دبي ـ سعيد المهيري
أكد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أن إرسال أول رائد فضاء إماراتي إلى الفضاء يعد خطوة تاريخية تؤذن ببداية مرحلة جديدة تكتمل فيها رؤية الإمارات للفضاء، وذلك استكمالًا للجهود الكبيرة التي قامت بها الدولة، استعدادًا لتبوء مكانة متقدمة في هذا المضمار خلال السنوات القليلة المقبلة، في إطار الرؤية الشاملة لمستقبل مسيرة التطوير والتنمية، وفق أرقى المعايير العالمية، وبما يلبي تطلعاتنا وطموحاتنا للمستقبل.
جاء ذلك، بمناسبة توقيع دولة الإمارات العربية المتحدة، ممثلة في مركز محمد بن راشد للفضاء وجمهورية روسيا الاتحادية، ممثلة في وكالة الفضاء الروسية "روسكوسموس"، اتفاقية تعاون لإرسال أول رائد فضاء إماراتي للمشاركة في الأبحاث العلمية ضمن بعثة فضاء روسية إلى محطة الفضاء الدولية على متن مركبة "سويوز إم إس" الفضائية، وقال "وقعت دولة الإمارات اليوم اتفاقية تاريخية لإرسال أول رائد فضاء إماراتي خلال الأشهر القادمة لمحطة الفضاء الدولية، ابن الإمارات قادر على معانقة الفضاء، ورؤيتنا التي بدأناها منذ 12 عامًا لتطوير قطاع الفضاء الوطني بدأت تؤتي ثمارها".
ونوّه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بقيمة الاتفاقية، وأثرها في تعزيز الأهداف الاستراتيجية لدولة الإمارات في امتلاك منظومة متكاملة للعلوم والأبحاث تسهم في دفع مسيرة التطوير قدمًا، مدعومة بفكر وسواعد أبناء الإمارات، وما يقدمونه من إنجازات مهمة ضمن رؤية واضحة لأهدافنا للمستقبل. وقال سموه "رؤية الإمارات للفضاء بدأت تكتمل عبر تصنيع مسبار المريخ وإنجاز أول مجمع لتصنيع الأقمار الصناعية بالكامل وطنيًا، وتدريب رواد فضاء إماراتيين وامتلاك منظومة علمية وبحثية متكاملة، سنحتفل في 2021 بخمسين عامًا على تأسيس دولتنا، وسنهدي إنجازنا للأجيال القادمة لتبدأ أحلامهم دائمًا من السماء".
وأكد أن الاتفاقية تدعم أهداف "مئوية الإمارات 2071"، والتي تركز في جانب كبير منها على علوم المستقبل وتطويرها في مجالات الابتكار والفضاء والهندسة والطب وغيرها، ووصف الاتفاقية بأنها خطوة جديدة تقطعها الإمارات في طريقها نحو تحقيق الأهداف الكبيرة التي تنشدها في مجال اكتشاف الفضاء، وتبلغ أوجها في عام 2117 بإقامة أول مستوطنة بشرية على كوكب المريخ، سعيًا لضمان البدائل التي تخدم مستقبل البشرية.
إستراتيجية طموحة
من جانبه، أكد الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس مركز محمد بن راشد للفضاء، والمشرف العام على مشاريعه وخططه، أن هذه الاتفاقية التاريخية بين الجانبين الإماراتي والروسي تأتي في سياق الإستراتيجية الطموحة للمركز، تحقيقًا لرؤية القيادة الرشيدة نحو ترسيخ موقع الإمارات كدولة رائدة في مجال الفضاء وعلومه واكتشافاته على مستوى العالم، وامتدادًا للجهود التي يبذلها المركز بالتعاون مع أرقى المراكز والمؤسسات والمعاهد العلمية المتخصصة على مستوى العالم في مجال الفضاء من أجل ضمان دور رائد لدولة الإمارات في مضماره.
وأوضح ولي عهد دبي أن أول رائد فضاء إماراتي سيغادر الأرض إلى المحطة الدولية للفضاء خلال عام واحد، وذلك بعد الانتهاء من اختيار المرشحين من خلال "برنامج الإمارات لرواد الفضاء"، ضمن "البرنامج الوطني للفضاء، من أجل ضمان انتقاء أفضل العناصر المؤهلة للقيام بهذه المهمة التاريخية التي ستضيف إنجازًا نوعيًا جديدًا لدولة الإمارات في مجال صناعات المستقبل، متمنيًا سموه التوفيق لجميع القائمين على البرنامج في مهمتهم الوطنية الكبيرة.
شباب المستقبل
وقد تم توقيع الاتفاقية على هامش مؤتمر الأمم المتحدة المعني باستكشاف الفضاء الخارجي واستخدامه في الأغراض السلمية "يونيسبيس +50 " UNISPACE الذي انطلق في العاصمة النمساوية فيينا يوم 18 يونيو/حزيران الجاري، ويختتم غدًا بحضور معالي الدكتور أحمد بن عبد الله حميد بالهول الفلاسي وزير دولة لشؤون التعليم العالي والمهارات المتقدمة.
وقّع الاتفاقية، كل من يوسف حمد الشيباني، مدير عام مركز محمد بن راشد للفضاء، وسيرجي كيركولوف - مدير برنامج رواد فضاء وكالة الفضاء الروسية بحضور حمد عبيد المنصوري رئيس مجلس إدارة مركز محمد بن راشد للفضاء، وديميتري روغوزين، مدير عام وكالة الفضاء الروسية "روسكوسموس"، ووفد رفيع المستوى من وكالة الإمارات للفضاء ومركز محمد بن راشد للفضاء.
وسيتم اختيار أربعة من بين 95 مرشحًا "75 شابًا و20 فتاة" تتراوح أعمارهم بين 23 و48 عامًا من جميع إمارات الدولة، والذين تمكنوا من التأهل إلى المرحلة المقبلة من "برنامج الإمارات لرواد الفضاء" الهادف إلى تدريب وإعداد فريق إماراتي لإرساله إلى الفضاء للقيام بمهام علمية متعددة، ضمن "البرنامج الوطني للفضاء" الذي أعلنه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في أبريل/نيسان 2017.
وعن هذه الخطوة، قال حمد عبيد المنصوري، رئيس مجلس إدارة مركز محمد بن راشد للفضاء تأتي الاتفاقية مع وكالة الفضاء الروسية في إطار إعداد جيل من الشباب الواعي بالتحديات المستقبلية التي يفرضها التطور التكنولوجي المتسارع، حيث أضحى استكشاف الفضاء والاستثمار فيه تحديًا جديدًا تخوضه دولتنا مدعومة بالرؤية الثاقبة للشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، التي لا ترضى إلا بالرقم واحد في جميع المجالات.
وأضاف "خطوة مهمة نقوم بها ضمن مشروع رواد الفضاء الإماراتي الأول من نوعه عربيًا، تتمثل في اختيار وإعداد وتدريب أربعة رواد فضاء إماراتيين وإرسالهم في مهام فضائية مختلفة إلى محطة الفضاء الدولية ليكونوا سفراء الإمارات في الفضاء، حيث سيقوم هؤلاء الشباب بأبحاث علمية متطورة من شأنها خدمة البشرية، والإسهام في تطوير قطاع الفضاء الإماراتي"، معربًا عن شكره وامتنانه لجهود البحث والتطوير التي تقوم بها وكالة الإمارات للفضاء في مجال اكتشاف الفضاء الخارجي.
شراكة إستراتيجية من جانبه، قال يوسف حمد الشيباني "تشكل الشراكة الإستراتيجية مع وكالة الفضاء الروسية الرائدة عالميًا نقلة نوعية وعلامة فارقة في قطاع الفضاء الوطني، وإنجازًا جديدًا يضاف إلى سجل دولة الإمارات الحافل بالإنجازات على الصعد كافة، وتم اختيار وكالة الفضاء الروسية، نظرًا لامتلاكها تاريخًا حاشدًا بالإنجازات المتقدمة في مجال الفضاء، إذ من شأن الشراكات العالمية مع رواد قطاع الفضاء تطوير قطاع الفضاء الإماراتي قوي، وإعطاء دفعة نوعية في دعم السياسة والإستراتيجية الوطنية لقطاع الفضاء، تنفيذًا لتوجيهات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الذي وجه بضرورة التأسيس لقطاع فضاء من طراز عالمي بطابع إماراتي يمكنه المنافسة على المستوى العالمي بإطلاق وتنفيذ جملة من الخطط والاستراتيجيات والبرامج النوعية الداعمة للتنمية المستدامة وركيزتها الأساسية الاقتصاد القائم على المعرفة والابتكار والإبداع واستشراف المستقبل".
ووجّه الشيباني الشكر للهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات، المتمثل في صندوق تطوير قطاع الاتصالات لجهودها المبذولة في البحث والتطوير وتعاونها المستمر لإثراء تجربة الإمارات في مجال التقنيات المستقبلية.
تجدر الإشارة إلى أن محطة الفضاء الدولية تعد من أهم الابتكارات الحديثة، وهي بمثابة قمر صناعي ضخم صالح لحياة البشر فيه، وجرت فيها مئات التجارب العلمية والأبحاث التي مكنت العلماء ورواد الفضاء من الوصول إلى اكتشافات مذهلة لم يكن الوصول إليها ممكنًا على سطح الأرض. وتدور المحطة في مدار أرضي منخفض ثابت بسرعة 5 أميال في الثانية، ما يعني أنها تستغرق نحو 90 دقيقة فقط لاستكمال دورة كاملة حول الأرض، وتضم المحطة على متنها طاقمًا دوليًا يتألف من 6 رواد فضاء يقضون 35 ساعة أسبوعيًا في إجراء أبحاث علمية متعمقة في مختلف التخصصات العلمية الفضائية والفيزيائية والبيولوجية وعلوم الأرض، وذلك لتطوير المعرفة العلمية الإنسانية والتوصل إلى اكتشافات علمية لا يمكن التوصل إليها إلا في الفضاء.