دونالد ترامب سيستفيد من مخاوف التطرف في الإنتخابات الرئاسيّة

على الرغم من ردود الفعل التي أعقبت جريمة سان برناردينو، والتي نظر إليها في العام الماضي، باعتبارها أسوأ هجوم متطرف تشهده الأراضي الأميركية منذ أحداث 11 أيلول/ سبتمبر، لم يستطع مسؤولي الشرطة الأميركية على التنبؤ بما سوف يحدث في المستقبل، هكذا استهلت صحيفة "التيليجراف" البريطانية تقريرًا لها أمس الجمعة.
ونقلت الصحيفة عن قائد شرطة سان برناردينو قوله أن "شخصًا ما علّق على الحدث منذ اللحظة الأولى، قائلا إن هذا الحدث سوف يكون جزءا من الانتخابات المقررة في العام المقبل."
ويبدو أن هذا التنبؤ لم يستغرق الكثير من الوقت حتى تحققت، حيث أن تلك الأحداث المتطرفة، تساهم بدور بارز في لعبة الانتخابات، فبعد خمسة أيام خرج المرشح الجمهوري دونالد ترامب، بدعوته الشهيرة إلى إغلاق باب الدخول إلى الولايات المتحدة أمام المسلمين، حتى يتمكن القادة من معرفة ما يحدث.


وبهذه الكلمات التي لاقت تصفيقا حادا من قبل حشد من أنصاره، في ولاية "ساوث كارولينا"، ولدت أول الرؤى المثيرة للجدل من قبل المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية، في حملة الانتخابات الرئاسية لعام 2016.
وتقول الصحيفة البريطانية أن مرتكبي الحادث، وهما سيد رضوان فاروق، وتاشفين مالك، كانا قد تزوجا قبل القيام بالهجوم بأشهر قليلة، موضحة أنهما اقتحما حفلا في مقاطعة سان برناردينو، وفتحا النار على الحاضرين، مما أسفر عن مقتل 14 شخصا وإصابة حوالي 22 أخرين.
وكان فاروق يعلم ضحاياه جيدا، لأنهم كانوا زملاؤه في العمل، في المقر التابع لوزارة الصحة الأميركية في المقاطعة، إلا أن السيدة تاشفين، هي من ألهمت المرشح الجمهوري بفكرة حظر دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة، حيث أنها مواطنة باكستانية، تحمل أفكارا متطرفة، منذ ما قبل دخولها إلى الأراضي الأميركية، حيث منحتها السلطات البطاقة الخضراء قبل الحادث بخمسة أشهر فقط.
وكان الحل في رؤية ترامب بسيطا للغاية، وهو الابتعاد عن المسلمين، سواء كانوا سائحين أو مستثمرين أو حتى شخصيات أجنبية بارزة، وبالتالي لن يظهر نموذج جديد لتاشفين مالك.
أما عن المسلمين المتواجدين فعلا على الأراضي الأميركية، فيرى المرشح الجمهوري بقاءهم، ولكن مع النظر إليهم بمزيد من اليقظة.
وتقول الصحيفة ربما يكون السيد ترامب محقا في تخوفه من المهاجرين، بعد تجربة السيدة الباكستانية، إلا أن التساؤل الذي يبدو أكثر إلحاحًا يدور حول النموذج الآخر الذي شارك في نفس الجريمة، وهو سيد فاروق، والذي ولد وتربى وتعلم داخل الولايات المتحدة.
ويطرح إقدام فاروق على ارتكاب جريمته تساؤلا حول ما إذا كان المواطن الأميركي، يمكنه الاشتباه في شخص يشاركه العمل والتسوق والصلاة، وربما يكون مرتديا معطفا طويلا لإخفاء حقيقته.


ويقول نظام علي "لم أشعر يوما بالخوف، إلا أنه أصبح على ما يبدو حقيقة واقعة" وأضاف "أن رجلا غير مألوف بدأ يتردد على المسجد في أيلول/ سبتمبر 2013، كان أقرب إلى الهدوء، تشعر أنه شخص محترم. كان يطلق على نفسه رضوان".
وأوضح علي أن علاقته توطدت به، حتى أنه شارك في إعداد الاحتفال الذي أقيم بمناسبة زواجه، وزاره في منزله في أيلول/ سبتمبر 2015، ليهنئه بمولوده الجديد، حيث أخبره أنه يعتزم العودة للدراسة في الجامعة، من أجل إتمام الدراسات العليا.
حتى كانت الصاعقة، بحسب علي، عندما تصدرت صورته الصحف والقنوات التلفزيونية، لتورطه في ارتكاب عمل متطرف، وأضاف "إذا كان قد فعل ذلك باسم الإسلام، فما الخير الذي قدمه؟ إنني كمواطن أميركي عادي، أحاول أن أعيش حياتي أصبحت أشعر بالخوف، بسبب ما اقترفه رضوان".
يبدو أن سان برناردينو كان لها دورا مهما في فوز السيد ترامب بترشيح الجمهوريين، بحسب "التيليغراف"، ولكن على ما يبدو أن فكرة الحظر كانت تحتاج إلى تعديل لتتناسب مع طبيعة المنافسة الجديدة التي يخوضها المرشح الجمهوري.
فعلى الرغم من عدم تبرئه مما سبق وأن دعا إليه بحظر دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة، إلا أنه تبنى خطابا مختلفا في منافسته أمام كلينتون، حيث قال إن دعوته تقتصر على المسلمين القادمين من دول تحظى بتاريخ في التطرف.
ولكن بالرغم من ذلك بقت حادثة سان برناردينو، أحد القضايا التي تتكرر دائما على لسان المرشح الجمهوري، فقد دعا مؤخرا، خلال أحد المناظرات الانتخابية أمام منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، مسلمي الولايات المتحدة للإبلاغ عن أي مشكلة إذا ما رأوها، مستطردا أن القتلة يعيشون بيننا.
وتقول "التيليغراف" إن جرائم الكراهية ضد المسلمين وصلت إلى أعلى مستوى لها في المرحلة الحالية، منذ أحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر، حيث يقول أحد الباحثين، ويدعى برايان ليفين، إن الخطاب السياسي الذي يتبناه السيد ترامب وأمثاله، يبدو السبب الرئيسي وراء ذلك.
وأضاف الباحث أن حالة الكراهية التي غالبا ما تترتب على مثل هذه الحوادث، دائما ما تسبب جرحا عميقا يصعب اندماله، وبالتالي يكون السيد ترامب أكثر ميلا إلى ما يمكن تسميته ببتر الأطراف أكثر من محاولة العلاج، وهو الأمر الذي أعطاه قدرا من الشعبية.


وتزايدت شعبية ترامب بعد حادث إطلاق النار، على أحد الملاهي الليلية في أورلاندو في حزيران/ يونيو الماضي، حيث شعر قطاع كبير من المواطنين الأميركيين أن الرجل يبدو محقا فيما تبناه من رؤى، وهو الأمر الذي بدا في استطلاعات الرأي، التي دارت حول المرشح الأقدر على التعامل مع التهديدات التي قد تواجهها الولايات المتحدة، حيث تساوى مع منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون.
وبحسب استطلاعات الرأي، فإن حوال 96 بالمائة من مؤيدي ترامب يرون أن الولايات المتحدة سوف تواجه هجمات متطرفة في المستقبل القريب، بينما 64 بالمائة من مؤيدي كلينتون يرون أن الهجوم على الولايات المتحدة أمرا محتملا.
وبالتالي فإن المصوتين الذين تسيطر مخاوف التطرف على عقولهم سوف تكون اختياراتهم واضحة تماما نحو السيد ترامب، وبخاصة وأن معظم هؤلاء تسيطر عليهم فكرة حظر دخول المسلمين إلى الأراضي الأميركية.