عدن ـ عبدالغني يحيى
أكد سياسيون وإعلاميون يمنيون أن الدوحة عززت دعمها الميليشيا الحوثية حديثًا سيما بعد مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وهذا التعزيز للدعم تركز على الجانب السياسي والمالي والأخير يخصص منه جزء للإعلام، وهذا ما اعتبروه عودة العلاقة القطرية مع ميليشيا الحوثي.
وقالوا لـ "الاتحاد": إن علاقة قطر مع ميليشيا الحوثي الإيرانية ليست وليدة الأحداث الأخيرة، بل إنها تمتد لأكثر من عقد ونصف، منذ نشأة جماعة الحوثي، ومن ثم دعمها إبان تمردها على الجيش اليمني وخوضها ست حروب في معقلها بصعدة، وكذلك دعمهم وتعزيز موقفهم السياسي الذي مكنهم من اجتياح العاصمة صنعاء واحتلال معظم مناطق اليمن.
وقالوا: قطر وبالتعاون مع إيران استغلت أحداث اليمن، ودعمت الميليشيا بهدف تهديد دول الجوار إلا أن التحالف أفشل هذا المشروع فلجأت لاستهداف جهود التحالف العربي في اليمن، عبر ميليشيا الحوثي، وصعدت قطر دعمها السياسي والمالي لهم، وكذلك الدعم الإعلامي الذي تتزعمه قناة الجزيرة وأضحت تشكل منبرًا للميليشيا.
علاقة منذ 17 عاماً
تمتد علاقة قطر مع ميليشيا الحوثي لما يقارب عقدين من الزمن وتحديداً منذ بداية نشأة الجماعة، وفق ما كشفه الإعلامي اليمني رائد علي شائف، والذي قال لـ "الاتحاد": "علاقة قطر بالحركة الحوثية لم تكن وليدة الأحداث الأخيرة في اليمن، بل إنها موطدة منذ سنوات طويلة، حيث الدعم القطري المشبوه للجماعة يعود إلى ما يقارب 17 عامًا وأكثر ومنذ فترات تأسيس هذه الجماعة من خلال تحالف قطري إيراني سري لتقويض أمن واستقرار المملكة العربية السعودية ودول الخليج، عدا أن الأزمة الخليجية الراهنة دفعت بهذه العلاقة للبروز إلى الواجهة، حيث انكشف المستور إلى العلن عبر الإعلام القطري بمختلف وسائله من خلال الانحياز الفاضح والوقح لكل ما يتعلق بشأن الجماعة ومحاولة التستر على همجيتها ضد البسطاء من أبناء اليمن".
وأضاف "والدعم القطري لا يقتصر بكل تأكيد على الجانب الإعلامي، ولكنه يشمل أيضاً الجانب المادي واللوجستي، وفق ما كشفته وثائق مسربه تم تداولها إعلامياً وفضحت حينها العلاقة المشبوهة بين الطرفين عبر التنسيق السري للمخابرات القطرية مع زعيم الجماعة حينها حسين الحوثي".
تطور العلاقة
طرد قطر من التحالف العربي بعد اكتشاف دعمها الإرهاب وسع من علاقتها بميليشيا الحوثي، وباتت قطر تدعم وتحيك مؤامرات تستهدف أمن الخليج، وأفاد رائد علي شائف: "تطورت حالياً تلك العلاقة وتوسعت مع تغريد قطر خارج السرب والإجماع الخليجي والعربي وربما تكون الجماعات والعناصر الإخوانية همزة الوصل وجهة التنسيق بين الجانبين، خصوصاً في ظل حصار التحالف العربي للجماعة الانقلابية وإغلاق ممرات التواصل المباشرة في وجهها".ويقول رائد: "نرى أن تورط قطر في هذه المؤامرات والذي يستهدف الإضرار بالداخل الخليجي بات معروفاً ومفضوحاً لدى الجميع ولا يخفى على أحد تعامل قطر مع أذيال إيران في المنطقة سعياً للترويج الخبيث لمشروعها الطائفي القذر".
التحالف أفشل مشروع إيران وقطر في اليمن
ويقول عضو الجمعية الوطنية في المجلس الانتقالي الجنوبي نبيل عبدالله: "ما نعلمه جميعاً أن كارثة الربيع العربي تعاظمت عندما وجدنا قطر وإيران تستغلها لإثارة الصراعات وتدمير الدول العربية وشاهدنا كيف تقاتلوا بالوكالة في سورية وعملوا على حرف مسار الانتفاضة الشعبية فيها وبعد دمار سورية ظهرت قوة العلاقة والتحالف بين قطر وإيران".
مضيفاً: هذا الدور أرادوا القيام به في اليمن، إلا أن دور التحالف قوض مساعيهم لهذا أتت ردة فعلهم في الحملة المنظمة للهجوم على الإمارات على أمل خلق تباين بين الإمارات والمملكة العربية السعودية، ولكن ما ظهر هو تماسك دور التحالف الذي امتلك شريكًا حقيقيًا في الجنوب متمثلاً بالمجلس واليوم هناك قوة شمالية بديله يتم إعدادها".
تهديد
وأردف نبيل عبدالله: "جهود التحالف العربي في اليمن خلطت أوراق الأعداء الحلفاء - في إشارة منه لقطر وإيران وأياديهم اليمنية - لهذا غيروا من مخططهم فبدلاً من المواجهة المفتعلة لتدمير اليمن وإشعال الطائفية نجدهم اتجهوا للتحالف فيما بينهم لمواجهة التحالف العربي عبر دعم ميليشيا الحوثي".وقال: "هناك الكثير من الدلائل على توجه الحوثيين وإخوان اليمن للتنسيق فيما بينهم وبدعم إيراني قطري وامتداد للعلاقة بين قطر وإيران التي بدأت بتبادل الأدوار العدائية وانتقلت إلى الشراكة الكاملة لتستهدف جهود التحالف العربي في اليمن، بالإضافة لتهديد دول الجوار عبر أذرعها في الداخل اليمني".
الجزيرة منبر الحوثي
وتقدم قطر إلى جانب تزايد الدعم المالي القطري لميليشيا الحوثي الإيرانية، دعمًا إعلاميًا كبيرًا للميليشيا تتزعمه وتقوده قناة الجزيرة التي أضحت منبرًا إعلاميًا يوجد في مناطق سيطرة الحوثيين ويبث تقارير وتغطيات، وكذلك نقل خطابات زعماء الميليشيا.
وقال المحلل السياسي اليمني هاني مسهور في مقال نشرته صحيفة البيان: "مشهد لا جديد فيه، عبد الملك الحوثي زعيم الجماعة الإرهابية في اليمن، ومن على شاشة قناة الجزيرة القطرية، يتوعد بإطلاق الصواريخ على المملكة العربية السعودية، مشهد متكرر يُعيدنا إلى عام 2001م، ذات القناة (الجزيرة)، ومن دولة قطر، يظهر أسامة بن لادن مهدداً ومتوعداً الولايات المتحدة الأميركية بهجمات إرهابية، تضرب عواصم أوروبا والعالم، بعد أن نفّذ هجومًا إرهابيًا، ضرب مركز التجارة العالمي في نيويورك الأميركية، لم يتغير المشهد إطلاقاً، الحوثي على شاشة الجزيرة القطرية، كما كان بن لادن والظواهري وحسن نصر الله وأبو بكر البغدادي، وعشرات من رؤوس الإرهاب في العالم، يجدون عند منصة قناة الجزيرة القطرية نافذة، ليرسلوا للعالم تهديداتهم بنشر الرعب والتدمير، تعددت الوجوه الإرهابية، وبقيت قناة الجزيرة نافذة وحيدة لإيصال صوت الإرهاب للعالم".
الدعم المالي والسياسي
يضيف الصحافي والكاتب أديب السيد لـ "الاتحاد": "هناك تأكيدات يمنية تبين حقيقة وجود الدعم القطري للحوثيين، مادياً وسياسياً خلال الفترة الأخيرة، حيث صرحت قيادات في حزب المؤتمر الشعبي العام أن قطر قدمت أموالًا كثيرة لكسب ولاء قيادات وشخصيات قبلية مؤتمرية وذلك لاستنساخ حزب المؤتمر بصيغة توافق توجهات ميليشيا الحوثي وهز ما تم حديثًاً، بالإضافة إلى تزايد الدعم المالي الذي تقدمه قطر للميليشيا والهادف لتعزيز مواقعها في الجبهات التي تعيش حالة من الانهيار، منوهاً بأن المتتبع للخطاب الإعلامي الذي يبث من على منبر قناة الجزيرة القطرية، والمساند علنياً للمليشيات الحوثية يتبين له حقيقة الدعم القطري والذي يخصص منه جزء لدعم الإعلام إلى جانب الدعم السياسي".
وأفاد السيد: "علاقة قطر الداعمة لميليشيا الحوثي تعود إلى أحداث صراع صعدة بين الميليشيا والجيش اليمني، حيث كان المتمردون الحوثيون يتلقون هزائم عديدة في الحروب الست مع الجيش، وكانت قطر وأموالها تشكل طوق النجاة للميليشيا إلى جانب إيران الراعي والدعم أيضاً للحوثيين، ففي العام 2007م وبرعاية قطرية وقع اتفاق بين الحكومة اليمنية والحوثيين، وقدمت قطر حينها ملايين الدولارات لميليشيا الحوثي باسم إعمار صعدة، واستخدمت الأموال لتعزيز قوتها وتوسيع نفوذها وبناء قوتها العسكرية والسياسية، وهذا ما سهل عليها استمرار خوض الحروب ضد الجيش، ومن ثم واصلت نفوذها التوسعي وصولاً لاجتياح العاصمة اليمنية صنعاء ومن ثم احتلال معظم المدن اليمنية".
وفي جزئية أخرى من المقال، قال هاني مسهور: "رعاية قطر اتفاقاً بين الرئيس السابق علي عبد الله صالح وجماعة الحوثي، لوقف الحرب بينهما، كان خارج المألوف، على الأقل أن الاتفاق شمل جماعة غير سياسية، مع الدولة اليمنية، ما حدث في 2004م، كان مفتاحاً لكل تداعيات اليمن السياسية لاحقاً، فلقد أوجد ذلك الاتفاق، مكوناً سياسياً فرض نفسه بالتمرد على السلطة".
وأكد السيد وعبدالله تزايد الدعم القطري لميليشيا الحوثي وتصاعده منذ إعفاء قطر من التحالف العربي، وقالوا إن الدعم شمل عدة جوانب منها السياسي والمالي الذي يخصص منه جزء لدعم الإعلام القطري والذي بات منبرًا لميليشيا الحوثي الإيرانية، وأشاروا إلى أن هذا الدعم يشكل طوق نجاة للميليشيا التي تتلقى هزائم عسكرية وسياسية متكررة.