أبوظبي ـ سعيد المهيري
أكد ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، أن "متحف اللوفر أبوظبي" يعبر عن نهج اﻹمارات في تواصلها الثقافي، وسعيها لتكون جسر معرفة وتسامح مع شعوب العالم كافة. وقال عبر "تويتر": إن "متحف لوفر أبوظبي ثمرة شراكة للعلاقات الاستراتيجية المتطورة مع فرنسا، وتعبير عن الثقافة الإنسانية التي تجمعنا".
وأعلنت أبوظبي أمس الأربعاء، أن متحف اللوفر أبوظبي سيفتتح في 11 من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل ليكون أول متحف من نوعه في العالم العربي برؤية عالمية، مسلطاً الضوء على أوجه التشابه والقواسم المشتركة للتجربة الإنسانية عبر مختلف الحضارات والثقافات. ويشمل الافتتاح مجموعة واسعة من البرامج العامة التي تتخللها سلسلة من الندوات وعروض الأداء والحفلات، وغيرها من عروض الفنون المرئية بقيادة نخبة من الفنانين العالميين من الجيل الكلاسيكي والمعاصر.
ووضع تصميم متحف اللوفر أبوظبي، الذي يقع في قلب العاصمة الإماراتية أبوظبي، المهندس المعماري الفرنسي جان نوفيل الحائز جائزة بريتزكر العالمية، حيث صمم المتحف الذي تحيطه مياه البحر تحت قبة فريدة من نوعها، ليبدو اللوفر أبوظبي وكأنه متحف مدينة. ويمكن للزوار الاستمتاع بالمشي على طول المتنزهات والممرات المطّلة على مياه البحر، والتي تظللها قبة تبلغ قطرها 180 متراً، والمؤلفة من نحو 8000 قطعة معدنية على شكل نجوم، ما يتيح لهم الاستمتاع بشعاع النور، المستوحى من ظلال أشجار النخيل المتداخلة في واحات دولة الإمارات.
ويعرض "اللوفر أبوظبي" مجموعة مقتنيات وأعمالٍ معارة من أعرق المتاحف في فرنسا تستمد أهميتها من بعدها التاريخي والثقافي والاجتماعي، وتروي قصصاً من مختلف الحقب التاريخية التي مرّت بها البشرية. وتضم هذه المجموعة أعمالاً متنوعة بداية من القطع التاريخية، وصولاً إلى الأعمال التكليفية العصرية المصممة للمتحف حصرياً لتبرز مواضيع وأفكاراً مشتركة تعكس بمجملها أوجه التشابه والتبادل بين الثقافات والحضارات المختلفة حول العالم، متجاوزةً بذلك الحدود التاريخية والجغرافية، وبذلك، يصبح اللوفر أبوظبي مغايراً للمتاحف الأخرى التي عادةً تفصل بين الأعمال والمقتنيات بناءً على حضارة منشأها. وإضافة إلى صالات العرض، سيقدم المتحف معارض، ومتحفاً للأطفال، ومتجراً ومقهى للزوار.
ويُعد اللوفر أبوظبي واحداً من أهم مكوّنات استراتيجية أبوظبي الثقافية الرامية إلى الحفاظ على هوية دولتنا وتراثها العريق وتاريخها الطويل مع تحفيز الإبداع وفتح آفاق جديدة للابتكار الثقافي. وتشكل الجهود الواسعة المبذولة في تعزيز البيئة الثقافية النشطة رافداً مهماً من روافد تنويع الاقتصاد الوطني لدولة الإمارات وتطوير مجتمع حيوي وعصري يُشار إليه بالبنان، ليكون أحد ركائز المجتمع ومصدراً حياّ يستلهم منه الجيل القادم من روّاد الثقافة والعقول المبدعة والمفكرين، للاضطلاع بدورٌ فعّال في ترسيخ قيم التسامح والتعايش التي تُعرف بها دولتنا العزيزة.
المتحف علامة ثقافية تعكس الإنسانية وتحقق الـوعي الثقافي بين المجتمعات
وأعلن الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة وتنمية المعرفة: يعكس افتتاح اللوفر أبوظبي التاريخ والثقافة والصداقة القوية بين الإمارات وفرنسا ومواصلة هذه الصداقة والعلاقة التاريخية الطويلة، مؤكداً أن متحف اللوفر يعزز هذه العلاقة من خلال تبادل الخبرات والثقافات. وأكد ، خلال المؤتمر الذي عقد أمس للإعلان عن موعد افتتاح المتحف في الحادي عشر من نوفمبر المقبل، أن تصميم المتحف يعد عملاً فنياً رائعاً يعكس الإبداع والفن، مشيراً إلى أن المتحف يعكس ما تتمتع به الإمارات من ثقافات متنوعة، في وقت تشكل نقطة التقاء العالم، وتربط بين دول العالم .. فهي نموذج للربط بين مختلف الثقافات وللتعايش بينهم، لافتاً إلى أن المتحف سيجذب الملايين من الخارج.
التعاون الثقافي
من جهتها، قالت فرانسواز نيسين، وزيرة الثقافة في الجمهورية الفرنسية: سيمثل افتتاح المتحف في 11 نوفمبر مرحلة مهمة في تعزيز أواصر التعاون الثقافي بين دولة الإمارات العربية المتحدة والجمهورية الفرنسية بعد 10 أعوام من توقيع الاتفاق الحكومي بين بلدينا.
وأضافت: يعد متحف اللوفر أبوظبي أحد أهم المشاريع الثقافية الطموحة على مستوى العالم، وقد ساهم التصميم المعماري المميز لجان نوفيل في إبراز المتحف في أحسن صورة. تفخر فرنسا بالدور الرئيس الذي تلعبه في إنشاء متحف اللوفر أبوظبي والإشراف عليه من خلال توظيف خبرتها في مجال إدارة المتاحف وإعارة الأعمال الفنية من مجموعاتها الوطنية، وذلك على مدى العقود العديدة القادمة.
وقالت: يتضمن الأسبوع الافتتاحي للمتحف حدثين مهمين يتم تنظيمهما في إطار البرنامج الثقافي الفرنسي-الإماراتي، والذي أطلقته دولتانا قبل ما يزيد عن عام وتدعمه الطاقة الإبداعية الناتجة عن متحف اللوفر أبوظبي». وأعربت عن أملها في أن يسهم المتحف في تعزيز هذه الطاقة الإبداعية، ويشجع على طرح توجهات جديدة، ويعزز التفاهم المتبادل، ويقوي دوماً الروابط الوثيقة التي تجمع بين الإمارات وفرنسا. وبينت الوزيرة أن المتحف يتجسد في أبوظبي ولكنه في نفس الوقت يتحدث عن العالم بأكمله فهو سيضم مختلف الأعمال الفنية ويأخذنا في مختلف العصور من الإسلام حتى القرن الثامن عشر والفن الحديث، إلى جانب تميزه الكبير في طابعه المعماري.
التراث الوطني والثقافي
وقال محمد خليفة المبارك، رئيس مجلس إدارة هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة وشركة التطوير والاستثمار السياحي: يجسّد اللوفر أبوظبي رؤية الإمارات الراسخة بأنّ تقدم الأمم وتطور حضارتها يُبنى على التنوع الثقافي والتسامح وتشجيع الحوار المشترك والانفتاح على الآخرين، خاصة أن أسلوب سرده يؤكد تواصل العالم منذ القدم. وأكد المبارك، أن المتحف يستكمل مسيرة طويلة بدأها الآباء المؤسسون لدولة الإمارات في الحفاظ على التراث الوطني والثقافي وصون قيمته.
أول متحف عالمي
من جهته، قال جان لوك مارتينيز، مدير متحف اللوفر في باريس ورئيس المجلس العلمي في إدارة وكالة متاحف فرنسا، إن هذا الإعلان المشترك يسلط الضوء على اكتمال هذا المشروع الرائع والذي يفتخر اللوفر بربط اسمه وروحه به وهو إنشاء أول متحف عالمي في العالم العربي. وأضاف، سعدت لدخولنا المرحلة النهائية من المشروع مدفوعين بروح الحوار التي تتماشى تماما مع الطبيعة الحقيقية لمتحف اللوفر، حيث أتمنى أن يحمل المتحف من موقعه في جزيرة السعديات مهمة توعوية عالمية ملهمة للأجيال المقبلة.
وأكد مارتينيز إن مشروع اللوفر أصبح حقيقة بعد عمل متواصل في فترة 10 سنوات فهو ثمرة التعاون بين فرنسا والإمارات وجهود العاملين فيه والقائمين عليه لتحقيق مشروع يمزج بين الخبرة الفرنسية ورؤية دولة الإمارات في الوصول إلى ما هو أفضل في مجال الفنون والمتاحف. وقال، مع افتتاح المتحف فإن جزيرة السعديات ستكون منبعاً للثقافة والانفتاح للعالم والأجيال المقبلة.
الهندسة المعمارية
وقال جان نوفيل، المهندس المعماري لمتحف اللوفر أبوظبي: سيفتح متحف اللوفر أبوظبي أبوابه في غضون شهرين. فبعد كذا عام من الدراسات والإنشاءات، سيكون في وسع الزوار دخول هذا المكان المفعم بالأضواء، هذا المكان الرائع الذي يجمع بين العديد من الثقافات البشرية التي يتجاوز مداها البحار والعصور. تسهم الهندسة المعمارية للمتحف في حماية كنوزه، وفي الإشادة بهندسة المدينة العربية وطابعها المميز الذي يتسم بتداخل الأضواء والأشكال الهندسية. وتحت قبته الضخمة، يحاكي المتحف الطابع الزمني المؤقت الذي يفصل حتماً بين الساعات والأيام وانقضاء حياتنا.
القاعة الكبرى
يتعرف الزوار على أسلوب سرد المتحف من خلال مجموعة من القطع الفنية والتحف الأثرية التي تتوزع على 12 فصلاً، حيث تبدأ جولة الزوار في القاعة الكبرى ليتعرفوا على المفهوم الرئيس للمتحف. وتسلط هذه القاعة الضوء على أعمال متنوعة من مختلف المناطق الجغرافية، والتي على الرغم من انتمائها إلى حضارات مختلفة، تشير إلى تقارب الشعوب بالتعبير عن نفسها بطرق مماثلة في الفن، لدى تناول مفاهيم متعددة من ضمنها الأمومة أو الجنائز. وتم ترتيب المعروضات بنظامٍ متسلسلٍ تاريخياً ومصنّفٍ حسب الموضوع والسمة. وتبدأ الرحلة الثقافية للزوار من نشأة الترجمات الفنية للثقافات وتمثال "أميرة من باختريا" يعود إلى أواخر الألف الثالث قبل الميلاد من منطقة آسيا الوسطى، إضافة إلى أولى أعظم الإمبراطوريات من خلال المجموعة الجنائزية للأميرة الفرعونية «حنوت تاوي»، والعملة الإغريقية "الديكادراخما" للفنان إيوانيتوس.