اسطنبول ـ جلال فواز
نشرت صحيفة بريطانية، صوراً لابن الصحافي السعودي المغدور جمال خاشقجي، وهو يصافح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، خلال اجتماع في قصر اليمامة في الرياض، أمس الثلاثاء. وأشارت "ديلي ميل" الى أن صلاح بن جمال خاشقجي ظهر في الصور، بملامح قاسية وهو يصافح ولي العهد، علماً بأن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز كان قدم مع أفراد العائلة المالكة، تعازيهم لعائلة الصحافي، ومن بينهم سهل شقيق صلاح، والذي وفقا لوكالة "أسوشيتد برس"، كان يخضع لحظر السفر منذ العام الماضي.
وقالت الصحيفة ، إنه "باعتباره الحاكم الفعلي للمملكة، يُلقى اللوم على ولي العهد على نطاق واسع بسبب مقتل خاشقجي، الذي نفذته مجموعة من كبار ضباط المخابرات السعودية". يأتي ذلك وسط ادعاءات انه تم العثور على أجزاء من جثة الكاتب الصحافي، بما في ذلك وجهه المشوه، في منزل القنصل العام السعودي في اسطنبول، مع تقارير منفصلة تشير إلى أن بقايا جثمانه عثر عليها في البئر الموجودة داخل حديقة القنصلية السعودية. ووفقا لما ذكرته شبكة "سي أن أن ترك"، أمس الثلاثاء، فقد عثرت الشرطة التركية على حقيبتين وكمبيوتر ووثائق تخص خاشقجي خلال تفتيش سيارة تابعة للقنصلية السعودية والتي تم اخفاؤها في موقف للسيارات تحت الأرض في المدينة.
ووفقا لتقرير "سكاي نيوز" ، تم اكتشاف أجزاء من جثة الصحافي فى حديقة منزل القنصل العام، ولكن ليس من الواضح كم من مجموع الرفات عثر عليها. وزعم تقرير تركي أن أجزاء من الجسم وجدت في بئر في حديقة القنصلية. لكن مصدراً امنياً نفى في وقت لاحق اكتشاف الجثة بعد.
وقال المتحدث الرسمي باسم رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي: "نتابع كافة التقارير حول قضية خاشقجي، وإن موقع جثمان الصحافي السعودي هو السؤال الأهم من ضمن عدد من الأسئلة التي نحتاج الى الاجابة عليها، وبالتالي فإننا ننتظر النتائج الكاملة للتحقيق التركي".
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قال أمس، إن "مقتل خاشقجي الوحشي، خُطط له من قبل فرقة اغتيال سعودية، وقد عطلت كاميرات المراقبة الخاصة بالقنصلية في اسطنبول"، كما أكد أردوغان لعائلة الصحافي المقتول أن أنقرة ستفعل "كل شيء" لحل القضية، مقدّماً تعازيه خلال مكالمة هاتفية مع نجل خاشقجي عبد الله.
وفي خطاب له أمام جلسة نيابية أمس الثلاثاء، قال أردوغان إن "هناك مؤشرات قوية على قيام فريق سعودي بالتآمر على قتل الصحافي المعارض قبل أيام من وفاته في 2 أكتوبر/تشرين الأول الجاري". وأضاف أن "مسؤولين من بينهم رجال المخابرات والامن والطب الشرعي، شوهدوا وهم يدخلون مبنى القنصلية السعودية الذي اختفى فيه خاشقجي بينما شوهد البعض وهم يستكشفون غابة قريبة والتي يعتقد ان جثمان خاشقجي مدفون فيها". ودعا أردوغان إلى محاكمة الفريق السعودي المكون من 18 شخصاً المتهمين في قتل خاشقجي، لكنه قال إن "توجيه التهم الى بعض أعضاء المخابرات لن يرضي تركيا أو المجتمع الدولي".
وقال أمام حزبه في تركيا، إن "ثلاثة نشطاء وصلوا إلى اسطنبول قبل يوم من مقتل خاشقجي في مهمة استطلاعية، وفي اليوم التالي جاء 15 شخصا إلى القنصلية"، وتساءل: "لماذا اجتمع هؤلاء الأشخاص الـ 15 في اسطنبول في يوم الذي قتل فيه خاشقجي؟ نحن نسعى للحصول على إجابة لهذا السؤال". وأضاف أردوغان في كلمته: "مطلبي هو محاكمة 18 شخصا في اسطنبول" مشيرا إلى 18 شخصا من بينهم مسؤولون أمنيون اعتقلتهم الرياض بالفعل، وأضاف أن "أولئك الذين كان لهم دورًا في مقتل خاشقجي يجب أن يواجهوا العقاب".
ورأى أردوغان أن القتل كان "مخططا" قبل أيام من وصول خاشقجي القنصلية، وقال ان "نظام المراقبة في القنصلية السعودية في اسطنبول تم ايقافه عن قصد موضحا: "في البداية قام (السعوديون المتورطون) بإزالة القرص الصلب من نظام الكاميرا." مشيرا إلى انها "قضية سياسية"، لكنه أضاف أنه لا يزال يرغب في الحصول على إجابات عن العديد من القضايا بما في ذلك "من أصدر أوامر" للفريق وأين توجد الجثة.
واعتبر أردوغان أن "إلقاء اللوم على مثل هذا الحادث على حفنة من الأجهزة الأمنية والاستخباراتية لن يرضينا أو المجتمع الدولي" مضيفا: "اتخذت المملكة العربية السعودية خطوة مهمة من خلال الاعتراف بالقتل. من الآن فصاعدا ، نتوقع منهم أن يسلطوا الضوء على المسؤولين عن ذلك - من أعلى مرتبة إلى أدنى مستوى - وتقديمهم للعدالة" .
ودعا الرئيس التركي إلى إعادة النظر في "اتفاقية فيينا" الدولية حول حصانة المقرات الدبلوماسية، لافتا أن هذه الاتفاقية منعت الأمن التركي من استجواب الدبلوماسيين السعوديين. وقال: "أعتقد أن "اتفاقية فيينا" حول حصانة المقرات الدبلوماسية أصبحت على المحك الآن"، مضيفا: "اتفاقية فيينا لم تمنح إمكانية استجواب العاملين في القنصلية وينبغي إعادة النظر فيها". وكان أردوغان قد وعد في وقت سابق بأن يتم الكشف عن القضية "كاملة" في كلمته أمس أمام أعضاء الحزب الحاكم.
وقال أحد كبار الدبلوماسيين الغربيين في تركيا لوكالة "بلومبرغ" الأميركية معلقاً على كلام أردوغان، إن "الرئيس التركي يستغل مقتل خاشقجي كفرصة لإحداث تغيير في ميزان السلطة في السعودية واستعادة نفوذ بلاده في الشرق الأوسط". فقبل ساعات قليلة ، افتُتح منتدى استثماري سعودي دولي في ظل اهتمام كبير بقضية القتل حتى بعد انسحاب عدد من المندوبين الرئيسيين.
من ناحية أخرى ، قال وزير الخارجية التركي إن بلاده ستتعاون مع الهيئات الدولية إذا ما كانت ستطلق تحقيقا مستقلا في مقتل خاشقجي، وفي مقابلة مع وكالة "الأناضول" التي تديرها الدولة ، قال مولود جاويش أوغلو أيضا إن تركيا لم تشارك في الأدلة المتعلقة يمقتل خاشقجي في القنصلية السعودية مع أي دولة لكنها أضافت أنه ربما كان هناك "تبادل لوجهات النظر بين منظمات الاستخبارات".
وردا على ذلك ، أكد الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز، في اجتماع وزاري، أن "المسؤولين عن اغتيال خاشقجي سيُحاسبون". وسبق أن أعلن الرئيس الاميركي دونالد ترامب الاثنين، انه غير راض عن التحقيقات التى سمعها حول مقتل خاشقجى ، وينتظر تقارير من أفراد اميركيين عائدين من المنطقة