لندن ـ سليم كرم
أعلنت وزيرة الداخلية البريطانية المستقيلة، أمبر رود الى الحكومة، لأنها تعتبر أن "الوقت الراهن ليس مناسبا لتغيير رئيسة الوزراء"، وذلك في دعم واضح لتيريزا ماي شاركها فيه أيضاً وزير الصحة ستيفن باركلي الذي انضم مجدداً الى الحكومة.
ووفقا لصحيفة "ديلي ميل"، فقد تلقت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أمس الجمعة، دعما من اثنين بارزين من الوزراء، مؤيدين لاتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي "بريكست" لا يزالان داخل حكومتها، ليحلا مكان الوزيرين اللذين استقالا يوم الخميس لمعارضتهما مسودة اتفاق خروج بريطانيا.
وعلى أمل إنقاذ مشروع الإتفاق بشأن خروج بلادها من الاتحاد الأوروبي وبالتالي إنقاذ مستقبل ماي السياسي بعد سلسلة إستقالات وزارية، عادت وزيرة الداخلية السابقة، رود ، التي استقالت بسبب فضيحة "ويندروش" ، لدعم ماي بعد أكثر من مائتي يوم من الفضيحة التي أدت إلى مغادرتها.
وكتب ما لا يقل عن 23 نائباً محافظاً خطابات عدم الثقة بالسيدة ماي ، ويصرّ المعارضون، ومنهم جاكوب ريس موغ ، على أنهم سيتلقون 48 رسالة ضرورية لإطلاق تصويت الأسبوع المقبل لسحب الثقة من تيريزا ماي.
وعلى الرغم من الحرب التي خاضتها داخل حزبها ، فقد حرصت ماي على شرح خطة خروج بريطانيا وإصلاح حكومتها وكشف صفقتها أمام الجمهور في مؤتمر بث مباشر.
وسيركز الوزيران الجديدان على الاستعدادات المحلية في بركسيت ، بما في ذلك احتمالات سحب الثقة من ماي.
وقد عُرضت المهمة على مايكل غوف ، وزير البيئة، لكنه رفض المذكرة المختصرة ، حيث اختار أن يظل وزيرا للبيئة كما هو، والبقاء وسط مجموعة من الوزراء المترددين حول قرار الاستقالة من حكومة تيريزا ماي.
ويأمل جوف ، وبيني مورداونت ، وكريس غرايلينغ ، وأندريا لوسياس في إعادة صياغة الاتفاقية لوقف "الدعم" في أيرلندا الشمالية ، مما يحافظ على المملكة المتحدة في الاتحاد الجمركي إلى أجل غير مسمى. وقال غوف، إن لديه ثقة "مطلقة" بماي، مشددا على أنه لن ينسحب من الحكومة لأنه يريد أن يعمل إلى جانب زملائه الآخرين على "ضمان الخروج بأفضل نتيجة لمصلحة البلاد".
كما حض وزير التجارة الدولية، ليام فوكس، النواب على دعم مسودة الاتفاق الذي انجزته رئيسة الوزراء مع الاتحاد الأوروبي بشأن البريكست، قائلا إن وجود "اتفاق أفضل من عدمه".
ولم تحظ مسودة الاتفاق برضا عدد من النواب المحافظين، ومن بينهم أحد قيادي مجموعة "البريكسترز" (المتحمسين للخروج من الاتحاد الأوروبي)، جاكوب ريس موغ الذي قال إنه ونواباً آخرين قد أرسلوا رسائل لسحب الثقة من ماي إلى رئيس مجموعة النواب المحافظين في لجنة 1922. ولكي يجري تصويت على سحب الثقة من ماي، ينبغي أن يكتب 48 عضوا من حزب المحافظين رسائل إلى هذه اللجنة المختصة بالنظر في طريقة إقالة زعيم الحزب.
وقد انضم النائب كريس غرين إلى مجموعة النواب المحافظين الذين أعلنوا عن إرسالهم رسائل لحجب الثقة عن ماي ليصبح عددهم الكلي حتى الآن 22 نائبا.
ومن بين هؤلاء النائب مارك فرانسوا، الذي قال إن مشروع الاتفاق على الخروج من الاتحاد الأوروبي "ولد ميتا" ولن يحظى أبدا بدعم النواب. وشدد على القول إن مسودة الاتفاق الذي تفاوضت عليه ماي مع الاتحاد الأوروبي "سيئة حقا" وإن رئيسة الوزراء "لا تستمع" إلى المخاوف الآتية من داخل حزبها.
بيد أن وزير شؤون البريكست الأسبق، ستيف بيكر، قال لـ"بي بي سي" إنه على الرغم من أنه ليس متأكدا من عدد الرسائل التي ارسلت إلا أنه يعتقد أنه "يقترب" من الـ 48 رسالة المطلوبة.
وإذا حدث ذلك ، يشير بيكر، إلى أن مجموعة البحث الأوروبية التي تضم نوابا محافظين مؤيدين للبريكست، التي يرأسها جاكوب ريس موغ، "ستتفق بشكل جماعي" على من هو المرشح الأفضل القادر على تقديم صفقة الخروج التي يريدونها.
بيد أن وزير شؤون مجلس الوزراء، ديفيد ليدينغتون، قال إن ماي ستفوز في أي تنافس "بشكل حاسم"، و"تستحق ذلك" لأنه ليس ثمة "بديل معقول" لمتابعة قضية الخروج من الاتحاد.
ومن الأسماء التي تقدمت رسميا بطلب سحب الثقة أيضا، وزير الثقافة السابق جون ويتينغديل والنائبة شيرل موراي والنائب هنري سميث والنائبة آن ماري موريس.
وكان آلان دنكان، وزير الدولة للشؤون الأوروبية والأميركية بالخارجية البريطانية، وصف تصريحات ريس موغ بأنها "مدمرة للغاية". وحذر نواب حزب المحافظين من أنه "إذا جرى تقويض هذه الحكومة بشكل أكبر، يمكن أن يؤدي ذلك لدمارها، وحتى تدمير حزب المحافظين، في وقت مازالت فيه مباحثات الخروج من الاتحاد الأوروبي ملتبسة وغير مكتملة".
كانت اشاعات ترددت عن أن غوف، وهو أحد الشخصيات القيادية خلال حملة الاستفتاء للخروج من الاتحاد الأوروبي، يعتزم الانسحاب من التشكيلة الحكومية بعد رفضه تولي منصب وزير شؤون الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست) خلفا لدومنيك راب الذي استقال من منصبه احتجاجا على مشروع الاتفاق.
بيد أن وزير البيئة قال للصحفيين إنه يركز على العمل مع مجلس الوزراء للحصول على "الصفقة الصحيحة في المستقبل". وبسؤاله عما إذا كانت لديه ثقة برئيسة الوزراء؟ أجاب إنه يثق بها كليا. وأضاف "أنا أيضاً اتطلع الى مواصلة العمل مع كل زملائي في الحكومة وكل زملائي في البرلمان كي نضمن تحقيق أفضل مستقبل لبريطانيا".
وأفاد أن غوف لعب دورا رئيسيا في دعم مشروع اتفاق ماي في الاجتماع الوزاري المطول الذي عقد الأربعاء، الذي عبر فيه عدد من الوزراء عن شكوكهم بالمشروع.
وقال وزير التجارة الدولية أمام تجمع في بريستول: "لم نُنتخب لفعل ما نريد، بل لفعل ما هو نافع لمصلحتنا الوطنية".
وأضاف فوكس، الذي كان يتحدث أمام الجمهور للمرة الأولى منذ إقرار مجلس الوزراء لمسودة الاتفاق، إنه يأمل أن يتبنى النواب "نظرة عقلانية ومسؤولة" لمشروع الاتفاق.
وأضاف "آمل أن نقر مشروع الاتفاق في البرلمان بدلا من الخروج من دون اتفاق، وقطاع الأعمال يتطلب ذلك بالتأكيد"، في إشارة الى ضروة انهاء حالة القلق والشك التي تنتاب قطاع الأعمال جراء عدم حسم مشروع "البريكست". وكان وزير "البريكست" المستقيل دومنيك راب، قد برر استقالته بما سماه وجود "عيوب قاتلة" في مسودة الاتفاق على الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وكشفت الحكومة الأربعاء عن مسودة الاتفاق على الانسحاب من الاتحاد الأوروبي التي طال انتظارها، والتي تحدد شروط هذا الانسحاب، ووقعت في 585 صفحة. وشددت ماي، في حديث لإذاعة "أل بي سي"، على أن مسودة اتفاق الانسحاب التي توصلت إليها مع الاتحاد الأوروبي تعد "بحق أفضل صفقة لبريطانيا". وردا على أسئلة المتصلين من الجمهور عن خطة الانسحاب، قالت ماي إن عملها انصب على اقناع النواب من كل الأحزاب بأن مشروع الاتفاق يخدم مصلحة من يمثلونهم في دوائرهم الانتخابية.
وعندما سُئلت هل مازالت تحظى بدعم حزب الوحدويين الديمقراطيين في ايرلندا الشمالية، الذين تعتمد عليهم للحصول على الغالبية في مجلس العموم، قالت ماي إنها "مازالت تعمل" مع حزب أرلين فوستر (زعيمة الحزب).
ووسط الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام بشأن المستقبل، قالت ماي إن غوف يؤدي "عملا رائعا" وزيرا للبيئة، مضيفة "أنا لم أعين بعد وزيرا جديدا لشؤون الخروج من الاتحاد الأوروبي. وسأجري بعض التعيينات في الحكومة بالطبع".
وتغطي مسودة الاتفاق ما يصطلح عليه قضايا "الطلاق"، في المرحلة التي تتهيأ فيها بريطانيا للخروج من الاتحاد، وتشمل "تسوية مالية" تدفع بريطانيا بمقتضاها نحو 39 مليار جنيه استرليني (50 مليار دولار) للاتحاد.
وكان قد أثنى بعض السياسيين على التعيينات الجديدة، حيث أصر داميان غرين على أن الثنائي يقدم "قدرا كبيرا من الجهد حتى يتمكن رئيس الوزراء من الاعتماد عليهم".
ويأتي التعديل الوزاري المصغر بعد أن ضاعف أعضاء البرلمان الغاضبين من هجماتهم على تيريزا ماي عندما انتقد وزير دفاع سابق "أنها لا تستمع إلى النواب" وحذر حلفاء الحزب الديمقراطي الوحدوي من أنهم قد "يسحبوا الثقة من ماي".
وتعد سلسلة الاستقالات الوزارية نكسة شديدة لرئيسة الوزراء تيريزا ماي، وجاءت مع قرب توقيع الاتحاد وبريطانيا على اتفاق بشأن خروج الأخيرة منه، حيث أعلن رئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك، عن عقد قمة استثنائية في 25 نوفمبر الجاري لتوقيع مشروع الاتفاق الذي تم التوصل إليه يوم الأربعاء.