الشيخ محمد بن راشد حاكم دبي

أكد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أن مسيرة التنمية في دولة الإمارات تسير وفق رؤية واضحة وأهداف محددة ترمي إلى الوصول إلى أعلى مستويات التنافسية العالمية، بما يخدم في توفير أفضل نوعيات الحياة للمجتمع وتحقيق سعادة أفراده، بتطبيق أرقى المعايير، وبما يتوافق مع الأسس التي تم اعتمادها لكافة المشاريع والمبادرات التي يتم تنفيذها على أرض الدولة، لتراعي في جوهرها مبدأ الاستدامة الذي بات اليوم يشكل أحد أهم ركائز التنمية على مستوى العالم.

وقال محمد بن راشد: «نعمل وفق رؤية واضحة لترسيخ أسس الاستدامة كمكون رئيس من مكونات مسيرتنا التنموية، وهذا ما تضمنته الأجندة الوطنية، تأكيدًا على التزامنا بمفاهيم الاستدامة التي جعلنا تحقيقها هدفًا رئيسًا نسعى إلى تحقيقه، مع مراعاة متطلبات الحفاظ البيئي وإقرار دعائم التوازن بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بما يمكننا من توفير أفضل نوعيات الحياة، وضمان سعادة جميع أفراد المجتمع بحلول تتناسب مع احتياجاتهم وتلبي وتطلعاتهم».

جاء ذلك، خلال الزيارة التي قام بها نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، يرافقه الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، إلى «المدينة المستدامة» المُشيَّدة باستثمارات إجمالية تُقدَّر بنحو 1.25 مليار درهم، والمُقامة على مساحة إجمالية تبلغ 5 ملايين قدم مربعة على امتداد شارع القدرة في دبي، بحضور الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، رئيس هيئة دبي للطيران الرئيس الأعلى لمجموعة طيران الإمارات، ومحمد إبراهيم الشيباني، مدير عام ديوان حاكم دبي، وسعيد محمد الطاير، العضو المنتدب الرئيس التنفيذي لهيئة كهرباء ومياه دبي، وخليفة سعيد سليمان، مدير عام دائرة التشريفات والضيافة في دبي.

وتعرّف الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، خلال الزيارة، على مكونات المشروع الذي يعد من النماذج الفريدة على مستوى العالم في مجال المدن المستدامة مع جمع المشروع لعناصر الاستدامة الثلاثة الاجتماعية، البيئية والاقتصادية، بينما تتضافر مكوناته في تحقيق أعلى معدلات الاستدامة، سواء من ناحية توفير إمدادات الطاقة وعمليات إعادة التدوير، وكذلك توفير جانب من الاحتياجات الغذائية لسكان المدينة التي تضم مرحلتها الأولى 500 فيلا سكنية، ويسكنها حالياً ما يقارب من 2000 شخص، ومن المنتظر أن يتم الانتهاء من مرحلتها الثانية قبل نهاية العام الجاري.

وتضمّنت جولة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في المدينة تفقُّد عدد من المنشآت المتوافقة في طبيعتها مع نهج دبي في اعتماد الاستدامة كعنصر رئيس من عناصر مشاريعها العمرانية والتنموية، وهو ما تعكسه إستراتيجية دبي للطاقة النظيفة 2050 التي أطلقها في العام 2015، بهدف الوصول لإنتاج 75 في المئة من احتياجات الإمارة من الطاقة من مصادر نظيفة بحلول عام 2050، وجعل دبي مركزًا عالميًا للطاقة النظيفة والاقتصاد الأخضر، في حين من المتوقع أن تصل المدينة المستدامة في دبي إلى إنتاج 100% من احتياجاتها من الطاقة النظيفة والمتجددة مع اكتمال بنيتها الأساسية.

واطلع الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم خلال الزيارة، على تفاصيل مكونات المرحلة الثانية من المشروع، والمنتظر افتتاحها خلال العام الجاري، وتضم فندقًا ومنتجعًا صديقًا للبيئة يعتمد على الطاقة الشمسية بنسبة 100%، بينما سيتولى المنتجع إنتاج 40% من احتياجاته الغذائية ذاتيًا داخل حدوده، في حين ستشهد المرحلة الثانية كذلك توفير العديد من المرافق الخدمية المهمة، بما في ذلك مستشفى ومركز لإعادة تأهيل المرضى، ومدرسة دولية ستمثل فكرة الاستدامة مكونًا أساسيًا من مكونات المنهج الدراسي الذي ستقدمه، علاوة على مركز للابتكار والأبحاث والتطوير سيخدم أيضًا في مجال تدريب الكوادر المؤهلة لريادة جهود الاستدامة ضمن مختلف القطاعات.

واستمع محمد بن راشد إلى شرح بشأنجهود المدينة في تعميم استخدامات الطاقة النظيفة والمتجددة وتأصيل فكرة الحفاظ البيئي وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، حيث نشرت المدينة اللوحات الشمسية لاستخدامها كمصدر رئيس للطاقة المتجددة فيها، في حين توفر المدينة لسكانها وضمن العديد من المواقع محطات شحن السيارات الكهربائية والتي تتوافق مع مبادرة «الشاحن الأخضر» التي أطلقتها هيئة كهرباء ومياه دبي لتزويد السيارات الكهربائية بالطاقة، لخفض تلوث الهواء وحماية البيئة من الآثار الناجمة عن عوادم المركبات، وبما يدعم التوجه الرامي لجعل دبي المدينة الأذكى في العالم، حيث تتوافر في المدينة حاليًا 120 سيارة تعمل بالكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية، في الوقت الذي اعتُمدت فيه المدينة كموقع لتجارب اختبار السيارات ذاتية القيادة.

وتوفر المرحلة الأولى من المدينة العديد من الخيارات السكنية والخدمية التي تم تصميمها بأسلوب يراعي احتياجات السكان، ويقلل اعتمادهم على الخدمات المقدمة خارجها بما يسهم في تقليص معدلات التنقّل، ومن ثم خفض نسبة ملوثات الهواء الناجمة عن المركبات. وتشمل المدينة في مرحلتها الأولى مركزًا تجاريًا يضم العديد من المحال والمطاعم وعيادة للأطفال وأخرى للطب البديل ومركزًا طبيًا لخدمة لأصحاب الهمم، علاوة على المساحات المكتبية المتنوعة والشقق السكنية.

وروعي في تصميم المدينة إتاحة مختلف المرافق والخدمات التي تلبي كافة احتياجات سكانها؛ إذ تشمل مسجدًا ومرافق رياضية متنوعة ومنها مركز للفروسية، وناد رياضي ومسابح ومضمار للدراجات وآخر لإتاحة المجال لممارسة رياضتي المشي والجري، وغيرها من المرافق والمساحات المفتوحة التي توفر لسكان المدينة أجواءً صحية متميزة.

وعلاوة على المنطقة السكنية، وانطلاقًا من فكرة تحقيق الاكتفاء الذاتي، تحتوي المدينة على منطقة زراعية يتم الاستفادة منها في زراعة الأشجار المثمرة وبعض الزراعات الأخرى لتلبية احتياجات السكان من خلال 11 قبة خضراء لزراعة الخضراوات والنباتات، حيث يتم إنتاج نحو مليون شتلة سنويًا تسهم في تلبية احتياجات سكان المدينة، ومن ثم الاستفادة من عوائدها ببيع الفائض منها.

ويُذكر أن «المدينة المستدامة» في دبي تُعدُّ مختبرًا مفتوحًا لنشر ثقافة الاستدامة، إذ تستقبل سنويًا آلافًا من طلاب المدارس والجامعات، وكذلك زيارات من خارج الدولة للتعرف على تجربتها المتميزة في مجال الاستدامة، والتي أهلتها للحصول على أكثر من 20 جائزة محلية وإقليمية وعالمية.