استفتاء أيرلندا يقول "نعم" للإجهاض

توجه الأيرلنديون امس الجمعة، إلى صناديق الاقتراع للمشاركة في استفتاء بشأن السماح بالإجهاض تبدو نتائج التصويت فيه متقاربة نظراً؛ لتجذر التقاليد الكاثوليكية، على الرغم مما شهدته البلاد من تطور في مجال المعايير الأخلاقية بعد ثلاث سنوات من تشريع زواج المثليين، ولكن كانت المفاجأة فوز حملة "نعم"، لمؤيدي الإجهاض بنسبة 68%، مقابل لا 32%.

تزايد معارضة حظر الإجهاض في السنوات الأخيرة

وتمنع المرأة في إيرلندا من إجهاض حملها في حالات الاغتصاب وزنا المحارم وحتى في حال وجود تشوهات مميتة لدى الجنين، ولكن يسمح لها بالإجهاض فقط في حال كانت حياتها معرضة للخطر.

وقرر الناخبون ما إذا كان ينبغي إلغاء التعديل الدستوري الثامن، الذي يعترف بحق المساواة في الحياة لكل من الأم والأطفال الذين لم يولدوا بعد، مما يحظر فعليًا عملية التخلص من الجنين، وطُبق هذا التعديل في عام 1983، ولكن حملة إلغائه تزايدت بسرعة كبيرة في السنوات الأخيرة، مدفوعة بحالة وفاة "سافيتا هالابانافار"، في عام 2012.

وأظهر استطلاع نشرته صحيفة "أيرش تايمز" منذ نحو شهر، أن 47% سيصوتون لصالح إلغاء التعديل الثامن، أما 28% سيصوتون لصالح بقائه، ويمثل هذا تراجعًا بين مؤيدي التعديل، حيث كانت نسبتهم 62% في ديسمبر/ كانون الأول 2017.

حزب الشين فين ورئيس وزراء أيرلندا أيدا الإلغاء

ونشر حزب "شين فين" الأيرلندي ملصقات تؤيد عملية إلغاء التعديل، كما أصبح شعار الحزب "ثق في المرأة"، بعد بروز رئيسه الجديد، ماري لو ماكدونالد، ودعا رئيس الوزراء الأيرلندي، ليو فارادكار، للتصويت بنعم في الاستفتاء؛ لإلغاء التعديل الثامن، مشيرًا إلى أن منع الإجهاض، لا يمنع السيدات من إجراء الإجهاض فقط، بل يدفع إلى سفرهن إلى الخارج للقيام بذلك، وكتب على تويتر" التعديل الثامن لا يمنع الإجهاض، ولكنه يسمح لنا فقط بإزلاقه تحت السجادة، لا أكثر"، وأنضم له وزير الصحة سيمون هاريس، ووزيرة الثقافة، جوزيفا ماديغان.

ويشكل فوز مؤيدي الإجهاض بهذا الفارق الكبير مفاجأة بالنظر إلى أن الخبراء كانوا يتوقعون أن تكون نتيجة الاستفتاء متقاربة جداً، لا سيما وأن عدداً كبيرًا من الناخبين لم يكونوا قد حسموا أمرهم عشية الاستفتاء.

الاستفتاء يسبق زيارة البابا فرانسيس

وجرى الاستفتاء قبل ثلاثة أشهر من زيارة البابا فرنسيس بمناسبة اللقاء العالمي للعائلات، وبعد ثلاث سنوات على تصويت أيرلندا لتشريع زواج المثليين رغم معارضة الكنيسة، وهذه هي المرة السادسة التي يتم فيها التصويت على هذه القضية؛ فالاستفتاء هو نتيجة لعقود عدة من النقاشات بشأن موضوع الإجهاض، وعلى "التعديل الدستوري الثامن" الذي يفرض حظرًا شبه كامل على الإجهاض.

وشارك نحو الـ 3.5 مليون إيرلندي في التصويت مع أو ضد قانون حرية الإجهاض، فيما سمي باستفتاء تاريخي في بلد كاثوليكي تقليدي، وافتتحت مراكز التصويت أبوابها على الساعة السابعة صباحًا، وتستمر العملية حتى العاشرة ليلًا، مع منع إقامة الحملات الدعائية لكلا الرأيين بالقرب من المدارس حيث يتم التصويت، لكن تم التساهل مع وضع الأساور أو ارتداء القمصان التي تحمل عبارات أو رموز تدعوا للتصويت مع أو ضد.

دول أوروبية رافضة للإجهاض

وتعد أيرلندا وأيرلندا الشمالية ومالطا وبولندا، هم الأكثر تشددا في قوانين الإجهاض في الاتحاد الأوروبي، وتمنع في بولندا وإيرلندا عمليات الإجهاض إلا في حال كانت حياة المرأة الحامل في خطر، أيضا فإن أيرلندا الشمالية تسمح بهذه العملية في حالة وجود مخاطر عقلية أو جسدية، بينما تسمح بولندا حاليًا الإجهاض في حال كانت حياة الجنين أو أمه في خطر، أو أن الحمل ناتج عن اغتصاب أو زنا محارم.

وأكدت إحدى مجموعات العمل في عام 2016 أنه ينبغي السماح بالإجهاض في حالة وجوت تشوهات في الجنين، وأوصت بإجراء تغيير في قانون الإجهاض، وتعد أيرلندا وأيرلندا الشمالية، الدولتان الوحيداتان التابعتان للمملكة المتحدة، ويتضعان قيوداً صارمة على الإجهاض.

تأثير منصات التواصل الاجتماعي على الاستفتاء

وينظر إلى استفتاء الجمعة باعتباره اختبارا لكل من غوغل وفيسبوك اللذين اتخذا خطوات لمنع التأثير الإلكتروني الغربي على استفتاء أيرلندا، في محاولة لمنع تكرار ما حدث في الانتخابات الرئاسية الأميركية.

وأطلقت مفوضية الاستفتاء في أيرلندا موقهًا رسميًا على شبكة الإنترنت؛ لإعلام الناخبين بتفاصيل التصويت القادم، وهو يشرح كل تفاصيل التعديل الدستوري الثامن.

المتشددون يحثون الكنيسة على رفض الاستفتاء

ورسم بعض مؤيدي بقاء حظر الإجهاض "غرافيتي" في الشوارع  وعلى جدران الكنيسة الكاثولييكية؛ يحثون الكنيسة على الحفاظ على التعديل الثامن، ووصف حزب "شين فين" هذا الأمر بالمخز، كما أنه جريمة كراهية طائفية.

وأيد غالبية الرجال في أيرلندا التصويت بنعم على إنهاء حظر الإجهاض، حيث نشر رئيس الوزراء الأيرلندي فيديو لمجموعة من الوزراء الرجال يؤيدون الإلغاء.

 وبصفته الرئيس الحالي لأيرلندا، ما يزال مايكل دي هيغنز محايداً في الشؤون السياسية، لكن وجهات نظره حول التعديل الثامن كانت واضحة في وقت إضافته إلى الدستور في عام 1983، حيث انتقده ووصفه بالاستفتاء القاسي، والذي لم يظهر اهتمامًا بالمرأة.