لندن كاتيا حداد
رصد المراسل الصحفي مارتن شولوف، في تقرير له من العراق، المعركة الجارية في الموصل بين تنظيم "داعش" الإرهابي وقوات الحكومة العراقية. وجاء في تقرير شولوف الذي نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية، أمس الاثنين، أنه بعد التقدُّم المبكر والسريع للقوات العراقية في معركة استعادة الموصل، واقترابها من الأحياء السكنية، بدت الأمور أكثر صعوبة.
وقال شولوف: "فبعد التقدم المذهل في الأسابيع الأولى من المعركة أخذ يكشف عن حقيقة تثير الشكوك والتساؤلات، وهي أن داعش لن يتخلى عن الموصل، لذا فإن الجيش العراقي الضعيف سيضطر إلى الكفاح من أجل استعادتها. فمنذ دخول القوات العراقية حي كوكجلي الصناعي، منذ منتصف نوفمبر/تشرين الثاني أصبح التقدم أكثر بطئًا".
وينقل التقرير، عن الرقيب حسين محمود، قوله: "عندما بدأنا كنا نظن أن الأمر لن يتعدى أسابيع، ونأمل الآن أن ينتهي الأمر مع بداية العام الجديد، لكن هؤلاء الرجال ليسوا جبناء، فهم يقتلون كما يتنفسون". ولقد تمركزت القوات صوريًا خلف جبهات قتال مميزة بكتل ترابية، وتبعد خمسة أميال عن الجامع النوري، الذي أعلن منه زعيم "داعش" أبو بكر البغدادي عن "دولة الخلافة"، قبل 30 شهرًا. ومع ذلك، فإن كل مسجد وشارع يكلفان ثروات ودماء في المعركة ضد داعش".
واستخدم التنظيم المتطرف السيارات المفخخة التي استهدفت عربات "الهمفي"، ومن الصعب التكهن بالخسائر التي يتكبدها الجيش على المستوى المعنوي. فالجيش العراقي المتمركز في كوكجلي والمناطق المحيطة به يؤكد أنه سينتصر في المعركة مهما طالت، ويعترف بعض الجنود بأنهم قد يظلون يحاربون "داعش" في الأنفاق والأزقة الضيقة حتى الصيف المقبل. ويقول العريف محمد توفيق: "سمعنا أنهم حفروا أنفاقا، وأرسلوا الأطفال وهم يرتدون أحزمة ناسفة"، مضيفًا: "لم يتم تدريبنا حتى نعمل على وقفهم".
ويوضح الكاتب أن عملية عسكرية بطيئة هي ليس كل ما كان يأمل به القادة السياسيون العراقيون، خاصة في هذا المنعطف من تاريخ العراق الحديث. ويقول الرائد سعيد علي: "كانوا يتوقعون أن تنتهي المعركة في أسابيع".
ويرى العراقيون في معركة الموصل مرحلة مهمة في عملية بناء الأمة، بعد 13 عامًا من عدم الاستقرار: أولا الغزو الذي أطاح بنظام صدام حسين، ومن ثم الحرب الطائفية بين السنة والشيعة، ثم صعود تنظيم "القاعدة" وبعده "داعش"، وتعبئة مليشيات شيعية نافست الجيش الوطني، وتم منحها الغطاء الشرعي من خلال البرلمان.
وأضاف التقرير، أن الميلشيات الشيعية لا تشارك بطريقة مباشرة في العمليات العسكرية في الموصل، إلا أن دورها ينحصر في إغلاق المعابر التي قد يستخدمها مقاتلو التنظيم للهروب. ومع ذلك صور أئمة الشيعة ورموزهم واضحة في الموصل، وهي ترفع الأعلام على الشاحنات التابعة للجيش وعلى نقاط التفتيش، وتصدم الرايات السنة في الموصل، وهم غالبية، حيث ينظرون الى الحرب من خلال المعايير الطائفية لا الوطنية.
وقال صبحي جبور، وهو من أهل الموصل، إنه في الوقت الذي كان يقف فيه للحصول على مساعدات في كوكجلي: "توقعنا هذا، وحتى أكون صادقا معك لم يكونوا سيئين بالدرجة التي توقعناها".
ويلفت التقرير إلى أن الدخان المتصاعد من الضربات الجوية يُرى من على بعد في شرق المدينة، حيث يخوض الجيش معارك هناك، وهو الجزء الأسهل، بحيث يفصل نهر دجلة المدينة إلى نصفين، وهناك مخاوف من قيام التنظيم بتفجير آخر جسر معلق بين القسمين، وقد قام الطيران الأميركي بتعطيل التحرك على الجسور الأربعة الأخرى، ما يعطي المليشيات الشيعية دورًا مباشرا في الحرب بعد هذا كله.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى قول اللواء رافد إسماعيل من وحدة المدرعات العراقية قرب إربيل: "سنصل إلى هناك في النهاية وبطريقتنا"، وأضاف: "لا تنسَ أننا نقاتل الشيطان نفسه".