واشنطن - يوسف مكي
تتوزع الخريطة السياسية الأميركية بين اللونين الأحمر والأزرق، إلا أنه على ما يبدو قد حان الوقت ليكون هناك لونٌ ثالث، ألا وهو اللون الأخضر، وهو اللون الذي يرمز الى حركة رفع الحظر عن مخدر "الماريجوانا"، والذي يعد الأكثر شعبية بين المخدرات غير المشروعة في الولايات المتحدة. هكذا استهلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية تقريرا لها الإثنين.
وذكرت الصحيفة الأميركية البارزة أن حركة قوننة الماريجوانا أي السماح بتعاطيه، سوف تحقق قفزة عملاقة إذا ما صوتت ولاية كاليفورنيا الأميركية، وأربع ولايات أخرى لصالح السماح بتداول المخدر الترفيهي، وهو الأمر الذي توقعه العديد من استطلاعات الرأي في مختلف أنحاء الولايات المتحدة.
ويبدو أن التصويت لصالح رفع الحظر عن الماريجوانا سوف يمتد إلى كافة الولايات الأميركية الواقعة على الساحل الغربي بأكمله، بالإضافة إلى عدد من الولايات الممتده من المحيط الهادئ إلى ولاية كولورادو، وهو الأمر الذي ربما يجعل من الصعب على الحكومة الاتحادية الوقوف أمامه بالاستمرار في حظر المخدر.
ولايتا كاليفورنيا وماساتشوستس على موعد مع صناديق الاقتراع الشهر المقبل للتصويت حول تقنين الماريجوانا، حيث تصب التوقعات في صالح القبول، بينما يأتي التصويت في كل من أريزونا ونيفادا في وقت لاحق.
والتصويت لصالح تقنين الماريجوانا الترفيهية في كل من واشنطن وألاسكا وكولورادو وأريغون خلال السنوات الأربع الماضية، ربما لم يكن كافيا لإقناع الحكومة الفيدرالية بضرورة رفع الحظر عنها، إلا أن الوضع سوف يكون مختلفا في حالة تصويت ولاية بحجم كاليفورنيا لصالح خيار رفع الحظر، في ظل اقتصادها الصناعي الضخم.
ويقول نائب حاكم ولاية كاليفورنيا الأميركية جافين نيوسوم إنه "إذا ما حالفنا الحظ في التصويت المقبل، ستكون بمثابة بداية النهاية للحرب على الماريجوانا، حيث أنه إذا تحركت كاليفورنيا في هذا الاتجاه، فإنه من شأنها وضع مزيد من الضغوط على المكسيك ودول أميركا اللاتينية في ظل اشتعال النقاش حول هذا الأمر هناك في المرحلة الراهنة."
تقول نيويورك تايمز أن خطوة رفع الحظر ربما تضع الولايات في صراع مباشر مع الحكومة الاتحادية، خاصة إدارة مكافحة المخدرات، والتي رفضت دعوات تم إطلاقها في أغسطس/آب الماضي حول تخفيف اللوائح على الماريجوانا، حيث أكدت أنها يتم التعامل مع هذا المخدر كما يتم التعامل مع الهيروين تماما.
وفي نفس السياق، فإن مثل هذه الخطورة ربما تثير حالة الخلل المتواجدة في الأنظمة القانونية حول كيفية التعامل مع المعاملات المالية المتعلقة بهذا المخدر في المرحلة المقبلة. ففي الوقت الذي أعلنت فيه الحكومة الفيدرالية في 2013، قبولها لتقنين بعض الولايات للماريجوانا تحت ظروف معينه، وكذلك تقبل الضرائب من شركات الماريجوانا، إلا أن نفس تلك الشركات تعاني من جراء مشكلات كبيرة تترتب على الحظر الاتحادي على المخدر، من بينها منعهم من فتح حسابات مصرفية أو قبول بطاقات الائتمان الخاصة بهم.
ومن المتوقع أن يشهد سوق الماريجوانا سواء الطبية أو الترفيهية نموا كبيرا خلال الأربع سنوات المقبلة، حيث أنه ربما يصل إلى حوالي 22 مليار دولار، بعد أن حقق سبعة مليارات هذا العام، وذلك إذا ما صوتت ولاية كاليفورنيا بـ"نعم".
ويقول الرئيس التنفيذي لشركة "أركفيو"، تروي دايتون، إن هذا التصويت سوف يسمع مداه في كل أنحاء العالم، حيث أن ما حدث من قبل كان صغيرا إذا ما قورن بما سوف يحققه التصويت في ولاية كاليفورنيا." ويعتبر العديد من العلماء أن تقنين الماريجوانا هو بمثابة نقطة ضوء في وسط الظلام، حيث أن هناك العديد من دول العالم تقننها، بالإضافة إلى مساهمتها الكبيرة في الاقتصاد، كما أن تأثيرها على الصحة العامة يبدو ضئيلا إلى حد كبير.
من جانبهم، يرى مؤيدو التقنين في ولاية كاليفورنيا أن السماح بالمخدر الترفيهي يحمل عدة فوائد، تتشابه إلى حد كبير مع رؤية مواطني كولورادو، حيث أن هذه الخطوة سوف تفتح الباب انخفاض عدد المعتقلين بسبب تعاطي المخدر، وكذلك زيادة كبيرة في تحصيل الضرائب.
وأضافوا أنه "بعد سنوات طويلة من المقاومة، يبدو أنهم أصبحوا على مقربة من تحقيق هدفهم." ويقول الخبير الطبي ستيف دي انجلو أن هدفه الأسمى أن يجد هذا النبات في يد كل إنسان يحتاج إليه، فهو شيء روحي وديني منحته لنا الطبيعة ليكون بمثابة شفاء."
وتقول الصحيفة الأميركية أن إضفاء الصبغة القانونية للماريجوانا سوف تساهم في تحويل أجزاء من ريف كاليفورنيا لزراعته بشكل علني، وبالتالي تعزيز الصناعات القائمة عليه، لتخرج من الظل للمرة الأولى، ويصبح لها دور فعال في الاقتصاد الأميركي، وبالتالي يكون لها نفس قوة وتأثير صناعات الكحول وشركات التبغ.
وأظهرت استطلاعات الرأي أن 57 بالمئة من الأميركيين يريدون قوننة الماريجوانا، وهو الأمر الي دفع غالبية الخبراء للتأكيد بأن المخدر أقل ضررا من التبغ والكحول، وبالتالي فيمكن الاستفادة من تقنينه اقتصاديا.
إلا أنه بالرغم من ذلك تبقى هناك عدة أصوات معارة لمثل هذه الخطوة، حيث تقول جينيفر تيجادا، رئيس لجنة التشريع والقانون في جمعية رؤساء الشرطة في كاليفورنيا، أنها لا تعترض على خطوة القوننة، ولكن الأمر لا ينبغي أن يسير دون أجراءات مدروسة. وأضافت "ينبغي أولا على ولاية كاليفورنيا وضع القوانين لتحديد الكمية المسموح للسائق مثلا بتعاطيها قبل قيادة السيارة."
إن القوننة المباشر، بحسب ما ترى الخبيرة القانونية الأميركية، يشبه إلى حد كبير أن تضع طفلا لم يتجاوز الثانية عشرة من عمره أمام سيارة وتطلب منه قيادتها، دون دراسة لإجراءات السلامة. وأضافت "يبدو أنه أمر مثير للسخرية."
أما رئيس جمعية مواطنين ضد الماريجوانا سكوت شيبمان، فيرى أن هذه الخطوة تمثل خطورة كبيرة على المستقبل، موضحا أننا نعلم أطفالنا البعد عن مثل هذه المؤثرات. وأضاف "أن المعركة التي يخوضها ليست ضد المخدرات، ولكنها في الواقع معركة لحماية العقل البشري ومستقبله ولحماية مستقبل أطفالنا."