واشنطن ـ يوسف مكي
استهدف زعيم تنظيم "القاعدة" الراحل أسامة بن لادن الولايات المتحدة الأميركية، عندما سعت إليه "شخصيًا" من خلال تفكيك أسرته، وفقًا لما جاء في فيلم وثائقي نشر حديثًا. وكان الزعيم السابق للقاعدة غاضبا لأن حياته "تحولت رأسًا على عقب" عندما أُجبر على مغادرة السودان في عام 1996 بسبب ضغوط من الولايات المتحدة.
ووفقا للفيا الوثائقي بعنوان "الطريق إلى 11/9"، كان خياره الوحيد هو العودة إلى أفغانستان والعيش في فقر حيث كتب مذكراته من 12 صفحة عن الحرب ضد أميركا. وقد تركته زوجته الثانية وعاد ابنه الأكبر إلى موطنه السعودية بدونه، ثم تركته زوجة أخرى لأنها لم تكن معتادة على نمط تلك الحياة.
ويُشير الفيلم، الذي بث هذا الأسبوع على قناة " History Channel"، إلى أن بن لادن كان على الرغم من الكراهية الأيديولوجية للولايات المتحدة، مستاء جدًا من الأضرار التي لحقت بأسرته. وتكشف السلسلة المكونة من ثلاث أجزاء على مدى ما يقرب من خمس ساعات، الخطوط العريضة لكيفية بدء الأحداث التي أدت إلى هجمات 11 سبتمبر 2001.
ومن خلال 60 مقابلة مع معنيين رئيسيين، يعرض الفيلم علامات التحذير التي لم تلاحظ مرارا وتكرارا، ولم يتم اتخاذ العديد من الطرق لقتل بن لادن. ويصف الفيلم الطريق حتى الحادي عشر من أيلول / سبتمبر وكيف كان بن لادن يحاول بحلول منتصف التسعينات العثور على هدف جديد لمقاتليه المجاهدين الذين ظلوا معه منذ انتهاء الحرب ضد السوفيات في أفغانستان في عام 1989.
وفي ذلك الوقت كان يعيش في السودان حيث كانت كل مجموعة "إرهابية" كبيرة تقريبا لها قاعدة يدعمها النظام الإسلامي. وكان لدى بن لادن مكتب وهيبة، وأرض للخيول. وكان يعيش حياة مريحة إلى حد ما. ولم يكن لدى الولايات المتحدة ما يكفي من الأدلة لتوجيه الاتهام إليه حتى ضغطت السلطات الأميركية على السودان لاخراجه منها وانقلبوا عليه.
ولم يستطع بن لادن الذهاب إلى دول الشرق الأوسط مثل العراق أو مصر أو حتى قطر التي كانت متعاطفة مع المتطرفين الإسلاميين. ولم يكن وطنه المملكة العربية السعودية خيارًا لأنه انتقد حكامها، فكان عليه أن يذهب إلى أفغانستان. ووفقا للمؤلف ستيف كول، الذي كتب كثيرًا عن عائلة بن لادن في مايو/ايار عام 1996 انتقل تنظيم "القاعدة" إلى أفغانستان، البلد الذي كان بالكاد لديه كهرباء وكان لا يزال مدمرًا بفعل الحرب مع السوفييت.
وأصيب الصحافي الذي أجرى معه المقابلة بالصدمة للعثور على الرجل الذي كان يوما واحدا من أغنى الرجال في المملكة العربية السعودية يتناول الخبز وحساء البطاطس ويقسم خمسة بيضات بين 14 رجلًا. ويتحدث كول في الفيلم الوثائقي بأن بن لادن كان "غاضبًا" بعد أن تركته إحدى زوجاته وذهب ابنه الأكبر إلى المملكة العربية السعودية.
ويقول كول في الفيلم: "لقد ألقى باللوم على الولايات المتحدة ليس فقط من أجل كل هذه الخطايا التاريخية وهذه المعالجات في العالم الإسلامي، ولكن الأمر حينها كان شخصيًا. حياته الخاصة قد تحولت رأسا على عقب من قبل السعي الأميركي له، والضغط الأميركي الذي أجبره على الخروج من السودان. وقال كول إن إعلان الـ 12 صفحة، الذي تعهد فيه بأن أميركا سوف "تهزم تماما"، يبدو أنه كان مدفوعا بازدراء شخصي أيديولوجي.
وعلى الرغم من إنفاقه على عقود من الجهاد، إلا أن بن لادن كثيرا ما احتفظ بأسرته بالقرب منه على الخطوط الأمامية. وكان لدى بن لادن حوالي 20 طفلا وست زوجات. وكانت زوجته الثانية، خديجة شريف، محاضرة جامعية، طلبت الطلاق عندما عاد إلى أفغانستان لأنها لا تريد أن تعيش في مشقة. وابنه الأكبر هو عبد الله بن لادن الذي لا يزال حيًا حتى اليوم ويعيش في المملكة العربية السعودية.
وكانت زوجة بن لادن الأولى السورية نجوى غانم الذي رافقته إلى أفغانستان، لكنها تركته قبل أيام من 11 سبتمبر لأنها وجدت حياتها في كوخ طيني في البرية غير ملائم لها. وتزوج بن لادن في عام 1974 في سورية عندما كان مراهقا ثريا ثم بطلا جهاديا مناهضا للسوفيات، لكنه لم يتسامح معه عندما عاد إلى أفغانستان. وأفيد بأن زوجات بن لادن الثلاث الأخريات كنّ معه في مخبأه في باكستان عندما داهمت القوات الخاصة الأميركية في عام 2011 وقتلته. وكانت زوجته الثالثة، خيرية صبار، التي أصبح ابنها حمزة بن لادن إرهابيا مثل والده، وهو يعرف باسم "ولي عهد الإرهاب".
وفي يوليو/تموز من العام الماضي سجل حمزة رسالة فيديو تعهد فيها بالانتقام لوفاة والده. كما انضم ابن آخر من أبناء بن لادن وهو سعد إلى "القاعدة" وقُتل في غارة أميركية بدون طيار في عام 2009. وكانت زوجة بن لادن الرابعة سهام صابر، معلمة لغة عربية، وزوجته الخامسة هي أمل السادة اليمنية التي تزوجها في عام 2000 عندما كانت في الخامسة عشرة من عمره و هو كان يبلغ 43 عامًا.