عدن ـ عبدالغني يحيى
شرع طه المتوكل، القيادي الحوثي المعيّن منذ أيام وزيرا للصحة في حكومة الانقلاب غير المعترف بها دوليا، في تنفيذ مخطط جماعته الرامي إلى استكمال تجريف القطاع الصحي والسيطرة على سوق الأدوية في صنعاء وبقية المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة، عبر قيامه بفرض إتاوات على شركات الأدوية ومصنعي الدواء المحليين لصالح المجهود الحربي، وإلزامهم بتوفير العلاج المجاني لجرحى الميليشيات.
وفي الوقت الذي كثف فيه الوزير الحوثي، الذي يعد من أكثر قادة الجماعة تطرفا وطائفية، من تحركاته الميدانية في أوساط المؤسسات الصحية الخاضعة للجماعة، في صنعاء، تمهيدا لاستكمال حوثنتها ونهب مواردها المالية، أفادت مصادر مطلعة في صنعاء بأنه أعد لائحة بأسماء العشرات من موظفي القطاع الصحي ومديري المستشفيات والمراكز الصحية تمهيدا لإطاحتهم وتعيين عناصر طائفيين موالين للجماعة.
وأطاح الرئيس الجديد لمجلس حكم الميليشيات مهدي المشاط، قبل أيام بالقيادي المحسوب على حزب "المؤتمر الشعبي العام" محمد بن حفيظ من منصبه وزيرا لحكومة الانقلاب غير المعترف بها، وأحل مكانه القيادي في جماعته طه المتوكل المعروف بتشدده الطائفي، وخطبه التحريضية التي يلقيها من على منبر مسجد "الحشوش" من أجل استباحة دماء وأموال اليمنيين المخالفين لجماعته.
وأفادت المصادر الرسمية للجماعة بأن وزيرها الطائفي انتقد منظمة الصحة العالمية، قبل أن يجتمع مع ممثل لها.
وحسب النسخة الحوثية من وكالة "سبأ" قال وزير الميليشيات إنه حريص على تعزيز الشراكة بين جماعته ومنظمة الصحة العالمية، في إطار تأهيل الكوادر الصحية الموالية لجماعته، ودعم المستشفيات الريفية الخاضعة لها، والتي تتخذ منها الجماعة ذريعة للسطو على الدعم الصحي الدولي وبيع المساعدات الدوائية لصالح المجهود الحربي.
وفي سياق صحي آخر، تشير التحركات الأخيرة للوزير الحوثي إلى السيطرة على سوق الأدوية والشركات المحلية المستوردة.
وأفادت مصادر طبية في صنعاء بأن الوزير عقد السبت اجتماعا لمستوردي الأدوية والمستلزمات الطبية، وفرض عليهم دفع إتاوات جديدة لصالح المجهود الحربي، كما فرض عليهم قيودا جمركية وضريبية، جديدة، ومنها عدم الاعتراف بما يدفعونه من رسوم في الموانئ والمنافذ التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية، وإلزامهم بدفع الرسوم مجددا لصالح الجماعة.
وكشفت المصادر أن وزير الميليشيات الحوثية أبدى اعتراضه على استيراد الأدوية من بعض البلدان العربية، وحض المستوردين على البحث عن مصادر أخرى للدواء، من بينها إيران، وسورية، ومقاطعة الأدوية ذات المنشأ الخليجي.
واعترفت المصادر الرسمية للجماعة بأن المتوكل، فرض على مستوردي الأدوية ومصانع الدواء المحلية القيام بتزويد المؤسسة الحوثية الخاصة بجرحى الميليشيات بالكميات المطلوبة من الأدوية لعلاج الجرحى من عناصر جماعته.
وذكرت النسخة الحوثية من وكالة "سبأ" أن المتوكل ناقش في اجتماعه مع مستوردي الأدوية وملاك مصانع الدواء المحلي أهمية إيجاد آلية لتوفير الأدوية للجرحى بالتنسيق بين مستوردي الأدوية والهيئة للعليا للأدوية ومؤسسة الجرحى، وفرض عليهم "تنظيم حملة لجمع الأدوية والمستلزمات الطبية للجرحى على أن تباشر أعمالها فورا".
ورجح مراقبون بأن الهدف من تعيين القيادي الحوثي المتشدد وزيرا لصحة الانقلاب، هو إتاحة المجال للسطو على كل الدعم الدولي المقدم للقطاع الصحي والتحكم به وفقا لأغراض الجماعة، فضلا عن استكمال حوثنة القطاع الصحي، والتحكم في سوق الأدوية.
وفي الأشهر الأخيرة، أدت تعسفات الميليشيات الحوثية إلى ارتفاع سعر الأدوية بنسب تتراوح بين 20-30 في المائة، وهو ما أدى إلى مضاعفة العبء على المواطنين في مناطق سيطرة الجماعة، في حين أدت هذه التعسفات من قبل قادة الجماعة إلى اختفاء بعض الأصناف الدوائية من السوق المحلية، جراء عدم السماح باستيرادها.
وكشفت مصادر في الهيئة العليا للأدوية الخاضعة للميليشيات في صنعاء، بأن رئيس الهيئة المعين من قبل الجماعة الحوثية محمد المداني، وهو من أتباعها، فتح الباب أمام قيادات في جماعته لتأسيس شركات خاصة لاستيراد الأدوية، إضافة إلى سماحه، باستيراد أصناف دوائية غير مطابقة للمعايير والمواصفات، وذلك لقاء الحصول على رشاوى ضخمة، تصل إلى 20 ألف دولار، لقاء تسجيل الصنف الدوائي الواحد والسماح باستيراده.
وكشفت المصادر معلومات عن قيام القيادي في الجماعة الحوثية دغسان أحمد دغسان وهو المطلوب رقم 22 على لائحة تحالف دعم الشرعية، وتاجر المبيدات والأسلحة الشهير، بإنشاء شركة جديدة لاستيراد الأدوية، بتسهيل من رئيس هيئة الأدوية محمد المداني.
وأشارت المصادر إلى قيام دغسان قبل أشهر بإدخال شحنة من الأدوية إلى مناطق سيطرة الميليشيات، برفقة شحنة مهربة من المبيدات، وهو ما تم كشفه في إحدى نقاط التفتيش الحوثية في محافظة إب، قبل أن تصدر التعليمات إلى عناصر النقطة من صنعاء بالسماح للشحنة المشتركة بمواصلة السير، وعدم اعتراضها.
وحذّر موظفون في القطاع الصحي تحدثوا مع "الشرق الأوسط" أن تؤدي الإجراءات الأخيرة لوزير صحة الميليشيات إلى ارتفاع أسعار الدواء في السوق المحلي، إضافة إلى تدهور جودة الأصناف الدوائية المستوردة عن طريق قيادات الجماعة.
كانت مصادر طبية في محافظة إب أفادت هذا الأسبوع بأن عناصر الميليشيات الحوثية احتجزت في إحدى نقاط التفتيش المخصصة لفرض رسوم جمارك غير قانونية على البضائع، شحنة أدوية تابعة لمركز غسيل أمراض الكلى، مقدمة من إحدى المنظمات الدولية، مشترطين دفع إتاوات مالية مقابل السماح بوصولها إلى مدينة إب.