الكويت ـ خالد الشاهين
تواصل الكويت مساعيها لإيجاد حل للخلاف الخليجي مع قطر، بعد الأضرار التي تعرضت لها الدوحة في الأيام الماضية نتيجة المقاطعة الديبلوماسية من بعض الدول العربية والإسلامية، وأكدت الكويت السعي إلى احتواء الخلاف العارض بين الأشقاء. فيما أشادت مع مسقط بالقرارات التي أصدرتها المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين لمراعاة الحالات الإنسانية والأسر المرتبطة مع أسر قطرية، معتبرة أن هذا القرار يهدئ الأمور.
وفيما أعلنت الكويت أن العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني سيزورها اليوم الثلاثاء، أكد مجلس الوزراء أنه اطلع من وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد على نتائج المساعي الخيرة والزيارات التي قام بها الشيخ صباح الأحمد إلى المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة وقطر في أعقاب الخلاف الذي طرأ بين هذه الدول الشقيقة أخيراً، وفحوى اللقاءات الأخوية التي عقدها مع قادة هذه الدول التي تم خلالها استعراض العلاقات الأخوية التاريخية المميزة القائمة بين دول مجلس التعاون الخليجي والسبل الكفيلة بمعالجة الوضع العارض.
وأعلن قصر الإليزيه أمس الاثنين، أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اتصل بأمير الكويت لبحث الخلاف بين قطر والدول العربية. وتعهد أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، مساء أمس، بالمضي قدماً في جهود تسوية الأزمة الخليجية. وقال أمير الكويت إن التقريب بين الأشقاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وإزالة الخلافات بينهم، واجب لا أستطيع التخلي عنه، وأضاف الشيخ صباح، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الكويتية، أن "أي إرهاق، وأي جهود مهما كانت صعبة، تهون أمام إعادة اللحمة الخليجية، وإزالة الخلافات. وأضاف أنه صعب علينا نحن الجيل الذي بنينا مجلس التعاون الخليجي قبل 37 عاماً أن نرى بين أعضائه تلك الخلافات التي قد تؤدي إلى ما لا تحمد عقباه". وأوضح الشيخ صباح الأحمد: "أنا شخصياً عايشت اللبنة الأولى لبناء هذا المجلس منذ نحو 4 عقود، ولذا ليس سهلاً على من هو مثلي عندما يكون حاكماً أن يقف صامتاً دون أن يفعل كل ما باستطاعته للتقريب بين الأشقاء، وهذا واجب لا أستطيع التخلي عنه".
و التقى وزير الخارجية الفرنسي في وقت سابق أمس بنظيره القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الذي قال إن قطر تؤيد جهود الوساطة التي تقوم بها الكويت ومستعدة للدخول في محادثات تتوافق مع القانون الدولي. إلا أن وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني سعى أمس إلى التأكيد على أن بلاده مستعدة للجلوس والتفاوض بشأن أي أمر يتعلق بأمن الخليج، متجاهلا المطالب للدول الخليجية، دون الإشارة إلى مصر أو ليبيا.
وكرر الوزير القطري بأنه يؤكد على أن بلاده لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وأنها تعاونت بكل صدق وشفافية مع دول مجلس التعاون الخليجي في كافة القضايا الدولية مضيفا أنه لو كانت هذه المزاعم صادقة، لكان يتعين بحثها على طاولة المفاوضات. ونفى الوزير بن عبد الرحمن آل ثاني أن تكون هناك وساطة أوروبية مؤكدا أن الوساطة تقوم بها الكويت التي لها دور القيادة وجميع الدول الصديقة والحليفة تنسق معها بما في ذلك الولايات المتحدة الأميركية. وبالمقابل، وبغياب وجود وساطة بالمعنى الحرفي للكلمة، فإن الدول الأوروبية، وفق الوزير القطري، توفر الدعم لحل الأزمة وتلافي التصعيد وذلك لأنها تعتبر أن استقرار دول مجلس التعاون الخليجي مهم جدا للعالم أجمع شاكيا من أن قطر التي كانت دوما قطب استقرار في المنطقة التي تعاني من كثير من المشاكل أضحت وكأن الأولوية للتخلص منها بدل حل المشاكل الأخرى.
وقالت مصادر فرنسية رسمية لـ"الشرق الأوسط" إن باريس أوصلت رسائل للأطراف الخليجية مفادها دعوتهم لأن يجدوا حلولا لمشاكلهم بأنفسهم وإلا فإن الآخرين سيحاولون إيجاد الحلول مكانكم. وقبل انتقاله إلى باريس، التقى وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني نظيره البريطاني بوريس جونسون في لندن أمس، وأعلن أنه شرح للمسؤولين البريطانيين الوضع غير القانوني للحصار، مؤكداً أن القرارات التي تخص الداخل القطري سيادية وليس لأحد التدخل فيها، وقال إن بلاده لا تعرف حتى الآن سبباً لاتخاذ تلك الإجراءات ضدها. وأعرب جونسون عن القلق من أن تطول الأزمة، وحض دول الخليج على حلها بالحوار.
وبعد محادثات وزير الخارجية القطري مع نظيره الفرنسي جان إيف لودريان في باريس، قال في لقاء مع الصحافة في السفارة القطرية إنه أطلع القيادات الفرنسية على الإجراءات والاتهامات التي استهدفت قطر من مصر والإمارات والبحرين والسعودية. وأضاف رداً على أسئلة الصحافة حول ما إذا كانت قطر مستعدة لإغلاق محطة "الجزيرة" وطرد الإسلاميين المتطرفين و "حماس": "لا حق لأحد بمثل هذا الطلب، وقطر ساعدت الحكومات ولم تساعد حزبًا معينًا ، وساعدت الحكومة العسكرية في مصر قبل تسلم "الإخوان" الحكم.
وردَّت الإمارات على تصريحات المسؤولين القطريين حول الخلافات مع دول الخليج، مؤكدة أن المشكلة تكمن في انزلاق الشقيق (قطر) والحركات الإرهابية وتاريخ طويل من استهداف استقرار جيرانه. وقال وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش في تغريدة على "تويتر": ما هكذا تورد الإبل عبر المظلومية والتدويل والتتريك، بل عبر إدراك الشقيق أنه سبب لجيرانه الأذى وأنه آن الأوان ليفارق دعم التطرف. وأضاف أن غضب الأشقاء وإجراءاتهم السيادية جاءت بعد صبر طويل على التآمر الذي طاولهم والضرر الذي لحق بهم، إن كانت المظلومية موقفاً فهي من حقهم وليس من حقه. وشدد على أن بلاده ما زالت تعوِّل على الحكمة والرأي الرزين لعله يخترق ضباب المكابرة والمناورة، وما زلنا على ثقة بأن الكلمة المخلصة ستستبدل تلاعب الألفاظ الذي نراه.
وفي مؤشر إلى عمق الأزمة الاقتصادية في قطر، دشنت الدوحة وشركتان لخطوط نقل الحاويات، خدمات جديدة عبر سلطنة عمان في مسعى للالتفاف على حظر الموانئ الذي فرضته دول مجاورة وفتح نافذة لإمدادات الغذاء بعدما قطعت دول خليجية علاقاتها معها الأسبوع الماضي. وأغلق قطع خطوط النقل الجوي والبحري والبري منافذ استيراد مهمة لقطر البالغ عدد سكانها نحو 2.7 مليون نسمة يعتمدون على الواردات في تلبية معظم حاجاتهم الغذائية.
وعلقت "كوسكو" الصينية لخطوط الشحن البحري و "إيفرغرين" التايوانية و "أو أو سي أل" التي مقرها هونغ كونغ خدمات نقل الحاويات من قطر وإليها. وأعلنت الشركة القطرية لإدارة الموانئ تدشين خطين جديدين للشحن يتضمنان تسيير ثلاث رحلات أسبوعياً بين ميناء حمد القطري وميناءي صحار في شمال عمان وصلالة في الجنوب. وتعجز سفن الحاويات الضخمة عن الرسو في الموانئ القطرية لأسباب عدة، منها مياهها الضحلة، لذا تلجأ خطوط الشحن إلى نقل الحاويات من ميناء جبل علي الأكبر حجما في الإمارات. ويقول مستوردون قطريون إن آلاف الحاويات المتجهة إلى الدوحة ما زالت عالقة في ميناء جبل علي.