واشنطن - يوسف مكي
يبدو أن الاتحاد الأوروبي يتجه للتصويت اليوم الخميس على قرار من شأنه تعليق المفاوضات مع تركيا، وهو الأمر الذي قد يثير غضب أنقرة، حسب ما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، حيث أن مثل هذا القرار من شأنه وضع نهاية لعملية طويلة ومضطربة داخل الاتحاد الأوروبي.
وأضافت الصحيفة الأميركية أن عملية التصويت تأتي في الوقت الذي تتزايد فيه الانتقادات لحكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بسبب حملات القمع المتزايدة التي تشنها حكومته على المعارضين ووسائل الإعلام منذ محاولة الانقلاب التي استهدفت نظامه في شهر يوليو/تموز الماضي. ولذا فقد اقترح الاتحاد الأوروبي وقف العملية برمتها إذا لم تشهد الأمور تقدما قبل نهاية العام. إلا أن مثل هذا التقدم يبقى غير وارد على الإطلاق.
كان الرئيس التركي قد تحدث حول إقدام نظامه على استعادة عقوبة الإعدام من جديد، وهو الأمر الذي يجعل الحديث عن انضمام تركيا الى الاتحاد الأوروبي اشبه بالمستحيل، خاصة وأن حظر تلك العقوبة يبقى شرطًا رئيسيًا للانضمام الى التكتل الأوروبي.
ورأى العديد من المتابعين والمحللين أن الخطوة التي يبدو الاتحاد الأوروبي بصدد اتخاذها، قد تدفع الأتراك نحو مزيد من التشدد في مواقفهم تجاه العديد من القضايا، من بينها حقوق الإنسان وعقوبة الإعدام، في حين أنها سوف تكون بمثابة تهديد للتعاون بين أوروبا وتركيا في ما يتعلق بمسألة الحد من تدفق اللاجئين إلى أوروبا.
ويقول رئيس وزراء السويد كارل بيلدت، في تغريدة على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، إنه "سيكون غباءً استراتيجيًا من الدرجة الأولى، إذا ما قرر الاتحاد الأوروبي التخلي عن علاقته بتركيا من جانب واحد."
وتقول "نيويورك تايمز" أنه بدا خلال نقاشات المشرعين في مقر البرلمان الأوروبي في مدينة ستراسبورغ الفرنسية الثلاثاء، أن غالبية المشرعين الأوروبيين سوف يتجهون نحو التصويت لصالح تعليق محادثات انضمام أنقرة إلى الاتحاد الأوروبي.
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، من جانبه، استبق صدور القرار رسميًا للإعراب عن احباطه، حيث قال في خطابه أمام منظمة التعاون الإسلامي يوم الأربعاء، في مدينة إسطنبول التركية، إن "لجوء البرلمان الأوروبي إلى مثل هذا التصويت يعني أن الاتحاد الأوروبي قد قرر وضع التنظيمات الإرهابية تحت جناحيه، وأنه قرر اتخاذ جانبهم."
كانت صحيفة "حريت" التركية قد نشرت تقريرًا قبل بضعة أيام حول تهديدات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالانضمام إلى "منظمة شنغهاي للتعاون"، وهي المنظمة التي تضم كلا من الصين وروسيا، بدلا من الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. ونقلت الصحيفة التركية عن أردوغان قوله بأن "الاتحاد الأوروبي يؤجل منحنا عضويته منذ 53 عامًا... كيف يمكن أن يحدث مثل هذا الشيء؟" وكانت تركيا قد طلبت الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي للمرة الأولى في الستينات من القرن الماضي، ولكن المحادثات الرسمية لم تبدأ سوى في عام 2005.
وتقول الصحيفة الأميركية البارزة أن الاتحاد الأوروبي وتركيا يمران بمرحلة حرجة للغاية، حيث كانت المنظمة الأوروبية قد قررت استئناف المحادثات حول انضمام انقرة في إطار صفقة للحد من الهجرة غير الشرعية وتدفق اللاجئين.
ويرى الخبير التركي سنان أولغن، الباحث في جامعة "كارنيغي"، أن الاتحاد الأوروبي وجد نفسه مضطرا للتحول من الاستجابة المجرد للمطالب التركية إلى الخيار الأخر الأكثر صعوبة، موضحًا أن الخطوة الأوروبية المرتقبة ربما تدفع باتجاه القضاء على صفقة اللاجئين.
وكان الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين تركيا والاتحاد الأوروبي في مارس/آذار الماضي يسمح بدفع ثلاثة مليارات يورو إلى تركيا خلال عامي 2016 و2017 مقابل مساعدة الحكومة التركية للحد من تدفق اللاجئين إلى أوروبا، وهو الاتفاق الذي أتى بثماره حيث وصل عدد اللاجئين الذين تدفقوا إلى اليونان إلى حوالي مائة لاجئ يوميًا مؤخرا بعد أن كان عددهم يتعدى الألفي لاجئ قبل ذلك.
أما مصطفى ينير أغلو، رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان التركي، فيقول إن الغالبية العظمى من الأتراك لم يعودوا يثقون في الاتحاد الأوروبي. وأضاف "لقد وصلنا إلى الحد الذي أصبحت فيه أوروبا تتجه بقوة نحو مناصبة العداء للأتراك وللإسلام إلى الحد الذي لم يعد ممكنًا خلاله أن تصبح تركيا عضوًا في الاتحاد الأوروبي رغم تلبية كافة الشروط."
إلا أن أولغن ربما تبنى وجهة أخرى، حيث أكد أن تصويت الاتحاد الأوروبي اليوم قد يجعل الصفقة المتعلقة باللاجئين أكثر غموضا، إلا أن كلا الجانبين لديه مصلحة كبيرة في الحفاظ على مثل هذه الصفقة. وأضاف "رغم التداعيات السلبية للتصويت على الاتفاق، إلا أنه لن ينهار بالكامل لأنه يحمل فوائد لكلا الجانبين.
وفي الوقت الذي تتجه فيه الاحتمالات نحو اتجاه الاتحاد الأوروبي إلى وقف المحادثات حول انضمام تركيا، كان عدد من كبار مسؤولي الاتحاد قد أعربوا عن رفضهم الكامل لتلك الخطوة.
وتقول فيدريكا موغريني، مسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، "أعتقد أن الطريقة الأفضل لتقوية الديمقراطية في تركيا تتمثل في الانخراط مع تركيا وذلك بترك كل القنوات مفتوحة. وإذا ما جاء التصويت بوضع نهاية لفكرة انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، سيجد الطرفان نفسيهما قد اتخذا السيناريو الخاسر."
التعليق الرسمي للمحادثات لن يتم من خلال التصويت المقرر اليوم الخميس، حيث أن هذا القرار يتطلب موافقة الدول الأعضاء، حيث يبقى قرار البرلمان استشاريًا، وهو ما يعني أن نتيجة التصويت لن يكون لها قيمة كبير قبل انعقاد قمة الاتحاد الأوروبي