اسطنبول ـ جلال فواز
نشرت صحيفة بريطانية، صورًا ومقاطع فيديو التقطتها كاميرات المراقبة المنتشرة في محيط القنصلية السعودية في اسطنبول، قالت إنها "لضابط مخابرات سعودي من بين فريق الخمسة عشر المتورطين في قتل الصحفي جمال خاشقجي". وذكرت صحيفة "ديلي ميل" أن "هذا الضابط ظهر بلحية مستعارة ويرتدي ملابس وأغراض خاشقجي من بينها نظارته، ويخرج من مبنى القنصلية السعودية في اسطنبول في اليوم الذي اختفى فيه الصحفي الموافق 2 أكتوبر/تشرين الأول الجاري". ووفقا للصحيفة، يعتقد أن الصور التقطت بعد ساعات فقط من رؤية الصحافي، آخر مرة وهو يدخل إلى القنصلية.
وذكرت شبكة تلفزيون "سي.ان.ان"، أن المسؤول السعودي الذي ظهر في المقطع المصور، "يدعى مصطفى المدني". وقال محققون أتراك إن "الرجل نفسه شوهد بملابس الصحافي في منطقة السلطان أحمد في المسجد الأزرق في المدينة، حيث كان يرتدى سترة خاشقجي، ثم ظهر بعد أن بدل ملابسه في حمام عام وخرج منه مرتديا قميصه الملون وبنطاله "الجينز" بعد ساعات فقط من اختفاء الصحافي السعودي.
وادّعت التقارير التركية أن الفريق السعودي قام بقتل خاشقجي البالغ من العمر 59 عامًا في مبنى القنصلية، وقطع أصابعه وجثته. يأتي ذلك في الوقت الذي نقلت فيه وسائل الإعلام التركية أن أحد أعضاء الوفد المرافق لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قام بأربع مكالمات مع المكتب الملكي من القنصلية السعودية في اسطنبول يوم مقتل جمال خاشقجي.
وذكرت صحيفة "يني شفق" التركية، أن العقيد ماهر المطرب، اتصل ببدر العساكر، مدير مكتب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أربع مرات متتالية من هاتفه الشخصي أثناء وجوده داخل مكتب القنصل السعودي في إسطنبول بعد قتل الصحفي. ولا تزال التحقيقات مستمرة حتى اليوم.
ويظهر الرجل الموجود في لقطات كاميرات المراقبة "وهو يخرج من القنصلية عبر المخرج الخلفي، ثم يستقل سيارة أجرة إلى مسجد السلطان أحمد الشهير في اسطنبول، ويذهب إلى حمام عام، ويغير ملابسه، في محاولة للايهام بأن خاشقجي خرج من المبنى".
وكتب السفير السعودي لدى الولايات المتحدة، الأمير خالد بن سلمان، شقيق ولي العهد، في 8 تشرين الأول / أكتوبر: "بعد السماح للسلطات التركية ووسائل الإعلام بتفتيش مبنى القنصلية بأكاملها، تغيرت الاتهامات من اختفاء خاشقجي إلى الادعاء الفاضح بأنه قتل داخل القنصلية، خلال ساعات العمل ، ومع عشرات الموظفين والزوار في المبنى". . "لا أعرف من يقف وراء هذه الادعاءات ، أو نواياهم ، ولا يهمني بصراحة".
وكان مسؤول سعودي قد كشف لوكالة "رويترز"، أمس الأحد، أن "مدنياً ارتدى ملابس الصحافي الخاشقجي، ونظارته، وساعته الآبل، بعد وفاته وخرج من الباب الخلفي". وقال المسؤول إن "الصحافي قتل إثر شجار عن غير قصد بينه وبين مسؤولين سعوديين وتم تهريب جثته الى خارج المبنى في سجادة ملفوفة". وأشار إلى أن الحكومة أقالت خمسة من كبار المسؤولين وألقت القبض على 18 آخرين نتيجة التحقيق الأولي.
ولم يتضح من البيانات السعودية الرسمية مصير جثة خاشقجي الذي كان يقيم في الولايات المتحدة ويكتب مقالات في صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية ينتقد فيها سياسات ولي العهد.
وقال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في حديث لشبكة "فوكس نيوز": "لسوء الحظ ، تم ارتكاب خطأ كبير وخطير وأؤكد أنه ستتم محاسبة المسؤولين على ذلك". وأضاف: "لا نعرف أين هي الجثة".
وأوضح مسؤول سعودي أن الحكومة أرادت اقناع خاشقجي بالعودة إلى المملكة في إطار حملة لمنع المعارضين من تجنيدهم من جانب أعداء السعودية. لكن الأمور سارت على نحو خاطئ، فيما تجاوز الفريق حدودهم وسرعان ما استخدموا العنف.
وروى مسؤول سعودي تفاصيل "المشاجرة" التي قضى بنتيجتها الصحافي نحبه في قنصلية بلاده، وأكد أنه مات خنقا نتيجة تكميم فمه لمنعه من الصراخ وفضح ما يجري معه. وبعد دخول خاشقجي إلى مكتب القنصل العام لإتمام معاملته، بادره ماهر المطرب أحد أعضاء الفريق الأمني الناشطين، بالحديث حول عودته إلى المملكة العربية السعودية، وفقاً لرواية الحكومة.
لكن خاشقجي رفض وأخبر المطرب بأن شخصًا ما ينتظره في الخارج وسيتصل بالسلطات التركية إذا لم يغادر القنصلية ويظهر خارجها في غضون ساعة، حسب المسؤول.
وقالت خطيبة خاشقجي، خديجة جنكيز، لوكالة "رويترز" إن "خطيبها جمال سلمها هاتفين جوالين وترك تعليمات بأن تنتظره وتطلب مساعدة من رئيس تركيا إذا لم يعاود الظهور".
ووفقا لما ذكره المسؤول السعودي في روايته الجديدة، خاطب خاشقجي المطرب قائلا بصوت مرتفع إنه ينتهك المعايير الدبلوماسية وقال: "ماذا ستفعل بي؟ هل تنوي خطفي؟".
فأجابه المطرب بلهجة حادة: "نعم، سوف نعاقبك ونخطفك"، لكن المسؤول أشار إلى أنها كانت محاولة للتخويف انتهكت طبيعة المهمة وخربتها.
وعندما رفع خاشقجي صوته وهمّ بالصراخ وطلب النجدة، أصيب الفريق الأمني بالذعر. وتحرك أفراده لتقييده، ووضعوا أيديهم على وجهه ليكموا ويغطوا فمه، و"ضغطوا بكل قوتهم عليه، محاولين منعه من الصراخ لكنه اختنق ومات"، و"لم يكن القصد قتله". حسب رواية المسؤول السعودي.
وردا على سؤال حول ما إذا كان الفريق الأمني قد خنق خاشقجي، قال المسؤول السعودي: "إذا وضعت شخصا من عمر جمال في هذا الوضع، فإنه ربما يموت". وأضاف أن الفريق كتب تقريرا زائفا لرؤسائهم قائلين إنهم "سمحوا لخاشقجي بالرحيل بمجرد تحذيره من عدم العودة معهم".
في البداية رفضت السلطات السعودية التقارير التي تفيد بأن خاشقجي قد اختفى داخل القنصلية، وقالت إنه غادر المبنى بعد وقت قصير من دخوله. وعندما ذكرت الصحافة بعد بضعة أيام أنه قُتل هناك، وصفت المملكة هذه الاتهامات بأنها "لا أساس لها من الصحة". فيما تعهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالكشف عن "الحقيقة الكاملة" بشأن مقتل الصحافي السعودي في مؤتمر صحفي اليوم الثلاثاء.
وقال الناطق باسم الحزب الحاكم التركي، عمر جليك، إن مقتل خاشقجي داخل قنصلية الرياض كان مخططا له "بطريقة وحشية". وجاءت تصريحاته في الوقت الذي تم العثور على سيارة تابعة للقنصلية السعودية في اسطنبول في حي "سولتانجازي" في المدينة. وقالت قناة "إن تي في" NTV وغيرها من وسائل الإعلام المحلية إن الشرطة ستفتش السيارة.
وفي غضون ذلك ، أفادت وسائل الإعلام الرسمية السعودية بأن كلا من خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير محمد قدّما تعازيهما إلى أسرة الصحفي السعودي، في وقت مبكر من صباح يوم الاثنين.