الدوحة ـ سناء سعداوي
في رصد وثائقي جديد حصلت عليه صحيفة "الاتحاد"، لكشف التحالف القطري الإيراني المباشر والإسرائيلي غير المباشر، اتسع نطاق المؤامرة ضد الإمارات والمنطقة، حيث عمل جون سميث على تجنيد شباب إماراتيين تحت ستار برامج "تنمية ودعم القادة"، بتمويل قطري قيمته 3 ملايين إسترليني، ودارت هذه المؤامرة في رأس الخيمة تحت عنوان "برنامج الزمالة لجون سميث الخليج – الحكم الرشيد" في فبراير/ شباط 2016، لتمتد خيوط لعبة ثلاثي الشر إلى العراق، بقيادة نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي السابق لمشروع إيراني للتخريب والفوضى بالشرق الأوسط، حيث موله بـ 5 ملايين إسترليني من الخزينة العراقية، وفي كل هذا كانت المخابرات اللبنانية تعمل نيابة عن نظيرتها الإيرانية في دعم دورات جون سميث الخليجية والعربية والشرق أوسطية، ومن المستوى الإقليمي للمؤامرة إلى العالمي، حيث تحرك الأصابع الإسرائيلية 4 آلاف منظمة من 43 دولة أعضاء في شبكة "آناليند" لإجبار العرب على التطبيع ضمن برامج تعزيز الحوار والثقافة، وتنفيذ مخططات التخريب بالمنطقة.
بيانات الرصد
وأظهرت بيانات الرصد، وفقاً لـ مريم المنصوري الباحثة في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية، تحالف قطر وإيران وإسرائيل، لدعم الحركات التخريبية والإرهابية بمنطقة الخليج والدول العربية بشكل عام، وقامت قطر من خلال منظمات ومبادرات المجتمع المدني "الوهم"، بتنفيذ مخططها داخل الإمارات، في إمارة رأس الخيمة في فبراير 2016، بعنوان "برنامج الزمالة لجون سميث الخليج – الحكم الرشيد"، لتشكيل شبكة من القيادات الشبابية تحقق أهداف قطر من خلال الانخراط في برامج هذه المبادرة.وقالت المنصوري في حديث مع "الاتحاد": سعت قطر إلى إيجاد التكامل في المشاريع التخريبية بالمنطقة، من خلال الاستفادة من مشاريع مؤسسة آنا ليند "النسخة الإسرائيلية"، ومبادرة جون سميث الشرق الأوسط "النسخة الإيرانية"، لإيجاد وتفعيل النسخة القطرية من هذه البرامج "مبادرة جون سميث – الخليج".
إدارة المؤامرة
وقالت المنصوري : كلفت قطر ثلاث قيادات قطرية بإدارة «مبادرة جون سميث - الخليج» والإشراف عليها، وهم آمنة صادق خبيرة العلاقات الدولة في مؤسسة الجزيرة للإعلام في قطر، وضاعن الكواري المستشار بالديوان الأميري في قطر، ومريم السبيعي مسؤولة الأنشطة الشبابية والقيادية في مؤسسة قطر. وأضافت: سعت قطر من خلال تلك المبادرات إلى خلق وإدارة شبكة واسعة من النشطاء والقيادات المجتمعية الفاعلية والقيادات الشبابية في مختلف مجالات الأنشطة الإنسانية، على النحو الذي يسخرها لخدمة غايات وأجندات قطر داخل دول مجلس التعاون، وكذلك تأهيلها لتنفيذ المشاريع التخريبية والتحريضية داخل دول مجلس التعاون أو العمل ضدها وضد مصالحها الوطنية والقومية، بما يحقق لقطر أجنداتها المتعلقة بزرع وإدارة الفوضى والتخريب داخل دول مجلس التعاون.
الإضرار بالإمارات
وأفادت بأن هذه الفعالية اختصت بتفعيل شبكة النشطاء والقادة المشاركين في جميع برامج جون سميث من دول مجلس التعاون. وأضافت المنصوري: عملت هذه الفعالية على تكوين شبكة من القيادات الشبابية الفاعلة والمؤثرة في المجتمع، وتفعيلها بما يحقق أهداف وغايات قطر بالمنطقة ودول مجلس التعاون، وبما يحقق تفعيل هذه الشبكة على المستوى الخليجي والإقليمي بشكل كامل، واستخدامها في ضرب المصالح الوطنية والخليجية للدول المستهدفة من المبادرة، والتي تأتي على رأسها، السعودية والإمارات والبحرين. وتابعت: تهدف مبادرة جون سميث الخليج إلى التكامل والتنسيق مع مثيلتها في النسخة الإيرانية-العراقية-اللبنانية، على النحو الذي يعزز من أثرها وقوتها، وتفعيلها بمنطقة الخليج أساساً والدول العربية بشكل عام، لاسيما في مجال المعلومات والأمن الذي يتميز بها المشاركون في إدارة وتمثيل البرنامج من لبنان.
ويستهدف البرنامج الشباب، ويوفر لهم بيئة خصبة لأفكار التغيير الهدامة المدعومة بهواجس القيادة والريادة الدولية والوطنية، مطالبة الجهات المعنية بعدم إتاحة الفرصة لاستخدام قطر لهذه المبادرة وتفعيلها بدول مجلس التعاون، وقطع الطريق على أية شبكات يتم بناؤها أو تحالفات يتم تنسيقها لاستخدامها في تفعيل حراكهم وتبني مبادراتهم وأجنداتهم مستقبلاً، حيث تم العمل على تكوين وتنسيق تنظيم يشمل جميع خريجي هذا البرنامج يعمل على القضايا الوطنية والاجتماعية بالدول.
التوجهات الرئيسة
وأفادت الباحثة في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية، بأن المبادرة القطرية "جون سميث – الخليج" لا تخرج عن مثيلتها الإيرانية، حيث إنها في حقيقتها تهدف إلى تقويض وهدم الأنظمة الشرعية بدول مجلس التعاون، والعمل على استهدافها واختراقها من قبل القيادات الشبابية والمجتمعية التي سيتم إشراكها وتفعيلها بالبرنامج أو بالبرامج المصاحبة للمبادرة، وبما يحقق شبكة واسعة من القيادات الشبابية والمجتمعية المتمثلة في أقطاب المعارضة أو رؤساء الجمعيات والمنظمات والخبراء ذوي التوجهات التخريبية التي تستهدف الإضرار بدول الخليج، أو ممن ينتمون إلى التيارات الإرهابية الجماعات الإسلامية المتشددة، من المنتمين للتيارات الدينية الشيعية والإخوانية بالمنطقة.
واعتمدت المبادرة على القيادات التي شاركت في البرنامج من دول مجلس التعاون منذ 2011، بالإضافة إلى إشراكهم مع القيادات التي انخرطت في البرنامج منذ عام 2016، وعملت قطر على تسخير جميع إمكانيات البرنامج وخبرائه في تعزيز الشراكة والانسجام بين القيادات السابقة المشاركة بالبرنامج وبين القيادات الجدد، والتي تم تجميعها في فعالية رأس الخيمة التي أقامتها قطر لتدشين المبادرة المتعلقة بدول مجلس التعاون.
أولويات المبادرة
وأضافت: ركزت هذه المبادرة بشكل أساسي على الجوانب الشبابية وبناء وتعزيز شبكة النشطاء بدول المنطقة، بالإضافة إلى الجوانب التي هي محل اهتمام برنامج جون سميث مثل الحكم الرشيد وسيادة القانون، كما ركزت قطر في مبادرتها على الجوانب المتعلقة بحقوق الإنسان وبالحقوق السياسية والمدنية، وبقضايا الفكر والدين.
البرامج المصاحبة
ويأتي برنامج الزمالة لجون سميث «الخليج» والموجه للقادة والمفكرين الشباب في دول مجلس التعاون الخليجي، وأطلق في يناير 2016، في دولتين خليجيتين، على أن يطلق في بقية دول مجلس التعاون في أغسطس 2016، في مقدمة البرامج المصاحبة لمبادرة سميث-الخليج. ويتم وفقاً لهذا البرنامج تكوين شبكة وطنية للمشاركين في برنامج جون سميث من كل دولة، وانتخاب رئيس ونائب للرئيس لها، وتعقد اجتماعات أسبوعية وشهرية لها، وتتبنى برامج ومشاريع ومبادرات سياسية وحقوقية وتنموية وشبابية تهدف إلى تفعيل برنامج الزمالة وتعزيزه داخل الدولة، وتعزيز علاقاته وتحالفاته مع مختلف القوى المجتمعية والأهلية الوطنية والإقليمية والدولة بالدولة، وتبادل المشاريع والبرامج والمشاركة فيها مع مختلق الزمالات بدول مجلس التعاون. ويتم تنظيم برنامج الزمالة بهدف التوسع في تبني القضايا والتعاون في الإطار العربي والإقليمي للدول العربية، ويسعى لخلق آلية للتعاون والتنسيق بين مختلف الزمالات الخليجية والعربية.
المرأة العربية
وفي برنامج المرأة العربية يتم تفعيل برامج الزمالة "الشرق الأوسط – الخليج"، لخدمة قضايا المرأة العربية والدفاع عنها، وتعزيز عملية نيل حقوقها المشروعة، وهي المبادرة التي تستهدف في الأساس المملكة العربية السعودية من خلال الأهداف التي وضعت ورسمت لها، وسياسة الحراك التي اعتمدت لخارطة طريق للبرنامج.
تخريب العراق
وأوضحت المنصوري، أنه في إطار التحالف الاستراتيجي بين إيران وقطر، وعلى نفس الخطة التي توجهت إليها إيران عبر وكيلها العراقي «نوري المالكي»، بالانضمام لبرنامج جون سميث لتنفيذ مشاريعهم التخريبية وأجنداتهم التدميرية بالمنطقة، للاستفادة من تجربته الناجحة في اختراق الدول الشيوعية السابقة، سعت قطر إلى تنفيذ نفس المشروع وبنفس المبادرة، للاستفادة من التجارب التراكمية التي تكونت بالبرنامج، وللاستفادة في نفس الوقت من عامل الزمن عبر إمكانية الاستفادة من القيادات الشبابية والقادة المجتمعيين، الذين انخرطوا في البرنامج على مدى 5 سنوات، وتم إعدادهم وتفعيل شبكاتهم مع مختلف التنظيمات والمؤسسة الإقليمية والدولية، بما يحقق أهداف وغايات النظام الإيراني والعراقي بالمنطقة.
الدور القطري
وسعت قطر إلى التنسيق مع إدارة برنامج جون سميث من خلال حلفائها في إدارة مبادرة جون سميث "الشرق الأوسط"، وذلك بعد تعثر عملية التمويل التي صاحبت إطاحة حكومة نوري المالكي، وتم التوافق على تقسيم المبادرة من حيث التفعيل والتمويل، فيما تبقى الأهداف الرئيسة للمبادرتين. واقتطعت قطر لنفسها مبادرة دول مجلس التعاون التي كانت مسؤولة عن إدارتها وتمويلها، وتم تفعيل المبادرة في بداية 2016، ووضعت قطر لها خطة تنفيذية أشرف عليها خبراء قطريون وممثلو برنامج جون سميث، بالإضافة إلى فريق نوري المالكي من الخبراء الذين وضعوا وأداروا مبادرته المتعلقة بالشرق الأوسط. واستهدفت المبادرة، القيادات الشبابية الفاعلة والمؤثرة في المجتمع المدني، أو المسؤولين والبرلمانيين ذوي التوجهات المعارضة أو رؤساء المجمعات والمنظمات، بالإضافة إلى القيادات الدينية والفكرية.
تمويل المبادرة
وقدمت قطر في سبيل استحواذها على "مبادرة جون سميث – الخليج"، 3 ملايين جنيه إسترليني، لدعم المبادرة في نسختها الأولى والثانية، وتفعيلها للمبادرات والمشاريع القيادية والشبابية المرتبطة بها بجميع دول مجلس التعاون.
قصة سميث
ويعد مركز جون سميث، مركزاً ثقافياً وحضارياً لدعم المشاريع والمبادرات الديمقراطية والتنموية وهو مركز سمي باسم النائب عن حزب العمال البريطاني جون سميث تخليداً لذكراه، حيث كان أكثر السياسيين البريطانيين شعبية ويحظى باحترام وحب وتقدير البريطانيين. ويقدم المركز برامج لتنمية ودعم القادة لتنفيذ المشاريع والمبادرات المتعلقة بالديمقراطية والحكم الرشيد وسيادة القانون، بالإضافة إلى التنمية السياسية والحضارية ومشاريع السلام والدفاع عن حقوق الإنسان، ووفقاً لآلية البرنامج يزور ممثلو المؤسسة الدول المستهدفة بأنشطته وبرامجه لإجراء المقابلات للمتقدمين للبرنامج، لمقابلتهم واختبارهم للمشاركة في برامج المركز.
وتنفذ المؤسسة برامجها في بريطانيا، وتستضيف القيادات المشاركة في البرنامج لمدة شهر في بريطانيا، تليها فترة متابعة بعد 9 أشهر، لمدة أسبوع يتم فيها المتابعة والتقييم والتصويب، بالإضافة إلى إتاحة الفرصة للاندماج مع القادة الجدد في البرنامج، بما يحقق بناء شبكة العلاقات المترابطة بين جميع القادة المشاركين في البرنامج. ويوفر المركز للمشاركين فرص تبني وتطوير وتنمية مشاريعهم ومبادراتهم التي تقدموا بها للمؤسسة، من خلال توفير الخبرات العملية والفكرية التي تنسجم مع مشاريعهم، بالإضافة إلى توفير وترتيب زيارات ميدانية للجهات المرتبطة بمشاريعهم وكذلك قضاء فترة من التدريب العملي في مؤسسات ومراكز تعمل في نفس مجال المشاريع والمبادرات التي تقدم بها المشاركون بالبرنامج.
وبعد انتهاء البرنامج تستمر متابعة المؤسسة للمشروع أو المبادرة لمدة عام يتم فيها التواصل المباشر مع صاحب المبادرة "القادة" المشارك في البرنامج، بما يوفر لها فرص التحقيق على أرض الواقع والعمل على تحقيق النجاح لها، أو التغلب على المشكلات والعوائق التي تعيق تقدم وتنفيذ ونجاح المشروع. ويفترض بعد هذا العام أن يكون المشروع قد تحقق على الأرض بشكل فعلي. والبرنامج مرتبط بالخارجية البريطانية "مبادرة الشراكة العربية التابعة لوزارة الخارجية البريطانية"، وبالتعاون مع مؤسسة جون سميث، وبالشراكة مع الكثير من المؤسسات والمنظمات البريطانية والدولية العاملة في بريطانيا.
الأذرع الفاعلة
وتتضمن الأذرع الفاعلة لمركز جون سميث، مبادرة جون سميث الدول الشيوعية السابقة، وهي تختص بالدول الشيوعية السابقة التي تحولت إلى الاتحاد الأوروبي، وتهدف إلى تأسيس قاعدة قيادية شبابية لتأسيس مجتمع مدني فاعل وفقاً لرؤية ومنهجية أوروبية، بالإضافة إلى إمكانية استخدامها في التأثير على الدول الشيوعية وروسيا. وكذلك مبادرة جون سميث – الشرق الأوسط "النسخة العربية"، وتهدف إلى احتضان القيادات السياسية والحقوقية والقانونية بالعديد من دول الشرق الأوسط، وتجنيدها وتوجيهاها لخدمة أهداف وأجندات محددة تصب في الإضرار بهذه الدول خدمة لدول أو مشاريع إقليمية. وتهدف مبادرة جون سميث – دول مجلس التعاون "النسخة الخليجية"، إلى احتضان القيادات السياسية والحقوقية والقانونية بدول مجلس التعاون، وتجنيدها وتوجيهاها لخدمة أهداف وأجندات محددة تصب في الإضرار بدول المجلس خدمة لدول أو مشاريع إقليمية.
الأجندة الإيرانية
أما مبادرة جون سميث - الشرق الأوسط "الأجندات الإيرانية" وشملت العراق - البحرين – لبنان – الأردن ، فتم تفعيلها مع الربيع العربي مباشرة في 2011، ووضعت لها خطة تنفيذية أشرف عليها مستشارو رئيس الحكومة العراقية السابق نوري المالكي، واستهدفت القيادات الشبابية الفاعلة والمؤثرة في المجتمع المدني، أو المسؤولين والبرلمانيين ذوي التوجهات المعارضة، أو رؤساء الجمعيات والمنظمات. وقدمت الحكومة العراقية أيام المالكي دعم مالي بقيمة 5 ملايين جنيه إسترليني، ويشرف عليه جواد غسان كاظم مستشار المالكي لشؤون الاستخبارات. وعمل المشروع على تكوين شبكة من القيادات الشبابية الفاعلة والمؤثرة في المجتمع، وتفعيل بما يحقق أهداف وغايات الجهة الراعية للبرنامج، وبما يحقق تفعيل هذه الشبكة على المستوى الإقليمي بشكل كامل، واستخدامها في ضرب المصالح الوطنية والعربية للدول المستهدفة.
وفي إطار التحالف الاستراتيجي بين إيران وحكومة المالكي تحديداً، والهادف إلى دعم الحركات التخريبية والإرهابية بمنطقة الخليج والدول العربية، وذلك في إطار خدمة المشروع الإيراني بالمنطقة العربية ودول مجلس التعاون، فقد سعت حكومة المالكي إلى تبني هذه المبادرة ودعمها في إطار من برامج الزمالة وتعزيز القيادات الشبابية والمجتمعية، لتسهيل قبوله من قبل دول المنطقة المستهدفة. واستهدفت المبادرة تقويض وهدم الأنظمة الشرعية بالدول المستهدفة، أو العمل على استهدافها واختراقها من قبل القيادات الشبابية والمجتمعية التي سيتم إشراكها وتفعيلها بالبرنامج، بما يخلق في النهاية شبكة واسعة من القيادات الشبابية والمجتمعية المتمثلة في أقطاب المعارضة، أو رؤساء الجمعيات والمنظمات والخبراء ذوي التوجهات التخريبية التي تستهدف الإضرار بالمنطقة، أو ممن ينتمون إلى التيارات الإرهابية الجماعات الإسلامية المتشددة، بالإضافة إلى إشراك خبراء في المخابرات وعلم النفس من لبنان والعراق، من المنتمين للتيارات الدينية الشيعية المتشددة في العراق وجماعة حزب الله في لبنان. وكغاية رئيسة عمل البرنامج على تمكين وتفعيل هذه الشبكة بشكلها الواسع في جميع الدول المستهدفة بالمبادرة لتبني أجندات العراق التي هي في حقيقتها أجندات إيران، تجاه دول المنطقة.
أفق المبادرة
وإيماناً من الحكومة العراقية بأهمية القيادات الشبابية والنشطاء الفاعلين في المجتمع، والتي برزت بقوة في أعقاب الربيع العربي، فقد توجهت إرادتهم إلى تفعيل شبكة من الناشطين والقيادات الشبابية العربية، التي يمكن الاستعانة بها في خدمة مشاريعهم التخريبية وبرامجهم الإرهابية، انطلاقاً مما أفرزته فوضى الربيع العربي من إمكانية تغيير الأنظمة وإسقاطها من خلال تحريك الشعوب، وخدمتها عبر برامج وأنظمة الاتصالات والتواصل الاجتماعي، وربط جميع تلك القيادات ببعضها عبر مشاريع ومبادرات إنسانية وحقوقية وتنموية واقتصادية وسياسية، تمثل في حقيقتها أبواب للانفتاح على الأنظمة والمجتمعات داخل تلك الدول، والتغلغل فيها، بما يحقق الغايات والأجندات الخبيثة التي تستهدفها إيران ممثلة في حكومة المالكي في تنفيذها.
التعاون مع المالكي
وتوطدت العلاقات بين نوري المالكي وجهاز المستشارين في مكتبه، ورئيس برنامج جون سميث بشكل كبير، وقام رئيس البرنامج بالعديد من الزيارات للعراق التقى خلالها المالكي الذي رحب بالمزيد من التعاون بينهم فيما يحقق الغايات والأجندات الإيرانية في المنطقة، لاسيما في مجال الأمن وأمن المعلومات وبرامج بناء وتعزيز القادة.
قائمة منفذي الأجندة الإيرانية
وبحسب الوثائق الموجودة لدى مريم المنصوري الباحثة في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية، ضمت قائمة المشاركين في مبادرة جون سميث الشرق الأوسط «الأجندات الإيرانية» 120 شخصاً في مختلف التخصصات برعاية ورئاسة نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي السابق، وعملت المبادرة على تكوين شبكة لرصد وتوفير المعلومات اعتماداً على وسائل التكنولوجيا المتطورة بهدف تكوين أخطر شبكة معلوماتية في الشرق الأوسط لخدمة المشروع الإيراني التخريبي وكان من أبرز هذه الشخصيات طرهان المفتي وزير الاتصالات العراقي، وهدفت مشاركته في بداية إنطلاق المبادرة إلى الإشراف على سير المبادرة وتفعيلها من الناحية اللوجستية المتعلقة بالاتصالات وبناء وتعزيز شبكة الناشطين بالمبادرة.
كما ضمت القائمة، حازم حامد مستشار الرئيس العراقي جلال طالباني، ومريم الرئيس مستشارة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، بالإضافة إلى مسؤولين عن مشاريع البناء المجتمعي والتمويل والطلبة والجامعات، وخليل المرزوق نائب رئيس جمعية الوفاق الإرهابية في البحرين والتي تم إغلاقها، وسوزان الحاج مستشارة في جهاز الأمن الوطني في لبنان، وطارق مكان، مستشار في جهاز الاستخبارات ومحاضر في القيادة في لبنان، وفادي خليل، مستشار أمن المعلومات بجهاز الاستخبارات في لبنان، وحازم أحمد رئيس برامج أكاديمية الشرطة بجهاز الأمن في لبنان، وإيلي فهد مستشار مشاريع الأمن بجهاز الأمن في لبنان. ويلاحظ من خلال القيادات التي توالت على البرنامج حجم التنسيق والترتيب بين الحكومة العراقية وأجهزة المخابرات والأمن اللبنانية، حيث يتولى غسان جواد مستشار المالكي لشؤون الاستخبارات التنسيق فيما بينهم في هذا المجال بحكم كونه مستشارا بالمخابرات العراقية ولدى مكتب رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي.
تأسيس آنا ليند
آنا ليند هي وزيرة خارجية السويد في الفترة من 1998 حتى 2003 وكانت معروفة بمناهضتها للعنصرية والصهيونية والعدوان الأميركي على أفغانستان والعراق، وانتقدت بشدة المجازر التي ترتكبها إسرائيل وحكومة شارون ضد الفلسطينيين، ونظمت حملات للمطالبة بإنهاء الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية، وفي 11 سبتمبر/أيلول 2003 قام متطرف صربي بطعنها عده طعنات من دون أي دوافع وهو ما يشير بأصابع الاتهام إلى الموساد الصهيوني الذي أراد التخلص منها، بحسب رصد لمنظمات الحوار والثقافة عالمياً أعدته مريم المنصوري. وأظهرت بيانات الرصد أن مؤسسة آنا ليند الأورومتوسطية للحوار بين الثقافات هو الاسم الرسمي، وهي منظمة غير حكومية هدفها العمل من أجل تعزيز الحوار والتعرف على الآخر، ويتم تمويلها من الدول الأعضاء في الشراكة الأورو-متوسطية والمفوضية الأوروبية، وتعمل وفقا لقيم عملية برشلونة التي يمكن اختزالها في التقارب بين الشعوب من خلال الشراكة الاجتماعية والثقافية والإنسانية.
وقد قام وزراء خارجية مؤتمر الأورو-متوسطية بتأسيس مؤسسة آنا ليند عام 2004 لخلق مؤسسة لتعزيز الحوار بين الثقافات في المنطقة، وقد تم تكليفها للعمل كتحالف للشبكات القومية بهذه الدول، فأصبحت المؤسسة اليوم تجمع 4000 منظمة تمثل المجتمع المدني ملتزمة بتعزيز الحوار، ومنذ التدشين الرسمي في شهر أبريل/نيسان 2005 قامت مؤسسة آنا ليند بدعم أعضاء الشبكات في العمل على تنمية الأنشطة الخاصة بتعزيز الحوار وتنفيذها. وأوضح الرصد، أن المؤسسة تعمل لخلق شراكة أورومتوسطية كاملة لجعل منطقة حوض المتوسط منطقة للعيش المشترك والسلام و الاستقرار عن طريق تعزيز الحوار السياسي والحضاري عن طريق الشراكة الاقتصادية و الشراكة الثقافية والاجتماعية، والتي تسعى في الحقيقة لدمج إسرائيل في دول المنطقة في إطار مبادرة ما سمي بالشراكة المتوسطية والتفاهم بين الثقافات، وقد أطلقت عليها اسم آنا ليند تخليداً لذكر الوزيرة الراحلة، وفي الحقيقة هو تشويه لسجلها ونضالها من خلال استغلال اسمها في الترويج لمشروع التطبيع في مجالات الفكر والثقافة والعلوم وهو الملف الأهم عند إسرائيل بعد أن فشلت في تحقيقه عبر اتفاقيات التطبيع مع مصر والأردن وفلسطين. وتعتبر مؤسسة آنا ليند، المؤسسة الأولى التي تم تأسيسها وتمويلها من الدول الأعضاء في الشراكة الأورومتوسطية، وفي سنة 2008، ذكر الإعلان النهائي الصادر عن قمة باريس التي أطلقت الاتحاد من أجل المتوسط أن مؤسسة آنا ليند ستساهم في تحديد البعد الثقافي للاتحاد من أجل المتوسط.
وضمت المؤسسة 10 دول وهي: مصر - إسرائيل - فلسطين - لبنان - سوريا - تركيا - الأردن - تونس – الجزائر – المغرب، بالإضافة لدول الاتحاد الأوروبي الـ 27 وهي: النمسا - بلجيكا - بلغاريا - قبرص - التشيك - الدنمرك - استونيا - فنلندا- ألمانيا - فرنسا - اليونان – المجر – إيرلندا - إيطاليا - لاتفيا - ليتوانيا – لوكسمبورغ – مالطا – هولندا – بولندا – البرتغال - رومانيا – سلوفكيا - سلوفينيا – إسبانيا - السويد – إنجلترا.
وتمثل الأهداف المعلنة واجهة لعمل المؤسسة الحضاري والثقافي، إلا أنها في الحقيقة تمثل مبادرة إسرائيلية تهدف إلى جعل التطبيع مع إسرائيل واقعاً مقبولاً لدى المجتمعات العربية، لاسيما الشبابية منها التي تستهدفها المبادرة وتعمل على إحداث التغيير في مفاهيمهم ومبادئهم تحت شعارات الحوار والتبادل الثقافي وقبول الآخر، على النحو الذي يجعلهم قابلين للتطبيع، بل وتسخيرهم لخدمة مشاريع التطبيق مع إسرائيل وقبولها واقعاً، بالإضافة إلى خدمة المشاريع الثقافية والاجتماعية والسياسية بالمنطقة وفقاً للمنظور والرؤية الإسرائيلية، والعمل على اختراق المجتمعات العربية.
مجالات العمل
تقوم المؤسسة بتسهيل عمل المجتمع المدني ودعمه في مجالات الثقافة والإبداع، والتعليم والتعلّم بين الثقافات، والمدن وأماكن المواطنة، ووسائل الإعلام والرأي العام. وفي كل مجال ذات أولوية، تعمل المؤسسة على تطوير برامج واسعة النطاق بالتعاون مع الشركاء الدوليين كما توفر الدعم للمشاريع التي تجمع بين أعضاء شبكات المجتمع المدني الـ 43 من خلال الدعوات المفتوحة لطرح الاقتراحات. وتمثل هذه المشاريع الأداة الأساسية لتطوير الحوار بين الثقافات على مستويات اجتماعية مختلفة على نحو يستهدف الشباب والطلاب والمعلمين والأطفال وهؤلاء الذين يحتاجون إلى التعليم في مجالات التنوع والتسامح والحوار بين الثقافات. كما تقوم المؤسسة أيضاً بمراقبة تطور القيم والاتجاهات بين الثقافات في المنطقة.
ومن الملاحظ، أن مجالات العمل التي تعمل المؤسسة من خلالها، وآلية عملها ومنهجيتها تتقارب كثيراً مع منهجية "الإخوان" في عملهم ومنهجيتهم، كما هي الحال أيضا في الجمهور المستهدف، وعلى العموم فإن الغايات الرئيسة التي تقف خلف تلك المجالات تكون بعيدة عن قيمها السامية وتعمل في الحقيقة لتسخيرها لخدمة أهداف وأجندات خبيثة، تنطلق من خلال تلك المجالات المقبولة والمستحسنة إلى أجندات وغايات بعيدة عما تتضمنه تلك العناوين الرئيسة، في مجالات ومشاريع ومبادرات تعمل على اختراق المجتمعات العربية والإسلامية بشكل رئيسي، وتسخيرها لخدمة مشاريع وأهداف الاستيطان والتطبيع.
وتقوم علاقة هذه المنظمة بمؤسسات المجتمع المدني في الدول الأعضاء على أساس بناء شبكات من مؤسسات المجتمع المدني بالدول الأعضاء وتمويل أنشطتها، ومن بينها منظمات حقوقية وثقافية واجتماعية وإنسانية وغيرها من التنظيمات المدنية والأهلية، وتقوم المؤسسة بتنظيم المنتديات والأنشطة الثقافية ودورات التدريب وغيرها من الأنشطة والفعاليات في مختلف عواصم المتوسط للشباب والنخب الفاعلة، بمشاركة إسرائيلية من أجل إيجاد جيل جديد يؤمن بالحوار والتطبيع ونبذ العداء مع إسرائيل.
وفي هذا الإطار، فإنه من المهم عدم تجاهل ما تمثله هذه المؤسسة ومبادراتها ومشاريعها، من تكامل مع العديد من المؤسسة والمبادرات والمشاريع الدولية والإقليمية والدولية، لتتكامل معها في حالات معينة، أو تتبادل معها الأدوار في حالات أخرى، على النحو الذي يحقق لها الأهداف والغايات التي تسعى إليها فهي تنظيمات مفتوحة ومرنة في الانفتاح على المشاريع والمبادرات المماثلة. وقامت المؤسسة برعاية مشروع سمي حوار الـ 21، وأقيم في مصر عام 2007 بمشاركة إسرائيلية، وكان هناك عدة رحلات للتبادل الثقافي في دول أوروبية بمشاركة وفود إسرائيلية، بالإضافة إلى الكثير من الفعاليات والمنتديات والبرامج التدريبية التي يشارك فيها الآلاف الشباب من الجنسين،
وتعمل مؤسسة آنا ليند من مقرها الدولي الواقع في الإسكندرية بمصر، والذي يعمل به أكثر من 40 موظفاً من مختلف أنحاء المنطقة الأورومتوسطية، ويدير المؤسسة مجلس إدارة مكون من ممثلي الدول الأعضاء 43 دولة بإدارة مؤسسة آنا ليند ويرأس المجلس أبو بكر حفني من مصر، وتتولى إليزابيث جيجو من فرنسا منصب رئيس المؤسسة، وحاتم عطاء الله من تونس منصب المدير التنفيذي، ويدير المؤسسة من مقرها الدولي في الإسكندرية.
شبكة آنا ليند
تتولى مؤسسة آنا ليند إدارة أكبر تحالف من شبكات منظمات المجتمع المدني غير الحكومية المعنية بتعزيز الحوار بين الثقافات في جميع أنحاء أوروبا والبحر الأبيض المتوسط، وتوسعت الشبكة منذ تأسيسها لتصبح اليوم عدد شبكاتها الوطنية 43 شبكة موجودة في الدول الأعضاء في الاتحاد من أجل المتوسط، ويبلغ عدد المنظمات المنخرطة في تحالف شبكات المؤسسة 4000 منظمة، والعضوية متاحة بالمؤسسة آنا ليند بشكل واسع، وتشمل المنظمات غير الحكومية والمنشآت العامة والمؤسسات والسلطات المحلية والإقليمية والأفراد والمنظمات الخاصة.
ويتم تنسيق كل شبكة وطنية من قبل مركز إقليمي يتولى إدارة الشبكة الوطنية، يتولى عملية التنسيق والتشاور داخل الشبكة الوطنية، ويعمل على تسهيل إدارة وتطوير وتنفيذ المبادرات المشتركة بين المنظمات الأعضاء أو عبر الشبكات الوطنية الأخرى والتعريف بها، وإشراك الأعضاء في برامج ومشروعات المؤسسة، وتعزيز التعاون بين رؤساء الشبكة ومقر مؤسسة آنا ليند الرئيس. ويوجد للمؤسسة شبكات وطنية في جميع الدول العربية الأعضاء في الأورومتوسطي، مثل مصر ولبنان والأردن والجزائر والمغرب وتونس وفلسطين ومصر وغيرها، وفي المقابل، فإن الأمر ذاته في الدول الأوروبية الأعضاء.
التمويل
وتبلغ ميزانية المؤسسة 13 مليون يورو، يتم تغطيتها من خلال مساهمة الاتحاد الأوروبي ومساهمة الدول الأعضاء. ويتم تمويل المؤسسة من خلال تمويل مشترك من قِبل 43 دولة من دول الاتحاد من أجل المتوسط والمفوضية الأوروبية، وتسهم المفوضية الأوروبية التي تعتبر الشريك الرئيسي له بالجزء الرئيسي من التمويل.
آنا ليند والخليج
لا يوجد أي تقاطع أو اهتمام مباشر بين ما تقوم به المؤسسة من أنشطة ومبادرات وشؤون دول مجلس التعاون، ويعود ذلك لانحسار عمل المؤسسة على محورها الجغرافي ونطاق عملها المحدد "التطبيع مع إسرائيل"، وبالطبع فان الخليج خارج هذا الإطار الجغرافي، إلا أن الأمر الذي يجب أن يتم الانتباه له هو إمكانية تسخير تلك المؤسسة وما تملكه من قوى بشرية وتنظيمية ومؤسساتية فاعلة ومدربة وشبكة علاقات وتحالفات دولية فاعلية وقادرة على التأثير، في استهداف دولنا أو تناول بعض القضايا المؤثرة بالخليج، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، لاسيما وأن التقنيات الجديدة ربما تمثل لهم سبيلاً سهلاً لتحقيق هذه الأهداف أن تم التكليف بها، أو تسخيرها وفق أجندات محددة للعب دور تبادلي مع مبادرات إقليمية أو دولية، تسهم في خدمتها في مقابل قيام تل المبادرات أو المؤسسات بخدمة أهداف المؤسسة وغايات.
ويمكن رصد العديد من المبادرات والمشاريع الإقليمية التي تستهدف بعملها وأنشطتها منطقة الخليج تحديدا، حيث تعمل بتناغم وتزاوج تام ومريب في الوقت نفسه، ولكن وفق آليات سرية وأنشطة ومبادرات موهمة، تعمل على تحقيق الغايات الرئيسة التي ترسم من خلال القيادات الرئيسية للتنظيمات، فيما تتولى الكوادر تنفيذها بوعي أحياناً أو بغير وعي في حالات أخرى.
آنا ليند وإسرائيل
وأما عن العلاقة بين المنظمة وإسرائيل، فالمؤسسة الوكيلة لآنا ليند في إسرائيل هي مؤسسة "فان لير القدس"، وهي منظمة يعود تاريخها إلى عام 1959 وتعمل على قضايا التعليم والديمقراطية وحقوق الإنسان والعيش المشترك، ويبلغ عدد الإسرائيليين العاملين بالمنظمة 127 إسرائيلي، وقامت آنا ليند بـ 13 فعالية بمشاركة إسرائيليين، كان منهم العديد في مصر، أو بمشاركة مصرية.
وأما على الجانب المصري، فالمركز الحقيقي لآنا ليند هو «الأليكس ميد»، وهناك 171 شاباً مصرياً يعملون بشكل مباشر مع آنا ليند بالإضافة إلى عدة مئات في مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني الذين يتعاونون مع آنا ليند دون أن يكونوا مرتبطين معها بشراكة مباشرة. وفي العموم فإن تواجد العديد من الإسرائيليين في أنشطة آنا ليند إما بجنسيتهم الإسرائيلية أو بجنسية مزدوجة هو أمر واضح وطبيعي. وتعد أهم المبادرات المؤثرة في المنطقة التي تتقاطع مع المؤسسة في عملها وغاياتها، مبادرة الشراكة العربية التابعة لوزارة الخارجية البريطانية، ومبادرة جون سميث للشرق الأوسط، ومبادرة جون سميث للخليج، ومبادرة الزائر الدولي التابع لوزارة الخارجية الأميركية، ومبادرة الشراكة الأميركية الشرق أوسطية.