نيويورك - مادلين سعادة
جدَّدت دولة الإمارات "التزامها بمكافحة التطرف والإرهاب بكافة أشكاله وصوره، داعية المجتمع الدولي لمضاعفة جهود المكافحة الكفيلة بالوصول إلى مجتمعات آمنة وخالية من التطرف والإرهاب". جاء ذلك في كلمة أدلى بها نائب مدير إدارة التعاون الدولي والأمني في وزارة الخارجية والتعاون الدولي محمد الشامسي، خلال المناقشة العامة التي عقدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة أمس الأول في مقرها الدائم في نيويورك بشأن استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب.
وجدد الشامسي موقف الإمارات المؤكد على أن "الإرهاب ظاهرة عالمية تتجاوز الحدود والثقافات والأديان"، قائلاً "لم تعد هناك دولة أو مدينة في العالم بمأمن من خطره فقد تسببت الهجمات الإرهابية الشنيعة التي حصلت في السنوات الأخيرة في أضرار هائلة منها وقوع آلاف القتلى والجرحى المدنيين وتفاقم أزمة المهاجرين وتدمير الممتلكات والتراث الثقافي الأمر الذي يُحتم علينا أن نطور من الاستجابة الدولية لمواجهة الإرهاب".
وأكد الشامسي أن "تبنِّي المجتمع الدولي لاستراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب وفر الفرصة للمجتمع الدولي لتقييم إنجازاته في هذا المجال ووضع آليات لمواكبة التطورات الجديدة في مجال مكافحة الإرهاب والتحديات الجديدة أهمها انتشار الأيدولوجيات المتطرفة والمقاتلين الإرهابيين الأجانب واستخدام الجماعات الإرهابية لوسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا الحديثة لتحقيق أجندتها الخبيثة".
ولفت إلى أن "الإرهاب ظاهرة معقدة ومتعددة الأوجه تتطلب من المجتمع الدولي اتباع أساليب مختلفة لمواجهتها تتعدى العمليات العسكرية وإنما معالجته في كل مراحه بدءاً من معالجة جذور الراديكالية والتطرف إلى مكافحة عمليات التجنيد وصولاً إلى تطبيق الحلول والقضاء على الفكر المتطرف".
وتطرق للسياسات والأساليب الوقاية التي تنتهجها دولة الإمارات لمنع أعمال الإرهاب وكافة أشكال التطرف قبل أن يتحول إلى تطرف عنيف. وأشار إلى أن الإمارات حرصت على تمكين فئات المجتمع في بناء الدولة وتقديم بدائل لهم عن الخيارات التي تطرحها الجماعات الإرهابية مستشهدا بتعيين الدولة مؤخراً لوزيرة شابة تمثل صوت الشباب إيماناً بقيمة الشباب محذراً من أن عدم الاستجابة لتطلعات الشباب هو بمثابة سباحة عكس التيار وبداية النهاية للتنمية والاستقرار. ونوه إلى تعزيز الدولة لدور المرأة ومشاركتها في المجتمع بما في ذلك ادماجها في الجهود المبذولة لمكافحة التطرف والإرهاب.
وشدد الشامسي على "أهمية ترسيخ الوسطية والتسامح والتعددية في المجتمعات لمنع الجماعات المتطرفة من استغلال الطائفية والعنصرية لتجنيد الأفراد، مشيراً في هذا الصدد إلى مرسوم القانون رقم 2 لسنة 2015 الصادر عن الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، والقاضي بتجريم الأفعال المرتبطة بازدراء الأديان ومقدساتها ومكافحة كافة أشكال التمييز ونبذ خطاب الكراهية".
ولفت في هذا السياق إلى قيام دولة الإمارات بتعيين وزيرة للتسامح تعمل على نشر قيم التسامح والتعايش السلمي بالإضافة إلى قيامها بدعم الخطاب الديني المعتدل ورعاية العديد من المبادرات في هذا الشأن منها مجلس حكماء المسلمين والذي يهدف الى معالجة جذور الطائفية.
ونوه إلى الأهمية البالغة التي تحظى بها مسألة إصدار القوانين والتشريعات الرادعة للتطرف والإرهاب.. مشيراً إلى أن دولة الإمارات عملت على وضع إطار عمل قانوني شامل للتعامل مع التطرف، وذكر بأن الحكومة أقرت في عام 2014 تعديلات على قانون الإرهاب بحيث بات يوفر أدوات جديدة لمحاكمة الإرهابيين ويقدم في نفس الوقت الفرصة لإعادة تأهيل أولئك الذين رفضوا الإرهاب وتخلوا عنه فكراً ومنهجاً. وتطرق أيضاً لمسألة تمويل الإرهاب مشيراً إلى أن استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب تركز في أحد عناصرها الرئيسية على مسألة قطع تمويل الأنشطة الإرهابية.
ولفت إلى أن دولة الإمارات أصدرت منذ عام 2004 قوانين جديدة واسعة النطاق تكفل مكافحة تمويل الإرهابيين وتجريم كل من يمولهم بالإضافة الى انضمامها إلى معاهدات دولية هامة بهذا الشأن، منوهاً إلى أهمية تضمين جهود التغلب على المتطرفين والإرهابيين جهوداً منسقة تكفل وضع وتنفيذ استراتيجيات بعيدة المدى تضمن هزيمتهم فكرياً خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي تُستغل لنشر التطرف والإرهاب.
وقال إن دولة الإمارات تعمل على كشف رسائل الجماعات المتطرفة من خلال مركز "صواب" الذي أطلقته الدولة في مارس/آذار 2015 لمكافحة "بروباغندا" التنظيم المتطرف ولرفع صوت الاعتدال عالياً مسموعاً وإحباط أصوات المتطرفين في المنطقة والعالم.
وشدد الشامسي على أهمية توحيد الدول لجهودها إقليميا ودولياً لاجتثاث تهديدات التطرف والإرهاب بما في ذلك تبادل أفضل الممارسات والخبرات في هذا المجال وبناء شراكات دولية وتنسيق الجهود. ونوه إلى حرص دولة الإمارات على دعم الجهود الدولية في مكافحة التطرف والإرهاب بما في ذلك مشاركتها بفاعلية في أعمال مجموعة العمل التابعة للائتلاف الدولي لمحاربة "داعش" والمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب وأصبحت رئيساً مشاركاً لمجموعة عمل مكافحة التطرف العنيف.
ودعا المجتمع الدولي إلى "توفير الأدوات والخبرات التي تسهم في بناء طاقات وقدرات الحكومات للقضاء على تهديدات التطرف والإرهاب، مشيراً في هذا السياق إلى حرص دولة الإمارات على استضافة مركز هداية الدولي الذي يعمل على تقديم الدعم والتدريب والبحوث ومساعدة المجتمع الدولي على بناء القدرات وتبادل أفضل الممارسات لمكافحة التطرف والإرهاب".