الاحتجاجات في العراق

قتل ما لا يقل عن 67 شخصا وأصيب المئات خلال يومين من الاحتجاجات في العراق فيما اشتبك متظاهرون مع قوات الأمن وجماعات مسلحة في الموجة الثانية من الاحتجاجات ضد حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي هذا الشهر.

وفي مسعى لاحتواء العنف، أمر عبد المهدي مساء السبت جهاز مكافحة الإرهاب بالانتشار في شوارع العاصمة ومدينة الناصرية بجنوب البلاد.

وقال مصدر أمني، إنه تم إبلاغ وحدات الجهاز باستخدام "كل الإجراءات الضرورية" لإنهاء الاحتجاجات.

وذكرت الشرطة ومصادر أمنية، أن جنود مكافحة الإرهاب فرقوا مظاهرات في الناصرية بضرب واعتقال العشرات.

وكان للمدينتين، حيث شارك الآلاف في اليوم الثاني من الاحتجاجات، النصيب الأكبر من أعمال العنف فيما استمر المتظاهرون في صب جام غضبهم على النخبة السياسية التي يقولون إنها فشلت في تحسين أوضاعهم المعيشية بعد سنوات من الصراع والمصاعب الاقتصادية.

وفي بغداد، أطلقت قوات الأمن قنابل الغاز لتفريق المحتجين في ميدان التحرير. وذكرت مصادر أمنية وطبية أن أربعة أشخاص قتلوا بعدما أصيبوا بقنابل الغاز في رؤوسهم مباشرة بينما أصيب آخرون. ولاقى أربعة آخرون حتفهم في الناصرية عندما اقتحمت مجموعة من المحتجين منزل مسؤول أمني محلي. وقالت الشرطة إن الحرس فتح النار على المتظاهرين بعد أن أحرقوا المبنى.

وقتل سبعة آخرون في الحلة، معظمهم عندما فتح أعضاء من منظمة بدر المدعومة من إيران النار على المحتجين الذين تجمعوا قرب مكتبهم.

وقتل ما لا يقل عن 52 شخصا في أنحاء البلاد يوم الجمعة وأصيب أكثر من ألفين.

وهذه ثاني موجة عنف كبرى هذا الشهر. وخلفت سلسلة من الاشتباكات قبل أسبوعين بين المحتجين وقوات الأمن 157 قتيلا وما يربو على 6000 جريح.

عنف مستعر
وأنهت الاضطرابات استقرارا نسبيا استمر نحو عامين في العراق الذي شهد احتلالا أجنبيا في الفترة بين عامي 2003 و2017 وحربا أهلية وصعود تنظيم داعش.

وتشكل التطورات أكبر تحد لعبد المهدي منذ توليه السلطة قبل عام. ورغم تعهده بإصلاحات وقراره إجراء تغيير وزاري موسع، لا يزال الرجل يعاني من أجل تهدئة سخط المحتجين.

وفي تطور يزيد الضغط على رئيس الوزراء، أعلنت كتلة برلمانية مرتبطة بالمرجع الديني مقتدى الصدر اليوم السبت انتقالها للمعارضة.

لكن من المرجح أن يقابل قرار عبد المهدي بنشر جهاز مكافحة الإرهاب بتأييد واسع النطاق من النخبة السياسية وبإشادة من قوات الأمن التي تقول إنها لن تخشى من استخدام القوة. ولمح الجيش ووزارة الداخلية العراقيان في بيانين يوم السبت إلى أنهما ينويان الرد على الاحتجاجات بشكل أكثر صرامة.

ورغم أن قوات الأمن لا تستخدم قنابل الغاز إلا لصد المحتجين الذين يقتربون من المنطقة الخضراء شديدة التحصين في بغداد إلا أنها استخدمتها ضد المحتجين في ميدان التحرير يوم السبت، وقال مراسل لرويترز إن قنابل الغاز تطلق على الحشود كل 15 دقيقة تقريبا.

وكان المحتجون أفضل استعدادا يوم السبت حيث وزعوا أقنعة وحملوا معهم إسعافات منزلية الصنع لتساعدهم في الوقاية من قنابل الغاز. ووزع آخرون أغذية ومياه.

وصب المتظاهرون غضبهم يوم الجمعة على الساسة والفصائل المسلحة المدعومة من إيران.

وأطلق أعضاء في فصيل عصائب الحق القوي المسلح النار على المحتجين في الناصرية وعمارة مما أسفر عن مقتل عشرات. واشتبكت عصائب الحق أيضا مع فصيل آخر مسلح يحظى بنفوذ ويوالي رجل الدين مقتدى الصدر.

ورغم الحظر ونشر قوات لمكافحة الشغب من بغداد إلا أن آلافا احتشدوا في عدة مدن بالجنوب.

واستمر المحتجون في إشعال النيران بمكاتب الأحزاب السياسية الرئيسية والجماعات المسلحة وأبنية الحكومة المحلية. وأشعل المحتجون النار في منزل المحافظ بالناصرية. وبدأت قوات الأمن في حملة اعتقالات بالمدينة.

ومع حلول الظلام، عبر مسؤولون عن قلقهم المتزايد مع احتمال اتساع نطاق العنف.

وقال أحد المحتجين طالبا عدم نشر اسمه "هذه مو تظاهرات هذه ثورة".

وكان من المقرر للبرلمان الاجتماع يوم السبت في جلسة طارئة لبحث مطالب المحتجين لكن وفي ظل ابتعاد كثير من الساسة عن الانظار منذ انطلاق الاحتجاجات فقد فشل المجلس في الوصول للنصاب القانوني مما أسفر عن إلغاء الجلسة.

وتواصلت التظاهرات في بغداد وعدد من المدن العراقية، مساء السبت، وقالت مفوضية حقوق الإنسان إن حصيلة القتلى ارتفعت إلى 63 شخصاً بظرف يومين، فيما أفيد بأن الأمن اقتحم ساحة التحرير في بغداد محاولاً إخراج المتظاهرين منها بالقوة، بينما أعلنت كتلة سائرون النيابية في العراق التي يتزعمها مقتدى الصدر البدء انضمامها إلى المعارضة واعتصامها بشكل مفتوح داخل البرلمان حتى تتم تلبية مطالب المتظاهرين.

وقُتل 6 أشخاص، السبت، في تجدد الاحتجاجات في العراق، بينهم 3 متظاهرين في بغداد، وفق حصيلة رسمية، و3 أشخاص برصاص حماية مسؤول محلي في جنوب البلاد، بحسب مصادر أمنية وطبية.

وقالت المفوضية، السبت، إن الحصيلة الأعلى جرّاء الصدامات التي اندلعت منذ الجمعة سُجّلت في محافظتي ذي قار وميسان.

وعن ضحايا السبت، أوضح العضو في المفوضية العراقية لحقوق الإنسان، علي البياتي، أن 6 أشخاص قتلوا: 3 في بغداد و3 في الناصرية جنوباً، فيما أشارت الشرطة أيضا إلى وقوع 17 جريحاً في الناصرية.

أقـــــــرأ أيضـــــــــا:

فلاديمير بوتين يُهنّئ مواطني روسيا بالعام الجديد

وأفادت مصادر أمنية وطبية في الناصرية أن الأشخاص الثلاثة قتلوا بالرصاص خلال إقدام محتجين على اقتحام منزل رئيس اللجنة الأمنية في محافظة المدينة وإضرام النار فيه.

وأفادت الشرطة أن مجموعة من المحتجين خرجت من بين آلاف تجمعوا في وسط الناصرية واقتحمت منزل مسؤول محلي. وأضافت أن الحرس أطلقوا النار على المحتجين بعد اقتحام المبنى.

وإلى ذلك، صرحت مصادر لـ"العربية"، مساء السبت، بأن القوات الأمنية أخرجت المتظاهرين بالقوة من ساحة التحرير في بغداد، واستخدمت قنابل الغاز المسيل للدموع، ما أسفر عن سقوط 3 قتلى أصابت عبوات الغاز التي أطلقتها قوات الأمن رؤوسهم، و 84 جريحا من المتظاهرين.

بدورها، أعلنت وزارة الداخلية العراقية، السبت، أن التظاهرات التي عمت البلاد، الجمعة، انحرفت عن مسارها.

وقال المتحدث باسم الداخلية في بيان، إن الوزارة ستحاسب كل من اعتدى على المؤسسات العامة، وتوعد بفرض عقوبات مشددة على من ارتكب التجاوزات، مشيرا إلى أن الاعتداء على الممتلكات ليس لها أي علاقة بالتظاهر السلمي، بحسب تعبيره.

بدورها، خرجت قيادة العمليات المشتركة في البلاد عن صمتها، وقالت إن هناك من استغل التظاهرات التي خرجت للمطالبة بحقوق كفلها الدستور العراقي وعمل على قتل وإصابة المواطنين، وعلى حرق ممتلكات عامة وخاصة بعد نهبها.

وأشارت القيادة في أول بيان رسمي صادر عنها، إلى أن القوات الأمنية بجميع قطاعاتها ستتعامل مع من وصفتهم بالمخربين المجرمين بحزم وفقاً لقانون مكافحة الإرهاب، منوّهة إلى أن هذه التصرفات غير القانونية جريمة يجب التعامل الفوري معها بشكل ميداني وعاجل. كما حذّرت القيادة من العبث بأمن المواطنين.

إلى ذلك أكد بيان قيادة العمليات المشتركة أنه سيتم اتخاذ إجراءات صارمة بحق الذين لا يمتون للمتظاهرين السلميين بصلة، داعياً المتظاهرين إلى الإبلاغ عن هؤلاء العناصر وعدم السماح لهم بالتواجد في صفوفهم.

كما تم فرض حظر التجوال في 6 محافظات عراقية جنوبية، "حفاظا على أرواح المواطنين والممتلكات العامة والخاصة".

بدورها، أرسلت الحكومة العراقية قوات من جهاز مكافحة الإرهاب إلى محافظات جنوبية، حيث شهدت ذي قار وميسان مواجهات بين متظاهرين غاضبين وعناصر تابعين لعصائب أهل الحق الذين فتحوا النيران على المحتجين وأسقطوا قتلى وجرحى بحجة محاولتهم اقتحام مكاتب الميليشيا.

كما خولت الحكومة المحافظين جنوب البلاد بفرض حالة الطوارئ، وإعادة تنظيم الصفوف وفقا للتطورات التي قالت الداخلية إن اعتداءات نفذت من جهات مسلحة ضد قواتها أجبرت الحكومة على فرض حظر التجوال في عدد من المحافظات الجنوبية.

وأكد مصدران أمنيان لوكالة "رويترز" السبت، أن رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي أمر قوات النخبة لمكافحة الإرهاب بالانتشار في شوارع بغداد واتخاذ التدابير اللازمة لإنهاء الاحتجاجات.

وأشار المصدران، إلى أن "مذكرة صدرت من عبد المهدي إلى قائد النخبة العراقية لمكافحة الإرهاب تطلب منه نشر قواته واستخدام جميع التدابير اللازمة" لإنهاء الاحتجاجات في بغداد.

من جهته، أفاد مراسلنا في بغداد، بأن القوات الأمنية أمهلت المتظاهرين نصف ساعة لإخلاء ساحة التحرير قبل البدء باقتحامها، وإلا ستتعامل معهم على أنهم "خارجون عن القانون".

وقال، إن "السلطات أذاعت هذا التنبيه عبر مكبرات الصوت، مرفقا بالخطاب الذي ألقاه رئيس الحكومة عادل عبد المهدي قبل يومين".

وأضاف، أن "المتظاهرين ما زالوا يحاولون عبور جسر الجمهورية والوصول إلى المنطقة الخضراء"، مبينا أن "تعزيزات أمنية عسكرية كبيرة وصلت إلى هناك"

قد يهمك أيضًا  :

قائد الجيش الباكستاني يلتقي وفداً عسكرياً روسياً