طرابلس ـ فاطمة سعداوي
ردَّت "القوة الثالثة" التابعة للمجلس العسكري في مصراتة، على قرار رئيس حكومة الوفاق فائز السراج، إحالة وزير الدفاع المهدي البرغثي وجمال التريكي، آمر القوة الى التحقيق في مجزرة ارتكبتها القوة في قاعدة "براك الشاطئ" الجوية جنوب ليبيا الأسبوع الماضي، معتبرة أن "إدانة السراج الهجوم هو بمثابة تنصل من مسؤوليته عنه". ونشرت "القوة الثالثة" في صفحتها الرسمية على "فيسبوك" وثيقة تتضمن تكليفاً من البرغثي بالدفاع عن قاعدة "تمنهنت" وبمهمة تطهير قاعدة "براك الشاطئ" من عناصر متحصنة بها، بناءً على تعليمات المجلس الرئاسي بقيادة فائز السراج وعضو المجلس عبدالسلام كاجمان.
وأشارت "القوة الثالثة" الى أنها توجهت الى الجنوب بناءً على قرار حكومي عام 2014، وتم تكليفها مهمات عدة ناجحة وآخرها مهمة "تطهير قاعدة براك الجوية". وكشفت عن وجود مستندات وتسجيلات صوتية في حوزتها تثبت تلقيها تكليفات وأوامر شفهية من السراج وكاجمان لمهاجمة براك الشاطئ، ودعت الاثنين الى إعادة النظر في تصريحاتهما تحت طائلة وضع ما لديها من أدلة في تصرف الرأي العام.
وأمهل أعيان الجنوب الليبي "القوة الثالثة" يومين للخروج من الجنوب من دون قيد أو شرط، وأكدوا أنهم في حل من أي اتفاق سابق او لاحق تبرمه "القوة الثالثة" مع أي طرف في الجنوب. وقرَّر أعيان الجنوب إثر سلسلة اجتماعات لهم، تحميل "القوة الثالثة" وحلفائها مسؤولية الجريمة التي تعرض لها الجنوب، وذلك من خلال المجزرة التي أودت بحياة عشرات من المدنيين والعسكريين في براك الشاطئ.
ودعا أعيان القبائل أبناء الجنوب كافة الى الزحف على قاعدة "تمنهنت" الجوية حيث تتمركز "القوة الثالثة" وذلك لـ "دك أوكار المرتزقة"، كما أفاد بيان صادر عن الأعيان الذين حملوا حكومة الوفاق "مسؤولية كاملة" عن المجزرة المرتكبة في براك الشاطئ واعتبروا بيان الإدانة الصادر عن هذه الحكومة "بياناً هزيلاً لا يرتقي الى مستوى الحدث". وحمل أعيان الجنوب ممثلي المنطقة في كل الاجسام الاشتراعية والتنفيذية مسؤولية ما حصل "بسبب تراخيهم".
وطالب الأعيان أبناء المؤسسة العسكرية في الجنوب بضرورة الالتحاق بثكناتهم. وأعلنوا تبرؤهم من أبنائهم الذين انضووا مع "القوة الثالثة" وحلفائها. كما قرروا إطلاق اسم "قاعدة الشهداء" على قاعدة براك الشاطئ واعتبار يوم 18 أيار/مايو من كل عام "يوماً للشهيد"
وفي أول تعليق له على قرار السراج وقفه عن العمل بسبب الهجوم الدامي على قاعدة براك الشاطئ في جنوب البلاد، اتهم المهدي البرغثي وزير الدفاع في حكومة السراج، قوات الجيش الوطني الليبي الذي يقوده المشير خليفة حفتر بالمسؤولية عن الهجوم. وقال البرغثي إنه يلقي باللائمة فيما حدث على من بدأ بقصف قاعدة تمنهنت، في إشارة إلى قوات الجيش الليبي، نافياً إصداره أي تعليمات بالهجوم على القاعدة. واتهم البرغثي، آمر اللواء 12 مجحفل العميد محمد بن نايل التابع لقوات الجيش الوطني، بالخيانة وإشعال الحرب في الجنوب.
وعلى الرغم من أن قرار توقيفه، فقد حظي البرغثي المقال من حكومة السراج باستقبال رسمي حافل ولافت للانتباه لدى عودته إلى طرابلس قادماً من تونس، بعد ما وصفه برحلة علاجية هناك خلال الأسبوع الماضي. وقال مكتب البرغثي إنه كان في مقدمة مستقبليه بعد عودته، وكيل وزارة الدفاع، وعدد من المسؤولين وضباط برئاسة الأركان العامة، بجانب فعاليات أهلية وشبابية بمدينة طرابلس.
وأعلنت غرفة عمليات القوات الجوية للمنطقة الوسطى التابعة للمشير خليفة حفتر، أن ثماني غارات شنتها طائرات من نوع ميغ 27 على مواقع في مدينة الجفرة جنوب ليبيا، في إطار عملية شهداء براك الشاطئ. وأعلن الشريف العوامي آمر الغرفة، في تصريح رسمي امس الأحد، إن "قاعدة الجفرة استهدفتها ثلاث ضربات دقيقة شملت مبيتا للجماعات الإرهابية وغرفة عمليات المجلس العسكري ومخازن للذخيرة داخل القاعدة". وأضاف العوامي أنه تم تدمير مقر المنطقة العسكرية سابقا وتم استهداف مزرعة بالقرب من المطار القديم، مشيراً إلى أنهم "مستمرون بعملياتهم الجوية إلى حين تحرير الجنوب وكامل الوطن من الجماعات الإرهابية المتطرفة".
على صعيد آخر، دان الدكتور أبو صلاح شلبي، نائب رئيس البرلمان العربي، ما حدث في قاعدة براك الجوية، مؤكداً أنه جريمة بشعة يندى لها الجبين، بعيد كل البُعد عن تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، والأعراف والقيم المجتمعية، وتُشكل خطراً على السلم الأهلي والمجتمعي والتعايش السلمي بين أبناء الوطن الواحد، خصوصاً أهل فزان، ويأتي لإرباك العملية السياسية الجارية بين أطراف الأزمة في ليبيا للوصول إلى حل توافقي يصون وحدة ليبيا ويُعيد وحدة ليبيا وهيبة الدولة. وشدد، في تصريحات أمس، على أن قتل الأسرى والغدر بهم وذبحهم، والتمثيل بهم بهذه الطريقة البشعة، لا يبرره أي منطق، ولابد من تقديم مرتكبي هذا الفعل الإجرامي الخسيس للعدالة قصاصاً لهذه الدماء الزكية والأرواح الطاهرة، التي أُزهقت بأفعال مجموعة ضالة لا هم لها سوى الفساد في الأرض.
من جانبها، قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، في بيان إن القوات المهاجمة أعدمت 30 جندياً اسيراً في قاعدة براك الشاطئ"، مستنكرة هذا الفعل، وطالبت حكومة الوفاق التي يرأسها فايز السراج بالتحقيق ومحاكمة المسؤولين عن ارتكاب هذه الجريمة. وفي سياق متصل، أكد مفوض السلم والأمن بالاتحاد الأفريقي إسماعيل شرقي أنه من الطبيعي والبديهي أن يكون للدول المجاورة لليبيا دور أساسي لمساعدة أبناء هذا البلد في تجاوز أزمتهم بالنظر إلى عامل الجيرة والى التحديات الأمنية التي تفرض عليهم جراءها. وشدد شرقي على ان الكميات الكبيرة من الأسلحة التي تتنقل بكل سهولة في ليبيا وبدول الجوار تفرض ضغطاً كبيراً على دول الجوار التي لابد أن يكون لها دور وأن يسمع صوتها.
وفي طرابلس، قُتل طفل رضيع في العاصمة الليبية أمس، إثر اشتباكات مفاجئة حول مقر مصلحة الجوازات في منطقة صلاح الدين بالمدينة، بينما صعّد المجلس الأعلى للدولة من انتقاداته المعلنة للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج، وهدد للمرة الأولى بفض الشراكة معها، على خلفية توقيف وزير الدفاع المهدي البرغثي عن العمل مؤقتاً، إلى حين الانتهاء من التحقيق معه في ملابسات الهجوم الدامي الذي تعرضت له قاعدة براك الشاطئ الجوية في جنوب البلاد، وأدى إلى مقتل وجرح المئات من قوات الجيش الوطني الليبي.
واقتحمت أمس ميليشيات محسوبة على مدينة مصراتة في غرب ليبيا، المقر الرئيسي لمصلحة الجوازات في العاصمة طرابلس، فيما لقي طفل رضيع حفته بين يدي أمه بعدما تعرض لإطلاق نار عشوائي. وقالت مصادر أمنية وشهود عيان إنه تم إغلاق الشوارع المؤدية إلى منطقة صلاح الدين التي تسيطر عليها ميليشيات مصراتة، وهي جزء من تحالف موسع ميليشيات مسلحة استولت على العاصمة قبل نحو عامين بعد اشتباكات دامية وأحرقت مطارها الرئيسي.
وفي مدينة بنغازي أعلنت القوات الخاصة "الصاعقة" التابعة للجيش الوطني إن آمر تحرياتها الرّائد فضل الحاسي، لقي حفته إثر انفجار لغم أرضي داخل سوق العرب في بنغازي. وأعلنت قوات الصاعقة سيطرتها على مواقع جديدة في منطقة الصابري ووسط البلاد، في آخر معاقل الجماعات الإرهابية في محور شمال بنغازي.