هانوي ـ عادل سلامه
يجتمع الرئيس الأميركي دونالد ترامب اليوم الأربعاء، مع نظيره الكوري الشمالي كيم جونغ أون، مرة ثانية، بعد 8 أشهر من اجتماعهما التاريخي الأول في سنغافورة. ويقلل كلا الطرفان من التوقعات الخاصة بحدوث إنفراجة بين بلديهما، ولكن المحللين يعتقدون أن "تقدما مذهلا سيحدث".
وذكرت صحيفة الـ"إندبندنت" البريطانية أن الرئيس الكوري الشمالي استعار طائرة صينية للسفر إلى سنغافورة، خوفا من أن طائرات بلاده لن تتمكن من إتمام الرحلة، وهذه المرة يذهب الرئيس برحلة تستغرق يومين بالقطار إلى "هانوي"، عاصمة فيتنام، بينما استقل الرئيس ترامب طائرة القوات الجوية الأميركية، يوم الأثنين.
وبينما كان اجتماعهما الأول دون شك تاريخيا، فإن نتائجه كانت موضع تساؤل حول مدى إيمان ترامب بالتبادل التجاري ومنحه الشرعية لدولة لم تلتزم بالمعاهدات الدولية الخاصة بالسلاح النووي.
إقرأ أيضاً: اليابان تُرشّح دونالد ترامب للفوز بجائزة "نوبل للسلام"
وقبل اجتماعهما الثاني، قلل المحللون والمسؤولون الأميركيون من التوقعات، ورغم ذلك، يعتقد ترامب أن تقدما حقيقا يمكن أن يتحقق، حين قال قبل مغادرة واشنطن:" نحن نتحدث عن شيء بكل صدق لم يتحدث كيم عنه مع أي شخص أبدا، ولكننا نتحدث بصوت عالٍ. أعتقد أن القمة ستكون عظيمة."
ما هو المتوقع من القمة الثانية للقائدين؟
قال العديد من الأشخاص إن الاجتماع الأول لم يكن حاسما بما فيه الكفاية، وأن الاتفاق المجهول بشأن إخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية لم يتضمن سوى تفاصيل قليلة.
واعتبر النقاد بأن ترامب بأسلوبه التقليدي، بالغ في نتائج المحادثات التي استمرت لمدة 5 ساعات، حيث قال في مقابلة مع شبكة "إيه بي سي نيوز" :"أنا أثق في كيم، نعم."
ولكن ربما كان أهم إنجاز هو التغيير في السرد. قبل بضعة أشهر من الاجتماع، كان ترامب وكيم يتبادلان التهديدات حول الغضب، وحجم ترساناتهما النووية، كان هذا هو القلق في يناير/ كانون الثاني عام 2018، حيث ركض الناس في "هاواي" للاختباء بعد إطلاق تنبيه كاذب لهجوم صاروخ باليستي، خشي الناس من إندلاع الصراع.
وقال يون سون، وهو خبير إقليمي ومدير مشارك لبرنامج شرق آسيا في مركز "ستيمبسون": إن "الإنجاز الرئيسي كان تغيير ذلك السرد لأحد الصراعات المحتملة، فقد أصبح بإمكان البلدين إبرام صفقة."
وكان أحد الانتقادات للعناوين الكبيرة لترامب وكيم، في الصيف الماضي، أنه لم يتم تحقيق إنجاز فعلي من قبل المبعوثين على مستوى العمل، ويقول محللون غربيون، إن ذلك يرجع الى أن سلطة كيم شاملة، ومن الصعب على دبلوماسييه عقد اتفاقات.
ويمكن أن يكون هناك نقطة مشابهة لدى ترامب، حيث يتفاعل كل من وزير الخارجية مايك بومبيو، ومستشار الأمن القومي جون بولتون، مع الكوريين الشماليين على مستوى عال، لكن بيونغ يانغ تعلم أن ترامب قد يغير رأيه في أي لحظة، ويجعل أي اتفاق بلا معنى.
وقالت وكالة "رويترز" إن كوريا الشمالية أعادت 55 صندوقا يحتوي على ما يعتقد أنه رفات جنود أميركيين قتلوا في الحرب، وفي يوليو / تموز، أشارت صور الأقمار الصناعية إلى أن كوريا الشمالية بدأت بتفكيك بعض المرافق في محطة إطلاق سواتل الخاصة بها، وتحركت كوريا الشمالية والجنوبية قدما للمصالحة.
وفي الوقت نفسه، تقول الاستخبارات الأميركية إن كوريا الشمالية واصلت تطوير ترساناتها النووية والصاروخية، على الرغم من الوقف الاختياري المفروض على الاختبار. وببساطة، تود كوريا الشمالية رؤية نوع من تخفيف العقوبات، سواء العقوبات الأميركية أو العقوبات الدولية أو العقوبات التي تفرضها كوريا الجنوبية، وترغب الولايات المتحدة في رؤية شيء ملموس للإقتناع بأن كوريا الشمالية جادة بشأن نزع السلاح النووي.
وقال بول كارول، الخبير الكوري الشمالي ومستشار في معهد "أن سكوير" في سان فرانسيسكو: إن "التقدم بالنسبة لبيونغ يانغ كان دائما يعني بقاء النظام، وبالتالي، فإن مدى قدرة كيم على توطيد موقفه وخلق ظروف تقل فيها مخاوف الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان والأمم المتحدة بشكل عام، يعد موقفاً أفضل."
وأضاف كارول:" أي تخفيف للعقوبات سيكون مكسبا، وأي تصريحات تقلل من وضع الهدنة الطويلة لعقود من الزمن ستكون مكسبا، وكلام ترامب الذي ينطوي على تهديد أقل لكيم ومنحه المزيد من الشرعية سيكون مكسبا. وبعبارات محددة، فإن تخفيف العقوبات والمعونة الغذائية سيكون تقدما ملموسا."
واعتبر كارول أنه "من منظور أميركي ستكون الالتزامات محددة، وذات نطاق زمني محدد، وبالنسبة لكوريا الشمالية يتعلق الأمر بسلوكها لجهة احترام برنامجها النووي والسماح بعمليات التفتيش".
وحذر المحللون من عدم توقع الكثير، وأن إعادة تشكيل العلاقة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية ستستغرق عقودا، وفي الوقت نفسه، هناك مجال للتفاؤل بشأن التقدم المتواضع، إذ في الواقع، قال داريل كيمبال، المدير التنفيذي لجمعية مراقبة الأسلحة، إنه كان أكثر تفاؤلا بشأن القمة من الأولى.
وأضاف، أن إحدى النتائج المحتملة ستكون نهاية رسمية للحرب الكورية التي دارت بين عامي 1950 و1953، والتي طالما دعا إليها الشمال باعتبارها خطوة رئيسية نحو تطبيع العلاقات.
وبعد اجتماعه مع كيم في سبتمبر/ أيلول، قال رئيس كوريا الجنوبية، مون جاي، إن كوريا الشمالية مستعدة لتفكيك مجمع "يونغبيون" النووي الرئيسي بشكل دائم، وتسمح للمفتشين الدوليين بالدخول إلى بعض مواقع الصواريخ إذا قدمت الولايات المتحدة تنازلات خاصة بها. وفي المقابل، يمكن للولايات المتحدة أن توافق على فتح مكاتب اتصال بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية والسماح ببعض المشاريع المشتركة بين الكوريتين، شريطة أن تتخذ كوريا الشمالية خطوات نحو نزع السلاح النووي.
وأوضح:" التحدي الرئيسي الذي أراه في هذه المرحلة هو عدم التوافق بين دوافع الزعيمين. أعتقد أن كيم جاد ومتطور ومستنير ومستعد جيدا، فهو يلعب الشطرنج، أما ترامب متمحور حول الذات، زئبقي، ويركز أكثر على صورته الشخصية أكثر من الفروق الدقيقة والطبيعة المضنية للمفاوضات الثنائية."
وقال سون إن الفوز المتبادل للجانبين سيشمل الموافقة على خريطة طريق تحدد خطوات إضافية، موضحا:" "إذا سمحت كوريا الشمالية بتفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن ذلك سيكون خطوة ذات مغزى."
وقد يهمك أيضًا:كيم جونغ أون يبدي ارتياحه لموقف الرئيس الأميركي