمن جولة على ما يبدو ستشمل دولا أخرى، من بينها الكويت التي سيزورها السراج عقب انتهاء زيارته إلى عمان. وكان حفتر ضيفا على محمد البرغثي سفير ليبيا لدى الأردن، مساء أول من أمس، الذي نشر صورة للاجتماع عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، لافتا إلى أنه أجرى خلال لقائه مع حفتر حديثا حول الوطن وبناء الدولة.
ونقل البرغثي عن حفتر تأكيد حرصه على وحدة الوطن، والحفاظ على أمنه، والتزامه بإجراء الانتخابات واحترامه للتداول السلمي للسلطة، معتبرا أن هذه أمور بالغة الأهمية يجب البناء عليها، فهي تُمثل الأسس التي ينبغي أن تُبنى عليها دولتنا الوطنية المأمولة. وسيعتبر لقاء حفتر مع السراج، في حال حدوثه هو الأحدث بينهما، منذ اجتماعهما بحضور إقليمي ودولي في إيطاليا مؤخرا.