موسكو ـ ريتا مهنا
دعا الرئيس الروسي إلى "إنجاز خريطة جديدة لروسيا والعالم"، وهو الأمر الذي يبدو خطيرًا في غمرة صراع ساخن تخوضه روسيا مع الغرب بشأن أوكرانيا وسورية وتَوسُّع "حلف الأطلسي" (ناتو) شرقًا؛ لكنه ليس كذلك، فهذه الحالة تحديدًا لا تتعلق برغبة بوتين في تعديل خريطة العالم سياسيًا أو إعادة تقاسمه وزيادة الحصة الروسية فيه، بل بإعادة الاعتبار لبلاده ولمساهمتها في اكتشاف مناطق في العالم وتسميتها، في مواجهة ما يسميه بمحاولات غربية لتشويه "الحقيقة التاريخية والجغرافية" الروسية.
وجاءت دعوة بوتين على هذه الخلفية، خلال اجتماع لمجلس أمناء الجمعية الجغرافية الروسية حضره عدد كبير من الساسة ورجال الأعمال أخيرًا، إلى رفع السرية عن خرائط، موعزًا إلى وزارة الدفاع بفتح خرائطها أمام خبراء الجمعية لـ "إنجاز خريطة جديدة لروسيا والعالم"، تُعمَم على الإنترنت والتطبيقات الدولية للبحث والقيادة على مدار الساعة.
كما حض خبراء دائرة الاتحادية للسجليْن الرسمي والعقاري ورسم الخرائط والجمعية الجغرافية الروسية، على الاستفادة من كل المعلومات من أجل إعداد خريطة تعيد الأمور إلى نصابها، وتحمل أسماء المكتشفين الروس الأوائل، مع إيضاحات بالوقائع توضح حجم المساهمة الروسية في مجال الاكتشافات الجغرافية وإغناء العلوم بالمعلومات عن البيئة والطبيعة وغيرها، وفق ما ذكرت صحيفة الحياة اللندنية.
لم ينس بوتين أن يشيد بإطلاق أسماء العلماء الجغرافيين الروس والرحالة والمكتشفين على بعض الشوارع في موسكو وكراسنودار وغيرها، ودعا بقية المدن إلى الاقتداء بها، وشدد على ضرورة الوقوف في وجه محاولات تهميش جهود الباحثين الروس، لافتًا إلى "أننا نواجه وضعًا تتهمش فيه تدريجًا الأسماء التي أطلقها باحثون ورحالة روس على مواقع جغرافية في القرون والعقود الماضية، من خرائط العالم، ما يؤدي إلى محو ذاكرة مساهمة روسيا في الاكتشافات والدراسات حول كوكبنا وتطوير العلم".
وأوضح بوتين على سبيل المثل، أن أسماء المواقع الجغرافية التي اختارها البحاران الروسيان المستكشفان ميخائيل لازاريف وفاديه بيلينسهاوزن في القارة القطبية الجنوبية، لا تكاد تُستخدم عملياً من دول أخرى، رغم أن فضل استكشاف هذه المنطقة يعود إلى باحثيْن روسييْن.
ولم يفُت بوتين المعروف بشغفه بالرحلات في روسيا، وتمضية الإجازات في أماكن بعيدة في وطنه الذي يشغل نحو 17 مليون كيلومتر مربع، أي نحو سدس اليابسة في الكوكب الأزرق، التشديد على أهمية الجمعية للمحافظة على البيئة والمحميات الطبيعية، والتشديد على ضرورة أن تعرف الأجيال وطنها المترامي الأطراف في آسيا وأوروبا، ومن القوقاز إلى القطب المتجمد الشمالي.