الدوحة ـ عادل سلامه
في أعقاب إعلان الدول العربية الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب ــ الإمارات ومصر والسعودية والبحرين ــ عن قطع علاقاتها مع قطر، خرجت 6 رموز قطرية لتعلن عن رفضها لممارسات النظام الحاكم في قطر ضد أمن واستقرار الدول العربية والخليجية، داعين الشعب القطري إلى الاصطفاف ضد نظام تميم الذي ارتمى في أحضان إيران، والعودة من جديد إلى الصف الخليجي والعربي. وفي سطور التقرير التالي، ترصد "الاتحاد" ملامح من مواقف هؤلاء الرموز الستة الذين قالوا لتميم: "لا".
عبدالله بن علي آل ثاني
جاء الشيخ عبدالله بن علي بن عبدالله آل ثاني، في مقدمة الأسماء التي برزت بقوة على الساحة العربية والخليجية بعد إعلان الرباعي العربي عن قطع العلاقات مع الدوحة، وذلك من خلال قيامه بدور الوسيط لفتح المعبر البري لدخول الحجاج القطريين إلى الأراضي السعودية، حيث توسط لدى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز من أجل تسهيل دخول القطريين للمملكة لأداء شعائر الحج، واستجاب الملك سلمان لوساطة الشيخ عبدالله، وأمر بدخول الحجاج القطريين إلى السعودية عبر منفذ سلوى البري لأداء مناسك الحج. كما أمر خادم الحرمين الشريفين بالسماح لجميع المواطنين القطريين الدخول إلى الأراضي السعودية لأداء مناسك الحج من دون التصاريح الإلكترونية، ووجه أيضاً بنقل الحجاج القطريين كافة من مطار الملك فهد الدولي في الدمام ومطار الأحساء الدولي ضمن برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين للحج والعمرة. كما أمر الملك سلمان بإرسال طائرات خاصة تابعة للخطوط السعودية إلى مطار الدوحة لنقل الحجاج القطريين على نفقته الخاصة لمدينة جدة، واستضافتهم بالكامل على نفقة خادم الحرمين الشريفين. وجاءت هذه القرارات السعودية، بعد لقاء ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في جدة بالشيخ عبدالله بن علي آل ثاني، وعلى أثر زيارته للسعودية تحول الشيخ عبدالله لأحد مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي، فبمجرد انضمامه لتويتر اجتذب حسابه 250 ألف متابع، وقد غرد قائلا: شرفني الملك سلمان بقبول وساطتي نيابة عن شعب قطر.
وبعدها بأيام، وبمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك، غرد الشيخ عبدالله آل ثاني بتغريدة جديدة على حسابه الرسمي على "تويتر"، قال فيها: كل عام وإخواني وأبنائي وقطر العزيزة بألف خير. وكل عام والسعودية قيادة وشعباً وخليجنا العربي والأمتين العربية والإسلامية بكل الخير. وفي تطور مهم للأزمة القطرية، خرج الشيخ عبدالله ببيان رسمي، دعا فيه إلى اجتماع عائلي ووطني لبحث أزمة قطر، وإعادة الأمور لنصابها الصحيح، مشدداً أنه من الواجب عدم الصمت في هذه الأزمة.
وفي بيانه قال الشيخ عبدالله: أتألم كثيراً وأنا أرى الوضع يمضي إلى الأسوأ، بلغ حد التحريض المباشر على استقرار الخليج العربي، والتدخل في شؤون الآخرين، ويدفع بنا إلى مصير لا نريد الوصول إليه، كما هو حال دول دخلت في نفق المغامرة، وانتهت إلى الفوضى والخراب والشتات وضياع المقدرات. وشدد الشيخ عبدالله أنه وجد حرصاً من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان على سلامة قطر وأهلها، ودعا الأسرة الحاكمة والشعب القطري للتواصل معه، وتحديد موعد الاجتماع.
ويوصف الشيخ عبدالله بأنه "صوت العقل" في قطر، ويحظى بمكانة كبيرة في قلوب القطريين وغالبية أفراد أسرة آل ثاني، حيث يعد أحد كبار الأسرة الحاكمة، فجده هو ثالث حكام قطر، الشيخ عبدالله بن جاسم آل ثاني، ووالده رابع حكام قطر الشيخ علي بن عبدالله آل ثاني، وشقيقه هو خامس حكام قطر الشيخ أحمد بن علي آل ثاني، وامتد حكم عائلة الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني لقطر من عام 1913 إلى عام 1972، وخلال حكمهم تم اكتشاف أول حقل نفط بحري في العالم، وإنشاء إذاعة وتلفزيون قطر، وصك أول عملة قطرية، وتقديم الماء والكهرباء مجاناً للشعب القطري، وإنشاء أول مجلس للوزراء وأول مجلس للشورى، وفي عام 1972، قام الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني ــ والد الشيخ حمد وجد الشيخ تميم ــ بالانقلاب على ابن عمه الشيخ أحمد بن علي.
طالب بن لاهوم
يعد الشيخ طالب بن لاهوم بن شريم شيخ قبيلة "آل مرة" ثاني الشخصيات التي برزت بقوة على الساحة العربية والخليجية بعد تفجر الأزمة القطرية، وذلك بعد أن قام النظام القطري بسحب جنسيته بالإضافة إلى 50 شخصاً آخر من قبيلته، فضلا عن مصادرة أموالهم. وجاء التعسف القطري ضد الشيخ طالب نظراً لموقفه الرافض لسياسات نظام تميم، حيث أكد أن ما قام به النظام القطري أمر لا يقره العقل، وأن سوء العلاقات السعودية القطرية، بدأ منذ تولي حمد بن خليفة إمارة الدوحة. وفي مقطع فيديو نُـشر على مواقع التواصل الاجتماعي، شدد الشيخ طالب على أن الموضوع أكبر من سحب جنسيته، فهو اعتداء كبير من قبل النظام القطري على السعودية ودول مجلس الخليج، مؤكداً أن سلطات الدوحة طلبت من قبيلته سب المملكة وقيادتها وملك البحرين وحكومته. وأوضح الشيخ طالب أن كل المعاهدات السابقة التي كانت تقوم عليها العلاقات الخليجية والسعودية مع قطر، أيام حكم الرجال الذين كانوا يعرفون حق المملكة، نقضها أمير قطر تميم، وأصبح يتآمر على جيرانه وإخوانه في السعودية والبحرين ودول الخليج الأخرى.
وأشار إلى أن السلطات القطرية تحاول دفع أفراد من آل مرة للإساءة للسعودية عبر الضغط والتضييق عليهم في حياتهم اليومية، مؤكداً أن خيانة السلطات في قطر دائمة ومعلومة على مر التاريخ، فالسلطات القطرية لم تف بأي عهد منذ تسلمها الحكم، مبيناً أن السلطات في قطر شر ابتلي به الخليج، ولابد من اقتلاعه حتى يعم الأمن والسلام بين شعوب المنطقة. وتفاعل عدد كبير من المتابعين والمغردين على شبكات التواصل الاجتماعي مع قضية الشيخ طالب، وغرد وزير الخارجية البحريني، الشيخ خالد بن أحمد، عبر حسابه في «تويتر» قائلا: الشيخ طالب بن لاهوم بن شريم هو من شيوخ العرب، وأهله وجماعته من أخيارهم، وأن من تطاول عليه، وأساء له، واستولى على أمواله، لا يرقى إلى قدره. وأوضح وزير الخارجية البحريني أن استهداف الشيخ طالب بن شريم هو محاولة يائسة لقطع أوصال قطر العربية مع محيطها وامتدادات قبائلها.
شافي ناصر الهاجري
بعد تفجر الأزمة القطرية، أعلن الشيخ شافي ناصر حمود الهاجري، شيخ قبيلة شمل الهواجر، عن رفضه واستنكاره لتصرفات الحكومة القطرية تجاه جيرانها في الخليج، مؤكداً أن ما تقوم به الدوحة من أعمال وممارسات تهدد الأمن الداخلي لدول الخليج. ورداً على الموقف البطولي للشيخ شافي الهاجري، قام النظام القطري بسحب جنسيته مع مجموعة من أبناء قبيلته. وأوضح الشيخ شافي أن خبر سحب جنسيته ورده بعد لقائه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع شيوخ القبائل، مؤكداً أن قبيلة بني هاجر تمثل ربع سكان دولة قطر، ويشكلون نسبة كبيرة من موظفي الجهات الحكومية والخاصة، ولهم دور بارز مع مؤسس قطر الشيخ جاسم آل ثاني. ودعا الشيخ شافي قطر إلى العدول عن تغريدها خارج السرب، والعمل مع إخوانها في دول مجلس التعاون الخليجي للحفاظ على لم الشمل.
سلطان بن سحيم آل ثاني
مع تفاقم الأزمة القطرية، خرج الشيخ سلطان بن سحيم بن حمد آل ثاني، ابن الشيخ سحيم بن حمد بن عبدالله آل ثاني، أول وزير خارجية لدولة قطر، ببيان أعرب فيه عن اعتراضه على ممارسات النظام القطري ضد الدول العربية والخليجية، وفي هذا البيان أكد الشيخ سلطان أن الحكومة القطرية ارتكبت أخطاء فادحة بحق إخواننا في الخليج هددت وجودهم، وقد سمحت تلك الحكومة للدخلاء والحاقدين ببث سمومهم في كل اتجاه حتى وصلنا إلى حافة الكارثة. وفي كلمات وجهها إلى الشعب القطري، قال الشيخ سلطان: الوضع اليوم صعب، ولم يسبق لأهلنا في الخليج العربي وأشقائنا العرب أن نبذونا هذا النبذ، وأغلقوا دوننا كل باب بسبب أخطاء فادحة في حقهم وممارسات ضد وجودهم استغلها البعض باسمنا ومن خلال أرضنا وأدواتنا وهم أعداء وخصوم لنا بسبب سياسات الحكومة وتوجهاتها القائمة التي سمحت للدخلاء والحاقدين بالتغلغل في قطر وبث سمومهم في كل اتجاه حتى أوصلتنا إلى حافة الكارثة. وأضاف: دورنا اليوم التضامن لتطهير أرضنا منهم، والاستمرار في التنمية التي ترفع اسم قطر عالياً وتزيد دورها الحضاري وقيمها الإنسانية، وأن نكون صفاً واحداً لتبقى بلدنا الحبيبة محصنة من الإرهاب وأهله، وبعيدة كل البعد عن تنظيماته، والله إنني أخشى يوماً لا يُذكر فيه القطري إلا وكان ارتباط الإرهابي ثابتاً. وتابع: إنني أدعم كل دعوة للاجتماع، آملا من جميع أفراد الأسرة الحاكمة والوجهاء والأعيان التفاعل معها حتى نكون يداً واحدة وعيننا يقظة ترعى قطر من غدر الخائنين وتحصنها من كيد الحاقدين.
وأوضح الشيخ سلطان أنه يقيم في باريس لأنه لم يحتمل البقاء في الدوحة في ظل وجود المستعمر الذي يدعي حماية قطر من أهلنا في الخليج. وعندما أصدر الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني بياناً دعا فيه إلى اجتماع عائلي ووطني لبحث أزمة قطر، وإعادة الأمور لنصابها الصحيح، سارع الشيخ سلطان بن سحيم إلى الاستجابة لهذه الدعوة، والتضامن معها.
والشيخ سلطان بن سحيم مولود في الدوحة في 30 سبتمبر سنة 1984، وهو الابن الثامن للشيخ سحيم آل ثاني، أول وزير خارجية لدولة قطر، وقد تلقى تعليمه العام في مدارس الدوحة، وحرص في بداية حياته على مجالسة العلماء والمفكرين، وحصل على درجة البكالوريوس من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وفي عام 2015 حصل على درجة الماجستير في العلوم السياسية من جامعة القاهرة بتقدير جيد جداً.
ويحظى الشيخ سلطان بمكانة مرموقة على مستوى العالمين العربي والإسلامي، حيث كان من أوائل الذين هبوا للدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم في أعقاب أزمة الرسوم المسيئة، حيث نظم مهرجاناً أدبياً وثقافياً وشعرياً حاشداً دفاعاً عن النبي، وأعلن عن مسابقة للدفاع عن النبي تحت مسمى جائزة الشيخ سلطان بن سحيم العالمية.
محمد بن فطيس المري
يعد الشاعر القطري محمد بن فطيس المري، المعروف بـ «شاعر المليون» أحد أبرز الرموز القطرية الذين عارضوا ممارسات النظام القطري ضد جيرانه في الدول العربية والخليجية، وهو الأمر الذي دفع الحكومة القطرية إلى سحب الجنسية منه بتهمة مساندة السعودية على حساب الحكومة القطرية.
وكان شاعر المليون قد رفض محاولات الحكومة القطرية لتسييس الحج والتطاول على رموز الخليج، ووصف المتطاولين بـ"الرعاع"، وقال: إذا كان التطاول على الأوطان خطاً أحمر، فإن التطاول على المقدسات وخادم الحرمين الشريفين والعلماء خط من نار، لا نسمح بتجاوزه، أو التعدي عليه.
وطالب شاعر المليون نظام تميم بن حمد بالكف عن دعم الإرهاب، والتوقف عن إيواء الكيانات المتطرفة وتمويلها في الشرق الأوسط. ومؤخراً، خرج شاعر المليون بتسجيل صوتي للتعليق على قرار نظام تميم بسحب جنسيته، قال فيه: ما دفعني للحديث هو وطني الغالي، والحرص على أمنه وسلامته واستقراره، فضلا عن الخوف من المستقبل المجهول، وهدفي الأول أن يصل صوتي للشيخ تميم. وأضاف المري: نحن الشعب القطري نتمنى أن تحل الأزمة بأسرع وقت، وأنا مواطن قطري خليجي وولائي لأرضي قطر ثابت، لكن في الوقت نفسه مع وحدة الصف الخليجي، وأحرص على أمن وتلاحم دول الخليج، ولدي يقين بأن مصيرنا واحد، وأن قوة الخليج في وحدته.
بريك بن هادي
وما يقال عن شاعر المليون محمد بن فطيس المري، يقال أيضاً عن الشاعر القطري بريك بن هادي، والذي كان واحداً من المواطنين القطريين الذين أدوا مناسك الحج هذا العام، وبرز اسمه بقوة بعد أن كتب أبيات شعر مدح فيها المملكة العربية السعودية وقادتها، وتنظيمها لمواسم الحج وخدمة الحجاج، حيث قال عبر حسابه في موقع "تويتر": يابو فهد يا ميسر حج خلق الله، كثرت علوم العرب والواقع الفيصل، أرضيت حجاج بيت الله لوجه الله، الله يديمك ويسلم خالد الفيصل. وبعد أن كتب الشاعر القطري هذه الكلمات، ترددت أنباء عن قيام النظام القطري بسحب جنسيته.