دبي ـ سعيد المهيري
أكد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أن حكومات المستقبل هي التي تتبنى أفكارًا ثورية للارتقاء بحياة الإنسان، من خلال استشراف تحديات المستقبل وتطوير الحلول الاستباقية لها.
وقال «نستلهم التجارب العالمية التي أحدثت فرقًا في حياة الإنسان في بناء مستقبل أفضل، نؤمن أن الابتكار مكون أساسي فيه، لأنه الأداة الوحيدة القادرة على تغيير وجهة التاريخ وإيجاد الحلول للتحديات الكبرى»، مؤكدًا أن دولة الإمارات تمثل حاضنة عالمية للابتكار ومركزًا لتطوير الحلول المستندة للعلوم المتقدمة، ومنصة للشراكة العالمية في جعل العالم مكانًا أفضل للأجيال القادمة.
جاء ذلك، لدى افتتاح الجمعة، «ابتكارات الحكومات الخلاقة» الفعالية الرئيسية المصاحبة للقمة العالمية للحكومات التي تنظم دورتها السادسة في الفترة من 11 - 13 فبراير/شباط الجاري، واستعراض أبرز التجارب الحكومية المبتكرة التي تقدمها.
رافقه خلال الجولة الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي، ومحمد بن عبدالله القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل، رئيس القمة العالمية للحكومات، و عهود بنت خلفان الرومي وزيرة دولة للسعادة وجودة الحياة، وعمر بن سلطان العلماء وزير دولة للذكاء الاصطناعي.
وأضاف الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: «إن الإنسان محور كل ابتكار وأساس كل تقدم حققته البشرية في مسيرتها التاريخية، الحكومات التي وضعت الإنسان أولوية لعملها ابتكرت الحلول وطورت الأدوات، وسهلت حياة الإنسان، وأضافت إلى رحلة تطور الإنسان».
وينظم مركز محمد بن راشد للابتكار ضمن فعاليات القمة العالمية للحكومات في دورتها السادسة، ابتكارات الحكومات الخلاقة، الفعالية التي تشكل المنصة الأبرز عالميًا لعرض تجارب الحكومات الأكثر ابتكارًا في المجالات الموجهة للإنسان والهادفة للارتقاء بمستوى جودة حياته.
وتجسد ابتكارات الحكومات الخلاقة توجهات القمة العالمية للحكومات للاحتفاء بالابتكار وتكريم الحكومات التي ابتكرت حلولاً لتحديات حيوية تواجه مجتمعاتها أو قطاعات منها، وعززت الحياة الإنسانية وانعكست إيجابًا على المجتمع.
وتهدف هذه المنصة العالمية إلى تمكين الحكومات من مشاركة تجاربها مع بعضها البعض وتبادل الخبرات في ما بينها، والتعاون بشكل وثيق لخدمة المجتمع ومستقبل الأجيال، وتتيح للمشاركين في القمة وزائريها، فرصة التعرف عن قرب على تفاصيل الابتكارات وأحدث المنهجيات التي تتبناها الحكومات لمواكبة التغيرات المتسارعة، وتضع بين أيدي حكومات العالم وحكومة دولة الإمارات هذه التجارب المبتكرة للاستفادة منها وتطبيقها.
وتقدم ابتكارات الحكومات الخلاقة على مدى أيام القمة في الفترة من 11- 13 فبراير/ شباط الحالي، 7 تجارب حكومية مبتكرة من دول حول العالم تركز على تقديم حلول للتحديات التي تواجه البشرية، وتلهم الحكومات لتطوير ابتكارات تغطي القطاعات الحيوية المرتبطة بجودة حياة الإنسان.
وتستعرض ابتكارات ثورية لحكومات كل من السويد وكندا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وكينيا وهولندا والنرويج، وسيتم تكريم أفضل التجارب المبتكرة ضمن فعاليات القمة العالمية للحكومات.
وتضم منصة ابتكارات الحكومات الخلاقة عددًا من الابتكارات والتجارب الملهمة التي أحدثت فرقًا في حياة الأفراد والمجتمعات، سواء من خلال تقنيات التعزيز البشري أو العمليات الحكومية المبتكرة أو تمكين فاقدي البصر من التعرف إلى الألوان من خلال الأصوات، أو صيانة الطرق بطرق ذكية، أو قياس جودة الحياة، أو الاستجابة السريعة للحالات الطارئة، أو الحد من التلوث الضوضائي.
واختيرت أفضل الابتكارات حول العالم، بعد عملية بحث وتقييم استمرت عامًا كاملاً، وشملت استعراض أكثر من 200 تجربة مبتكرة، بالشراكة بين مركز محمد بن راشد للابتكار الحكومي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والمجلس الاستشاري العالمي لمركز محمد بن راشد للابتكار الحكومي.
وضمت لجنة تقييم الابتكارات نخبة من الخبراء والمسؤولين الحكوميين والمختصين والاستشاريين الذين قيَّموا الابتكارات الحكومية حول العالم، واختاروا أفضلها لعرضها ضمن ابتكارات الحكومات الخلاقة.
وتقدم ابتكارات الحكومات الخلاقة تجربة مبتكرة لحكومة المملكة المتحدة تتمثل باعترافها بالإنسان المعزز آليًا، ومنحه جواز سفر وهوية، ما يمثل خطوة غير مسبوقة في مجال تبني القدرات الجديدة التي نتجت عن تكنولوجيا التعزيز البشري.
ويأتي ذلك بعدما اعترفت الحكومة البريطانية بنيل هاربيسون كإنسان «سايبورغ»، وكفلت له جميع الحقوق والواجبات الخاصة بالمواطن البريطاني، وقد تمكن هاربيسون الذي كان مصابًا بعمى الألوان، من التغلب على إعاقته من خلال زرع جهاز هوائي في جمجمته يمكنه من سماع الألوان، ليصبح أول إنسان معزّز بقدرات آلية.
وتقدم «ابتكارات الحكومات الخلاقة» تجربة شركة الخطوط الحديدية الحكومية السويدية «إس جيه» المبتكرة التي تستجيب لتطلعات أفراد المجتمع عبر خدمة حكومية جديدة تتبنى إحدى تقنيات التعزيز البشري.
وتسمح الشركة باستخدام شريحة مزروعة تحت الجلد كبديل عن التذاكر التقليدية، وتتيح الشريحة الصغيرة لموظفي الخطوط الحديدية مسح أيدي الركاب باستخدام جهاز قارئ، و سارعت الحكومة بتطوير هذه الخدمة وإتاحتها للاستخدام، حيث طبقت بشكل مبدئي بين ألفي شخص من مستخدمي القطارات.
ووظف القطاع الحكومي في كندا تكنولوجيا الحوسبة السحابية لمواجهة تحدي نقص الموظفين الموهوبين والمبتكرين في الجهات الحكومية، من خلال ابتكار برنامج «الموظفين المتنقلين»، وقدمت ابتكارات الحكومات الخلاقة عرضًا للبرنامج الذي يتمثل في تطوير صيغة جديدة للموظف الحكومي الشامل المبتكر الذي يتمتع بمهارات عالية.
ويتم اختيار «الموظفين المتنقلين» استنادًا إلى مهاراتهم وكفاءاتهم، ومن خلال تقنية الحوسبة السحابية يتم تكليف الموظف بالعمل على مهمة أو مشروع معين ليس مرتبطًا بالجهة التي يعمل لديها، انطلاقاً من فكرة المشروع القائمة على تلبية احتياجات الجهات الحكومية من الكفاءات البشرية من خلال الاستعانة بالكفاءات المناسبة المتوفرة في جهات أخرى.
ويستطيع الموظفون المنتسبون إلى البرنامج العمل بحرية تامة، ما يمنحهم فرصًا لتقديم مستويات أداء متميزة، الأمر الذي أثبت انعكاسات إيجابية عليهم، حيث كشفت دراسة أجريت على الموظفين المتنقلين أنهم يتمتعون بمستويات أعلى من الرضا الوظيفي والسعادة، وأن قدراتهم أعلى مقارنةً بالموظفين الآخرين في القطاع الحكومي.
عرضت حكومة دولة النرويج، المعروفة بعملها الدائم على توفير أعلى مستويات جودة الحياة، مشروعها المبتكر لتحويل جودة الحياة من عبء على الحكومة إلى استثمار مجزٍ، حيث قام فريق عمل «أسكر ولفير لاب» من بلدية أسكر، بالتعاون مع المصارف الاستثمارية بوضع آلية جديدة لتقديم خدمات للفئات المجتمعية التي تقوم الدولة على دعمها عبر برامج الرفاه الاجتماعي.
وتقوم الفكرة على الاستثمار في مهارات وقدرات الإنسان، من خلال مشاريع التأهيل وبناء القدرات وتطوير المهارات المستقبلية للفئات الاجتماعية المستفيدة من برامج الرفاه الاجتماعي، ما انعكس بشكل إيجابي على الميزانيات المحددة لدعم برامج الرفاه الاجتماعي، وعلى الأفراد الذين انتقلوا من كونهم حالات بحاجة إلى إعانات ودعم إلى أفراد منتجين قادرين على إعالة أنفسهم.
وقيست ظروف المعيشة وجودة الحياة قبل وبعد تعامل العائلات مع فرق الاستثمار، والكشف عن ارتفاع ملحوظ في مستويات جودة الحياة لديهم.
وتمكنت حكومة كينيا من توظيف التقنيات الحديثة في صيانة البنى التحتية، من خلال ابتكارها نظامًا جديدًا لصيانة الطرق عبر إشراك المجتمعات المحلية، إذ ركبت أجهزة ذكية تتكون من أدوات استشعار على المركبات لمراقبة حالة الطرق وتحديد المخاطر مثل الحفر أو العوائق على الطريق.
ويتميز النظام بأنه قادر على إبرام عقود الصيانة وإسناد المهام إلى عمال الصيانة المسجلين الذين يقدمون أفضل عروض الأسعار، عبر النظام المتوفر على الهواتف المحمولة، ونتج عن النظام تقليص الفترة الزمنية اللازمة لإجراء عمليات الإصلاح والصيانة بشكل كبير.
وتعرض الحكومة الهولندية ابتكار الرقابة على تلوث الهواء والتلوث الضوضائي الذي أتاحته للأفراد لإشراكهم في قياس التلوث عن طريق اعتماد تطبيق «ديسيبل دوت لايف» الذي يعمل بتقنية «إنترنت التعاملات الرقمية - البلوك تشين».
ويضمن هذا الابتكار حقوق الأفراد في المناطق المجاورة لأماكن تنظيم الحفلات الغنائية أو مواقع الإنشاءات من خلال تغريم المخالفين بشكل فوري، كلما تجاوزوا مستويات التلوث المسموح بها.
وتقدم «ابتكارات الحكومات الخلاقة» تجربة مبتكرة من الولايات المتحدة الأميركية، التي تبنت تقنية جديدة ابتكرها الباحث في مجال البراكين سام كوسمان، الذي طور نظام «سي ثرو» المستوحى من التقنيات المستخدمة في دراسة البراكين، ليصبح نظامًا قادرًا على توفير رؤية عبر الجدران في المباني التي تتعرض لحالة حريق، ما يمكن فرق الإطفاء من إنقاذ الأرواح بكفاءة وسرعة عالية.
وكشف تطبيق هذا الابتكار في مركز إطفاء منلو بارك ومركز إطفاء كونسيومز في الولايات المتحدة، عن نتائج هائلة، حيث تمكن رجال الإطفاء من الدخول والخروج من مبنى يحترق بصورة أسرع بخمس مرات.