المخابرات الأفغانية

يتحمل المدنيين العبء الأكبر في الحرب الفوضوية، فلم يكن هناك حظر تجول عسكري في القرى الأفغانية، ولكن كإجراء احترازي ما زال المزارعون الأفغان يعلمون مركز الشرطة المحلي بأنهم سيكونون في حقولهم قبل الفجر، حاملين معهم الفوانيس والمجارف؛ لتوصيل المياه إلى محاصيلهم، ولكن حلقت وحدة خاصة من طائرات وكالة المخابرات الأفغانية برفقة مستشارين من حلف "الناتو" بقيادة الولايات المتحدة، على قريتين في مقاطعة تشابارهار في مقاطعة نانجارهار الشرقية، مما أسفر عن مقتل ما يصل إلى ثمانية مزارعين في حقولهم المحلية.

وقال محمد إسرار، الذي قُتل إخوته في مانو، إحدى القرى التي تعرضت للهجوم "كانت الساعة الرابعة صباحا، خرج أخوتي لتوصيل المياه، وقد أبلغنا الموقع الأمني أننا سنخرج إلى أراضينا، كنت في المنبع، وجاءت طائرات الهليكوبتر وأطلقت النار على إخوتي، لقد قتلوا والمجرفة في أيديهم"، مضيفا "خمسة آخرين كانوا يستريحون لصلاة الصبح، ويضعون فوانيسهم في المسجد، وتم استهدافهم أيضا، كما أنهم أبلغوا قوات الأمن المحلية قبل الذهاب إلى الحقول".

وتراوحت أعمار الضحايا بين 14 و40 عامًا، بمن فيهم أتيكولاه، 20 سنة، الذي تزوج قبل ثلاثة أشهر.، ووفقاً لحقوم خان دولتساي، وهو شيخ قبلي محلي، فقد تم اعتقال 29 آخرين في الغارة، وأكد ناظم جان، قائد وحدة الشرطة المحلية في القرية، أن المزارعين أبلغوا قواته أنهم كانوا في طريقهم للري. ويبدو أن الاختلاف وقع لأن المحصول الذي ذهب إليه المزارعون هو الأفيون، الذي يزرع على نطاق واسع في جميع أنحاء البلاد على الرغم من الجهود الأميركية المبذولة للحد من هذه الصناعة بأكثر من 8 مليارات دولار.

وقال السيد جان "نعم لقد أبلغونا أنهم سيخرجون إلى حقولهم، جاءت المروحيات وأطلقت النار عليهم، رأينا المروحيات قادمة، وقتلت المدنيين الأبرياء". وأوضح مسؤول أمني كبير في نانغارهار، تحدث باسم مجهول لأنه غير مخول بالتحدث إلى وسائل الإعلام، أن القوة المعروفة باسم الوحدة 02، وصلت بطائرات هليكوبتر تابعة لحلف الناتو ورافقها مستشارون من التحالف.

ولفت ذبيخ الله زرعي، سياسي إقليمي، وعضو مجلس محافظة نانغارهار، إلى أن مثل هذه الغارات تتم عادة بمساعدة من الناتو، موضحًا "عندما تعمل الوحدة 02، فإنها تعمل عادة تحت إشراف الأميركيين، عادة ما يكون لديها طائرات هليكوبتر أميركية، وحتى عندما يأتون عن طريق البر يرافقهم مستشارون أجانب." ورفض الكابتن توم غريسباك، وهو متحدث باسم ائتلاف حلف شمال الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة، الادعاءات بأن القوات الأميركية أو قوات التحالف، أو طائراتها الهليكوبتر، قد شاركت في الغارة، قائلا "ندرك أن العديد من عناصر طالبان، واحتُجز أكثر من 20 شخصا يشتبه في أنهم من طالبان".

ونفى مسؤولون محليون في نانغارهار في البداية مقتل المدنين في الغارة، ولكن عندما أظهر القرويون الجثث إلى مركز المحافظة بعد ساعات، مع توجه ما يقرب من 200 متظاهر يهتفون "الموت للحكومة" و"الموت لأميركا"، واعترف مسؤول كبير في القطاع الخاص أن القوات الحكومية قد تسببت في خسائر بشرية.

وفتحت الشرطة التي تحرس مجمع الحي النار على المتظاهرين، مما أسفر عن مقتل واحد وجرح اثنين آخرين. وشهدت أفغانستان تصاعدا في العنف في الأسابيع الأخيرة، حتى قبل البداية الرسمية لما يتوقع أن يكون موسما دمويا آخر، عندما يزداد العنف مع تراجع الطقس البارد، وفي غضون أسبوعين، قتل 170 من قوات الأمن، وفقا لتقارير إخبارية محلية، وتقول الحكومة إن أكثر من 500 مسلح قتلوا في نفس الفترة.

واحتدم القتال في جميع أنحاء البلاد، ولكن الأكثر شدة كان في إقليم فرح الغربي، حيث يتواجد المسلحون مرة أخرى على بوابات عاصمتها، وفي مقاطعة فارياب الشمالية، حيث استسلم العشرات من مقاتلي الميليشيات المحلية طالبان، وصل أكثر من 100 مستشار من تحالف الناتو بقيادة الولايات المتحدة إلى فارياب للمساعدة، وتختبر الزيادة في العنف مرة أخرى تصميم الحكومة، التي قدمت عرضا للسلام واسع النطاق مع طالبان، وحتى في الوقت الذي يستعد فيه الرئيس الأفغاني أشرف غاني وحلفاؤه الدوليون لما يعتبرونه انفتاحا للمحادثات، ومع وجود مسؤولين أميركيين يبلغون عن إشارات من بعض قادة طالبان، فإن الأفغان يشعرون بالقلق من عام دموي آخر قادم.

وفي العام الماضي، قتل 3438 مدنيا وأصيب 7015، وفقاً للأمم المتحدة، وبينما تنتشر الحرب في أنحاء البلاد، وغالبا ما تكون عميقة في قرى مأهولة بالسكان، فإنها تؤثر بشكل كبير على المدنيين، وعندما تستمر أعمال العنف من قبل القوات الحكومية، فإنها تسلط الضوء على القاتل المميت الذي يجد فيه المدنيون أنفسهم. واتهمت وكالة الاستخبارات الأفغانية بارتكاب انتهاكات، لا سيما التعذيب وسوء المعاملة في مراكز الاحتجاز، وعلى الرغم من أن تقرير الأمم المتحدة الأخير قال إن الحكومة أبدت التزاما بتحسين مثل هذه الممارسات، تواصل الوكالة التعذيب.

وقالت سابرينا حميدي، رئيسة لجنة حقوق الإنسان الأفغانية "قبل هذا الحادث أيضا، قامت الوحدة 02 بعدة عمليات قتل فيها أو جرح فيها مدنيون، وبالتالي هذه قضية تهمنا." وفي غرب البلاد، قال مسؤولون في مقاطعة فرح إن عاصمة المقاطعة، ظلت محاصرة من قبل طالبان، حيث قال داد الله قاني، عضو مجلس المحافظة "خلال الأسبوعين الماضيين، فقدنا أكثر من 40 فردًا من قوات الأمن".

واحتدم القتال أيضا في مقاطعة فارياب، واستسلم قائد ميليشيا حكومي في المحافظة وحوالي 80 من مقاتليه من لطالبان يوم الجمعة، وفقا لنقيب الله، وهو زميل قائد ميليشيا في المحافظة، ولكن متحدثا باسم شرطة فارياب قلل من أهمية هذه الحادثة، قائلا إن القائد استسلم مع 15 مقاتلا فقط.

واستخدمت قوات التحالف الضربات الجوية المكثفة في فارياب ومقاطعة غوزجغن المجاورة، وفقا للمسؤولين الأفغان، بما في ذلك قاذفات ب -52، وقال النقيب غريسباك، المتحدث باسم التحالف "نتيجة لتوفيقنا بين القوة الجوية، سنحافظ على ضغوط لا هوادة فيها على طالبان باستخدام مجموعة متنوعة من الطائرات للقيام بضربات يومية، بما في ذلك طائرات بي -52، وغيرها من الطائرات"، مضيفا "هذه الضربات تتواصل لدعم قدرة القوة البرية الأفغانية