الرئيس الأميركي باراك أوباما يبدأ جولته الأخيرة إلي أوروبا

شهدت العاصمة اليونانية أثينا، استنفارًا أمنيًا، تحسبًا لزيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، الثلاثاء، والتي يستهل بها جولة أوروبية سريعة، ستكون الأخيرة له، في ظل وجوده في البيت الأبيض. وانتشر حوالي خمسة ألاف رجل شرطة وقناصة، إضافة إلى السيارات الواقية من الرصاص، والطائرات العسكرية، في ظل إعلان حالة التأهب القصوى.

ويأتي ذلك، عقب تعهد مجموعتان متطرفتان باستغلال زيارة الرئيس الأميركي إلى أثينا، وأصدرتا تصريحات دعت فيها المتعاطفين مع الأناركية اليسارية للنزول إلى الشوارع، من أجل الاحتجاج العنيف على السياسات التقشفية التي تبنتها الحكومة اليونانية، لمدة تتجاوز السبعة سنوات، تحت إشراف أميركي. وتزايدت المخاوف الأسبوع الماضي من جراء هجوم محتمل، عندما ألقى متطرفون قنبلة يدوية على السفارة الفرنسية، في وقت متأخر من الليل. ويرى الخبراء أن هذا الحادث ربما يأتي في إطار الإعداد لعملية أكبر وأكثر خطورة في المرحلة المقبلة، وهو الأمر الذي دفع منظمو الزيارة من المسؤولين الأميركيين إلى إلغاء خطاب كان من المقرر أن يلقيه الرئيس الأميركي من سفح الأكروبول، الأربعاء، وتم نقله إلى مبنى أكثر حماية.

ويهدف الرئيس الأميركي من جولته الأوروبية، إلى تمرير عباءة بطولة القيم الغربية الليبرالية، إلى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أثناء زيارته إلى العاصمة الألمانية برلين، والمقررة يوم الخميس المقبل، وتعدّ ميركل أحد أقرب القادة الأوروبيين للرئيس الأميركي خلال فترة وجوده في البيت الأبيض، وتبادلا المشاورات كثيرًا عبر الهاتف حول التهديدات القادمة من روسيا، وكيفية التعامل مع روسيا وتركيا. وما يتبقى الآن هو معرفة إمكانية قيام الحكومة الألمانية بتكثيف جهودها العسكرية والدبلوماسية، إذا ما أقدمت الولايات المتحدة تحت إدارة ترامب بالانسحاب التدريجي، من الساحتين الأوروبية والشرق أوسطية.

وجاءت الجولة الرئاسية الأميركية، كوداع للرئيس أوباما، وفي نفس الوقت تقدم فرصة من أجل الحشد، لدعم الاتفاقات المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني والتجارة مع أوروبا، ومنطقة المحيط الهادي، إضافة إلى دعم اتفاقات التغير المناخي.

وأكد نائب مستشار الأمن القومي الأميركي بين رودس، أن الرئيس الأميركي يدرك تمامًا أن جولته الأخيرة في أوروبا، ستركز بصورة كبيرة على الانتصار الذي حققه الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وتداعيات ذلك على مختلف القضايا التي سوف ترثها الإدارة المقبلة. وأضاف أن الرئيس أوباما سيركز على التزام الولايات المتحدة بتعهداتها التي قطعتها على نفسها في مختلف المعاهدات، وهو الأمر الذي شوهد في أكثر التغييرات الدراماتيكية في تاريخ الإدارة الأميركية، في ظل مخاوف كبيرة من تخلص إدارة أوباما من التزاماتها، تجاه حزب شمال الأطلسي "ناتو".

وتابع "الرئيس المنتهية ولايته سيتجه إلى استخدام كافة محادثاته مع القادة الأوروبيين، من أجل تمرير رؤية واحدة تتمثل في أنه في ظل القضايا الهامة التي نواجهها، لا يبدو مهمًا ما إذا الطرف المفضل بالنسبة لنا هو الفائز في الانتخابات، أم لا، والتأكيد على أن الأميركيين يسعون، بغض النظر عن انتماءاتهم، إلى نجاح الإدارة المقبلة".

وتشارك رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي، في وداع أوباما من برلين، جنبًا إلى جنب مع رؤساء فرنسا وإسبانيا وإيطاليا، في المحادثات التي ستتم في العاصمة الألمانية يوم الجمعة المقبلة، إلا أن كافة الأنظار تتجه نحو المستشارة ميركل، بعد ترحيبها الحذر بفوز الرئيس الأميركي الجديد. وأوضحت ميركل قائلة إن "كلًا من ألمانيا والولايات المتحدة، يتشاركان في قيم الديمقراطية والحرية واحترام القانون وكرامة البشر، بغض النظر عن الأصل أو لون البشرة، أو الدين، أو الجنس، أو التوجهات الجنسية، أو الأراء السياسية، وإننا نتمنى التعاون الوثيق مع الرئيس الأميركي الجديد ولكن على أساس هذه القيم".

وتعكس تعليقات ميركل، بحسب رؤية العديد من المحللين والمتابعين، نيتها في خوض الانتخابات المقررة في الخريف المقبل، وذلك بالرغم من أنها لم تعلن عن ذلك صراحة. ومن المتوقع أن يغادر الرئيس الأميركي العاصمة الألمانية برلين، الجمعة، متجهَا إلى بيرو لحضور قمة اقتصادية في العاصمة ليما، وسيلتقي هناك بالرئيس الصيني شي جين بينغ، ورئيس الوزراء الأسترالي ماكلوم تورنبول.

وعلى الرغم من أنها أسابيعه الأخيرة في البيت الأبيض، اتجه الرئيس الأميركي نحو دعم خطوات، تهدف إلى تخفيف عبء الديون المقاه على كاهل الحكومة اليونانية، وأكد في حوار له أن الشعب اليوناني تحمل الكثير في الوقت الذي اتخذت فيه الحكومة خطوات صعبة لتحقيق الإصلاح وتأمين بقائها في منطقة اليورو. وأضاف أن هناك حاجة ملحة لمزيد من العمل من أجل الإصلاح، معربًا عن إيمانه بأن لكي يكون الإصلاح مستدامًا، ينبغي أن تمنح الشعوب الأمل في غد أفضل، وهنا يبقى تخفيف عبء الديون ضرورة ملحة من أجل وضع الاقتصاد اليوناني على طريق الازدهار في المرحلة المقبلة.